أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 41305
تصاعد وتيرة الاحتباس الحراري يؤدي إلى الموت والأمراض النفسية!!
03.06.2021

يهدد ارتفاع درجات الحرارة المتزايد حياة الناس، فبعد أن ثبت أنه يساهم في ثلث الوفيات الناجمة عن موجات الحر أو أكثر تثبت الدراسات أنه يؤثر على الصحة العقلية خاصة في صفوف الشباب ومن الممكن أن يؤدي إلى الانتحار بسبب قلقهم على مستقبل حياتهم.باريس- يُعزى أكثر من ثلث الوفيات الناجمة عن موجات الحر في كل أنحاء العالم إلى ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل مباشر، وفق ما أفادت به دراسة نشرت الاثنين، فيما تفيد دراسات أخرى بأن تغير المناخ (بدءا بموجات الحر الشديدة وصولا إلى تزايد عدد المنازل التي تغمرها الفيضانات) يؤدي إلى أزمة صحية نفسية متزايدة في جميع أنحاء العالم، والتي يُقلّل البعض من أهميتها حتى الآن وتبقى غير مفهومة بشكل جيد.
وأجرى 70 باحثاً دولياً هذه الدراسة النادرة عن عواقب الاحتباس الحراري على الصحة العامة عبر جمع بيانات من 732 موقعاً في 43 دولة خلال الفترة الممتدة بين عامي 1991 و2018، وهي أرقام مرشحة للارتفاع إذا لم تُوضع سياسات تتعلَّق بالمناخ والصحَّة.واستخدم الباحثون منهجية معقدة استناداً إلى البيانات الصحية وقراءات درجات الحرارة والنماذج المناخية، لاحتساب الفرق بين عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة المسجلة والوفيات التي كان يمكن توقعها دون ارتفاع درجة الحرارة.وأظهرت نتائج حساباتهم المنشورة في مجلة “نيتشر كلايمت تشينج” أن 37 في المئة من الوفيات المرتبطة بالحرارة تُعزى مباشرة إلى عواقب الاحتباس الحراري.وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تعني أن وفاة 100 ألف شخص سنوياً مرتبطة بالحرارة وتعزى بشكل مباشر إلى تغير المناخ. وقد يكون هذا الرقم أقل مما هو فعلياً في الواقع بسبب نقص البيانات الخاصة بمناطق معينة من العالم تتأثر بشكل خاص بموجات الحرارة، كوسط أفريقيا أو جنوب آسيا.وأوضح المعدّ الرئيسي للدراسة الأستاذ في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أنطونيو غاسباريني أن هذه النتائج تبيّن أن “تغير المناخ ليس شيئاً يتعلق بالمستقبل البعيد”، وأضاف “يمكننا قياس الآثار السلبية على الصحة، بالإضافة إلى الآثار البيئية المعروفة أصلاً”.وكانت دراسة نشرت عام 2019 في “لانسيت” توقعت حصول 300 ألف حالة وفاة سنوياً في كل أنحاء العالم مرتبطة بموجات الحر التي يحذر العلماء من تزايدها بفعل تغير المناخ ، كتلك التي أودت بحياة نحو 70 ألف شخص في أوروبا عام 2003.ويمكن أن يكون لتقنيات التأقلم دور أيضاً، إذ يمكن أن ينخفض معدل الوفيات بالتزامن مع انتشار أجهزة التكييف، لكن هذا في حد ذاته يزيد استهلاك الطاقة وبالتالي يساهم في الاحتباس الحراري.وقالت إيما لورانس، أخصائية الصحة العقلية بمعهد الابتكار الصحي العالمي في كلية لندن الإمبراطورية، إن “أعدادا كبيرة تتأثر بالوضع وهو ما يبرز في المزيد من حالات الانتحار المرتبطة بالحرارة في المكسيك والولايات المتحدة إلى زيادة ‘القلق البيئي’ بين الشباب الذين يخافون على مستقبلهم”.وحذرت لورانست، وهي المؤلفة الرئيسية لورقة جديدة نشرتها الجامعة البريطانية، من أن آثار تغيرات المناخ تصيب الأشد فقرا والأكثر ضعفاً بشكل خاص، ويمكن أن توسع التفاوت القائم.
وقالت “عندما نتحدث عن تغير المناخ، باعتباره أزمة صحية تفاقم عدم المساواة، أعتقد أننا لا نتطرق إلى الصحة العقلية، ومن المهم أن نعالج ذلك”.وبدأت الجهود المبكرة لمعالجة المشكلة من قرار أستراليا تخصيص أموال عامة لدعم الصحة العقلية بعد حرائق الغابات المدمرة في 2019 – 2020، تلت ذلك مجموعات مثل شبكة غود غريف التي تساعد الأشخاص القلقين جراء تغير المناخ على تعلم كيفية التعامل مع الوضع عن طريق تشجيعهم على المستوى الشخصي أو السياسي.كما تدرّب وكالات المعونة، مثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، العاملين على التعرف على الاضطرابات النفسية والجسدية الناجمة عن الأزمات المرتبطة بالمناخ وتمدّ للمتضررين يد المساعدة.وقالت لورانس إن “تأثيرات تغير المناخ (من العواصف القوية إلى ندرة الغذاء والمياه في بعض البلدان) تسبب المزيد من اضطرابات الإجهاد اللاحق للصدمة والاكتئاب ومخاوف أخرى تتعلق بالصحة العقلية، وإن الأمر يحتاج إلى تكثيف الإجراءات”.كما قال باحثون إن “اضطرابات الصحة العقلية تكلف الاقتصاد العالمي ما لا يقل عن 2.5 تريليون دولار سنويا، بما في ذلك كلفة الآثار الجانبية مثل تدنّي الإنتاجية وانخفاض النمو”. وأشارت الورقة إلى أن “تدهور الصحة العقلية الناجم عن تغير المناخ ستترتب عليه كلفة باهظة، وهو ما لم يتم النظر فيه حاليا”.ويتزايد العبء المالي بالفعل في الدول الأكثر ثراءً وكذلك في الأجزاء الأكثر فقرا والأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ في العالم.ووجدت دراسة أجراها المركز الوطني للبحوث الاجتماعية في 2019 أن الأشخاص في بريطانيا الذين تضررت منازلهم بسبب الفيضانات والعواصف هم أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل مثل الاكتئاب أو القلق بنسبة 50 في المئة، حتى لو لم يضطروا إلى هجر منازلهم مؤقتا.وقالت لورانس إن زيادة الإنفاق للحد من الانبعاثات المتسببة في تغير المناخ يمكن أن تحمي الصحة العقلية أيضا، لحسن الحظ، مما يجلب فائدة مزدوجة.وأكدت أن زراعة المزيد من الأشجار التي تمتص الكربون، على سبيل المثال، يمكن أن تحد من تعرض الناس للحرارة الشديدة، في حين أن المنازل العازلة يمكن أن تقلل من الانبعاثات والانزعاج.وحذرت من تجاهل القلق بشأن تغير المناخ باعتباره اضطرابا في الصحة العقلية، بحجة أن أولئك الذين يعانون منه يحتاجون إلى المساعدة على إيجاد سبل للتعامل مع هذه المشكلة. وقالت إن “اتخاذ الإجراءات الفعالة سيكون الأنسب للمناخ والبشر”.


1