أحدث الأخبار
الخميس 02 أيار/مايو 2024
الحركة الصهيونية – حركة فاشلة مبنية على ثقافة الهزيمة وطقوس المأتم وبنية "عقدة أوديب".

بقلم : خالد كساب محاميد ... 10.10.06

إذا كنا , كعرب, بحاجة إلى أن نهزم عدونا فعلينا بالدرجة الأولى أن نقدم طرحاً عربياً يكون فيه من القوة حيث تضع أعدائنا, وفقا لمفاهيمهم هم, ووعيهم هم, ثقافتهم تاريخهم وأدواتهم القياسية وأهداف مشاريعهم وأسلوبهم هم في فهم الأمور حيث نوصلهم ليس فقط إلى تفهيمهم أخطائهم بل إلى وضع تقترن معرفتهم, عند قراءة طرحنا العربي, بالتراجيديا والرعب أيضاً من ايضاحاتنا لنتائج مشاريعهم عليهم هم. ووفقاً لتلخيص المفكر إدوارد سعيد يتوجب علينا ان نوصل أعدائنا إلى " الإقرار الجذري بالحقيقة, وهو تلك اللحظة الحاسمة حيث يرى الإنسان نفسه مُجَدَدَاً فينقض عليه ركام من المخاوف والتناقضات والرعب الصاعق ويحاصره من كل الجهات وجوده وقدره وهويته- كما في حال أوديب حين تواجه هويته كقاتل لأبيه وزوج لأمه وحاكم للمدينة في آن, فيرى ذلك كله". (من مقالة التمنع والتعجب والتعرف, 1972 أدوارد سعيد , مقالات وحوارات 55 ).
إن الخطوة الأولى التي يتوجب علينا كأبناء الأمة العربية الحريصين على مستقبلنا الوطني أن نبدأ في تحليل علاقاتنا مع أعدائنا تحليلا علمياً. والشأن الأول في الطرح العلمي لعلاقات سياسية, والتي عجز إلى الآن الفكر العربي أن يقوم فيه, والذي يعيق دفع مشاريعنا الوطنية إلى إنجازات واقعية, هو عدم رؤية واقع عدونا كوحدة مستقلة وتقييم هذه الوحدة المستقلة بما تحتويه من قوى داخلية دافعة ومركبات وما يشمل ذلك من تناقضات, أهداف جوهر ومضمون.
الأهم بالأمر هو أننا بهذه الطريقة نستطيع أن نسيطر على ميكانيزم قياس الإنجازية لهذه الوحدة. الأمر نفسه نقوم فيه نحن العرب عندما نفكر ننحلل ونكتب حول نشاطنا القومي الوطني. وهو ما يقوم فيه أبناء كل القوميات بشكل موضوعي. لن نتناسى, في الوقت نفسه, جدلية التأثير المتبادل بين هذه الوحدة مع محيطها.
الأمر الخطر في الفكر العربي حين تداوُلنا إسرائيل هو أننا نحلله من خلال تأثيره على واقعنا, وهو الأمر الذي تصبو اليه إسرائيل من خلال احتلاله لأراضينا وقتل أبنائنا والخ من ممارسات هدفها ألأساسي مصادرة الثقافة وملكة التفكير الحر. وهذا ما فعلناه منذ 100 سنة فتقوقعنا في قياس إنجازية المشروع الصهيوني من خلال قياس إسقاطاته على الشعب الفلسطيني ولهذا كان هذا المقياس خاطئاً في أن يظهر نجاعة إنجازاته العملية للفئة التي أتى ليخدمها أي لليهود أنفسهم. وهذا هو الخطر في الفكر العربي. وهو ما يشكل أزمة الفكر العربي في تداوله للقضية الأكثر تعقيدا في تطوره التاريخي.
ولهذا نحن بحاجة إلى قوى نفسية وعقلية جبارة للقيام بهذا العمل الذي يسمى في الحياة الدارجة " اعرف عدوك". وهو الواجب الأولي لأي مفكر, سياسي ومثقف يسعى لخوض عملية إدارة صراع مع خصم له. فواجبه الأول هو ترصد الخطوات التالية لخصمه ولكي يقوم بذلك عليه أن يدرس خصمه دراسة تفصيلية. فلنتذكر, للنرميز والتشبيه, معا ما قام به صلاح الدين الأيوبي عندما تطوع شخصياً لزيارة ومعالجة عدوه ريتشارد قلب الأسد ملك انكلترا حين مرض الذي وقف أمامه يحاربه يوميا. وذلك ليتعرف عليه عن كثب ويضعه على طاولة التشريح.
يتوجب على التحليل العلمي في صراعنا السياسي مع أعدائنا أن يتشابه بعملية التفكير العلمي في مواضيع كالهندسة والطب, العلوم الرياضية وباقي العلوم الإنسانية. فإذا وضعنا عدونا تحت المجهر السياسي العلمي لرأيي, نستطيع أن نوصله إلى حالة الذعر, وحتى إلى مصير أوديب إياه, من واقعه هو في تحليلنا لمركبات هويته ومشروعه وقياس إنجازاته.
فعلى عقلية الإسرائيلي تسيطر منذ 2000 سنة روح "الغيتو" ومنذ 100 سنة تسيطر ثقافة الهزيمة ومنذ 62 سنة تسيطر روح "المأتم" على 6 ملايين من ضحايا النازية وفيما إذا أوضحنا, عربياً وفلسطينياً, بعض المفاهيم التاريخية بالمنطق الجدلي العربي نكشف لأبناء الشعب اليهودي بأنه يعيش "عقدة أوديب" إياها وحينها نكون نحن أبناء الأمة العربية قد تفوقنا على عدونا وأظهرنا له الطريق إلى هويته الحقيقية ونظهر للحركة الصهيونية فشلها الذريع في تحقيق الأهداف التي وضعها مؤسسوها وحتى قائدوها اليوم في خدمة الشعب اليهودي ( أو يهود العالم).
في إمكاننا نحن العرب أن نطرح طرحا نحلل فيه المشروع الصهيوني نظهر فيه بالتالي بأن ما أنتجه هذا المشروع جاء على الشعب اليهودي بنتيجة المصائب والكوارث الرهيبة والمخيفة التي كان قد توقعوها أوائل اليهود الذين استمعوا إلى أفكار ثيودور هرتسل حول بناء دولة لليهود وتنفيذ المشروع الصهيوني.
فها هو د. إميل شيف الذي كان من أوائل اليهود الذين أطلعهم هرتسل على مشروعه حين قرأ له " ندائه إلى الروتشيلديين" يصف هرتسل بأن " هذا الرجل مريض, وقد جُنَّ" حتى أن شيف أجهش بالبكاء ومسك بذراع هرتسل قائلاً " صديقي العزيز, هنالك خلل في أعصابك. هذا الكتاب هو من نتاج مرضٍ يتوجب أن تعايد الطبيب" (هرتسل عاموس ايلون ص. 173)
وها هم ادوارد باخير وموريس بنديكت اليهوديان المحررين ومشغلي هرتسل في صحيفتهم النمساوية "نوييه فراييه فريسييه" يستقبلون مشروع هرتسل بمرارة وعدم ثقة في جديته" ويصفانه : " مشروعك يشبه مدفع رشاش ضخم, الذي من الممكن أن يطلق الرصاص إلى الخلف" (هرتسل , عاموس ايالون ص 190-191). كان ردهم مشابها على مشروع أخر لهرتسل الذي عرض عليهم في يوليو سنة 1893 المبني على " تنصير جماعي لإدخال كل اليهود أو معظمهم الى الديانة المسيحية, في طقوس عامة وبهيجة وفي وضح النهار" (ص 135) .
هذه أحد الأمثلة على ردود فعل اليهود على مشروع إقامة دولة إسرائيل لحل مشكلة اليهود. السؤال هو: هل تحقق ما في ردود الفعل هذه من توقعات مأساوية على الشعب اليهودي أم أن إسرائيل تعتبر بالنسبة للشعب اليهودي أنجاز تاريخي يعتبر نتاج عبقرية حاييم وايزمان الذي يوصف عقله في إسرائيل وكأن مثله يتواجد على سطح الأرض فقط كل 500 سنة.
وعلى هذه الأسئلة لنا جواب ورأي عربي فلسطيني نعرضه في عدة حلقات .
ألإلهام والتشريع - القيم الإخلاقية لا تُجزأ
إن وضع اليهود المتردي من جراء اللاسامية والعنصرية في أوروبا خلال الألفي سنة، والذي بدأ يتردى بشكل أسوأ مع بداية الثورة الصناعية والإعلامية في القرن الثامن عشر، قد أوصل هرتسل وقادة الحركة الصهيونية إلى التفكير بحل مشكلة اليهود في أوروبا عن طريق إنشاء دولة قومية يسيطر عليها اليهود انفسهم. هذا الحل الذي طرحته الحركة الصهيونية لم يكن يمثل إلا رغبة وتطلعات فئة قليلة من أبناء الشعب اليهودي في أوروبا. إن تلخيص تطور البشرية إلى الإتجاهات التي نشهدها اليوم ممّا يمثله الإتحاد الأوروبي من إزالة الحدود بين دول القوميات وشكل النظام السياسي والإقتصادي في داخل الولايات المتحدة المتمثل بالمثل والقيم الديمقراطية، إحترام حق الملكية الخاصة، الحرية، المحافظة على حقوق ألإنسان وحرية التعبير هو ما كان يحلم به كل أبناء الشعب اليهودي الذين سكنوا أوروبا في بداية القرن العشرين، وهو الذي يدافع عنه اليوم الستة ملايين من اليهود الذين يعيشون في الولايات المتحدة والثلاثة ملايين من اليهود الذين لا يسكنون في إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهو الذي دافع عنه أبناء الشعب اليهودي في بداية القرن العشرين وحلموا بتحقيقه.
في الوقت الذي كان الاتجاه الذي إتبعه ابناء الشعب اليهودي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هو دعم المبادئ المناهضة للتقوقع القومي، ونشر الفكر الذي يقوِّي مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، ونفي الطروحات التي تعتمد النظريات العرقية القومية، اختارت الحركة الصهيونية أن تعمل بعكس التيار الإنساني الكلي الشامل الذي تشكل في هذه الأيام على شاكلة الحياة الفكرية والسياسية التي تعيشها أوروبا.
فلو أن الحركة الصهيونية لم تنشر أفكارها الداعية للرجوع الى الجذور القومية المرتبطة بمكان يربطهم دينيا وقوميا منذ الاف السنين ودأبت على نشر القيم الانسانية الشاملة لكانت قد ساعدت بشكل أنجع في مقاومة الفكر القومي الشوفيني الأوروبي العنصري والذي بسببه نشبت الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية وبالتالي محرقة اليهود. أي أن الحركة الصهيونية أعلنت أن الساحة الأوروبية ومحاربة اللاسامية فيها لم تكن في قمة إهتماماتها بينما كان اليهود عكس ذلك لأن جل إهتماماتهم انصبّت في ترسيخ وجودهم في أوروبا وبالتالي رسم
أسس الحياة الديمقراطية فيها والنضال لإيصالها إلى ما هي عليه أوروبا اليوم.
رغم توخينا كل أساليب الدراسة العلمانية الحديثة، ورغبتنا في أن نصل إلى الحقيقة التي فيها نقنع الفلسطينيين بأن لا يرفعوا أيديهم على اليهود في البلاد وأن يتبعوا أساليب اللاعنف في نضالهم، وقدرتنا الشديدة على تفهم جذور المشكلة اليهودية في العالم وبشاعة اللاسامية ضد أبناء أبينا إبراهيم وفظاعة المحرقة البشعة، إلا اننا لم نفلح بأي شكل أن نبرهن لعقلنا أن حل مشكلة اليهود في العالم اعتمد، ويعتمد اليوم حصريًا، على المبادئ التي تقوم عليها دولة اسرائيل، بمفهوم أن هناك حلاً محدّدًا تفرضه الحركة الصهيونية كضرورة لوجود دولة قوية لليهود تكون ملاذًا وسندًا ليهود العالم وفقًا للمفهوم الذي يردده قادة دولة إسرائيل وكأنه الدرس الوحيد من المحرقة. ولم نر بأن يهود العالم، جميعهم، بمن فيهم سكان دولة إسرائيل، يتصرفون وفقًا لهذا الدرس، وكأنه الدرس الوحيد من هذه التجربة القاسية.. تجربة المحرقة.
وهذا الشيء واضح جدًا ولسنا بحاجة إلى أن نكتشف حقائق مخفية، فإن جلّ يهود العالم اليوم، لم يختاروا إسرائيل كمركز لحياتهم، وبالتالي فهم يعلنون "فعليا" و"واقعيا" بأن اسرائيل لا تشكل وطنا قوميا لهم – لا على مستوى الايمان ولا على مستوى التنفيذ العملي.
حتى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية طلبت رسميًا من الدولة الألمانية إغلاق الهجرة أمام يهود الدول الشرقية الذين لم يرغبوا في الهجرة إلى إسرائيل بل إختاروا الهجرة إلى ألمانيا وقد تراوح عددهم بين 20-25 الفا سنوياً.
ثمة أرقام أخرى تشير الى أن الهجرة من إسرائيل في السنوات الأخيرة تفوق الهجرة إليها.
ولهذا نرى في أن اليهود في ألمانيا، الذين تراوح عددهم بين 500-600 ألف نسمة سنة 1923، لم ينتسبوا إلى مشاريع الحركة الصهيونية ولا آمنوا بها: "منذ سنة 1925 حتى سنة 1933 تراوح عدد أعضاء "اللجنة المركزية للمواطنين الألمان أبناء الديانة اليهودية" بين 60 إلى 70 ألفا. عدد الأعضاء كاملي العضوية بالإضافة إلى أعضاء المنظمات التي إنتسبت إلى اللجنة المركزية تراوح بين 300 إلى 400 ألف" (1)، بينما لم يتجاوز عدد أعضاء الإتحاد الصهيوني الـ 20 ألفا. هذا هو التقدير الأكبر لعدد أعضاء الإتحاد الصهيوني، الذي يعتمد على تبرعات الشيقل، وهو تقدير لا يمكن الإعتماد عليه (أنظر: بوبل، الصهيونية في ألمانيا، قائمة 3)، وكان تقييم لودفيغ فينير أكثر دقة، إذ يفهم منه بأن الصهيونيين كونوا فقط 2% من مجمل يهود ألمانيا أي 11000-12000، على الأغلب).(1)
فقط هكذا نستطيع ان نفسر لماذا قام" 2.5 مليون من يهود شرق اوروبا بالهجرة ما بين سنة 1881-1914 إلى غرب أوروبا" (2) وليس إلى ما أرادت لهم الحركة الصهيونية: الأرجنتين او فلسطين. فلماذا هاجر يهود أوروبا إلى الولايات المتحدة بعد سنة 1914 حتى هذه الايام. وهذا ما يفسر أيضًا العدد القليل الذي استقطبته الحركة الصهيونية من اليهود للهجرة إراديًا إلى فلسطين
حتى سنة 1938 (عدد اليهود الذين تواجدوا في فلسطين آنذاك بلغ 380 ألفا فقط، 100 الف منهم مثلوا القيم الصهيونية، بينما لم يؤمن الآخرون بهذه القيم وكانوا قد هاجروا قسرًا إليها بعد وصول هتلر الى الحكم).
إن التجربة التي مرت بها أوروبا والغرب خلال الستين سنة الماضية، وما تشير اليه إتفاقيات الإتحاد الأوروبي، وعدم جدوى الحربين العالميتين ألأولى والثانية، تُبْقِي إسرائيل متخلفة 100 سنة على الأقل. فهل تستطيع إسرائيل، على سبيل المثال، أن تطلب من العالم الغربي اتباع سياسة اجتماعية سياسية واقتصادية مثلما تقوم هي به؟.. والمقصود هنا سياستها تجاه الأقليات وغير اليهود في إسرائيل من ممارسات وتشريعات غير منصفة ضد غير اليهود الذين لا يشكلون خطرًا أمنيًا على كيان الدولة الأمر الذي أُثبت على مدار 56 سنة لقيام الدولة.
هل ستكون إسرائيل راضية لو قامت أمريكا أو أوروبا بإعلان مبدأ أن الاراضي في الولايات المتحدة واوروبا لا يمكن ان يمتلكها إلاّ سكان الأكثرية العرقية، بينما يحرّمون في أوروبا وأمريكا على اليهود، على سبيل المثال، إمتلاك الأراضي كما هي الحال في إسرائيل من ممارسات في سياسة الأراضي الموجهة ضد الأقلية العربية مثل مصادرة الأراضي وسياسة اللامساواة؟
هل كانت أفكار هرتسل ستختلف فيما لو كان متوقّعا بأن الحياة في اوروبا ستكون على نمط ما هي عليه اليوم مما تبديه هي والولايات المتحدة من الحفاظ على حقوق الانسان والديمقراطية. ولماذا لم يناضل هرتسل من أجل تحقيق مثل هذه الحياة الديمقراطية في أوروبا التي دفع ستة ملايين من اليهود أرواحهم لأجلها ولمحاربة اللاسامية. لماذا اختار هرتسل الهروب من الحرب الحقيقية في أوروبا.
نستطيع أن نجزم هنا بأن ما قامت به الحركة الصهيونية بإعلان برنامجها لإقامة دولة لليهود في تلك الفترة ما كان إلاّ للايحاء بأن على الشعب اليهودي في أوروبا التنازل عن المشاركة في النضال والعمل والتضحية من أجل التوصل إلى حياة مساواة وديمقراطية ونبذ العنصرية، والتوصل بالضبط إلى ما هي عليه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها أوروبا اليوم. الأمر الذي أجج مسألة ثنائية الولاء والإيحاء بالتخلي عن روح التضامن بين أبناء الشعب اليهودي وأبناء الشعوب التي تعيش في ظهرانيها. الأمر مخالف جدًا لما هو عليه من تصرف يهود أمريكا اليوم في سعيهم لتأكيد أسس الديمقراطية والمساواة بين الأعراق في أوروبا وأمريكا. والأمر المذهل هنا هو أن اليهود الذين أبيدوا في أوروبا بالفعل عملوا على خوض هذه الحرب ودفعوا أرواحهم ثمنًا لمحاربة العنصرية الأوروبية والتي هُزمت بالتالي في أوروبا.
لو كانت الحركة الصهيونية توقعت بأن أبناء الشعب اليهودي سيعاملون كما يعامل اليوم أبناء الشعب اليهودي في أمريكا أو أوروبا، هل كان بالامكان أصلا قيام الحركة الصهيونية؟
نتذكر هنا مقولة هرتسل بأن اللاسامية هي التي دفعت إلى نشوء الحركة الصهيونية. وعليه إذا توصلت أوروبا إلى حياة تنعدم فيها اللاسامية والخطر العنصري على اليهود، فهل يشكل هذا خطرًا على الاسس الأيديولوجية التي قامت عليها الحركة الصهيونية.
إن عدم توقع قادة الحركة الصهيونية التطور الاقتصادي والاجتماعي وبالذات الاخلاقي للانسانية أدى بهم الى التقوقع في تفكيرهم لايجاد حل على شاكلة برنامجهم الذي لا يحظى بنجاح حتى اليوم لدى معظم يهود العالم.
ألم يكن في دراسة التوراة والانجيل والقرآن ما يتيح لهرتسل ولقادة الحركة الصهيونية ان يتعلموا ديناميكية تطور القيم الاخلاقية والتعاليم الدينية وانماط الحياة والتفكير في العالم لدى مجمل البشر والانسانية.
نستطيع أن نفهم التفكير الذي شرّع المعاملة غير المتساوية بين اليهود وبين غير اليهود من خلال الحدث الذي ربما يُظن بأنه ذو أهمية ثانوية، لكنني أرى فيه التشريع الذي أرادت الحركة الصهيونية أن يتبعه كل راسمي السياسة في العالم كمقياس لتعامل القوي مع الضعيف، وهو الذي يعطي الإلهام لغير اليهود لكيفية معاملتهم لليهود بما في ذلك أوروبا وأمريكا. فنقرأ حول حالة الفلاح الفلسطيني الذي فقد أرضه ومقارنة بما أراده بن غوريون من سياسة تفضيلية لليهودي في سنوات العشرينات من القرن العشرين.
"فالخطوات الأولى للفلاح الفلسطيني الذي نزح إلى حيفا قادته إلى أقربائه أو أصدقاء من قريته وصلوا قبله. هكذا وجد عملا ووجد منامًا. قسم منهم عرف الربط بين وضعهم كنازحين من القرى وبأن أراضيهم استولى عليها اليهود عن طريق الشراء. فيما كثيرة هي المرات التي وجدوا أنفسهم يعملون في بناء بيوت اليهود، حتى وإن لم تكن فخمة، إلا أن العامل الذي مع انتهاء يوم العمل وجد نفسه راجعًا إلى مغارة ما أو مسكن من القصدير في ضواحي المدينة أحس بالحسد وتراكمت لديه الضغائن جرّاء ذلك خصوصا أنه رأى الى العامل اليهودي مدللا ويتقاضى ضعف أجره.
"عندما ابتدأ العمل في بناء ميناء حيفا جاء ممثلو الجماهير اليهودية، ومنهم كان دافيد بن غوريون إلى المندوب السامي تشانسلور وطلبوا منه أن يخصص جزءًا من الأعمال في الميناء حصرًا لليهود. لم يكتفوا بذلك بل طلبوا أيضًا بأن يتقاضى العمال اليهود أجرًا أعلى من أجر العمال العرب على شاكلة علاوة خاصة توازي 50 ميليمًا في اليوم، أي ما يوازي 30 بالمائة من الأجر. التبرير الأساسي كان بأن مستوى حياة اليهود أعلى منه لدى العرب. المندوب السامي قال بأن الأمر يذكره بجنوب أفريقيا."(3)
ألم يستطع هرتسل وقادة الحركة الصهيونية التنبؤ بما قد يحدثه نشاطهم وتعاليمهم من إلهام لشعوب أخرى لتنفيذ السياسة والمبادئ ذاتها ضد أبناء الشعب اليهودي، خاصة وأن أبناء الشعب اليهودي يدَّعون بأنهم "نور للغرباء"، بمعنى أنهم حاملو رسالة العلم والمعرفة وهم أول شعب
أخرَجه الله من الظلمات إلى النور، حيث أن التوراة ترشدنا بأن النور هو أول شيء خلقه الله بعد أن خلق السماوات والارض، وأنهم هم شعب الكتاب وأول شعب وحَّد بالاله الواحد، ولديهم الكتاب، أي أنهم الشعب الأخير من بين شعوب الأرض وشعب الله المختار، وان الله اصطفاهم على العالمين، بمعنى ان اي تفكير يفكرون به يكون الأقرب الى تعاليم الله، وإن موسى عليه السلام هو كليم الله في السرد التوراتي عندما "ناداه الله من وسط العليقةِ وقالَ "موسى موسى!" فقال "هآنذا" فقال "لا تقترب الى ههنا. إخلع حذاءك من رِجْلَيْكَ، لأَنَ المَوْضِعَ الذِي أَنْتَ َواقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَسَةٌ"، مما يدل على قرب اليهود من الله وإعتماد الناس للايمان بأن ما جاء بالتوراة إنما جاء ليصف اليهود، حيث نقرأ: "وقال اللهُ: "نعملُ الإنسانَ على صورتنا كشبهنا"..." فَخَلَقَ اللهُ الإنسانَ عَلَى صورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ الّلّهِ خَلَقَََهُ". على أن ايراد هذه الرواية يأتي ليعلن للعالم أن الله قريب من اليهود لانهم هم الذين يقصون القصة هذه. فعلى خلفية إستغلال اللاساميين بأن من يقص هذه الرواية على الشعوب الأخرى إنما يريد أن يقول بأن الشعوب الأخرى لا تمتاز بنفس الإمكانيات من القرب من الله والمصداقية كما يمتاز بها اليهود.
وعلى خلفية الوهم اللاسامي الذي وصف اليهود بانهم مسيطرون على العالم من جميع جوانبه المالية، الأكاديمية، الصناعية، وتغلغلهم في الحكومات والحركات الفكرية والثورية والاحزاب المختلفة، حينما لم يكن لليهود في ذلك دخل ولا باع. فاليهود إنما هم كباقي شعوب الأرض وما هم بمختارين إلاّ كونهم مروا تجربة المحرقة المأساوية وملاحقة اللاساميين الأغبياء لهم.
جاء كل ما قيل أعلاه ليؤكّد بأن البرنامج الصهيوني الذي أعلن عن رغبة اليهود في إقامة وطن قومي لهم، على سبيل المثال في أوغندا، إنما يكمن في داخله إرادة وتشريع ربّانيان لسلب الاوغنديين وطنهم. ماذا كان يعني هذا بالنسبة للالماني او الروسي العادي أو اللاسامي في تلك الفترة. شيء واضح جدًا وبسيط هو التفكير ، بأن ابن شعب الله المختار، كليم الله، من أهل الكتاب، يُشَرِّع سلب حقوق شعب اخر- هو الشعب الاوغندي.
ألم يكن لقارىء البرنامج الصهيوني الأحقية بالرجوع في ذهنه إلى وعد الله لأبينا إبراهيم عليه السلام مثلما جاء في التوراة: "وفي ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً: ولنسلك أُعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات. القِينِّيِونَ والقِنْزِّيونَ والقدمونيون والحثيون والفرزيون والرفائيون والاموريون والكنعانيون والجرجاشيون واليبوسيون" (تكوين 15). وفي وعد الله لإسحق: "تغرب في هذه الارض فأكون معك واباركك لأني لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد" (تكوين 26). على أن الله عز وجل قال بسم الله الرحمن الرحيم "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" (سورة الانبياء: 105)، والصالحون من ذرية إبراهيم عليه السلام هم أبناء إسماعيل وإسحاق. فإذا كان الله يعطي اليهودي الأرض التي يتغرب فيها - لأنه اصلا من أور العراقية - فما حال أولئك الذين يسكنون في تلك الاراضي مثل الأوغنديين أو الفلسطينيين أو اليبوسيين او الحثيين أو حتى الأوروبيين البريطانيين تحت حكم إدوارد الأول، الذين عملوا على طرد اليهود من بريطانيا سنة 1190، في حين سمحوا لهم بأخذ فقط ما يمكنهم أن يحملوه، وكذلك فعل البولنديون والالمان والروس، فكيف لهم أن يضمنوا بأن الله لن يورث بلادهم لشعب الله المختار أيضا؟ بل كيف سيرد هؤلاء عندما يقرأون التوراة والبرنامج الصهيوني. أما كان في رأسهم توقع لما يمكن أن يحدث في المستقبل وهو الشيء الذي حدث بالفعل مع الفلسطينيين من تشريد تحوّل الى إيواء بائس في مخيمات لاجئين. يعني هذا، بالذات للاوروبيين، تشريعا بأن للاوروبي الحق في ان يعامل الشعوب الأخرى بما في ذلك اليهود بالمعاملة نفسها التي تقترحها الحركة الصهيونية المبنية على ما ورد في التوراة وإلا كيف يسمي نفسه إبن الشعب اليهودي كليم الله ونورا للاخرين؟
وإذا إتبعنا نفس الأمثلة على الشعب الفلسطيني فسيكون لسان حال الروسي أو الألماني ما يلي: إذا سمح اليهودي لنفسه وهو الذي يسكن في وطني انا الروسي أوألألماني بالحلم بأن يسترد وطنه من الغرباء، الفلسطينيين، بعد مغادرته للأراضي المقدّسة بألفي سنة، فكيف لي أن أسكت أنا الروسي أو الألماني عن أن استرد وطني من الغرباء وهم اليهود أنفسهم في هذه الحالة؟ هذا هو التشريع الذي حاربه اليهودي المسكين طيلة 2000 سنة من الزمان ضد العنصريين. ولكن الحركة الصهيونية، لعدم رؤيتها الثاقبة للتحولات التاريخية ووقع خطابها على الآخر جاءت للأسف الشديد لتؤكد سريان هذا الفكر وبذلك ابطلت نضال ابناء الشعب اليهودي ضد اللاسامية التي عانت منها طيلة 2000 سنة.
إن مجرد تشريع طرد الفلسطينيين من أرضهم، التي هي وفقا للرواية الصهيونية أرض الشعب اليهودي، كان له الأثر في تشريع المعاملة (الأمر المرفوض) التي انتهجت تجاه أبناء الشعب اليهودي والتي كانت مستوحاة للأسف الشديد من هذا التشريع.
لا نستطيع أن نخفي أهمية الخطاب السياسي ووقعه على سامعيه، من مشجعيه ومن مناهضيه. فهو كُتِب بالذات ليُؤَثِّر ولِيُعَّلم. فعندما إدعى قادة الحركة الصهيونية بأن لهم الأحقية لإسترجاع وطنهم الذي فقدوه قبل 2000 سنة وحرمان غير اليهود من أحقيتهم بالملكية والممتلكات، كان ما يستوحيه الالماني من ذلك هو بأن هذا المبدأ يسري مفعوله أيضًا على الروس او الألمان وخاصة بأن من شَرّعَ هذا المبدأ هو من يتصف بصفات قربه لله وَكَونِه من ذُرِّيَةِ الأنبياء.
وكأن لسان حال العنصري المجرم النازي الألماني يقول للصهيوني: يا إبن بلاد الرافدين المولود في أور الذي أعطاك الله الوعد على الأرض المقدسة، كَتَبْتَ لنا "توراة" تسمح بطرد شعب وإعطاء "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، إنما تعلمنا نحن الألمان أو الروس لنسترد أرض وممتلكات وطننا الذي هو ليس وطنك ولا تنتمي اليه ولم يعدك الله به.
هذا التشريع هو أخطر ما واجهه اليهود المساكين الذين لم يكونوا يسيطرون على شيء الاّ كونهم يهود فقراء يعيشون في اسوأ ظروف حياة في الغيتوات الاوروبية ويعانون من اللاسامية والعنصرية أشد المعاناة.
ولكن المشكلة التي تواجه اليهود اليوم يلخصها الخبر التالي حول محاضرة الأستاذ دافيد مايرز تحت عنوان: كيف تحولت "المسألة اليهودية الدهرية" الى "المسألة العربية" عقدت صباح الجمعة 29 تموز/ يوليو، 2005:
"استضاف مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الإجتماعية التطبيقية في مقره في حيفا محاضرة للاستاذ ديفيد مايرز صباح الجمعة 29 تموز/ يوليو 2005 بعنوان كيف تحولت "المسألة اليهودية الدهرية" إلى "المسألة العربية"!. ديفيد مايرز هو بروفيسور متخصص في التاريخ الحديث لليهود ولليهودية ومدير مركز الدراسات اليهودية في جامعة كاليفورنيا - لوس انجلوس. ويعتبر الاستاذ مايرز من أهم المؤرخين النقديين الذين يولون أهمية بالغة للواقع الحاضر على انه نتاج تطور تاريخي لحقب سالفة. بمعنى اننا نعيش اليوم في واقع يتسم بمواصفات معينة، سياسية واجتماعية وثقافية وايديولوجية، كان نتاجا لسيرورة تفاعلت واختمرت وتبلورت حيثياتها ومفاهيمها وانتجت هذا الواقع الحاضر. وعليه فان واقع دولة إسرائيل اليوم انما هو نتاج للسيرورة اليهودية التاريخية منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى بعد الحرب العالمية الثانية. وقد هيمن على هذه السيرورة الخطاب الصهيوني على تأويلاته وأطيافه المختلفة وأقصت الخطابات اليهودية الاخرى التي عرضت حلولاً بديلة للطرح الصهيوني للمسألة اليهودية. وقد تلخص الطرح الصهيوني بانشاء دولة لليهود في فلسطين وتحويلها المركز اليهودي الوحيد والأوحد ونفي الشتات اليهودي خارج فلسطين ورفض جميع البدائل السياسية الاخرى على شاكلة البوند (رفض التعريف القومي لليهود وتعزيز مكانة العامل اليهودي والعمل على انخراطه في المحيط الاجتماعي والاسهام في ثقافته المحلية)؛ والاوتونوميزم (منح حكم ذاتي ثقافي للتجمعات اليهودية في اماكن تواجدها)؛ والحلّ الذي تقدم به المفكر اليهودي احاد هعام والذي يتلخص في عدم نفي الشتات وتحويل الدولة اليهودية المزمع إقامتها في فلسطين الى مركز روحاني ثقافي لليهود الى جانب الابقاء على التجمعات اليهودية في اماكن تواجدهم في مختلف بقاع الارض؛ والحلّ الذي عُرض من قبل حركة بريت شالوم والذي يتلخص في إقامة حكمين ذاتيين ثقافيين لليهود وللعرب في فلسطين في ظلّ حكم الانتداب البريطاني.
وقد جاء في معرض محاضرة مايرز ان حلولاً اخرى كانت قائمة في السابق ولكن هيمنة الطرح الصهيوني قد أقصتها جميعًا، وقد ركّز المحاضر على طرح فكري سياسي للمفكر اليهودي شمعون رابيدوفيتش (S. Rabidowitz, 1896-1957) (صاحب كتاب "بابل والقدس") يتلخص في دمج طرح الحكم الذاتي والطرح الصهيوني، بحيث ينتج وجود مركزين
يهوديين في العالم، واحد في فلسطين يقوم على نظام ديموقراطي وليبرالي ثنائي القومية (قريب من طرح "دولة لجميع مواطنيها") وآخر في الشتات اليهودي. يقوم التساؤل الاساس "ما هو ثمن السيادة اليهودية" في صلب جلّ الطروحات اليهودية التي قدمت في السابق، الاّ ان الطرح الصهيوني حدّ من زخمه ومن اهميته، بخاصة في ضوء خلق تحالفات مع قوى امبريالية عظمى. وقد دعا المحاضر في النهاية الى ضرورة تطوير طروحات اخرى تجمع بين الطرحين القومي والليبرالي لحلّ المسألة اليهودية والمسألة العربية الفلسطينية القائمة. وتنبع هذه الدعوة من اعتقاد المحاضر ان دولة إسرائيل بتعريفها القائم لذاتها وبمرتكزاتها ومشاربها الفكرية والايديولوجية لا يمكن لها ان تستمر في الحياة." (4)
الواضح بأن انفراد الحركة الصهيونية بطرح الطروحات وسيطرتها على الخطاب السياسي اليهودي سببهو للمفارقة الإنسانية الترجيدية, إبادة من عارضوا الحركة الصهيونية من اليهود على أيدي هتلر والنظام النازي.
هكذا تكون اسرائيل نفسها تعيش ثقافة الهزيمة حتى النخاع فمشروعها الصهيوني اذا فكك تركيبه وحللت قواه الداخلية نجد ان الفشل الصهيوني اضخم من ان تتخيله اي قدرة عقلية. وهذا الفشل هو الذي يطغي على العقلية الاسرائيلية الذي لا يتيح لهذه العقلية المعقدة الا ان تلجأ فقط الى العنف لألى تواجه الحقيقة الساطعة كما واجهها اوديب وامه.
وهنا يكمن السر في فهم مضمون جوهر وتركيبة المشروع الصهيوني من خلال مركباته نفسه .
الامر يتطلب ترصد المشروع الصهيوني بشكل موضوعي ودون ان ندخل عنصر مدى نجاح هذا المشروع واسقاطاته علينا نحن العرب. فاذا قسنا هذا المشروع واسقاطاته على الامة العربية سنجد بأنه مشروع من اكثر المشاريع نجاحا على سطح الكرة الارضية.
اما اذا قسنا ديناميكية هذا المشوع كوحدة موضوعية مستقلة نجد النتائج التالية:
1 - يهود العالم ترفض اليوم ان تلبي طلب الحركة الصهيونية في القدوم الى اسرائيل رغم كل المشجعات المادية
ودعم دول العالم الغنية الغربية لاسرائيل.
2 - يهود العالم بين سنة 1917 و1944 رفضوا القدوم الى اسرائيل وفضلوا الموت في افران الغاز على القدوم
لفلسطين وطرد الشعب الفلسطيني والسماع للحركة الصهيونية التي بغبائها اخطأت في قرائة ابعاد مشروع وعد
بلفور على يهود اوروبا وامكانيات ابادتهم بعد انحياز الحركة الصهيونة مع احد اقطاب الصراع في اوروبا ضد
اقطاب اخرى.
3 - الحركة الصهيونية استطاعت استقطاب فقط 200000 يهودي وافقوا للقدوم الى فلسطين وترك اوروبا مقابل
الستة ملايين الذين رفضو القدوم الى اسرائيل وفضلوا الموت في اوروبا على السماع للحركة الصهيونية.
4 - تركيبة سكان اسرائيل تعد 80% من جذور عربية اسلامية مسيحية يهودية و20% من جذور مسيحية
يهودية اوروبية - وهكذا فهي دولة عربية.
5 - اليهود الذين هاجروا من الدول العربية الى اسرائيل لم يرغبوا في القدوم الى المشروع الصهيوني رغم احقيتهم
العربية الوطنية لاختيار مكان سكناهم في العالم العربي كمواطنين عرب. رغم ذلك لم يقدموا الى فلسطين رغم ان
الفرصة اتيحت لهم قبل قيام دولة اسرائيل كونهم ابناء الامة العربية التي نصبو نحن الوطنيون العرب الى ان
نوحد اقطارها في دولة واحدة.
عليه يكون المشروع الصهيوني مشروعا فاشلا فشلا ذريعاً في تحقيق الاهداف التي اوجد لتحقيقها. بنسبة 200 الف الى ستة ملايين ولهذا تعيش اسرائيل عقلية ثقافة الهزيمة: 6 ملايين قدموا قربانا في اوروبا مقابل 200 الف بشكل ما جائوا الى فلسطين
اسرائيل تعيش عقدة اوديب : الحركة الصهيونة كان بأخطائها الحمقاء اودت بستة ملايين من اليهود في اوروبا الى افران الغاز عندما كانت هذه الحركة كانت قد شكلت فقط اقل من نصف بالمائة من يهود العالم . وهي التي تولت قيادة الشعب اليهودي بعد مقتل الستة ملايين الذين عارضوها. وبالتالي بنت دولة لليهود العرب ( 60% من اسرائيل)الذين لم يكن في مصلحتهم التاريخية ان يأتوا الى فلسطين عن طريق المشروع الصهيوني على ان كانت لهم الاحقية للقدوم دون وساطة هذا المشروع المجنون.
نحن العرب لسنا بحاجة, على هذه الخلفية, ان ننتصر عسكريا على هذا المجنون فنستطيع هزمه بقوة طرحنا المعتمد على قوة حضارتنا العربية .
امام ثقافة الهزيمة وعقدة اوديب وعقلية الغيتو والمأتم على 6 ملايين التي تكون العقلية الاسرائيلية لا يكون مفر لهذه العقلية المعقدة الا ان تلجأ الى العنف لألى تواجه الحقيقة الساطعة كما واجهها اوديب وامه . ونحن العرب ذوي عقلية أكبر من أن ننجر وراء هذه العقد ويتوجب ان نرى طرق في ثقافتنا العربية الاصيلة لنتمكن من التغلب على عقد المهزومين الصهيونيين.
يتبع !

محامي من مدينة الناصره....فلسطين!!