أحدث الأخبار
الجمعة 03 أيار/مايو 2024
عذر أقبح من ذنب!!

بقلم : ابراهيم حسين ابو صعلوك ... 13.11.06

قد يخطئ الإنسان، ولا غرابة في ذلك، لان الإنسان خطاء بطبعه، لكن الغرابة وكل الغرابة في تكرار هذا الخطأ، ومما يزيد الأمر فظاعة، وسوءا تكرار ذلك الخطأ بنفس الطريقة والأعجب من هذا وذاك هو مطابقة المبررات في جميع حالات الخطأ مع تعديل طفيف للتزويق والتمويه.
فلو رجعنا إلى سجل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لوجدناه زاخر بالمجازر وحتى أنها من كثرتها أصبحت مألوفة لديها وليس بغريبة عليها، ولكن العجب العجاب هو مبررات هذه المؤسسة للمجازر التي ترتكبها ضد الفلسطينيين وخاصة الأطفال منهم كما هو الحال في مجزرة بيت حانون الأخيرة وضحايا العدوان الأخير على غزة حيث بلغ عدد الشهداء من الأطفال ثلث مجموع الشهداء الذي بلغ عددهم حوالي 57 شهيدا، ولا غرابة في ذلك فهذه المؤسسة تستمد نظرتها إلى براءة الأطفال من نظرتها لهم من خلال احتجازها لأمهاتهم على الحواجز العسكرية لتلدهم هناك في سيارات الإسعاف وذلك في أحسن الحالات حتى يموتوا قبل أن يروا النور حيث بلغ عدد النساء اللواتي ولدن أطفالهن على الحواجز العسكرية عشرات النساء ومن كان هذا حاله وديدنه هانت عليه حياة الناس حتى ولو كانوا أطفالا واستخف بعقولهم وعقلياتهم فاخذ يبرر مجازره بحجج واهية لا تستقيم مع العقل السليم ولا المنطق القويم فلا يعقل أن يرافق الخطأ جميع المجازر على الدوام فتارة يكون خطأ بشريا وتارة أخرى يكون خطأ تقنيا أو تكتيكيا علما أن هذه المؤسسة تمتلك من الأسلحة المتطورة الكثير والتي يمكنها أن تقتل من تشاء حتى ولو كان داخل بناية كما فعلت عندما اغتالت رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى في مكتبه في رام الله عام 2001 بقذيفة أدخلتها من شباك مكتبة.
أن المتدبر لهذه العملية ليدرك تماما أن مبررات هذه المؤسسة لمجازرها في ظل هذه القدرات ما هو إلا استخفاف بعقول الناس أو حتى استفزازا لضمائرهم فها هي عندما اغتالت صلاح شحادة في مجزرة "حي الدرج" عام 2002 في غزة بواسطة اللقاء قنبلة تزن طن في منتصف الليل على عمارة ذات عدة طوابق لتقتل عدد من الأبرياء بينهم عدد من الأطفال وهم نيام في منازلهم بررت ذلك في حينه بمنتهى الصلف بأن ما حدث نتج عن خطأ استخبارا، إن مجرد اختيار المكان والزمان يجعل هذا التبرير منافيا لكل منطق فمن المعروف أن غزة كمدينة بشكل عام وهذا الحي بشكل خاص من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كيف لهذه العمارة أن تكون خالية من السكان في منتصف الليل وهذا التبرير لا يختلف كثيرا عن تنصلها من قتل الطفل محمد الدرة وهو بين يدي أبيه، وقتل عائلة غالية وهي تتنزه على شاطئ البحر وها هي تعود اليوم على نفس السيناريو مع تعديل بسيط فالخطأ هذه المرة تقنيا وليس بشريا والأدهى والأمر من هذا وذاك هو الإعلان عن طلب وزير الأمن عمير بيرتس إجراء تحقيق في هذه المجزرة وكأن هذا التحقيق سيأتي بشي مغاير لما تم الإعلان عنه من قبل.
إن إسناد أوامر القصف المدفعي إلى ضابط برتبة قائد منطقة أو إلى رتبة أعلى من ذلك ليس له إلا تفسيرا واحدا هو أن الخلل ليس في أداة التنفيذ كما يزعم الجيش بل في آمر التنفيذ نفسه وإلا لما كانت هناك حاجة لاستبداله حيث توحي هذه الخطوة بحد ذاتها بالإضافة إلى عدد القذائف الهائل التي أطلقتها المدفعية المعطوبة كما يدعي الجيش، والتي تبلغ 11 قذيفة كما جاء في تحقيقات نائب قائد ذراع القوات البرية والتي أكد عطب هذه المدفعية وإصابة سبع من قذائفها أحد البيوت وما يحيط به،- فيا هل ترى هل كانت هذه القذائف السبع الأولى امن بين الإحدى عشر قذيفة التي أطلقتها هذه المدفعية أم الأخيرة؟- والى ما يتمتع به سلاح هذه المؤسسة من دقة بأنها قد اعترفت دون قصد منها بقصفها العشوائي لمكان المجزرة في بيت حانون، حيث يأتي هذا التعديل والتبرير ليضاف إلى ما سبقه من تبريرات والى ما سيلحقه منها ليقول للعالم اجمع أن كان يسمع في ظل الفيتو الأمريكي الأخير أن هذا التبرير لا يتعدى كونه إلا عذرا أقبح من ذنب.!!

فلسطيني من مدينة اللد