أحدث الأخبار
الجمعة 03 أيار/مايو 2024
انتفاضة لاستعادة الشارع..!

بقلم : رشاد أبوشاور ... 7.2.07

الشارع الفلسطيني محتلّ بالمقنعين، بالأدوات التي تتبادل إطلاق الرصاص، فتقتل بعضها، وتقتل الأبرياء من شعبنا، وتهدم شخصيّة الشعب الفلسطيني التي تكوّنت في نار الانتفاضات، والثورات، والهبّات الشعبيّة، علي مدي عشرات السنين...
بقايا فصائل (الثورة)، أومنظمة التحرير، عاجزة عن الفعل، لا دور لها ممثلّة بقياداتها سوي الظهور أمام كاميرات الفضائيات، ورسم سمات الحزن علي الوجوه وترديد نفس التصريحات المملّة العاجزة، فهي مقصّرة حتّي عن دور الوسيط لأن المؤامرة أكبر من قدراتها علي إيقافها، ولأنها عاجزة عن قول الحقيقة وتحمّل تبعاتها، ولأنها تتصرّف دون تنسيق بينها وبلورة موقف وطني واحد فاعل.
هذه الفصائل، أوبقاياها ـ وهذا ليس تقليلاً من شأنها، ولكنه واقع الحال ـ ارتضت هذا الدور الباهت، وهي تواصل البقاء في حدوده، منها من يمارسه عن انتهازيّة، أو يمارسه عن عجز وعدم قدرة علي التشخيص.
لن يسعفنا أي نظام حكم عربي، لأن نظم الحكم العربيّة غالباً مشاركة في ورطتنا ومأزقنا بفعل تآمري مباشر، أو لعدم اهتمام تجنّباً لخسائرهي في غني عنها!.
ليس لنا إلاّ (نحن)، أنفسنا، نحن كشعب فلسطيني دوّخ بريطانيا وانتدابها، ونشّف ريق الاحتلال الصهيوني ولم يدعه يهنأ بـ(دولته) التي أنشأها منذ عام 48...
نحن الفلسطينيين العصيين علي تآمر نظم حكم ذبحتنا، حاصرتنا، اخترقتنا بالعملاء والأدوات، وأفسدت ثورتنا بالمال السياسي المسخر لأهداف تخريبيّة.
قد يقال: شعبنا حاليّاً بلا قيادة ملهمة، واعية، جماعيّة، شريفة، شجاعة، وهذا صحيح..أهي صدفة أن فصيلاً قاد الثورة لعقود لا تظهر له قيادة حاليّاً، ويستحوذ علي قراره قادة أجهزة أمنيّة منجزها الوحيد المشهود هو الفساد؟!
الشارع الفلسطيني محتّل بأولاد طائشين، محقونين، مبرمجين ضّد وطنهم، وضّد أنفسهم، ومن يديرونهم كدمي في مسرح العرائس نعرفهم، ويعرفهم شعبنا، وإن تواروا وراء الستائر...
شعبنا الذي أدهش العالم بانتفاضته الكبري، وانتفاضة الأقصي، هناك خطّة لتيئيسه، وإحباطه، ودفعه للاحتجاب عن شارعه، وتمكين الزعران والقتلة من احتلال الشارع قراراً، ومشهداً ـ بحيث تحكم رايس بوقاحة علي الفلسطينيين بأنهم لا يستطيعون حكم أنفسهم! يعني لا يستحقون وطناً ودولةً، ولا بدّ أن يبقوا تحت الوصاية! ـ وهيمنةً، ليتبوّأ بعض الأشخاص السلطة...
كنس الشارع الفلسطيني من الملثمين، وتمزيق أقنعتهم، وتجريدهم من السلاح غير المؤتمنين عليه، بات هو الحّل الفلسطيني الملّح.
هذا الحّل الفلسطيني يمكن جدّاً أن يتحقق بانتفاضة شعبيّة تعود بشعبنا إلي الشارع، بحجارته، بزئير حناجره.
أطفالنا الذين يقتلون برصاص المتقاتلين المنحطين، نريد أن نراهم وقد خرجوا مع آبائهم وأمهاتهم، وأشقائهم، وشقيقاتهم إلي الشوارع في المدن، والقري، والمخيمات، هم الذين تسلقوا ظهور الدبابات الإسرائيليّة دون خوف، فبهروا العالم بشجاعتهم، وبراءتهم، ووسامتهم المضمخة بتراب شوارعنا، وبدخان القذائف الدخانيّة.
فلتتشكّل اللجان الشعبيّة الوطنيّة، لجان حماية القضيّة والمواطن في كّل أحياء المدن، والقري، والمخيمات، من الشخصيّات الوطنيّة المحترمة المعروفة بصدقيتها، من أمهات الشهداء والأسري، من الكفاءات الوطنيّة التي شاهدت بعضها علي فضائيّة فلسطين مساء يوم الجمعة 2 شباط الجاري، فأصغيت لوجهات نظرها، واحترمت شجاعتها، من المعتصمين في الشارع ضد القتل والاقتتال والقتلة دون خوف، بشجاعة استشهاديّة تتحدّي الزعران والمقنعين الذين يحركهم عملاء مغامرون، وجهلة أنانيون ضيّقو الأفق.
نظام الحكم المصري ليس وسيطاً، فهو منحاز ضّد شعبنا، فالحصار المضروب بقسوة ولؤم ينفّذ عبر معبر رفح، فلا مال يعبر، ولا حليب للأطفال، العائدون إلي القطاع ينامون في العراء، بل ويموت بعضهم، لأن (سدنة) معبر رفح متقيّدون بالأوامر الأمريكيّة (الإسرائيليّة)!
وساطة سعوديّة!.. ودعوة لاجتماع في (مكّة) المكرّمة!.. أليس باستطاعة نظام الحكم السعودي أن يكسر الحصار علي الشعب الفلسطيني، وبهذا يسهم جديّاً في إنهاء الاحتقان الذي سببّه الحصار الجهنمي الأمريكي أساساً؟!
كيف يمكن أن نصدّق أن أنظمة الحكم التي ناصبت نتائج الانتخابات (الديمقراطيّة ) في مناطق السلطة، ونفّذت الحصار، جّادة في إجراء مصالحة بين الأخوة الأعداء؟!
لماذا لا تفتح الحدود المصريّة الأردنيّة بدعم سعودي عربي لدخول المساعدات الماليّة والغذائيّة والدوائيّة للفلسطينيين؟! أليس هذا هو الحل الفعّال لكسر الحصار، وتنفيس الاحتقان، وإراحة الفلسطينيين من همّ لقمة الخبز، وحبّة الدواء، والتقريب بينهم، ومساعدتهم علي التفرّغ لمواجهة سياسة عدوّهم الاستيطانيّة؟!.
أين قرار وزراء الخارجيّة العرب الذي أعلن ردّاً علي مجزرتي شاطئ غزّة و(بيت لاهيا)، بكسر الحصار؟!
استجابة رئيس السلطة، وترحيب قيادة حماس، بالدعوة السعوديّة للاجتماع والتحاور في (مكّة) لن تكون مثمرة، لأن من لا يتّفقون في غزّة ورام الله وسط شعبهم، لن يتفقوا في كنف العباءة السعوديّة، فالوحدة الوطنيّة لا تنجز بالواسطة!.
ليس لشعبنا سوي أن يعتمد علي نفسه، فينزل إلي الشوارع، بأهداف معلنة، تبدأ بـ: استعادة الشارع الفلسطيني شعبيّاً، شارع الانتفاضة، والمقاومة..و: التخلّص من هذه السلطة الوهميّة التي لم تجلب لنا غير الخراب، والفساد، والاحتراب، والتي منحت عدوّنا الصهيوني المحتّل المستهتر المزيد من الوقت لوضع اليّد علي مزيد من أرضنا، وإدارة الظهر لحقوقنا المقرّة دوليّاً، بدعم أمريكي وقح.
لتعلن اللجان الشعبيّة بأنها في القطاع والضفّة ستلقي القبض علي كّل حامل سلاح، إلاّ إذا كان في معركة مواجهة مع قوّات الاحتلال، وتصادر سلاحه كائناً من كان، ومن أي طرف كان، وستمزّق قناعه وتعرضه علي الناس، وتفضحه وتفضح من يدفعه لإطلاق الرصاص علي أهله وأخوة السلاح.
لقد سمعت أحد المواطنين الفلسطينيين يقول بوجع لتلفزيون فلسطين: نحن بتنا غرباء في وطننا!..هذا الكلام لم يقل من قبل، فالاحتلال عجز عن تغريب أهلنا، وتحطيم معنوياتهم، ولكن الزعران الأدوات ومن يقف وراءهم ويحرّكهم، ينجحون يوميّاً ومع كّل اشتباك في مراكمة القهر والحزن والشعور بالغربة في الوطن!
الأسري مضربون عن الطعام احتجاجاً، وهم يتآخون وراء الأسلاك الشائكة والقضبان، وهناك بدايات نشهدها في غزّة ورام الله في العودة الشعبيّة للشارع واستعادته، وهذا هو السبيل الحقيقي الفعّال لشكم المنفلتين وردعهم، وإفشال المخططات التدميريّة، وتفويت الفرصة علي اللاعبين من وراء ستار...
لتكن استعادة الشارع في مواجهة خارطة الطريق الأمريكيّة (الإسرائيليّة) التي بندها الأوّل ينصّ عمليّاً علي الاحتراب الفلسطيني...
في الشارع ستتحقق الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة، وسيكون النهوض الباهر لشعبنا العظيم، وستكون انتفاضة التصحيح والعودة إلي جادة الصواب، إلي طريق فلسطين...
لقد ظهرت في نهاية ثورة 36 ـ 39 فصائل حملت اسم (فصائل السلام)، شكّلتها بريطانيا المنتدبة المحتلّة لفلسطين، وهذه الفصائل اغتالت، ونهبت، وخرّبت، وكان لها دور إجرامي في إنهاء أعظم ثورة فلسطينيّة...
فصائل السلام تعود اليوم بطبعة جديدة، وهي تدّعي الوطنيّة، والعقلانيّة، وتلجأ للعصبويّة التنظيميّة، وشراء الذمم، وهي تحرق شارعنا الفلسطيني...
شعبنا قادر علي استعادة شارعه، وفي الميدان سيحقق الوحدة الوطنيّة، بعيداً عن نفاق أنظمة تحاصرنا، وتدفعنا للاقتتال خدمة للمخططات الأمريكيّة الإسرائيليّة!
هل سينجز شعب المعجزات انتفاضة التصحيح واستعادة الشارع؟عندي أمل كبير...