أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
المَدْوَّر والقَفِل!!

بقلم : د.شكري الهزيل ... 1.3.06

بادئ ذي بدأ لا بُد من الاعتراف بان مصاعب ومتاهات جَمه تقف في طريق النهضه العربيه نحو مستقبل افضل , ولكن من المؤسف أن الواقع العربي الراهِن مُظلم ويدور في دائرة الظلم والاستكبار ويسود الصمت في ظلام دامس وكأن زيت الفانوس نَفَذ بلا عوده و يبدو ظلامُنا وكأنه قدر محتوم وأبدي لا مناص مِنه ولامناص للأجيال الغابره والحاضره والقادمه الهروب او الخروج من عتمة هذا الليل الطويل وهذا الظلم الصارخ وهذا العدوان الفَتاك اللذي تتعرض له أمتنا منذ اكثر من قرن, وقافلة االذبح الامبرياليه تصول وتجول في الوطن العربي وتحصد قوافل من الشهداء والضحايا العرب وتزرع الخراب والدمار, والعجيب أن جرائم الامبرياليه الامريكيه وفظائعها تُبارك بِخيانة الحُكام وصمت الشعوب في أنٍ واحد في وقت يَسيل فيه الدم العربي بِغزاره مُفجعه في والعراق الذي اصبح فيها خبرمقتل خمسين عراقيا او مئه او ألف مُجرد خبر عابر لايَهِم العرب ولا يُحَرِك فيهم ساكنا ولا حتى شعرة خَجل تَجعَلَهُم رسميا يُدينون المجازر الرهيبه الجاريه على قدم امريكي وساق العُملاء في العراق.
لقد فشلت الامه العربيه فشلا ذريعا في تَحقيق الحَد الادنى من التضامن الفَعَّال او التاثير في مَجرى الاحداث في فلسطين او العراق او حتى الحد الادنى من التأثير على قرارات الانظمه العربيه الخائنه والمشاركه في جميع اشكال العدوان الامريكي على الشعوب والاوطان العربيه , والحقيقه ان هذا الفشل الرهيب والمُشين يُوضِح مدى الترابط بين ظُلم ودكتاتورية الجلاد العربي وبين الأفاق الضيِقه للوعي الجماهيري العربي اللذي دأب حُكام الرذيله والمهانه على تَحديده وإغتياِلِه موضوعيا وإدخال الشعوب في غيبوبة سياسيه وتَغييبَهُم عن ماهو جاري من احتلال وظلم ومجازر واستبداد يصول ويجول في العالم العربي من جهه وصمتهُم على حُكام مأجورين يفرشون الفراش ألأحمر لاعتى الغُزاة والمجرمين بحق الشعوب العربيه من جهه ثانيه وبالتالي يبدو ان الجلاد ضَحَّى بالضحيه ونحَر أمه كامله على مذبح الوطن العربي من اجل الكُرسي وارضاءا لحليف مُجرم إستباح ويستبيح الوطن والدم العربي ليلا نهارا ويَلُغ في الدم العربي وكأنَّه يشرب نخب كأسه بهذه الهمجيه الساديه الجاريه في العراق ودم العرب المهدور والمسكوب ليس من المحيط الى الخليج فقط لابل ايضا على عرض وطول هذا العالم!
هنا لابد من القول ان الهزيمه والهزائم وردت ووارده في تاريخ الشعوب , ولكن ان تصبح الهزيمه تراكُمِيه ونَمطيه بهذا الشكل وهذا الواقع العربي دون ان تُخترٌق او تُخدَّش فهذه مصيبة المصائب وكارثة الكوارث, وهذا مايعني أن الضحيه تنتظر دورها لِتقود رَقبتُها بذاتها الى مقصلة الجلاد الداخلي والخارجي من منطلق قناعه مُشوهه وخَنوعه وهي التسليم بثقافة وابعاد ومقومات الهزيمه كقدر مَكتوب ومَحسُوم في ظِل قناعه بقدر الهزيمه وولادة وعيش العربي تحت مطرقة حاكم مُجرم وسندان مُحتَّل غاشِم لايعنيه ولايهمِه سوى احتلال الارض ونهب ثرواتها ولا يرى في الانسان العربي سوى كائن غريب عاش ووُجد بالصدفه على ارض لايملكها ولا يملك السلطه فيها ولا يملك حتى حق العيش بِحُريه دون ان يَسوطه الوالي المحَلي ودون سلطة " المُستعمِر" المُخرِب اللذي يعتبر العرب الوافدين الى العراق أجانب بينما هو ذلك الامريكي المُجرم والفاشي والمُحتَل وطوابير من المرتزقه الاجانب اصبحوا مَحلِيين واصحاب حق في الوطن العراقي والوطن العربي ككل .!!!
لم يأتي هذا الاجرام الامريكي بحق الشعوب العربيه من فراغ لابَل هو نتيجه حتميه لتراكُم الهزائم العربيه وتراكُم الخنوع على مَدى عقود وهو اللذي سَمَح واتاح الفرصه للنظام الامريكي بذبح اكثر من مليون عراقي قبل احتلال العراق ومازال يذبح المِئات والالاف بعد الا حتلال وحتى يومنا هذا , ولكن هذا الذبح كان لهُ ارضيه وإسباقيه فِعليه إقتدى بها الامريكان كمثال على سلبية الموقف العربي ورُخص الدم على أهلِه وهي ارضية واقِعه يوميا في فلسطين منذ عقود ولم يُحرك العرب ساكِنا لابل سَمحت الشعوب العربيه لِحُكامها أن تُحاصر فلسطين والعراق وتُشارك على قدم وساق في ترسيخ احتلال فلسطين واحتلال االعراق اللذي يعرف الداني والقاسي أنَّهُ مُحتَّل وجريح بينما يتلعثَم عمرو موسى عندما يزل لسانه عن ماهو مُحدد لَه بكلمة الاحتلال ويعود فورا الى قوات التحالف او عندما يُروج الاعلام العربي الساقط الى " اعمال العنف في العراق او فلسطين" ويُنكِر على العراقيين والفلسطينيين حتى وطنيتهُم وحقهُم في الوطنيه ومقاومة الاحتلال!!
ليس هذا فقط لابل يختبئ ما يُسمى برئيس أكبر دوله عربيه في ألأزمات وبعد ان ساعد و يُساعِد في حصار الشغب الفلسطييني و تَمرير الاحتلال الامريكي للعراق, يعود البهلوان بعد ذلك للظهور والحديث لوسائل الاعلام عن الواقع والواقعيه وواقع الاحتلال الامريكي ومُشتقاته من عُملاء ومُرتزقه مُنصبَّه ك"حكومه عراقيه" لِيدعُو رئيس مصر وبِاوامر امريكيه بضرورة دَعمِها [الحكومه المُرتزقه في العراق] وهو [اي الرئيس المصري] يعرف تماما أنَّهُ يدعُو عَمَلِيا وفِعليا لدعم وترسيخ الاحتلال الامريكي في العر اق وذلك بعد ان شارك من قبل مع حُكام السعوديه ومشايخ الخليج في دعم امريكا في غزوها واحتلالها للعراق!!
لا يتوقف الامر عند ربط انظمة الحُكم العربيه بِالمَدْوَر[ المَدور: مربَّط الخَيل ويُثبت بحلقه حديديه يَدور حولها وفي مساحه ضّيِقه الخيول المربوطَه] الامريكي لابل يتعدى هذا الى إقفال القفِل على واقِع ومصير الشعوب العربيه بقسوه وبشده الحديد والنار حتى لا يتمَكَّنوا من إيجاد مفتاح لقفل مُقَفَّل تحرسُه الرجعيه العربيه العميله بينما امريكا تتحَكَّم بالمدوَّر والمِفتاح من خلال شنها الحرب بكل اشكالها على الامه العربيه والوطن العر بي في عملية إستنزاف مُبرمجه سواء على المستوى العسكري او السياسي او الاقتصادي وحتى الهويه الوطنيه والحضاريه االعربيه اصبحت هَدَفا من أهداف الحرب الامريكيه على العرب.
لم يقتصر الامر كما هو جاري في العراق على الاحتلال العسكري وزرع الدمار لا بل ألأهَم ان الاحتلال صار وكيل شركة العراق ووصِي على الوطن العربي و العراق بشكل خاص ويَقوم بِتشغِيل شركات مُرتزقه تضم عشرات الالاف من المرتزقَّه مُهمتها مُساندة الجيش الامريكي في قَمِع الشعب العراقي اللذي كما يبدو أنَّهُ اصبح جُزء من مايُسميه الامريكان ب" الاجانب في العراق" بينما طوابير المُرتزقه التابعه للجيش الامريكي وهذا الجيش الغازِي اصبح صاحب الحق والقرار لابل نزع هوية العر اق العربيه هي الهدف الرئيسي للغزو الامريكي !! نَخشى مانَخشاه أن يتحوَل جَلب المُرتزقه بهدف القمع والاحتلال الى اسلوب استعماري امريكي جديد يُمارِسهُ الامريكان في العالم العربي رغم انَّهُم يحتكرون موضوعيا جميع الجيوش العربيه كَمُرتزقه صامته وسلبيه في موقفها من مايجري في العالم العربي!
من المؤكد ان أزمة الشعوب العربيه تأخذ اشكال كثيره ومُتعدده ولكنها أزمات مُبرمجه سياسيا وتهدف الى ارباك العرب وزرع البلبله والشك حتى في البديهيات بهدف وَضِع العرب في وضعية الضغط المُتواصل عسكريا وسياسيا واقتصاديا وتَعميق أزمة الوعي والجهل حتى يتسنى للمشروع الامريكي وحُلفاءه من شبه العرب تَثبيِت الاحتلال الامريكي بكل اشكاله كواقِع مفروض يُروج لَهُ الاعلام العربي المأجور في أطُر الحديث عن "الواقِعيه السياسيه" كما يفعَل إعلام حاكم مصر وشبكة إعلام مشايخ وممالك الخليج وبالتالي ماهو جاري ومقصود هُو فرض الغُربه القسريه على العرب في عقر دارهُم واوطانَهُم وتَحويلَهُم موضوعيا وعمليا الى غُرباء وأجانب في وطنهُم اللذي تتحكم امريكا بِمدوره السياسي ومفتاح قفل وطن اصبح بِمثابة سجن كبير ومقبره للوعي والحُريه العربيه الى درجه أن يصبح الوطن العربي والعرب بِمثابة شركه وسُلعه يُتاجر بِها الامريكان وحُلفاءهُم من وكلاء عرب !! والسؤال المطروح: متى سيقتلِع العرب المَدوّر الامريكي من عُمق الوطن العربي ؟؟ وهل سَيَجِد العرب مِفتاح قفل أزمتهُم التاريخيه والسياسيه؟؟ وهَل يُعقَّل ان يُسَلم العرب رَسَنَهُم السياسي ويدفنون راسهُم في التراب الى الأبد؟