أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
الخرطوم..السودان : أجواء محاكمة البشير: اعترف بمنح «الدعم السريع» 5 ملايين يورو والقاضي وبخه وزوجتاه غابتا !!
02.09.2019

بكشف أجواء جلسة محاكمة للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في اتهامات تتعلق بالفساد وحضرها عدد من أنصار رئيس النظام السابق.فوسط حضور لا يتجاوز مئة شخص، في معهد العلوم القضائية والقانونية وسط الخرطوم، انطلقت الجلسة السبت، برئاسة القاضي الصادق عبد الرحمن في ظل إجراءات أمنية مشددة حيث أحاطت دوريات الشرطة بالمكان، ومنع الجميع من إصطحاب أجهزة الهاتف المحمول، وسمح لعدد محدود من المصورين بحضور الجلسة.القاعة قسّمت إلى قسمين، أحدهما للصحافيين والنيابة العامة التي تتولى الاتهام، وآخر خاص بأقارب البشير من الدرجة الأولى وقليل جدا من مناصريه من المسؤليين السابقين، إلى جانب هيئة الدفاع التي تولاها رئيس برلمان البشير السابق المحامي أحمد إبراهيم الطاهر، وعدد من الرموز القانونية للحزب الحاكم سابقا.وفور دخول البشير القاعة مرتديا الجلباب والعمة السودانية، ضج أقاربه ومناصروه بترديد الشعارات الإسلامية التي دأب عليها منتسبو النظام القديم.وكان واضحا تأثر شقيقه علي حسن البشير، الذي تصدر الجلسة، في حين غابت زوجتاه، واحدة بدعوى المرض وأخرى لوجودها في الإقامة الجبرية التي فرضها عليها المجلس العسكري، فيما مثّل مناصروه القلة ما يعرف بالمجاهدين في السودان، وعلى رأسهم الوالي السابق أنس عمر، ومقدم برنامج «ساحات الفداء»، فضل الله أحمد عبدالله، فضلاً عن أمير ما يعرف بـ«المجاهدين» جعفر بانقا الذي أكثر من التكبير والتهليل، فيما اكتفت نساء الأسرة بالتلويح للبشير مع الابتسامات المشجعة.وبعد سماع شهود الاتهام، بدأ القاضي سماع أقوال البشير في الدعوى الجنائية المقدمة ضده، والمتهم فيها بحيازة أموال طائلة في قصره، تراوحت ما بين العملات الأجنبية الحرة (يورو ودولار)، والعملات المحلية بدون مسوغ قانوني، ماعدت هيئة الاتهام ذلك بأنه يدخل تحت طائلة قانون الثراء الحرام والإتجار بالعملات الأجنبية.وتركز حديث الرئيس المخلوع، عندما أتيحت له فرصة الحديث، على تسلّم مبلغ 25 مليون دولار، من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تسلمها منه بشكل خاص، وفضل تخزينها في قصره، عوضا عن تسليمها لبنك السودان، مشيراً إلى امتلاكه مستندات لصرف بعضها، ومنها مبلغ 5 ملايين يورو لقيادة قوات «الدعم السريع».وأوضح أن مئات آلاف الدولارات، التي دفعها لرجل الدين المتشدد عبد الحي يوسف صاحب قناة «طيبة» الفضائية الإسلامية، كانت من أجل تطوير القناة.وأشار إلى دعمه بملايين الدولارات، لزوج إحدى قريباته، وهو رجل الأعمال طارق سر الختم، مدير شركة «سين للغلال»، والأخير كان يستلم منه مقابلها بالعملة المحلية، تحت لافتة دعم احتياطي البلاد من دقيق الخبز.وحسب اعترافات المخلوع، هذا الأمر كان يتكرر كثيرا خلال الفترة الاخيرة، إذ يقدم فيها البشير ملايين الدولارات ويستلم في مقابلها جنيهات سودانية.أقر بتسلم 25 مليون دولار من السعودية… البشير قال إنه لا يدري أوجه صرف شيك بمبلغ مليون دولار قُدم له بشكل شخصي من الشيخ خليفة بن زايد خلال زيارة سابقة له لدولة الإمارات، ثم استدرك أنه لا يدري إن كان صرف الشيك المسحوب على بنك إماراتي أم لا، ثم أضاف: «لا أدري أين يوجد صك الشيك الآن»، ما دفع هيئة الاتهام للتساؤل: كيف لرئيس دولة يتسلم بشكل شخصي صكا بهذا المبلغ الكبير ولا يعلم إن كان صرفه أم لا؟إجابات البشير العديدة، التي لم تكن مقنعة حتى للإعلاميين الحضور، دفعت المحكمة لأن توجه له رسميا تهمتين رئيسيتين تمثلتا في الثراء الحرام والإتجار بالنقد الأجنبي.القاضي وبخ البشير، بشكل غير مباشر، وهو يشير في حيثيات لائحة الاتهام إلى أن المخلوع لم يتعامل كرجل دولة ورئيس جمهورية السودان، وهو يتسلم أموالا طائلة بغير وجه حق ولا يدفع بها إلى خزينة البنك المركزي.بعدها، تقدم الدفاع بالرد نيابة عن البشير، وحاجج بكون الأخير «غير مذنب» مطالباً بإطلاق سراحه، باعتبار أن القانون السوداني يمنح المتهم حق التمتع بإطلاق السراح بالضمانة العادية، باعتبار أن عقوبة الجريمة في القانون لا تصل إلى عشر سنوات.لكن القاضي رفض الضمانة، مستنداً إلى حقه بـ«حرمان المتهم من التمتع بالضمانة، في حال وجد لديه شكا بأن المتهم يمكن أن يغيب عن وجه العدالة ويهرب، كما استند إلى أن البشير تنتظره محكمة أخرى، رفعها عليه قانونيون سودانيون بتهمة تقويض النظام الدستوري عبر الانقلاب على حكومة منتخبة عام 1989، يوم تسلّم الحكم بالتعاون مع أعضاء حزب الجبهة الإسلامية القومية. بعدها حدد القاضي الأسبوع المقبل موعدا لسماع مرافعة الدفاع عبر الشهود الذين عددهم محامي الدفاع بخاري الجعلي، وبينهم مدير مكتب البشير حاتم حسن بخيت، وهو من تسلم الأموال من مبعوثي بن سلمان في مطار الخرطوم.أما الشاهد الثاني فهو رجل الأعمال طارق سر الختم، الذي رأت المحكمة أنه شريك في الجريمة وهارب من وجه العدالة، خصوصاً وأن سر الختم غادر السودان لجهة غير معلومة قبل أسبوعين. لكن الجعلي جزم بأن الرجل سيحضر في الجلسة المقبلة.المحامي المعز حضرة، أحد أعضاء فريق المحامين الذي يختصم البشير بقضية «تقويض النظام الدستوري والحكومة المنتخبة عام 1989،، قال لـ« القدس العربي» إن «التحري في هذه القضية يسير بشكل طيب، ولكنه بطيء نسبة للعراقيل التي يضعها منسوبو النظام القديم في النيابة العامة، ومع ذلك استطعنا سماع شهادة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، ووزير دفاعه في ذلك العهد اللواء فضل الله برمة ناصر وآخرين».وأشار إلى «أهمية هذه القضية كونها ستجلب عددا كبيرا من قيادات النظام البائد من المدنيين في قيادة حزب الجبهة الإسلامية وقتها، إلى المحكمة وعلى رأسهم نائب الرئيس علي عثمان طه، ووزير الخارجية علي كرتي، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي علي الحاج، ورئيس حركة الإصلاح الآن، غازي صلاح الدين الموجود في تركيا حالياً». وزاد: «هذه القضية، عند اكتمال التحري فيها سندفع بها إلى المحكمة لتسير جنبا إلى جنب مع القضية التي يحاكم فيها البشير الآن، والتي لا تعد قضية ذات قيمة قانونية وشعبية مقارنة بالجرائم التي ارتكبها المخلوع في دارفور وجنوب كردفان، وقتل المتظاهرين خلال الثورة الحالية، بالإضافة لقتل المعارضين السياسيين خلال سنوات حكمه».وأضاف أن «عدم هيكلة الجهاز القضائي والنيابة العامة لتكون معبرة عن قيم الثورة هو العقبة الحقيقية لفتح دعاوى جنائية حقيقية في مواجهة البشير ومعاقبته على الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في دارفور».وتابع: «نحن نسعى الآن بكل قوة من أجل تعيين رئيس قضاء جديد ونائب عام جديد، بتوصية من تحالف الحرية والتغيير الذي قاد الثورة، وبعد تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين وزيرعدل وهيكلة السلطات العدلية وإبعاد منتسبي النظام القديم، سيكون الطريق مفتوحا لتقديم قضايا عديدة ترد الحقوق لأهل دارفور وغيرها».!!


1