أحدث الأخبار
الأربعاء 24 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 45240
تونس : الفساد الاعلامي : المال السياسي يحتكر وسائل الإعلام التونسيه!!
25.05.2016

شكلت سيطرة المال السياسي على وسائل الإعلام في تونس، عوامل سلبية حدت من مصداقية العمل الصحافي، وثقة الجمهور الذي يعبر في كل مناسبة عن استيائه من إعلام بلاده الذي يعمل على “ترويج أفكار سياسية لخدمة أهداف أصحاب تلك الأموال، وأصبح أداة لتصفية الحسابات الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية”.ويعاني المشهد الإعلامي التونسي من غياب الصورة الواضحة، والهوة الواسعة بين المحتوى المقدم، وتطلعات الشعب التونسي، فرغم تخلص القطاع الخاص من إملاءات النظام القديم، إلا أن بعض الوجوه النافذة سيطرت عليه، لتحقيق أغراضها الخاصة، بحسب ما ذكر موقع “جون أفريك” الفرنسي.ونبه العديد من المراقبين والإعلاميين إلى وجود تجاوزات عدّة يمارسها الإعلام التونسي منذ عام 2011، وأكدوا اختراق المال السياسي للتحول الديمقراطي، حيث وجّه الإعلام والرأي العام وشكّلهما لصالح وجوه سياسية محددة.وانطلقت الكثير من القنوات والإذاعات والصحف، التي كان وراءها رجال أعمال، وكل منهم كان يسير على منهجه، وعلى الخط السياسي الذي يروق له، مما خلف الكثير من المشكلات السياسية.يقول محمود حرشاني الكاتب والصحافي ومدير مجلة مرآة الوسط الشهرية، ” إن إعلامنا اليوم بما في ذلك الإعلام العمومي تسيطر عليه عصابات ولوبيات تحكم قبضتها عليه، ويهيمن عليه متنفذون ومذيعون وصحافيون يخدمون أجندات معينة ومن لا يدور في فلكهم يعتبر خارج دائرة الاهتمام”.وأضاف أن السمة البارزة لإعلامنا اليوم هي الإقصاء الممنهج لأغلب الكفاءات التي اختارت أن تكون على الحياد وأن تخدم تونس بصدق بعيدا عن اللوبيات السياسية أو المالية.وتابع في حديث إذاعي “من المؤسف ألا تحرك رئاسة الحكومة ولا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ساكنا لإصلاح وضع إعلامنا المعتل”.وأشار تقرير الموقع الفرنسي إلى وجوه إعلامية معروفة، استخدمت القنوات الفضائية العمومية لأغراض سياسية تدعم مصالحها، وتجلى ذلك بشكل واضح خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية. ورغم المخالفات القانونية الواضحة، كما يقول الموقع، لم يتم تتبع أي أحد منها.وقالت صحافية في قناة فضائية، إن مالكها لم يكن يوما ما بعيدا عن محتوى البرامج التي تُبث. وذكر أحد الصحافيين الذين تعتمد عليهم القناة في تقاريرها، أن “المناقشات على القناة موجهة وتتدخل فيها قوى ظلامية”.وأشار الموقع إلى استثناءين لهذا التوظيف السياسي، وهما: الطاهر بن حسين، مؤسس قناة الحوار التونسي، الذي باع أسهمه في القناة عندما بدأ السباق الرئاسي، ومحمد العياشي العجرودي، الذي انسحب من السياسة كليا ونقل قناته “الجنوبية” إلى باريس، على إثر خلاف مع الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري.ولفت إلى أن البعض قلب الموازين، ولم يصل إلى السياسة عبر الإعلام، بل العكس، مثل سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، ورئيس أحد أكبر النوادي الرياضية التونسية. فبعد محاولته شراء أسهم في قناة نسمة سنة 2013، اشترى ترددات قناة التونسية، ولكنه لم يستطع أن يضع يده على برامج القناة، لصاحبها سامي الفهري. وللهروب من سلطة سليم الرياحي، غيّر سامي الفهري ترددات قناة التونسية إلى قناة الحوار التونسي.وقال حسن زرقوني، مدير مؤسسة سيغما كونساي، التي تعمل في مجال الإحصاء واستطلاعات الرأي، إن “الرابط بين المال والإعلام كان قويا أثناء الحملات الانتخابية سنة 2014، ولكن اليوم أصبحت الضغوط أكبر، ولم تعد مالية فقط”.كما تعرضت بعض الوجوه السياسية والقيادية المشهورة في تونس للهجوم والتشويه من بعض المؤسسات الإعلامية، من خلال طريقة تعامل مقدمي البرامج التلفزيونية، عبر تعرض الضيوف لطريقة مهينة في طرح الأسئلة، وبشكل يصل في بعض الأحيان إلى “خطاب كراهية”، كما تعرض بعض الأشخاص لفبركة مقاطع فيديو بحقهم، وتعرضوا للابتزاز.ويقول المراقبون إن الإعلام الرسمي الذي يتبع الدولة أضحى بين مطرقة النقد اللاذع والتهم الموجهة ضده، وسندان الحيادية والموضوعية في طرح الموضوعات والقضايا.يطالب الصحافيون والإعلاميون، الإعلام التونسي بأن يعيد هيكلته بما يتماشى مع التعددية وحرية الصحافة واستقلال الصحافيين، وأن يبتعد عن الأجندات السياسية التي تموله وتملي عليه عكس ما ينتظره المواطن البسيط، داعين إلى ضرورة تحويل بعض مؤسساته إلى طابع اقتصادي، وذلك ليكون الإعلام معتمدا على ذاته، وقادرا على تجسيد دوره دون أي أطماع أو نزاعات.ويرى مراقبون أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة لدعم الإعلام، ليخرج من عباءة المال السياسي، حيث ساهمت الأزمة الاقتصادية التي عصفت به في تكريس سيطرة السياسيين على الإعلام.ورجح رؤوف بالي رئيس جمعية الصحافيين الشبان أن تواجه الساحة الإعلامية ضغوطا شديدة نتيجة تعمق الأزمة المالية للمؤسسات الإعلامية.وأكد أن الأزمة الخانقة التي تعيشها المؤسسات الإعلامية تعود أساسا إلى التراكمات الناتجة عن حل وكالة الاتصال الخارجي في ربيع 2011، ثم إلى تأثيرات الأزمة الاقتصادية على كل القطاعات.ودعا بالي إلى التعجيل بإطلاق هيكل يعنى بتوزيع الإشهار العمومي لإنقاذ المؤسسات الإعلامية، مشيرا إلى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية أدت إلى اندثار المئات من الصحف خلال الخماسية الأخيرة.!!

1