أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
فقراء لبنان يرمون أقراص الفلافل في فم الجوع!!
28.06.2021

يتحايل اللبنانيون على غلاء الأسعار التي طالت المواد الأساسية التي تتعلق بغذائهم، ولأنهم غير قادرين اليوم على شراء اللحم والدجاج أقبلوا على الفلافل المكوّنة من الحمص والفول في غذائهم، لأنها تحتوى على بروتينات نباتية تفيد في زمن عزّت فيه وجبات الكبة والكفتة والشوارما.
بيروت - تتصدّر أكلة الفلافل هذه الأيام قائمة خيارات الطعام لدى الكثير من اللبنانيين، نظرا إلى انخفاض سعرها مقارنة بأسعار اللحوم التي شهدت مؤخرا ارتفاعا غير مسبوق.
هذا الواقع جعل معظم مطاعم اللحوم شبه خالية، فيما تعجّ محلات بيع الفلافل بالزبائن، في مشهد يعكس واحدا من تبدلات كثيرة طرأت على أسلوب حياة اللبنانيين، جراء الأزمة الاقتصادية.
وخلافا للأكلات اللبنانية التقليدية، التي تدخل في معظمها اللحوم كالكبة والكفتة وغيرها، فإن الفلافل مصنوعة من الحمص والفول، وسعرها منخفض، ما جعلها “سلاحا فعالا” بوجه الجوع الذي يهدّد فقراء لبنان.
وتقدر الحكومة اللبنانية بأن 80 في المئة من الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، وتعتزم قريبا منحهم مساعدة مالية شهريا لشراء حاجاتهم الغذائية وغيرها، من خلال مشروع بطاقة تمويلية، لكن ذلك ينتظر موافقة البرلمان.
والفلافل تصنع على شكل أقراص يتم قليها بالزيت، وعادة ما تقدم مع الخبز والخضروات والطحينة، وهو طعام تقليدي واسع الانتشار في مطبخ الشرق الأوسط، خاصة في بلاد الشام ومصر.
وحتى وقت قريب، كانت الشاورما الأكلة الشعبية الأولى في لبنان، إلا أن غلاء لحوم الأبقار والدجاج التي تدخل في إعدادها، جعلها تتراجع أمام قرص الفلافل وخصائصه “الاقتصادية” والغذائية معا.
وارتفعت أسعار اللحوم في لبنان بنحو 6 أضعاف، حيث أصبح سعر الكيلوغرام من لحم البقر بحوالي 120 ألف ليرة، والغنم بنحو 160 ألف ليرة. أما لحم الدجاج، فأصبح سعر الكيلوغرام منه بنحو 50 ألف ليرة بعدما كان بـ12 ألف ليرة قبيل الأزمة.
ومن أمام أحد محال بيع الفلافل في بيروت، قال المواطن باسم عواد “إن سعر السندويش الواحد من شاورما اللحم يعادل سعر 4 سندويشات من الفلافل، وهذه المقارنة كفيلة لمعرفة سبب الإقبال الكثيف على هذه الأكلة”.
وبحسب عواد، فإن الفلافل أكلة شهيرة في لبنان، لكنها اليوم تنقذ العديد من الأسر والأشخاص من الجوع في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، نظرا إلى سعرها الذي هو في متناول الجميع مقارنة مع السلع والأطعمة الغذائية الأخرى.
ولفت إلى أن سندويش من الفلافل الصغيرة بسعر 6 آلاف ليرة (0.4 دولار وفق سعر صرف الدولار بالسوق الموازية البالغ حاليا نحو 15 ألف ليرة لبنانية) يشكل للكثيرين وجبة طعام شهية ومغذية، تعوّضهم عن اللحوم والدجاج.
ومنذ أكثر من عام ونصف العام، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى تضخم مالي وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم السكان، وارتفاع قياسي بمعدلات الفقر.
وتسببت الأزمة بتدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار من 1507 ليرة إلى 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ما انعكس ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع المستوردة، لاسيما المواد الغذائية منها، والتي يستورد لبنان 85 في المئة من حاجياته منها.
وقال محمود خليفة صاحب مطعم “فلافل خليفة” في منطقة البسطة في بيروت، “إن الإقبال على شراء الفلافل زاد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ولم يشهد له مثيل منذ تسعينات القرن العشرين”.
والفلافل ليست أكلة لذيذة وحسب، إنما صارت بالنسبة إلى الكثيرين حاجة غذائية لا بديل عنها، في ظل تدهور القدرة الشرائية لمعظم المواطنين الذين باتوا عاجزين عن شراء أنواع أخرى من الطعام، لاسيما اللحوم على أنواعها.
وبحسب دراسة سابقة أجراها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن 50 في المئة من اللبنانيين يشعرون بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء.
وأوضح خليفة أن الكيلوغرام من لحم البقر يبلغ سعره نحو 120 ألف ليرة، وبالكاد يكفي عائلة مؤلفة من 4 أشخاص، أما الفلافل فيبلغ سعر الدزينة (12 قرصا) مع الخضار والطحينة 18 ألف ليرة، وهذه الكمية تكفي عدد الأشخاص ذاته.
ومع سعرها المنخفض، تحتوي الفلافل على البروتين الذي يحتاجه الإنسان في غذائه، وهو بروتين نباتي يمكن أن يعوّض عن بروتين اللحوم والدجاج الذي صار بعيد المنال بالنسبة إلى الكثيرين، بحسب خليفة.
ولم يُخفِ مدير المطعم البيروتي الشهير تأثر مطعمه بالأزمة الاقتصادية كمعظم المؤسسات التجارية في لبنان، لكنه قال “إن معاناة الناس كبيرة جدا، ومعظمهم بات تحت خط الفقر ويواجهون صعوبة في تأمين الغذاء بشكل ملائم”.
وورث خليفة مهنة صناعة الفلافل عن جده الذي أسس مطعما في الخمسينات من القرن الماضي. وعلى الرغم من أنها أكلة قديمة جدا في لبنان، فإن خليفة يعتقد أن أصلها فلسطيني وتحديدا من مدينة عكا.
حتى الأجانب في لبنان وجدوا في الفلافل أكلة مميزة لا تتكرر في بلادهم، بحسب ما قالت كلووي ديا، وهي طالبة إيطالية تدرس في إحدى الجامعات الخاصة بلبنان.
وقالت كلووي المقيمة في بيروت منذ 3 أشهر، إنها تحب الفلافل اللبنانية لأن طعمها لذيذ جدا ويختلف عن تلك التي تذوقتها في فرنسا أثناء إقامتها هناك سابقا.
وأشارت إلى أن الفلافل في لبنان تتميز بطعم البهارات الزكية، ولونها الذهبي ومذاقها المقرمش والسلس، وهذه الميزات لا نجدها بالفلافل التي تباع في أوروبا.
ولفتت كلووي إلى أنها تحب المكونات الأخرى التي تقدم مع الفلافل كالطحينة والخضار وغيرها، وهي تتردد دائما على مطعم الفلافل كونه قريبا من مكان سكنها في بيروت.

1