أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 41120
غلاء الوقود يساهم في تعطيل عملية التعلم!!
27.09.2021

بيروت - يوصِل اللبناني عمر منصور، وهو أب لثلاثة أبناء، ابنته الصغرى إلى المدرسة مشيا على الأقدام نظرا لعجزه عن دفع رسوم حافلة المدرسة وكذلك لعدم توفر البنزين في سيارته.
وقال عمر منصور بينما كان يمسح على رأس ابنته “جاية من المدرسة، بدأت المعاناة منذ أول يوم في السنة الدراسية”.
وأوضح عمر أنه بسبب الأزمة المالية في لبنان ونقص الوقود الذي تسبب في عدم توفر وسائل المواصلات التقليدية، فإنه يضطر للمشي كثيرا وتوصيل ابنته إلى المدرسة ثم إلى البيت سيرا على الأقدام.
وأضاف “أتيت من عملي مشيا على الأقدام لأخذ ابنتي الصغيرة من المدرسة إلى البيت، هي الآن تدرس بالصف الرابع وما زالت صغيرة على أن تعود بمفردها على القديمين، وأنا لا أملك ثمن تذكرة التنقل بالحافلة. سأعود إلى عملي مشيا أيضا، لا أعرف إلى متى ستستمر هذه المعاناة التي يبدو أنها ستكون مصيرنا طيلة السنة”.
وعاد الطلاب إلى المدارس في لبنان هذه الأيام بعد أن تسببت الاحتجاجات التي شهدها البلد عام 2019 وجائحة كورونا عام 2020 في تعطيل الدراسة وتحول كثيرين إلى الدراسة عبر الإنترنت.
لكن أزمات لبنان الكثيرة التي تتحدى منصور ومن على شاكلته من أولياء الأمور جعلت من الصعب عليهم الاستمتاع ببدء العام الدراسي الجديد. ووافقت الحكومة اللبنانية على خفض دعم استيراد الوقود إلى سعر صرف 8000 ليرة للدولار بدلا من 3900 ليرة.
وعقب هذا الاعلان قفزت أسعار الوقود المباع في لبنان بأكثر من 66 في المئة، ما يرفع تعرفة النقل وأسعار السلع الأساسية التي يدخل الوقود في إنتاجها. ويقول جميل إلياس الذي يعمل سائق حافلة في جبل لبنان “عملي توقّف منذ فبراير 2020 إثر الإقفال العام بسبب ارتفاع معدلات إصابات كورونا في لبنان”.
ويضيف “في ظلّ التعليم الحضوري هذا العام، لن أستطيع أيضًا العمل، بسبب زيادة تكلفة النقل بفعل ارتفاع أسعار المحروقات وما يترتب عنها من عجز الأهالي عن دفع مصاريف انتقال أبنائهم”.
ويوضح إلياس أن “تكلفة انتقال الطالب الّذي يسكن في النطاق الجغرافي للمدرسة، كان منذ عامين حوالي 60 ألف ليرة لبنانية في الشهر (40 دولارا). أما بعد رفع الدعم عن المحروقات، ارتفعت التكلفة إلى 400 ألف ليرة (نحو 265 دولارا)”.
ويرى أن “الأهل لن يستطيعوا دفع هذا المبلغ شهريًّا، ما يهدد العاملين في هذا القطاع بالتوقف الكامل أو خفض رواتبهم”.
ويدعو إلياس سلطات بلاده إلى “دعم أصحاب الحافلات المدرسية من خلال تأمين بطاقات خاصّة لشراء المحروقات بسعر أقلّ، أو دعم قطع الغيار التي تحتاجها السيارات في حال تعطّلها”.
وقالت لميا طالب، وهي مُعلمة وأُم لطالب بإحدى المدارس، بينما تنتظر مع أولياء أمور آخرين خروج أبنائهم من المدرسة “لم يكن عندي مشكلة في النقل، كانت الحافلة تأخذ مني 100 ألف ليرة بالشهر، اليوم أصبحت نفس الحافلة تأخذ كل يوم 40 ألفا، وإذا ما رفعوا الدعم ستكون ثمن التوصيلة اليومية 80 ألفا، فمن أين سأدفع هذا المبلغ بخلاف القسط المدرسي ومعاشي لا يتجاوز مليونين ونصف مليون ليرة، الآن أنا أنقل إبني لأنني أمتلك سيارة وإذا خلص البنزين فيها سأضطر لتركه في البيت”.
وقال حامد رمضان، وهو سوري يعمل سائق توك توك، بعد أن أوصل أطفالا إلى المدرسة بمركبته التي تعمل بالكهرباء “هؤلاء الأطفال هم أبناء صديقي وقريبي في نفس الوقت، إمكانياته لا تسمح له بأن يدفع ثمن النقل بالحافلة أي ما يقارب 250 ألفا أو 300 ألف بالشهر، فدخله محدود ويحتاج إلى أن يطعم عائلته خاصة وأن الراتب ليوم عمل إن وُجد، سيكون 60 أو 50 ألف ليرة، وقليل من يتلقى 70 ألف ليرة في اليوم”.
وتسبب الفساد والمشاحنات السياسية في خسارة الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها في أقل من عامين مما دفع نصف السكان إلى دائرة الفقر. وحذرت منظّمة “أنقذوا الأطفال” (غير حكومية، مقرها بريطانيا)، في تقرير من كارثة تربويّة في لبنان. وقالت المنظمة إن الأطفال اللبنانيين من الفئات الأكثر هشاشة مادياً يواجهون خطرًا حقيقيًّا بالانقطاع نهائيًّا عن التعليم على وقع انهيار اقتصادي في البلاد.
ويلقى قطاع التعليم اللبناني إشادة في الشرق الأوسط كما أنه احتل يوما ما المرتبة العاشرة عالميا في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. لكن العديد من المُعلمين فروا الآن من البلاد مع تفاقم الأزمة المالية.
ويبلغ عدد المدارس الرسميّة (الحكومية) في لبنان ألفاً و235 مدرسة، تضمّ نحو 342 ألفًا و304 طلاب، فيما يبلغ عدد المدارس الخاصّة (غير الحكوميّة) ألفًا و209 مدارس، تضمّ نحو 558 ألفًا و68 طالبا، وفق “الدوليّة للمعلومات” (شركة بحثية مقرها بيروت).
وتزداد مخاوف رئيسة “اتحاد لجان أولياء الأمور” في المدارس الخاصّة لمى الطويل حيال العام الدراسي الجديد بقولها “خسارة أولادنا لعام دراسي ثالث ستؤثّر سلبًا على مستقبل جيل بأكمله في لبنان”. وتدقّ الطويل ناقوس الخطر حيال تدهور مستوى التعليم، قائلة “إنّنا قادمون على كارثة تطيح بجيل كامل، إذا استمرّ المسؤولون في إهمال القطاع التربوي”.

1