أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
دنيا : ليالي حلب السورية غربها رقص وغناء وشرقها قتال دام !!
25.11.2014

الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري في مدينة حلب تستعيد حياتها الليلية بالأمسيات في مطاعمها وأنديتها رغبة في الاستمتاع بالحياة في ظل الحرب.
حلب- في ظل دوامة العنف الدموي التي تطحن سوريا منذ قرابة أربعة أعوام، انقسم السوريون في مدينة حلب الواقعة شمال البلاد، بين شق يرفه عن نفسه بارتياد الملاهي الليلية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وشق آخر يبحث عن الحياة اليومية بإمكانيات بسيطة وأكثر شعبية.تأقلمت الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري في مدينة حلب مع الحرب واستعادت حياتها الليلية، حيث يحيي مطربون وموسيقيون الأمسيات في مطاعمها وأنديتها، وفي الجانب الآخر الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة والذي يتعرض لقصف يومي، إرادة مماثلة للاستمتاع بالحياة.
في مقهى “فيروز” الواقع في حي موكامبو الراقي في منطقة النظام، تتناول جلاء مع صديقاتها الثلاث المثلجات وهن يتبادلن حديثا تقطعه ضحكات بصوت مرتفع، فيما يعزف رجل في مكان قريب من طاولتهن مقطوعة موسيقية على آلة الكمان.وتقول جلاء التي تعمل محامية، “نشكو طبعا من التقنيين في الكهرباء، والنقص في المياه، لكننا في أغلب الأوقات نتحدث عن حياتنا، عن زملائنا في العمل، وعما شاهدناه على التلفزيون”.وارتدت الفتيات الثلاث ثيابا أنيقة وكن يقطعن حديثهن بين الحين والآخر لارسال رسائل وصور عبر هواتفهن المحمولة. وتقول ميس “نقصد المقاهي باستمرار، ونقضي حاليا في المنزل أوقاتا أقل مما كنا نفعل قبل الحرب”.
وبدأت الحرب في ثاني أكر مدن سوريا التي كانت تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد، في يوليو 2012 حين تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على أكثر من نصف المدينة.وتقول ديبة التي تعمل موظفة في شركة الكهرباء: “في البداية، أصبنا بصدمة وشلت حركتنا… لم نكن نجرؤ على الخروج، وكنا نخاف من كل شيء، القناصة، أصوات الانفجارات، لكن هذا الخوف سرعان ما اضمحل. هل سمعتم صوت الانفجار قبل قليل؟ على الرغم من ذلك، لم يحرك أحد ساكنا هنا”. بعد أن رسمت الجبهات وخطوط التماس وباتت شبه ثابتة، فتحت نحو 15 مقهى في حيي موكامبو والعزيزية الخاضعين لسيطرة النظام، بعضها جديدة والأخرى قديمة أعيد فتح أبوابها.وقال جهاد مغربي مدير مقهى “فيروز” الذي بدأ يستقبل الزبائن قبل ستة أشهر، “على الرغم من الحرب، يجب أن نعمل ونعيش في الجهة الأخرى، افتتحت مطاعم أيضا، لكنها ليست كالمطاعم الموجودة هنا”. ويضيف الرجل الثلاثيني “التشابه الوحيد يكمن في القهوة والنرجيلة”.
في حي بستان القصر في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة، يقول صاحب مطعم “العتيق” أبو سامي بفرح: “الحمد لله، الوضع ممتاز وجيد جدا. الشباب يأتون ويبقون أحيانا حتى الساعة الواحدة أو الثانية صباحا”.ويضيف “فتحنا المطعم للمجاهدين والشباب، والحمد لله الإقبال جيد”، مشددا على أن “هناك أمنا وأمانا”، خصوصا بسبب قرب المطعم من نقطة تفتيش لفصيل معارض.وأغلقت معظم المطاعم في مناطق المعارضة منذ نهاية العام 2013، تاريخ بدء حملات القصف الجوي الكثيفة التي تنفذها طائرات النظام والتي خلفت آلاف القتلى.ومقارنة بمناطق النظام في حلب الواقعة إجمالا في القسم الغربي من المدينة والتي تعتبر أصلا من الأحياء الغنية، تبدو مطاعم الأحياء الشرقية بسيطة وأكثر شعبية، وإلى جانب المقاتلين، تقصد عائلات أيضا هذه المطاعم.ويقول رياض الحسن، تعرض بعض المطاعم موشحات وقدودا حلبية، “هناك خمسة أو ستة مطاعم في هذه المنطقة. غالبا ما آتي إلى هنا مع أصدقائي وأحيانا مع عائلتي. هناك مساحة مخصصة للرجال، وأخرى للعائلات”.
ويتذكر بحسرة الحياة الليلية في حلب قبل الحرب “عندما كانت المدينة موحدة، كانت لدينا خيارات أوسع. الخيارات محدودة اليوم، والشوارع لم تعد آمنة كثيرا بسبب القصف والاشتباكات كل مساء”.وفي غرب حلب، الحياة الليلية أكثر صخبا. في نادي “شهباء الشام” الليلي الذي يفتح أبوابه كل مساء في فندق “ميريديان” سابقا، موسيقى صاخبة، وعشرون شخصا يرقصون وسط حلبة تنعكس على أرضيتها أضواء الليزر. وفي نهاية الأسبوع، يرتفع عدد مرتادي النادي إلى حوالي مئة، حسب ما يقول الموظفون.
ويقول حسام شعبان، تاجر سيارات، يبلغ من العمر 29 عاما، جاء ليسهر مع صديقته سالي: “كل أصدقائي يأتون إلى هنا. في بداية الحرب، كنا نخاف، لكننا اعتدنا على الوضع اليوم”.ويتابع “قبل يومين، سقط برميل متفجر بالقرب من منزلي. جئت إلى هنا لكي أنسى الحرب”. وفي حي السريان يدير فراس جيلاتي، البالغ من العمر 25 عاما، مقهى “آثار الفراشة” الذي يقصده الفنانون الراغبون في الغناء أو قراءة القصائد القديمة والعصرية.ويروي جيلاتي أن المقهى “كان يملكه شقيقان صديقان لي. قالا لي يوما، وكأنهما كانا يتنبئان بما سيحصل لهما، إذا حدث لهما أي مكروه، فسيكون علي أن أهتم بالمكان. بعد نصف ساعة، قتلا في قصف على منزلهما”.ويضيف “في الوقت الحالي، المكان لا يدر أرباحا، بل هناك خسارة مالية، لكنني سأستمر حتى النهاية لكي أفي بوعدي”. وفي زاوية أخرى من المقهى، يرتفع صوت مغن وهو يؤدي موالا بات مشهورا بسبب الحرب “حلب يا نبع من الألم يمشي ببلادي”.

1