أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
صديقي، هذه مواصفات رحلة الموت للهرب من الجحيم !!
01.07.2015

لم يكن جاد محمد يرغب في ترك سوريا، وبعد أكثر من أربعة أعوام على بدء الحرب الطاحنة فيها، قرّر المجازفة وبلوغ برّ الأمان.. صديق طفولته، بمخيم اليرموك الفلسطيني على مشارف العاصمة دمشق، لا يزال يحاول فغادر متخذا مسلكا آخر، ليتباين مساراهما، في البحث عن حياة أفضل وأكثر أمنا.
بيروت - بعد سنوات عدة من المحاولات للهجرة بشكل قانوني، تخلى جاد محمد، 25 عاما، عن المحاولة واستقل قاربا مع أحد المهربين قاصدا السفر إلى إيطاليا. وفي نهاية المطاف نجح في الوصول إلى دنمرك. أما حسن فقد حاول السفر بشكل قانوني إلى أوروبا ولكن محاولاته باءت بالفشل، ويعيش حاليا في تركيا ويفكر في السير على خطى جاد.
والجدير بالذكر أنه حتى الآن من هذا العام، وصل أكثر من 100 ألف مهاجر إلى جنوب أوروبا بالقوارب، ولقي 1.800 آخرون حتفهم خلال الرحلة. ويتوقع أن يلقى 30 ألف غيرهم حتفهم غرقا قبالة سواحل أوروبا هذا العام. وفي مواجهة هذه الصعاب الهائلة، ما هي النصيحة التي يمكن أن يسديها صديق مرّ بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى صديق آخر يفكر في أن يسلك الطريق ذاته؟
لقد كانت الرحلة التي سلكها جاد إلى أوروبا أبعد ما تكون عن المباشرة، فعقب هروبه من سوريا، تنقل عبر العالم العربي بحثا عن ملاذ آمن، فتوجه إلى الجزائر ولبنان وليبيا، وفي كل دولة من هذه الدول وجد الأبواب إما مغلقة أو بالكاد مفتوحة في وجهه.
يقول جاد إن العالم العربي قد تخلى عنه، مضيفا “تتبع الدول الأوروبية نهجا تقدميا تجاه اللاجئين، بخلاف لبنان وسائر الدول حيث تنتشر فيها العنصرية والإذلال”.
ويفسر مراقبون ذلك بأن العالم العربي استقبل ملايين اللاجئين في حين ظلت أبواب أوروبا مغلقة في وجههم إلى حد كبير.
وفي نهاية المطاف سافر جاد إلى مدينة مرسين، الميناء التركي الجنوبي، حيث انضمّ إلى آلاف المهاجرين واللاجئين الذين ينتظرون ركوب قوارب المهربين إلى إيطاليا. يوضح “قال لي المهرب إن القارب كبير ويحتوي على سترات نجاة للجميع والكثير من الطعام والشراب، لكن الواقع كان مختلفا جدا. لقد كان مجرد قارب للصيد ولم تكن هناك سترات نجاة، وكان هناك الكثير من الأشخاص على متنه لدرجة أنه لم تكن هناك أي مساحة على الإطلاق”. وعقب مضي ثلاثة أيام من تلك الرحلة، قام مهربون مصريون بنقلهم إلى قارب ثان.. وقد أمضوا ثمانية أيام أخرى في البحر قبل أن يصلوا إلى الشواطئ الإيطالية.
يقول “عندما ضربت الأمواج القارب، توقفت المحركات عن العمل وظننا أننا سنموت في أي لحظة”، مستطردا “قوارب التهريب خطرة جدا، لم يكن لدينا سوى خيارين اثنين فقط: إما أن نعيش حياة كريمة أو نموت في عرض البحر”.
ومن إيطاليا، استطاع جاد أن يهرب نحو دنمرك، حيث طلب اللجوء. وقال إن الحياة الآن “جميلة.. يمكنني السير في الشارع مثل أي شخص آخر”.
أما صديقه حسن، الذي فضل مناداته بهذا الاسم إخفاء لهويته، فهو يعيش حاليا في ضواحي مدينة إسطنبول التركية. غير أنه يطمح إلى أكثر مما تقدمه تركيا على غرار جاد. يقول “أنا هنا منذ 11 شهرا، أحب المكان ويمكنني البقاء لفترة أطول.
ولكن تركيا لا تمنح الجنسية أو حقوق اللجوء التي تقدمها أوروبا.. إنها تعطينا إقامة مؤقتة، وهي الإقامة ذاتها التي تتمتع بها عائلتي (الفلسطينية) منذ 60 عاما في سوريا.. لا أريد أن أظل عديم الجنسية بقية حياتي”.
“لقد كانت القوارب دائما أحد الخيارات المطروحة، ولكننا لم نرد استخدامها، الطقس الآن أفضل. الناس يذهبون إلى اليونان.. نجح صهري في الوصول إلى هناك، وهو الآن في مقدونيا”.. غير أنه يقبع في السجن بسبب الدخول بطريقة غير قانونية. هكذا يعبر حسن بمرارة الواقع عن أمله في غد أفضل.. يقول “أخشى الغرق، ولكن المرء يصل إلى مرحلة لا يهمه فيها أي شيء”.
وعن النصيحة التي يمكن أن يقدمها لصديقه القديم حسن، يقول جاد “لا أنصح أي صديق أو قريب أو حتى عدو باختيار الطريق البحري، ولكن ليس لدى السوريين أي خيار أو مكان آخر للجوء”.

1