أحدث الأخبار
الجمعة 26 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41122
بائعو العسل في سلطنة عمان: مهنة لبيع مادة نادرة !!
29.07.2015

حركات فريدة تلك التي يقوم بها العسال في سلطنة عمان، فهو يراقب النحل بصبر طويل وهدوء كي لا يزعزع خط سيره المستقيم عائدا من غدير الماء.. ليسير وراءه متتبعا السرب إلى ركن مخفي بين أحجار الصوان أو فروع شجرة عالية، ليجد “كرة العسل” أخيرا.
مسقط – يحظى عسل النحل العماني بشهرة واسعة، الأمر الذي جعل سوقه تشهد إقبالا كبيرا من المواطنين العمانيين وغير العمانيين أيضا. فالأمر يتعدى مجرد استهلاك العسل للغذاء أو لصناعة بعض المأكولات والحلويات، بل إن العديد من الزبائن يشترون هذا العسل بغرض علاج العديد من الأمراض، الأمر الذي جعل من هذه المادة باهظة الثمن جدا، نظرا لندرتها وقوة مفعولها واستعمالاتها المتعددة.
وكان العمانيون يمارسون مهنة تجميع العسل منذ القدم قبل أن يعرف كحرفة تعنى بها المؤسسات الحكومية المعنية بالزراعة وتدريب ومد المهتمين بتجميع العسل من مزارعين ومربي ماشية ونحالين بأدوات معينة ويتم تأهيلهم عمليا على “النحالة” بهدف إنتاج العسل لأغراض تجارية، فضلا عن الاستخدام المحلي فقط.
وللعسل العماني أنواع أشهرها عسل البرم وهو أجود أصنافه، وكذلك عسل السدر. ويتم جني أو تجميع العسل طيلة أشهر العام، إلا أن أجود أصنافه، تلك التي يتم إنتاجها خلال الفترة من شهر مارس وحتى نهاية شهر مايو صيفا، حيث يقوم النحل بامتصاص رحيق الأشجار والأعشاب البرية، لا سيما أشجار “السمر” التي تزهر خلال هذه الفترة ويكون لون العسل عادة أقرب للسواد بخلاف عسل السدر الذي يكون لونه بني فاتح.
وأما عن النحل فهو أنواع: هناك المحلي المعروف بأبي طوق أو طويق (الرستاقي) وهو الصغير حجما، وهناك نوع آخر يعرف محليا بالفارسي وهو الأكبر حجما مقارنة بالنوع الأول.
وتتم عملية البحث عن العسل عن طريق مراقبة النحل الذي يرد إلى الماء وخاصة في الصباح الباكر، حيث يقوم العسال أو العسالة (النحالون) بمراقبة ذباب النحل حتى يصدر إلى “النكفة” أو “النفتة” وهي خلية النحل بلغة العسالين، وذلك يتم إما بالعين المجردة أو من خلال الاستعانة بالمنظار ثم يحاول بعد ذلك تحديد الاتجاه الذي يطير نحوه ذباب النحل لتبدأ مرحلة البحث عنه سواء في المرتفعات الجبلية كالكهوف أو في بعض الأشجار الجبلية أو في المزارع وبساتين النخل والأشجار الأخرى المختلفة.
وبعد أن يتم العثور على خلية النحل، يقدر العسال أو النحال بخبرته كمية العسل الموجود في الخلية على ضوء حجمها. حيث يقوم بتجميعه إذا كانت الخلية كبيرة، أما إذا كانت الخلية صغيرة فإنه ينتظر لوقت معين حتى تكون فيها كمية العسل مناسبة وبعدها يقوم بجني العسل. ويشترك في البحث عن العسل كل من الرجال والنساء على حد سواء، وأحيانا الفتيان لوحدهم، إما في مجموعات أو كل على حدة. وقد يتنقل البعض من مكان لآخر بحثا عن العسل لمسافات بعيدة أحيانا، فيما لا يتعدى البعض حدود منطقة سكناه بما فيها الأودية والسفوح والجبال أو المناطق المجاورة لها على أبعد حد.
وتتم عملية تجميع العسل عندما يقوم العسال بهدوء بإزالة النحل عن الجزء العلوي من الخلية، حيث مخزون العسل، ولوقاية نفسه من اللسع، يقوم بارتداء ملابس تخفي جسده بما فيه الوجه الذي يغدو ملثما فيما يتم لف الأجزاء المكشوفة كاليدين بكيس أو قفاز.
وبعد أن يقتطع العسال الجزء العلوي، يثبت الخلية من جديد في المكان حتى يستفيد منها مرة أخرى أو أنه يقوم بنقل الخلية إلى مكان آخر قد يراه أكثر ملاءمة من المكان السابق.
وتأتي عقب ذلك عملية تعبئة العسل، حيث يصفى من الشوائب وتتم تعبئته في قنان زجاجية أو علب معدنية مخصصة لذلك، حيث يتم استخدامه إما للأكل أو للتداوي ولأغراض تجميلية أيضا.
ويحرص العمانيون على تواجد العسل العماني في موائد الطعام لديهم، خاصة في أيام الأعياد التي يتناولون فيها اللحم بالعسل، أو في الوجبة المعروفة محليا “بالجولة” التي يعد العسل من مكوناتها الرئيسة، فضلا عن المأكولات الخاصة بالمرضى، والتي يساعد فيها العسل على تسريع الشفاء وخاصة استخدام العسل الحولي (الذي مر عليه حول كامل) لأنه الأنفع علاجيا.

1