أحدث الأخبار
الخميس 18 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 41121
مصارعة الجمال في تركيا.. تقليد قديم يحييه البدو في الشتاء !!
25.01.2019

سلجوق (تركيا) - في ميدان شاسع بمدينة سلجوق في غرب تركيا، يتعاقب 124 جملا على التنافس في جولات سريعة لمصارعة الإبل، في تقليد قديم يسعى القائمون عليه إلى إدراجه ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي.
وهذا الحدث هو نقطة جذب سياحية رئيسية، ويرى البعض أنه ربما نشأ كشكل من أشكال التنافس بين قوافل البدو في منطقة الشرق الأوسط.
وتحدث هذه المصارعة غالبا بين الذكور من جمال التولو والتي تتراوح أعمارها ما بين 6 و25 عاما، وهي إبل مهجّنة من الإبل العربية والإبل الوحشية ذات السنامين، وتعد هذه الجمال من الإبل الثمينة التي يحرص أصحابها على الحفاظ عليها.
وتسبق هذا الحدث عدة تجهيزات، حيث يتم وضع السجاد المزخرف والسروج المنحوتة وأجراس على الجمال، ويسير القائمون عليها بها في شوارع القرية في مشهد استعراضي مصحوب بالموسيقى والرقص.
وحول مضمار السباق الرملي، الواقع على مرمى حجر من شاطئ بحر إيجة، يجتمع أكثر من ألفي شخص حول طاولات صغيرة، وهم يصيحون تشجيعا للجمل المفضّل لديهم.
ويحاول كلّ جمل أن يعضّ قوائم الآخر لجعله يضطرب ويسقط أرضا، وتستمرّ كل جولة بضع دقائق وتنتهي بسقوط أحد الجملين أو هربه.
وتخلو هذه الجولات من المراهنات، وتشهد إقبالا كبيرا لكونها تقليدا قديما متجذرا في عادات المنطقة، لكن الفائز يحصل على جائزة مالية ويتم تقديم كأس لصاحبه.
ويقول عبدالله ألتينتاس “كان والدي وجدّي يملكان جمالا، إنه تقليد قديم.. أنا لا أملك جملا لكنني آتي دائما لمشاهدة المصارعة”.
ويعود استخدام الجِمال في تركيا إلى شعب يوروك الذي استوطن الأناضول في القرن الحادي عشر، لكن أول مسابقة رسمية للمصارعة بين هذه الحيوانات أقيمت في العام 1830، بحسب ديريم إرتورك الباحث في علم الاجتماع.
وحين كفّ هذا الشعب عن الترحال، صارت الجمال وسيلة نقل للبضائع إلى مرافئ غرب تركيا خصوصا، ثم صار مالكوها ينظّمون جولات المصارعة في الخانات، أي الفنادق التي كان يبيت فيها التجار ويركنون فيها دوابهم أيضا، بحسب إرتورك.وفي المنطقة الممتدة من جنق قلعة في شمال غرب تركيا إلى أنطاليا في الجنوب الغربي، أعلن عن أكثر من تسعين مباراة بين ديسمبر 2018 ومارس 2019.
وكثيرا ما تعترض جمعيات الرفق بالحيوان على هذه المسابقات وتطالب بوقفها، لاعتبارها قاسية على الجمال، لكن المنظمين يقولون إنهم يبذلون كل ما يمكن لتجنّب وقوع إصابات، ومن ذلك أنهم يضعون حبلا حول فم الجمال كي لا تكون عضّتها قوية.
ويقول إرتورك، “يحظى الجمل بعناية مهمة من صاحبه.. مالكو الإبل يفعلون كلّ شيء لكي لا تصاب بأي ضرر”.
ويضيف “بعضهم يطلقون على جمالهم أسماء أبنائهم.. ووالدي أطلق اسمي على أحد جماله”. ومهرجان سلجوق يعتبر الأهم في هذا المضمار، وهو يقام في عطلة الأسبوع الثالث من شهر يناير.
ويبدأ المهرجان بمسابقة اختيار ملكة الجمال، حيث تلبس الإبل ملابس ملونة مليئة بالأجراس وتمشي بصحبة مالكها ترافقها أصوات الطبال وعزف الآلات الموسيقية.
وبعد مسابقة ملكة الجمال تبدأ التحضيرات للسباق الكبير بين الإبل، ويدرب المشاركون غالبا إبلهم لعدة أسابيع قبل بدء السباق.
أما السباق فيجري بعيدا عن الروح الرياضية وتبدأ الإبل في الركض والمصارعة ورفس الخصم، فيما يحاول الرجال الملتفون حول الإبل إبعادها عن الإصابات الخطيرة وسحبها.
وتحظى السيدات القليلات اللائي يقمن بتربية الجمال، ويتابعن كل مباريات موسم مصارعة الجمال في الحلبة، بالتقدير والثناء من أهل البلدة.
ويقول رئيس بلدية سلجوق ضاحي زينيل باكيجي، “ثقافة الجِمال تتلاشى، لكننا نتمنى أن نحافظ عليها”.
ويضيف، أن سباق مصارعة الجمال يُشكل مصدرا لدعم مربي الإبل في المنطقة، إلى جانب كونها فعالية اجتماعية تستقطب السكان من مدن آيدن، وبوردور، ودنيزلي، وموغلا ومن القرى المحيطة بها، حيث يقضون أوقات ممتعة.
وإضافة إلى مسابقات المصارعة، يقام في سلجوق منذ ثلاث سنوات معرض دولي للجمال، وقد شارك في دورته الماضية أكثر من مئة من مالكي الإبل.
ويقول ياكيجي إن منطقته تهدف إلى تثبيت هذه التقاليد لإدراجها على قائمة منظمة اليونسكو للتراث البشري.
وما يميّز عرض المصارعة أيضا هو الحضور المبكر للجماهير منذ ساعات الصباح الأولى والذين يجلبون معهم كراسيهم للحصول على مقاعد من أجل رؤية أفضل للملعب، كما تقام أكشاك لبيع المشروبات والأغذية والمشويات وخاصة النقانق مع ضمان أن تُعدّ بالكامل من لحم الإبل.
وتتسمّر العيون باتجاه المضمار لمراقبة جولة المصارعة باهتمام كبير، ويحدث أن تنتهي جولة ما بالتعادل، حين لا ينجح أي جمل في الإيقاع بخصمه.
ومع انتهاء إحدى جولات التعادل هذه، قال أحد مالكي الجمال “أنا متأثر جدا، لقد أبلى جمَلي بلاء حسنا، أنا فخور به، رغم أنه لم يفز”.

1