أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
1 2 3 47280
من مكان متهالك إلى تحفة تراثية يقصدها الكثيرون.. هكذا حول ريحان منزله في نابلس القديمة!!
20.05.2023

عندما تمر من أحد أزقة حارة التوباني في بلدة نابلس القديمة سيخطف أنظارك لا محالة مدخل منزل "آل ريحان" الذي تُزّين عتباته الأزهار الطبيعية المتنوعة والمقتنيات القديمة والإنارة ذات الألوان الجميلة، ما يجعلك تقرر فوراً الدخول للمنزل لترى بين أروقته فخامة الفن المعماري القديم.وهذا المنزل حينما ورِثه فهمي ريحان عن أبيه كان متهالكاً تماماً، فهو يعود إلى العهد العثماني ويقدر عمره مئات السنين، ما دفع ريحان إلى البدء بأعمال ترميمه وصيانته ليحافظ على إرث أبيه وأجداده.ويقول ريحان لـ"القدس" دوت كوم: "هذا البيت يقدرعمره بحوالي 800 عام، ويحتوي على 12 غرفة وهو يعود لعائلة كمال في المدينة، ونحن نسكنه منذ أن استأجرته عائلتي قبل 50 عاماً، كما أنه لم يكن كما ترونه الآن".وأضاف أن لاهتمامه الدائم بزراعة نبات الزينة والورود، واكتنازالمقتنيات والأغراض التراثية القديمة، وترميم المنزل -لما يحمله من عبق الحضارة السابقة- دورٌ أساسي مكّنه من إنجاز كل هذا العمل الرائع، مؤكداً أن الدافع الأكبر لقيامه بذلك هو حرصه على الأرض وتمسكه بتاريخ البلدة القديمة وعراقتها.وقد تعرض المنزل عدة مرات للقصف من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياح نابلس قبل عشرين عاماً، ولا زال يستهدفه عند أي اقتحام للبلدة القديمة؛ ومع ذلك يأبى ريحان إلا أن يعود لإصلاحه مجدداً، متيقناً بأن تلك الممارسات لن تكسر إرادته.واسترسل ريحان في حديثه: "سنظل نعمّر منزلنا حتى وإن تعمد جيش الاحتلال تدميره حيث قام في الآونة الأخيرة بإلقاء قذائف متفجرة حطمت قوارير المزروعات فيه، ومن قبلها عند اجتياح المدينة هدم أربعة غرف أعدتُ بناءها وترميمها بمساعدة من البلدية، فهذا الأمر مكلفٌ جداً".
وعندما تدخُل المنزل سترى الحوش الذي ينبض بالتاريخ العريق والفن المعماري الفريد، الذي لا تزال ملامحه شاهدة على أحداث العصر العثماني، وتتوسطه بركة للماء (نافورة) تحيطها أزهار الزينة والورود والأشجار من شتى النواحي، وكراسي القش المغلفة بالقماش الأحمر المطرز قد تستهويك للجلوس والتقاط صورة تذكارية.وفي الغرف المحيطة بالحوش ستشاهد عن كثب الجدران الحجرية السميكة والمسقوفة بالقباب، حينها تستكشف بذاتك متانة البناء القديم، كما تزين تلك الجدران الصور واللوحات القديمة، وكذلك ساعة الحائط التي صنعت زمن الدولة العثمانية، حيث قال ريحان: "هذه الساعة أهداني اياها أحد الأصدقاء، ولا يوجد لدي مقتنيات ورثتها عن أبي وجدي وكل أغراضنا القديمة تحطمت جراء القصف الذي كان يتعرض له المنزل بشكل متواصل".وأشار ريحان إلى أنه كان بالبداية يجلب أشتال النباتات المتنوعة ويزرعها داخل القوارير حتى امتلأت ساحة المنزل، فيما بدأ يضعها على امتداد الدرج الحجري القديم ووسط الحارة على طرفي المدخل المقوس.وأردف: "حينها بدأت أنال إشادة واسعة من أهل الحارة والجيران الذين أصبحوا يجلبون لي ما لديهم من مقتنيات ليسوا بحاجتها، فأعمل على استصلاحها وتنسيقها لتشّكل المزيد من الزينة".وأعرب ريحان عن فرحه بهذا العمل الذي أعجب العديد من الزوار ممن يأتون للبلدة القديمة من داخل المدينة وخارجها، فيندهشون بجمال هذه المناظر الساحرة وسط الحارة، ومنهم من يدخلون للمنزل ليشاهدوا جمال هذه اللوحة الفنية ويلتقطون الصور في المكان حتى أصبح في الآونة الأخيرة مقصداً سياحياً وتاريخياً يتوافد إليه العديد من الناس في مختلف الأوقات.
وقال: "إنني أشعر بالفخر عندما يرى الناس أعمالي في تزيين واستصلاح منزلي ويتحدثون عنه ويفرحون به، كما أن الكثير منهم يدعم فكرتي".ويحث ريحان أهالي البلدة القديمة بحاراتها المختلفة التي تتميز بطابعها المعماري والتراثي الذي تركته الحضارات المتعاقبة على مختلف معالمها بضرورة الحفاظ على هذا الإرث التاريخي، والعمل على إعادة بنائه وترميمه باستمرار لما له أهمية في حفظ التاريخ العريق للمدينة، والتمتع بتلك المشاهد الجميلة التي تعبر عن أصالة المكان، داعياً البلدية والجهات المختصة في المدينة إلى الاهتمام بشكل أكبر بهذه المعالم الأثرية ومساعدة الأهالي في ترميمها واستصلاحها.
*المصدر : القدس

1