أحدث الأخبار
الاثنين 29 نيسان/أبريل 2024
19 10 11 12 13 14 15973
صحافة : مؤرخ فرنسي يحذّر: غزة في قبضة 3 مآزق سيتفاقم الكابوس باستمرارها!!
31.03.2024

باريس- تحت عنوان: “غزة تموت بسبب مأزق ثلاثي مزمن”، قال جان بيير فيليو، الأستاذ الجامعي والمؤرخ الفرنسي، إنه، وعلى مدار عقدين من الزمن، ظلّ سكان القطاع محاصرين في مأزق ثلاثي، إسرائيلي وإنساني وفلسطيني، إلى درجة بتنا معها، اليوم، أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وأضاف جان بيير فيليو القول إن الوضع في غزة لا يطاق […] بسبب المزيج المميت بين القصف المستمر، وتفاقم المجاعة، وانتشار الأوبئة بين السكان الذين يلهثون للحصول على الهواء، وهذه المأساة، التي تتفاقم يوماً تلو الآخر، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، هي مع ذلك جزء من فترة طويلة من المأزق الثلاثي، الإسرائيلي والإنساني والفلسطيني، الذي عانى فيه 2.3 مليون امرأة ورجل في قطاع غزة المحاصر منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
المأزق الإسرائيلي
اعتبر جان بيير فيليو- الأستاذ المختص في الإسلام والعالم العربي- أن المأزق الأول، أي الإسرائيلي، ينبع من القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون، في سبتمبر/أيلول 2005، بسحب الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من قطاع غزة، بعد 38 عاماً من الاحتلال، دون أي تشاور مع السلطة الفلسطينية، وذلك بهدف قطع الطريق أمام قيام دولة فلسطينية محتملة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومنذ ذلك الحين، لم تعامل إسرائيل القطاع الفلسطيني إلا من زاوية أمن الدولة العبرية، دون أدنى اعتبار للديناميكيات السياسية أو الواقع الإنساني في غزة.
هذا الحساب قصير النظر للغاية- يضيف الكاتب- سمح لإسرائيل، خلال الصراعات المتعاقبة في غزة، بالحفاظ على نسبة مواتية للغاية من 1 إلى 20، وحتى 100، بين خسائرها، العسكرية بأغلبية ساحقة، والخسائر الفلسطينية، المدنية في المقام الأول. لكن الحصار المفروض على غزة، منذ يونيو/حزيران عام 2007، عزز سيطرة “حماس” هناك، والتي ارتكب ذراعُها العسكري مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي قُتل خلالها787 مدنياً أيضاً، 376 جنديًا وضابط شرطة.
وقد أدى الهجوم المستمر على غزّة إلى استعادة إسرائيل معدل الخسائر السابق، حيث قُتل 245 من قواتها خلال خمسة أشهر من القتال، ولكن على حساب ضربات واسعة النطاق وعشوائية تؤدي إلى تدمير قطاع غزة بدلاً من تدمير “حماس”.
المأزق الإنساني
يرى جان بيير فيليو أن المأزق الثاني (المأزق الإنساني)، ناتج عن رفض “المجتمع الدولي”، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تقديم استجابة سياسية للتحدي الذي تمثله غزة، والذي تحول إلى مجرد مشكلة إنسانية يجب إدارتها بقدر أو بآخر من الكرم والكفاءة.
وهكذا، فبدلاً من المطالبة برفع الحصار الإسرائيلي، وهو عمل من أعمال الحرب التي يتصف بها القانون الدولي، اقتصر المانحون الغربيون على محاولة الحد من تأثيره على السكان المحليين، وبالتالي الحكم عليهم بالعيش فقط في حالة من هشاشة المساعدة التعسفية بطبيعتها […] وقد تفاقم هذا الوضع ليصل إلى النوبة الحالية، حيث من الواضح أن التركيز على المساعدات الإنسانية وحدها يحول دون وضع جدول زمني ملزم للخروج من الأزمة الحالية من الأعلى، على أساس حل الدولتين، وفق الكاتب.
المأزق الفلسطيني
ويتابع جان بيير فيليو معتبراً أن المأزق الثالث هو فلسطيني وينبع من رفض محمود عباس الذهاب إلى غزة، في يونيو/حزيران 2007، بعد استيلاء حركة “حماس” على السلطة. وبدلاً من تحدي إملاءات الحركة، فضّل رئيس السلطة الفلسطينية، وهو أيضاً رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” و”فتح”، ترك غزة لمصيرها. بل إنه عارضَ مراراً وتكراراً مقترحات لتخفيف الحصار، والتي، حسب قوله، كان من شأنها أن تصب في مصلحة “حماس”.
ومن أجل التشبث بالسلطة، ألغى الزعيم الثمانيني، في أبريل/نيسان عام 2021، الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في الصيف التالي، والتي كانت ستؤدي، بكل التقديرات، إلى هزيمة “حماس” في غزة، يقول الكاتب.
فيليو: المأزق الإنساني ناتج عن رفض “المجتمع الدولي” تقديم استجابة سياسية للتحدي الذي تمثله غزة، والذي تحول إلى مجرد مشكلة إنسانية يجب إدارتها بقدر أو بآخر من الكفاءة
ومن الطبيعي أن يصب هذا الانغلاق في الأفق السياسي الفلسطيني في صالح أولئك الذين يؤيدون العنف المفرط في غزة، على حد قول الكاتب، مضيفاً أن المأساة المستمرة، بعيداً عن تشجيع وحدة الفصائل الفلسطينية، لم تسفر إلا عن تفاقم خلافاتها، حيث يلقي كل منها اللوم على الآخر في مثل هذه المأساة.
ويُعدّ مروان البرغوثي، عضو “منظمة التحرير الفلسطينية” وحركة “فتح”، الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية اليوم، ولكن سجنه في إسرائيل منذ عام 2002 هو الذي يضمن شعبيته بفضل حمايته من المؤامرات الفلسطينية الداخلية، وفق جان بيير فيليو.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن خلاصة هذه المآزق الثلاثية مروعة: إسرائيل، على الرغم من هوسها الأمني، لم تكن قادرة حتى على تجنّب حمام الدم الذي وقع في 7 أكتوبر 2023؛ وقد تخلى المجتمع الدولي، على الرغم من شعاره الإنساني، عن سكان غزة ليواجهوا معاناة جماعية ذات كثافة غير مسبوقة؛ وأثبتت الفصائل الفلسطينية، رغم مزايداتها، أنها غير قادرة على حماية مواطنيها في غزة.
ورأى جان بيير فيليو أنه طالما استمر هذا المأزق الثلاثي، فإن الكابوس سوف يتفاقم في غزة، مشدداً على أن البديل الوحيد معروف جيداً، وهو فرض حل الدولتين طوعاً على القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية الفاشلتين تاريخياً. وإلا فإن الأسوأ ليس مؤكداً فحسب، بل إن أوروبا ستدفع ثمناً باهظاً، يقول الكاتب.