أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : نيويورك تايمز: إلغاء حظر ترامب على المسلمين يكشف المآسي التي تسبب بها !!
25.01.2021

قال مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش، في تقرير له من العاصمة الكينية، نيروبي، إن قلة من الأجانب الذين رحبوا بحماسة بفوز جوزيف بايدن مثل تلك التي رحب فيها عشرات الآلاف من المسلمين الذين مُنعوا من دخول الولايات المتحدة فيما عرف بقرار “حظر المسلمين”.
وأشار وولش إلى حالة عائلة سودانية راقبت الانتخابات الأمريكية بحذر وإعلان فوز بايدن، فقبل عام حصل كل من منذر هاشم وزوجته آلاء جمال على فرصة للهجرة إلى الولايات المتحدة من خلال اليانصيب السنوي، والحصول على البطاقة الخضراء، إلا أن قرار “حظر المسلمين” عنى أنهما لا يستطيعان السفر.
وعندما أعلنت نتائج الانتخابات وفاز بايدن شعرا بالفرح ورقصا كأنهما في عرس، لكن دراما رفض ترامب لهما، وضعتهما في حالة من الترقب والبحث في منصات التواصل الإجتماعي حول تطور الوضع. وفي النهاية “جاء الفرح” و”نستطيع التحضير للسفر” كما قالت آلاء في مكالمة من الخرطوم.
وتشير الأرقام إلى أن هناك 42000 شخص مُنعوا من دخول الولايات المتحدة من 2017- 2019 معظمهم من المسلمين الذي ينتمون إلى إيران والصومال واليمن وسوريا. وتراجعت التأشيرات الممنوحة لأبناء هذه الدول في نفس الفترة بنسبة 70%. لكن الثمن الإنساني لقرار ترامب الذي أربك حياة الآلاف وتلطخ بالدموع وأحيانا الدم من الصعب تقدير حجمه.
فقد انفصلت العائلات وغاب أفرادها عن حفلات الزواج والجنائز، وخسر الكثيرون فرص عمل ودراسة، فيما لم يستطع آخرون السفر لإجراء عمليات جراحية ضرورية كانت كفيلة بإنقاذ حياتهم. ثم هناك الضرر الذي حدث على سمعة الولايات المتحدة لدى الدول التي قال البعض بأنها أسوأ لطخة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، مثل عمليات التعذيب في غرف “سي آي إيه” السرية وانتهاكات أبو غريب في العراق، وسجن الأمريكيين- اليابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية.
وقام بايدن بإلغاء القرار في أول ثلاث قرارات تنفيذية له بعد حفل التنصيب، وقال إن مبرر ترامب في اتخاذ القرار قوّض الأمن الأمريكي، وعرض تحالفات الولايات المتحدة للخطر، وشوّه المثال الأمريكي حول العالم.
وبالنسبة للكثيرين، فقرار بايدن جاء متأخرا. وقدّم وولش عددا من قصص الذين أضرّ بهم ترامب، ومنهم “نغار رحماني” التي تدرس طب الدماغ والأعصاب في جامعة رود أيلاند، والتي لم تستطع السفر إلى إيران خوفا من منعها من العودة إلى أمريكا مرة ثانية. وعندما مرضت أمها (56 عاما) بكوفيد- 19 ترددت في العودة إلى بلادها واكتفت بالمكالمات عبر الهاتف على أمل شفائها، ولكن المرض تدخل وتوفيت والدتها.
وهي اليوم تشعر بالندم لأنها لم تذهب لرؤية والدتها قبل وفاتها، وتحمل الاحتقار لترامب. وقالت: “أشعر أنني كنت في قفص خلال السنوات الأربع الماضية”. و”كان بإمكاني العودة كل صيف، وكانت أمي تستطيع زيارتي وأشعر أن قرار الحظر كان هو مرضي”.
وهناك قصص أخرى عن القلوب والأحلام المحطمة على طول الشرق الأوسط وأفريقيا. فطبيب الأسنان السوري، عبد العزيز اللحام لم يستطع زيارة زوجته الأمريكية في نيويورك.
وقال إن القنصل الأمريكي الودود تعكر وجهه عندما “اكتشف ببساطة أنني سوري”. وبقي محيي الدين حسن نور وزوجته وأبناؤه عالقين بمخيم للصوماليين في كينيا رغم حصولهم على موافقة للإقامة في ولاية منيسوتا عام 2017. وقال: “جرت معاملتنا بطريقة غير جيدة”.
وهناك شوقي أحمد، اليمني المولود في نيويورك، والعامل في قوة شرطتها، حيث كافح لثلاثة أعوام من أجل إحضار زوجته وأبنائه الثلاثة من بلده الأصلي الذي يشهد حربا أهلية. وقال أحمد: “أنت رجل شرطة وتعرّض حياتك للخطر ولا تعرف ما يجري لأولادك هناك”. واستطاعت العائلة الحصول على إذن بدخول الولايات المتحدة، لكن ما يحزن هو أن “ترامب خان المواطنين الملتزمين بالقانون بناء على دينهم واسمهم الأخير”.

وفي النهاية وبعد 100 تحدٍ قانوني أمام المحاكم، وعدة تكرارات، أصبح قانون ترامب “حظر المسلمين” قرارا إفريقياً أيضا، فقد منع مواطني دول إيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال وسوريا واليمن ومنع الهجرة من إريتريا وقيرغيستان وميانمار ونيجيريا، ومنع أشخاصا بعينهم من تنزانيا وفنزويلا.
وأقرت المحكمة الأمريكية العليا القرار مع أنها اعترفت بلغة ترامب النارية ضد المسلمين، إلا أنها رأته مبررا بناء على قانون مكافحة الإرهاب. لكن القاضية سونيا سوتوماير رفضت الحظر، وربطته بقرار 1944 كورماتسو ضد الولايات المتحدة الذي احتجز بناء عليه اليابانيون- الأمريكيون أثناء الحرب العالمية الثانية.
ومنذ أن فُتحت الأبواب على مصاريعها في الأسبوع الماضي، يحاول الكثيرون تجميع الأشلاء. وقال وكالة سياحة في ليبيا إن هناك اهتماما مفاجئا للحصول على تأشيرة سفر إلى الولايات المتحدة. وفي نيجيريا، سيؤدي انتخاب بايدن إلى “طوفان طلبات لمكاتب التأشيرات” كما يقول إيلياموك يعقوب- هاليسو، البرفسور في جامعة بابكوك، في ولاية أوغان بنيجيريا.
ورغم ردة الفعل الدولي على الحظر، إلا أن أمريكا تظل جاذبة للكثيرين في العالم، خاصة أبناء الدول الضعيفة. وقال نزار أسروح، من ليبيا والمقيم في سان دييغو: “ارتياح وشعور بالتفاؤل” وهو يأمل بأن تتمكن والدته من زيارته.
وأمر بايدن بإعادة النظر في الطلبات المرفوضة وتقييم الإجراءات التي اتخذها ترامب مثل “التدقيق الشديد” والتي شملت فحص رسائل المتقدم التي تلقاها عبر منصات التواصل. لكن المدافعين عن سياسات الهجرة، يقولون إن العودة لنظام ما قبل ترامب لن يكون حلا ناجعا.
وكما يقول قادر عباس، المحامي لدى مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية: “حتى من قبل، كان النظام مميزا ولا يرحب بالمسلمين”. و”في عهد إدارة أوباما تم توسيع قائمة المراقبة الإرهابية إلى أكثر من مليون اسم، والتي كانت بالضرورة أسماء مسلمين”.
وحتى بين الذين يحبون أمريكا، مثل جمال التي حصل زوجها على بطاقة يانصيب للهجرة من السودان بحثا عن حياة أفضل، فهم كلهم سواء، “لترامب فنحن مسلمون أشرار ولبايدن فنحن أخيار. ولا يهم في النهاية، فهم يستخدموننا لو كنا جيدين لهم، ونحن مجرد قطعة شطرنج”.
وذكّر اقتحام الغوغاء، مبنى الكونغرس هذا الشهر، الكثيرين بما يجري في بلادهم، ومنهم دياب سرية، السجين السياسي في سوريا، حيث ذكّره اقتحام الكونغرس بالبلطجية الذين يدعمون بشار الأسد بأي ثمن. وبعد رفض طلبه عام 2017 سافر سرية إلى هولندا، ولكنه لا يمانع المحاولة مرة ثانية مع أنه يشعر بالعصبية: “ماذا لو جاء ترامب آخر بعد عدة أعوام”. ويحاول الناشطون الضغط على الكونغرس لتمرير “قانون لا حظر” يمنع أي رئيس من اتخاذ قرار في المستقبل يقيد دخول القادمين إلى أمريكا.
لكن تقييم الضرر لن يلغي آثاره خاصة أن الطريقة المتقلبة والمتعجلة التي تم فيها تطبيقه تركت آثارا متباينة من بلد لآخر. ففي ميانمار لم يؤثر قرار ترامب على أحد، فقط تأشيرات الهجرة. بينما عانى الإيرانيون بشدة. وهم يشكلون أكبر عدد من طالبي التأشيرات إلى لولايات المتحدة.
وقبل الثورة، سافر الشباب الإيرانيون إلى الجامعات الأمريكية وعادوا بشهاداتهم، ومنهم محمد جواد ظريف، وزير الخارجية ومدير البرنامج النووي الإيراني، علي أكبر صالحي.
وبعد الثورة قلّ العدد، والإيرانيون الذين كانوا يأتون لأمريكا أقاموا فيها. ومن بين 45000 إيراني تقدموا بطلب تأشيرات ما بين 2017 إلى 2020 تم منح 7000 منهم فقط. وبالنسبة للآخرين، فلم يتحقق حلمهم، فرجل الأعمال الليبي محمد عبد الرحمن، فاز بالقرعة للسفر عام 2017، لكن حظر ترامب أجبره على تأخير السفر، وقبل رفعه أصيب بجلطة ومات.
وقال ابن أخته: “لو لم يكن هناك حظر لكانت حياته مختلفة جدا.. كان يبحث عن مكان مستقر ليقضي فيه بقية حياته”.