أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
1 2 3 4961
صحافة : إيكونوميست: الشراكة الغريبة بين اقتصادي وجنرال وأمير حرب في السودان… خلف الابتسامات تنافس ومناورات للبقاء في السلطة!!
18.07.2021

وصف رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الاقتصادي، وهو يبتسم لمجلة “إيكونوميست” المعادلة الغريبة للحكم في بلاده: “نحن نسمي ذلك النموذج السوداني”، فهو رئيس الوزراء المعين من قبل قادة الاحتجاج في عام 2019، ويتحدث عن “نموذج الشراكة بين المدنيين والعسكريين، التناقضي، لتحقيق الديمقراطية”. وكان يعلق على ما قالت المجلة إنها شراكة غريبة جمعت شركاء غريبين إلا أنهم كلفوا بمهمة بناء الديمقراطية في السودان.
وبعد عامين تقريبا من رحيل الديكتاتور عمر البشير، من المفترض أن يقودوا البلاد نحو انتخابات عام 2024.
وقالت إن الشراكة أدت إلى اتفاق تقاسم السلطة عام 2019 بين قادة المحتجين، الذين خرجوا إلى الشوارع لأول مرة قبل ذلك بـ 8 أشهر، والجنرالات الذين أطاحوا بالبشير عندما أصبح من الواضح أنه سيسقط.
ويتصدر القائمة عبد الفتاح البرهان، الرئيس الفعلي للسودان، ورئيس المجلس السيادي، وهو هيئة عسكرية ومدنية تشرف على حكومة حمدوك التي يغلب عليها الطابع المدني. البرهان جنرال برز في عهد البشير.
ويأتي بعده أمير الحرب في الصحراء، محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، الذي يقود قوات الدعم السريع، وهي وحدة شبه عسكرية انبثقت عن الجنجويد، مليشيات اشتهرت باغتصاب وقتل المدنيين في منطقة دارفور.
ويشغل دقلو منصب نائب الرئيس الآن، وصعد إلى السلطة من خلال الوحشية تجاه السودانيين الثائرين. وهو اليوم يتنافس على الصدارة في صراع قد يحدد ما إذا كانت المحاولة الثالثة للسودان لتحقيق الديمقراطية منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1956 ستنتهي بالفشل أيضا.
ونقلت المجلة عن كل واحد من الثلاثة قوله إن روح الوحدة لم تتأثر.وبحسب الجنرال البرهان فإن جميع المكونات في المرحلة الانتقالية “تعمل معا في وئام”.
خلف واجهة الصداقة الحميمة، هناك توتر عميق. فقد حذر حمدوك، الذي تحدث بصراحة أكثر من زملائه، من “أزمة سياسية” ناجمة من ثلاثة تحديات يمكن أن تعرقل المرحلة الانتقالية.
وقدم كدليل على هذا قائمة من النجاحات مثل: اتفاق سلام تم توقيعه مع المتمردين المسلحين، وإلغاء القوانين القمعية، مثل القانون الذي يحظر على النساء ارتداء ملابس غير محتشمة. كما سلط الجنرال البرهان الضوء على استعادة العلاقات الكاملة مع أمريكا وإسرائيل، الأمر الذي دفع أمريكا إلى شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقد مهد هذا الطريق للسودان للفوز بإعفاء من ديونه بأكثر من 56 مليار دولار. يقول الجنرال: “إن عزلتنا الدولية التي استمرت لأكثر من 30 عاما قد انتهت الآن”.
ولكن خلف واجهة الصداقة الحميمة، هناك توتر عميق. فقد حذر حمدوك، الذي تحدث بصراحة أكثر من زملائه، من “أزمة سياسية” ناجمة من ثلاثة تحديات يمكن أن تعرقل المرحلة الانتقالية.
الأول هو الانقسام بين القادة المدنيين، حيث أوضح حمدوك: “ربما كان هذا هو أوسع تحالف شهدته البلاد منذ عقود.. وقد تمكن من الإطاحة بالديكتاتورية. لكن بعد ذلك مباشرة بدأنا نشهد تصدعات وانقسامات”. فقد انسحب العديد من أعضائه من التحالف وعادوا إلى الشوارع. ومن تبقى منهم يتنازعون على الوظائف والحقائب الحكومية.
ويلقي النقاد باللوم على أسلوب حمدوك المنعزل والمتردد في الحكم لفشله في الحفاظ على الوحدة.
الانقسام يجعل من الصعب على المدنيين التعامل مع التحدي الثاني لرئيس الوزراء وهو: كبح جماح الجيش. يقول حمدوك إنه أجرى “مناقشات صريحة للغاية” مع الجنرالات في وقت مبكر حول التأثير المفرط للجيش على الاقتصاد. مع أن الجنرال البرهان يقول إن هذا انتهى، لكن هذا يصعب تصديقه. فالعديد من الشركات التي كانت مملوكة لعائلة البشير، على سبيل المثال، أصبحت الآن ملكا للجيش. وفي الوقت نفسه، برز الجنرال البرهان الشخص الأقوى والأكثر فعالية من بين الثلاثة. لقد شارك في السياسة الخارجية، وهي وظيفة حمدوك. وعزز علاقة السودان بمصر وتجاوز الاعتراضات المدنية على الاتفاق مع إسرائيل العام الماضي. كما أنه زاد من مصداقية الجيش القومية من خلال استعادة السيطرة على الأراضي المتنازع عليها على الحدود مع إثيوبيا.
ويقول ياسر عرمان، وهو متمرد سابق أصبح مستشارا لحمدوك: “البرهان جنرال ماهر.. لقد اشترى الوقت لتعزيز موقع الجيش. وهو الآن أقوى من أي وقت مضى”.
إلا أن حزم الجنرال البرهان قد يدفع بتفاقم المشكلة الثالثة التي حددها حمدوك: الانقسام داخل القوات المسلحة، والمنافسة بين الجيش والقوات شبه العسكرية (قوات الدعم السريع) التي أنشأها البشير كثقل موازن للجيش وجهاز المخابرات، ولدى قوات الدعم السريع هيكلها القيادي وتمويلها الخاص.
وكجزء من اتفاق تقاسم السلطة، من المفترض أن يدمج دقلو قواته في الجيش، مما يعني التخلي عن بعض سلطته. ويقول الجنرال إن هذا سيحدث “في الوقت المناسب”، ولكن دقلو يصر على أن هذا قد حدث بالفعل. لكن هذا التناغم السطحي يمكن أن يتبخر بسرعة.
ففي حزيران/ يونيو، بدأ كل من قوات الدعم السريع والجيش بتحصين مقراتهما في الخرطوم بأكياس الرمل. ويقول شداد حامد معوض، وهو أكاديمي في جامعة الخرطوم: “لقد وصل الأمر إلى نقطة كان من الممكن أن يقتلوا فيها بعضهم البعض في الشوارع”.
وأدت المحادثات بين الجنرال البرهان ودقلو إلى تخفيف التوتر. ويعتقد البعض أن الجنرال ربما يكون قد وافق على تأجيل الدمج إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، فإن هذا من شأنه أن يضعه على خلاف مع حمدوك، الذي يشعر أن السودان يجب أن يكون لديه “جيش وطني واحد”.
وتقول المجلة إن هناك أسئلة كبيرة لا تزال قائمة حول دقلو. وهناك قلة تشكك بأنه لا يطمح للرئاسة. وفي أثناء تناول وجبة فطور فاخرة في منزله، أخبر مجلة “إيكونوميست” أنه أخذ دروسا في اللغة الإنكليزية والفرنسية. لكن موقفه يبدو مرتبكا بعض الشيء. فالسعودية والإمارات، اللتان كانتا تدفعان الملايين مقابل آلاف من جنوده للقتال في اليمن، لم يعد لهما حاجة كبيرة إليه. كما حرمه موت دكتاتور تشاد إدريس ديبي من حليف إقليمي آخر. وتشير زياراته الأخيرة لكل من قطر وتركيا إلى أنه يبحث عن أصدقاء جدد.
وربما كان تحذيره من “انقلاب” من قبل أشخاص مرتبطين بالنظام القديم علامة قلق. على الرغم من أن هذا غير مرجح، إلا أن الإسلاميين من حزب البشير السابق قد يتحالفون مع فصائل في الجيش لإجبار دقلو على الخروج، كما يشير الباحث الفرنسي جان بابتيست جالوبين. وقد يؤدي هذا إلى اندلاع القتال في جميع أنحاء السودان. ومع ذلك، يعتقد مراقبون آخرون أن دقلو نفسه سيشكل تهديدا أكبر لعملية الانتقال، إذا خشي على مصالحه الاقتصادية – أو حريته. فالتحقيق في قتل أكثر من 100 متظاهر في عام 2019 قد يشير بأصابع الاتهام إلى مسلحيه.
وحذر حمدوك في حزيران / يونيو من حرب أهلية إذا لم تتوحد الفصائل المسلحة في جيش واحد. وقد حدد موعدا نهائيا لتشكيل مجلس تشريعي يتولى المسؤولية فيه المدنيون، ودعا إلى مؤتمر دستوري لتوضيح مكان الجيش في السياسة. وقال “طوال السنوات التي تلت الاستقلال وحتى اليوم، ظل الجيش يهيمن علينا”، مضيفا أن لدى المدنيين فرصة لعكس هذا الواقع ولكن فرصة عابرة فقط.