أحدث الأخبار
الثلاثاء 19 آذار/مارس 2024
النقب : بركات أبو عفاش على درب الشيخ إمام!!
بقلم : رأفت أبو عايش ... 16.09.2018

يفتتح عازف العود الضرير، بركات أبو عفاش، محادثاته مع ضيوفه مبتسما وسائلا إياهم عن الألوان الموسيقية التي يحبونها أكثر من غيرها.
راسة الموسيقى
وقال أبو عفاش، لـ"عرب 48" إنه "العربي الوحيد من ذوي الاحتياجات الخاصة بالنقب الذي حصل على لقب أكاديمي عال في الموسيقى".
عاش أبو عفاش "بدويا رحالا" كما يصف نفسه، في شقيب السلام وبئر السبع وحيفا والقدس والضفة الغربية، طلبا للموسيقى والعلم وسعيا لتحقيق حلمه.
وأشار إلى أنه لفترات طويلة اضطر للسفر يوميا بواسطة المواصلات العامة من النقب إلى القدس من أجل الدراسة.
"عرب 48": أي الطرب هو الأقرب إلى قلبك ولماذا آلة العود بالذات؟
أبو عفاش: أحببت الطرب منذ صغري وتصالحت مع الألوان الموسيقية الأخرى أيضا، وارتبط قلبي بالغناء الوطني والشيخ إمام ومارسيل خليفة وغيرهما، وكذلك أعشق الموسيقى العاطفية والطرب الأصيل والست أم كلثوم وسيد درويش وعبد الوهاب، وحديثا بالنوبي محمد منير. وللناس في ما يعشقون مذاهب، وأنا كمغن بحثت عن آلة مرافقة لي فوجدت العود هو الأنسب لأن العود كما أعرف أهم الآلات الموسيقية وهو أكثر آلة موسيقية ترافق المطربين. والعود آلة شرقية تاريخية قريبة من ثقافتنا وأرواحنا، وفي الممارسة فإن حملك للعود التحام به ووضعه الطبيعي أن يكون قريبا من قلبك ووجدانك وجزء منك خلال العزف.
"عرب 48": كيف بدأت علاقتك بالموسيقى؟
أبو عفاش: بدأت علاقتي بالعزف منذ أن كنت صغيرا، كان عمري 10 أعوام عندما أحببت الموسيقى وارتبطت روحي بها وكانت هوايتي صنع الآلات الموسيقية البسيطة والبدائية والشعبية، ومثال على ذلك كانت ثمرة الرقابي (اليقطين) نصنع منها آلة موسيقية تشبه السمسمية.
"عرب 48": ما هي الرسالة التي تود توجيهها من خلال الموسيقى؟
أبو عفاش: الفن يستطيع تغيير المجتمعات والتأثير عليها، والغناء لغة مشتركة للبسطاء والمحرومين والثوريين وحتى الفلاحين يغنون خلال حراثتهم للأرض وأثناء قطف محاصيل مزروعاتهم. وللفن ثقافة وفوائد أخرى أيضا تعود على كل الناس بالنفع والمعرفة، فمثلا أغنية "يا طاير الطاير" المشهورة عندما غنيت في السابق عرفتنا عبر كلماتها على بلدات الجليل والوطن المهجرة، وكانت كلمات الأغنية هي المصدر الوحيد الذي استطعت أنا العربي الضرير من النقب الحصول عليه عن قرى فلسطين المهجرة المذكورة فيها ومنها الصفصاف وصفورية ولوبية وبير الأمين وغيرها، ومنها فقط عرفت أن كفر كنا مشهورة بالرمان فقط. يسعدني جدا إسعاد الآخرين، سعادة الفنان هي شعوره بأنه يسعد الآخرين وهذا ما هو أهم للفنان الحقيقي من الكسب المادي. أنصح الأهالي بتعليم أبنائهم الموسيقى على الآلات الشرقية والغربية فهي تهذيب للنفس وأدب وسلام كما هي تطوير للخيال والهدوء والحب. وكلي إيمان أن هذا العصر يحتاج إلى فتح الآفاق للجميع دون حدهم من أي اتجاه، والسماء هي الحدود. ووجدت رسالة كوني ضريرا وهي أن أسعى إلى تغيير النظرة لذوي الاحتياجات الخاصة بأنهم أٌقل قدرة وينقصهم عدة أشياء. أعتقد أن المجتمع هو الذي ينقصه القدرة على التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وبإمكانهم إذا توفر الوعي لاحتياجاتهم تحقيق المستحيل.
"عرب 48": مما يعاني أصحاب الاحتياجات الخاصة في النقب؟
أبو عفاش: حسب إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء في البلاد فإن نسبة العرب أصحاب الاحتياجات الخاصّة في العام 2017 بما فيها الإعاقات الحركية الكاملة والجزئية تصل إلى 26.2% من عدد العرب في الداخل مقابل 21.7% من عدد السكان اليهود. ويضاف إلى هذا الرقم أنّ نسبة العرب أصحاب الإعاقات المتوسطة الحاصلين على شهادة "البجروت" هي 19%، فيما تصل نسبة اليهود إلى 37%، ويزداد فرق النّسب صعوبةً عند الحديث عن أصحاب الإعاقات الخطيرة. وتبدأ مشكلة ذوي الاحتياجات الخاصة منذ الطفولة وحتى الكهولة، فعندما تكبر تعاني من نقص المرافق المناسبة، وأثناء الطفولة تعاني من نقص الأدوات ونقص الوعي لاحتياجاتك وطريقة التعامل معها. وللأسف، تخلو القرى العربية في النقب من المرافق المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة. ممرات المشاة غير مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك الشارات المرورية وإن وجدت فهي غير مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، ممرات المشاة غير مهيأة لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة والرصيف قد يكون عاليا عن الأرض ويمنع استخدام الكرسي المتحرك، والمصاعد غير متوفرة في المؤسسات العامة وإن كانت موجودة فلا يتوفر برنامج ناطق فيها. وقد تفتح حفرة للمجاري أو حفرة في الرصيف وتبقى مفتوحة لأيام وتتسبب بسقوط ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة لحمامات المدارس غير المهيئة لخدمة المعاقين، وحتى الحافلات العامة في القرى العربية بالنقب ينعدم فيها البرنامج الناطق.
التوعية
وقال أبو عفاش أيضا أنه "لا توعية للأدوات التكنولوجية المتاحة لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة. ولا تصل الموظفات المختصات من المجالس المحلية والبلديات لمساعدة أصحاب الإعاقة لدرجة الوعي الكافية وأساليب التعامل مع هذه الشريحة واحتياجاتها بشكل كافي. وحتى المعلمين غير مؤهلين بشكل كامل للتعامل مع أصحاب الإعاقة، ويحرما الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة من الكثير من الدروس في المنهاج العادي بسبب عدم ملاءمتها لهم إضافة إلى عدم توفر الكتب المناسبة بلغة "برايم" لفاقدي النظر. والأهم من ذلك أنه لا يوجد أقسام خاصة في المجالس المحلية العربية للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
"عرب 48": كيف نسهل على ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع العربي؟
أبو عفاش: أعتقد أنه يجب أن تكون مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة في برنامج مرشحي الرئاسة والعضوية للسلطات المحلية. ويجب على السلطات المحلية توظيف مسؤولين لتجهيز المرافق لذوي الاحتياجات الخاصة، وإقامة جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني تعنى بنفس الغاية، ومساءلة المؤسسات بمهنية في مسألة استخدام مخصصات ذوي الاحتياجات الخاصة في البيوت والتأكد من حصولهم على كل ما يحتاجون إليه من خدمات. لن نبني مجتمعات أفضل ما دمنا نكره الموسيقى ونخاف المختلف ونستثني ذوي الاحتياجات الخاصة، والمستقبل سيكون ثمرة ما نصنع اليوم!!

المصدر : عرب 48
1