أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
لا تخلو من إنسانية.. "الديات" بالخليج مبالغ طائلة تخرج عن حدود الشرع!!
بقلم :  كامل جميل  ... 06.09.2021

*المصدر : الخليج أونلاين
- كيف تفرض مبالغ كبيرة في الديات؟
بعد صدور حكم القتل أو السجن يطلب أهل القاتل دفع دية لذوي القتيل.
يتنازل ذوو القتيل في المحكمة.
يجتمع ذوو القتيل والقاتل للتفاوض والوصول إلى مبلغ يرضي الطرفين.
يبدأ ذوو القاتل بجمع التبرعات من العشيرة لدفعها لذوي القتيل.
- ما أكبر دية تشهدها الكويت؟
تنازل ورثة مواطن عن تنفيذ حكم الإعدام بحق ضابطين كويتيين مقابل 20 مليون دينار كويتي.
ليس غريباً أن تذكر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أن حملة لجمع مبلغ مالي ضخم تقيمها عائلة ما؛ وذلك من أجل دفع دية تمنح رجلاً من رجالها الحرية والنجاة من الإعدام.
هذا الأمر معروف في دول الخليج، وعلى الرغم من كونه مأخوذاً من الشريعة الإسلامية، لكن المتخصصين بالشريعة يؤكدون أن المبالغة في رفع مبالغ الدية ليست مما يجيزه الدين الإسلامي.
حالات إنسانية
ما يبرز في هذا الشأن أن حملات لجمع مبالغ ديات ضخمة دشنها خليجيون لدفعها إلى عوائل من أجل منح وافدين من دول أخرى الحرية والخلاص من القتل، وهو ما يشير إلى تفاعل إنساني لإنقاذ أرواح أشخاص غرباء.
الخميس 2 سبتمبر 2021، ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن سعوديين أنقذوا 6 مقيمين من مقصلة الإعدام؛ بعد تمكنهم من جمع ديات لعائلات الضحايا بلغت قيمتها أكثر من 8 ملايين ريال سعودي (أكثر من مليوني دولار أمريكي).
وقالت الصحيفة إن ثلاثة مصريين كانوا من بين الذين أُنقذوا، حيث جرى العفو عن اثنين منهما أقدما على قتل شابين من جنسيتهما، فيما نجا الثالث من تنفيذ حكم الإعدام بعد دفع الدية لذوي قتيل بنغالي.
كما تنازلت أسرة قتيل عن حق الدم لقاتل يمني، في حين عفي عن مقيم فلسطيني قتل مواطناً من بني جلدته بعد دفع الدية، إضافة إلى مقيم سوداني قتل سعودياً بعد تنازل عائلة القتيل مقابل دفع الدية التي جمعها سعوديون.
أكبر دية
الديات في الخليج موضوع واسع ومتشعب وقصصه كثيرة، والقليل منها ما جرى توثيقه، لكن من بين أبرز ما كُشف عنه كان أكبر دية تشهدها الكويت.
هذا كان في ديسمبر 2020، حيث تنازل ورثة مواطن كويتي عن تنفيذ حكم الإعدام بحق ضابطين كويتيين أدينا بقتل المتوفّى، مقابل دية قدرها 20 مليون دينار كويتي (65.76 مليون دولار)، لتكون بذلك الدية الكبرى في تاريخ الكويت.
وبحسب ما نشرته صحيفة "الرأي" المحلية، فقد تنازل ورثة محمد غزاي الميموني، الذي قتل تحت التعذيب على يد ضابطين في وزارة الداخلية، عن حقهم في دم القتيل مقابل الدية المذكورة.
وقالت الصحيفة إن الضابطين عوقبا بالإعدام، فيما عوقب عسكريون آخرون تورطوا معهم في الجريمة بالسجن مدة 10 سنوات و15 عاماً.
وأشارت إلى أن بعض وجهاء القبائل تقدموا بطلب لعتق رقبة الضابطين مقابل دفع الدية التي سيجري جمعها عبر تبرعات تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية الكويتية.
وبعد تقديم طلب عتق الرقبة بدأ الطرفان إجراءات فتح حساب لجمع الدية المطلوبة تحت إشراف الوزارة.
جمع الديات
يعمد أهل القاتل بعد وقوع حادثة القتل وإصدار المحاكم حكم الإعدام ضده إلى جمع عدد كبير من مشايخ قبيلة القاتل، ومشايخ من القبائل الأخرى، والذهاب إلى منزل أهل القتيل طلباً للتنازل عن الدم مقابل المال.
ذلك الفعل يسمى في عرف أهل البادية بـ"الجاهية" للنظام القبلي في الديات.
ولا تطلب عائلة القتيل الدية، بل تنتظر صدور حكم الإعدام أو السجن المؤبد، ثم تتفاوض مع عائلة القاتل على تقديم كتاب تنازل مقابل مبلغ مالي يسمى تجاوزاً بالدية، لكنه ليس الأمر المقصود والمحدد شرعياً، بل هو "صلح على دم مقابل مال".
في حال موافقة أهل القتيل على التنازل عن الحكم الصادر في حقه (السجن أو الإعدام) مقابل المال فإن عائلته تحدد المبلغ المالي.
ويُنظر في بعض الأحيان إلى كثرة عدد أفراد قبيلة القاتل ومقدرتهم المالية؛ ليضع أهل القتيل مبلغاً وفق إمكانياتهم.
حكم الدية
وفقاً لأحكامها في الشريعة الإسلامية تكون الدية واجبة في قتل الخطأ وشبه العمد، إلا إذا عفا فيها أولياء المقتول، وتكون واجبة في قتل العمد إذا مات القاتل أو عدل أهل المقتول وعفوا عن القصاص إليها.
والدية واجبة على كل إنسانٍ أتلف إنساناً بمباشرة أو تسبب، سواء كان صغيراً أم كبيراً، عاقلاً أم مجنوناً، مُتعمداً أم مُخطئاً، وسواء كان الإنسان التالف مُسلماً أم كافراً ذمّياً، مستأمناً أم مُعاهداً، وهي تُعد جزاء يجمع بين العقوبة للجاني والتعويض للمجني عليه أو أهله.
وتكون على نوعين مغلظة أو مخففة؛ تجب المخففة في حال القتل الخطأ، وتجب المغلظة في حال القتل شبه العمد، أما في قتل العمد فقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى جعل الدية مغلظة فيه إذا عفا ولي الدم، أما أبو حنيفة فقد ذهب إلى عدم وجوب الدية في هذه الحالة، بل يجب عنده ما اصطلح عليه الطرفان، ويكون حالاً غير مُؤجل.
المبالغة في الديات
يرى كبار العلماء المسلمين أن طلب ديات بمبالغ طائلة مبالغ فيها تخرج الدية من الهدف الذي أقرته من أجله شرعاً.
وسبق أن حذر مفتي عام السعودية، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، رئيس هيئة كبار العلماء والإفتاء، من المبالغة في طلب مبالغ "الديات" في قضايا القتل.
وأبدى الشيخ خشيته من أن تساعد "الديات" في استمراء المجرم في جريمته "وألفتها للقتلة من ذوي الجرائم والإفساد"، ومن ألا تأتي أموال "الديات المليونية" بـ"البركة على طالبيها".
ويرى أنه "إذا خلصناهم من الدية ببذل الأموال التي تتحملها القبيلة يذلون أنفسهم أمام الناس ليدفعوا عن هذا المجرم ملايين الملايين، التي تصل إلى 30 أو 40 مليوناً، أخشى أن هذه الأموال لا تدخل عليهم بالبركة، بل بالفشل في جميع أحوالهم، فلنتقِ الله في ذلك".
ولفت المفتي إلى أن الحقوق المتعلقة بالقتل ثلاثة؛ تتمثل في حق للمقتول، وحق لأولياء المقتول، وحق لله، مفيداً بأن "حق الله بالتوبة النصوح، وحق أولياء المقتول إما الدية أو القصاص، وحق المقتول أنه يوم القيامة يقف بين يدي ربه ويقول يا رب سل عبدك لماذا قتلني؟".

*المصدر : الخليج أونلاين
1