أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
هل يمضي الأسد على طريق صدام؟!
بقلم : سهيل كيوان  ... 05.09.2013

مشهد الإسرائيليين وهم يقفون مذهولين متدافعين بطوابير للحصول على الأقنعة الواقية من الغازات السامة لهم ولأطفالهم إثر تصريحات أوباما عن قرب ضرب سورية، أثار الكثير من السخرية لدى كثيرين من العرب، واعتبروا أن هذا التصرف دليل على جبن اليهود! تعليقات كثيرة وصفتهم بالجبن لتصرفهم الطبيعي وهو الخوف من الموت، حتى لو كان هذا الموت افتراضيًا! أما بعد تصريح أوباما عن تأجيل الضربة حتى عرضها على الكونغرس، فقد فهمه كثير من اليهود والعرب على أنه نتيجة جبنه هو الآخر، وتناقل البعض صورًا لأوباما يبدو فيها مذهولا من الأسد الذي يزأر بوجهه فيكاد يفقده توازنه أو صوابه، بل وجعل شعر رأسه يقف رعبا من الأسد، وفي فوتو شوب آخر، يظهر أوباما هاربًا ووراءه يعدو أسد غاضب!فانتازيا يا عرب…
بالنسبة للإسرائيليين فإن جبنهم واضح وصحيح إلى حد كبير، فهم حريصون جدا على الحياة، على حياتهم وعلى حياة أطفالهم، ولكن في ثقافتنا الهلالية والعنترية يبدو هذا الحرص وهذه الحيطة وكأنها جبن!
إلى جانب الشعب الجبان في إسرائيل، يشعر المسؤولون بالخوف والهلع، لأنهم سيقعون تحت طائلة المساءلة إذا ما سقط صاروخ يحمل رأسا كيماويًا وقتل عددًا من الإسرائيليين دون أن يكونوا قد أعدوا الجبهة الداخلية بشكل جيد، وبصراحة يوجد من يحاسب على كل روح إسرائيلية قد تسقط نتيجة إهمال، للأسف وبمرارة نرى قيمة الإنسان العربي هو وروحه، سواء في سورية حيث باتت أرواح الناس والقطط سواء، أو في ميدان رابعة العدوية حيث رأينا جرافة عسكرية مصرية تقوم ب’تجريف’ عشرات الجثث لفتح الطريق، بينما الرجال يبكون ويستغيثون ويحوقلون ويسترجعون، ولهذا يجب طرد (الجزيرة) وأي وسيلة إعلام قد تنقل مشهدًا كهذا كي لا يرى أحد ولا يسمع. كذلك رأينا المفاوضات مستمرة رغم استشهاد ثلاثة فلسطينيين قبل أسبوع وكأن شيئًا لم يحدث، علما أنه لو ألقي حجر على سيارة إسرائيلية لتوقفت ‘المفاوضات’ الى أجل غير مسمى وصودر جبل مقابل الحجر.
لهذا وبسبب حرص الإسرائيليين على أرواحهم، هناك من يرجح بأن تأجيل الضربة الأمريكية جاء بالذات لأن أربعين بالمئة من الإسرائيليين لم يتزودوا بالأقنعة الواقية للغازات بعد، كذلك لأنها فترة عيد رأس السنة العبرية عند اليهود، وبما أن الإدارة الأمريكية ستُعلم قادة اسرائيل بالضربة قبل وقوعها، فيبدو أنهم طلبوا التأجيل، وقام نتنياهو بدعوة الشعب للاحتفال برأس السنة بدون خوف، وأن يخرج للتنزه بالذات إلى المناطق الشمالية والى هضبة الجولان، وأن لا يخشى شيئا، فهو واثق بأن الضربة لن تحدث إلا بعد إعداد إسرائيل لهذه اللحظة على أكمل وجه.
كذلك اعتبر البعض تراجع أوباما وطلبه دعم الكونغرس محاولة للهبوط عن الشجرة العالية وحفظا لماء الوجه بعدما ‘خاف’ من التهديد السوري بالرد، علما أن أي مسؤول سوري لم يصرح بأن النظام سيرد على أمريكا، فقد قال مسؤولون سوريون إن سورية ستدافع عن نفسها، والدفاع عن النفس لا يعني الرد بالضرورة ، وقد يتلخص بإطلاق مضادات غير فعالة على الصواريخ الحاملة للموت والدمار. وهناك من قال أن الرد سيكون على حلفاء أمريكا في المنطقة! فهل هذا يعني أن النظام سيرد على إسرائيل في حالة الهجوم الأمريكي عليه!
النظام الذي لم يرد على إسرائيل عندما ضربته هي بنفسها بطائراتها، هل سيرد على أمريكا بضرب إسرائيل!
هل يمكن للنظام أن يقامر بمثل هذه المقامرة! وهل سترد إسرائيل على النظام إذا قام بضربها! أم ستتصرف كما تصرفت في حرب عاصفة الصحراء عام 1991! عندما سقطت صواريخ الحسين العراقية على إسرائيل ولم ترد، بل تركت الحلفاء يقومون بالمهمة بهدوء دون أن يكلفها شيئًا، كانت فقط فرصة لتسويق المعلبات الكاسدة منذ سنين، والنايلون واللاصقات ‘خوفًا من الكيماوي’!
ولكن هذا المرة لن تسكت وسترد إسرائيل بقوة، أولا لأنه لا يوجد حلف دولي قوي يقوم بالمهمة حتى نهايتها على الأرض كما كان الوضع في العراق، كذلك هي فرصتها لتوريط أمريكا بحرب طويلة ضد سوريا ومن ثم إرغام إيران وحزب الله على خوضها إذا ما طالت، على الأقل حسب ما يصرح به مسؤولون إيرانيون بأنهم لن يتركوا حليهفم الأسد وحيدًا.
النظام خاض ويخوض كل هذه الحرب الأهلية بكل هذه الضحايا من المدنيين والعسكريين والمسلحين كي يبقى في الحكم، فهل يقامر من خلال الرد على إسرائيل! هذا يتعلق بحجم الضربة التي سيحاول امتصاصها، فإذا انتهت بسرعة سيعلن انتصاره، ويستمر في حربه الأهلية. من ناحيتها لن تسعى الإدارة الأمريكية لحشره في الزاوية وإسقاطه وهو ما يؤكده أوباما.
إسرائيل أعلنت أنها خارج اللعبة، وأنها ليست طرفا بما يحدث، ولكنها المحرض الأكبر الآن على ضرب قوات النظام، فهل غيّرت إسرائيل من استراتيجتيها تجاه النظام الذي قررت التعايش معه على أنه أفضل من مجهول قادم لا تعرف من هو وكيف تتعامل معه! هل باتت تستشعر خطورة النظام عليها بعد استعماله الكيماوي، أو عدم قدرته على السيطرة على الكيماوي! هذا يدعوها لتأزيم الوضع أكثر كي ينتهي إلى العمل على نزع سلاح الدمار الشامل من سورية وتدميره بقرار دولي كما حدث مع صدام حسين، سواء كان هذا السلاح بيد النظام أو بيد من سيأتون بعد هذا النظام! أليس هذا ما تسعى إليه إسرائيل بأن تكون القوة الوحيدة في المنطقة التي تملك سلاح الدمار الشامل…

1