أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
لا حرمة للدم العربي والمسلم!!
بقلم : سهيل كيوان ... 09.01.2014

لدم الإنسان حرمة عظيمة، وهذا يشمل المسلم وغير المسلم، وفي الحديث الشريف’لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا’، دم المسلم وغير المسلم، لا بل أن هذا التحريم يشمل الحيوان، وقتل الحيوان محرّم ما لم يكن لضرورة حياتية للإنسان، والحديث الشريف معروف بهذا الصدد، لا بل أن السلف الصالح حرّم قطع الأشجار، فما بال العرب يقطّعون البشر كما تقطع الأخشاب ويحرقونهم كما لو كانوا نفايات!
ما بالهم يحاصرون الناس ويصرّون على تجويعهم حتى الموت، أين أنتم من الله إذا كنتم مؤمنين! وأين أنتم من قوانين وشرائع البشر! بل أين أنتم من قيم من تسمونهم (الكفرة)، فأي كفر أعظم من تجويع الناس ومنع القوت عنهم حتى الموت، أي كفر أعظم من تدمير الأحياء السكنية وتسويتها بالأرض على من فيها، أي كفر وعار أعظم من قصف مخبز وقتل الواقفين أمامه للحصول على الأرغفة.
علمنا آباؤنا وأجدادنا وتراثنا أن للحيوان (اخطية)، حتى بعض أنواع الأفاعي غير السامة لها (اخطية)، وهذا يعني أن هناك من سيحاسبك حتى على تعاملك مع الحيوان فما بالك بالبشر.
البشر يحتاجون لبعضهم البعض في صراعهم من أجل البقاء أولا، ثم لأجل الرخاء في معيشتهم مهما اختلفت مشاربهم، ولهذا يتفاهمون على المشترك فيــما بينهم من مصالح بما يخدم استمرارهم كأفراد ومجموعات ثم كجنس بشري، حتى صار بإمكانك أن تقتني أداة مطبخية أو لعبة لطفلك أو حذاءً رياضيًا أو أي شيء آخر تحتاجه من متجرعلى بعد آلاف الكيلومترات منك، من الصين مثلا، بواسطة بطاقة اعتماد، وســـوف تصلك البضاعة أينما كنت على وجه الأرض، هذا التاجر الصيني وعلى الأرجح (لا دين له)، يدرك أن احـــــترام التعامــــل هو أساس نجاحه، ويعرف أن وراء البطاقة ورقمها والاسم على شاشة الحاسوب يوجد إنسان، ولهذا إذا لم يعجبك المنتوج بإمكانك استبداله أو حتى استرجاع نقودك، لأنكما تريدان للمصلحة المشتركة بينكما أن تستمر.
ورغم هذا التطور الهائل في معاملات البشر بين بعضهم البعض، نصاب بالخيبة والإحباط عندما نرى الحضيض الذي وصله العرب، ولا نتحدث طبعا عن التجارة، بل كم أصبحت دماء العرب والمسلمين رخيصة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل، أليس لدم هذا الإنسان حرمة، هل هؤلاء الذين يمارسون كل هذا القتل بهذه السهولة هم عرب ومسلمون! لا شك أنهم بشر، ولكن أي نوع هذا من البشر! هل يؤمنون بشيء ما في السماء أو على الأرض أو في باطنها، ألا يجمعهم حس إنساني وحتى حيواني مشترك اسمه غريزة البقاء، ألم يفهموا أن القتل لن يؤدي إلا إلى المزيد من القتل، أما زال هناك من يظن أنه قادر على السيطرة على الناس بالنار والدم والفلسفة الفارغة بتبرير القتل! للأسف يبدو أن الأمر كذلك.
بالصدفة استمعت يوم الثلاثاء إلى مقطع من المؤتمر الصحفي لوزير الإعلام السوري عمران الزعبي، كانت أسئلة الصحافيين كلها تشي بأنها صحافة تابعة ومؤيدة للنظام، ولم ينقص هؤلاء الصحافيون سوى الهتاف والتصفيق لرموز النظام بعد كل إجابة من الوزير على أسئلتهم المنحازة والموجهة تمامًا.
الوزير السوري كان بين جملة وأخرى يؤكد على صحة كلامه، يتحدث ثم يشهد لنفسه بصحة طرحه بالتساؤل الذي تكرر عشرات المرات بعد كل جملة’تمام’؟؟!!بمعنى أليس كذلك!وتخيلت أن الذي يتحدث هو من أولئك الذين يخرجون الأرانب من أكمامهم أمام الجمهور، ولكن في هذه الحالة كان الجمهور يعرف اللعبة منذ زمن بعيد، ورغم ذلك يمثل دور المنبهر بالمفاجأة.
الوزير لم يتحدث في مؤتمره الصحفي، بل كان يقدم مداخلات سفسطائية معروفة عن إعلام النظام وتبريراته، فقد حرص على اللف والدوران ليقول إنه لا يوجد معارضة سياسية،وهو حريص على نجاح مؤتمر (جنيف 2)، ولكن لا تفاوض مع كل من رفع السلاح ضد النظام تحت أي مسمى كان، وزعم أن كل ثمانية أو عشرة إرهابيين يطلقون على أنفسهم تسمية جديدة، والنظام يريد التفاوض مع أناس يمثلون شريحة ما من الشعب السوري، ولكن لا توجد شريحة من الشعب السوري تقول أن أحدًا من هؤلاء يمثلها، وهذا يعني أن هؤلاء لا يمثلون أحدًا’ تمام’!
إذا فالنظام لن يعترف بالمعارضة لأنها غير موجودة’تمام’!والنتيجة أن النظام بعد كل هذا الخراب يطمح أن يفاوض نفسه بنفسه، أو مع من يعيّنهم ويختارهم هو بنفسه للتفاوض معهم.
الصحافيون لم يسألوه أين أصبح المعارضون الذين بدأوا مسالمين وأين من كانوا يهتفون ‘سلمية سلمية’وما هي مصائرهم!
ولماذا سمّاهم الرئيس′جراثيم’ في أول ظهور له بعد بدء المظاهرات السلمية، ولماذا تمّت شيطنتهم منذ البداية وإطلاق تسمية إرهابيين عليهم واتهامهم بأنهم قابضون من الخارج! نسي الصحافيون أن يسألوه كيف زعم إعلام النظام على مدار أكثر من سنة بأن كل ما يحدث في المدن السورية هو ‘فبركات تلفزيونية’، وكيف ممكن أن تخرب المدن ويقتل الآلاف جراء الفبركات التلفزيونية’تمام’؟؟.
الوزير لم يجد سوى إسطوانة الأجندات الخارجية، وهو لا يرى بكل ما حدث ويحدث سوى عصابات مسلحة مدفوعة الأجر! وقد واصل ما فعله النظام فغيّب التفاصيل وفرض معادلة (معنا أو ضدنا)! إذا كنت ضد النظام فأنت إرهابي ولا حوار معك والإرهابي يُقتل وكل العالم يؤيد قتاله حتى الولايات المتحدة’تمام’؟، وإذا كنت معنا فعليك مقاطعة ومحاربة المعارضين لأنهم إرهابيون. إذًا لا توجد منطقة وسطى لدى النظام، عليك أن تختار النظام أو الإرهاب.
الشعوب العربية تدرك أن هناك قوى أجنبية تعادي العرب وتطمع في خيرات بلادهم وتريد تفتيتهم أكثر وأكثر، والشعوب وليس الأنظمة، قدمت وما زالت تقدم قوافل الشهداء بالملايين على مر العقود والقرون لأجل حريتها وكرامتها.
ولكن الشعوب أيضًا باتت مدركة أن أنظمة القمع الفاشية والكتاتورية العربية تتحمل القسط الأكبر في المسؤولية عن استرخاص دمائها وأنها أساس كل المصائب، وهي بظلمها أكبر داعم لهذا الخارج المعادي لها وهي سبب العنف والعنف المضاد، وهي أم كل المصائب.
الشعوب العربية باتت مدركة أنه ما من بدائل سوى إتمام ما بدأت به للتخلص من هذه الأنظمة المجرمة، وذلك بأن تعيد ثوراتها إلى المسار الصحيح الذي بدأت به ولأجله، وقد كتب عليها أن تحارب إرهاب النظام الرسمي بيد وإرهاب العصابات التكفيرية باليد الأخرى، كي تلحق بركب الإنسانية القادرة على التعامل مع بعضها البعض باحترام حتى لو اختلفت العقائد، فحرمة دم الإنسان وكرامته هي البوصلة التي يجب أن تكون الموجه الأول والأخير للموقف من أي قضية، صغيرة كانت أم كبيرة.

1