أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
الكهرباء: سلاح لقهر وتدجين وإذلال وترويع ونهب السوريين!!
بقلم : د. فيصل القاسم ... 21.11.2020

طبقاً لسام داغر، مراسل «وول ستريت جورنال» السابق في دمشق ومؤلف كتاب «الأسد أو نحرق البلد ـ كيف حطّم سوريا تعطّش عائلة للسلطة» الذي قال نقلاً عن بشار حرفياً، وارثاً التلقين عن أبيه: «إنه لا توجد طريقة أخرى لحكم الناس إلا بوطء رؤوسهم بالأحذية» هذه الكلمات القليلة المعبّرة والمختصرة تعكس رؤية المعتوه والمعاق ذهنياً والمضطرب عقلياً، وتكشف عن ذهنيته في حكم هؤلاء المساكين الذين ورثهم عن أبيه من جملة وضمن ما ورث من عزبة وإسطبل كان يسمى سوريا، وبكل ما فيه من طرش وغنم وبغال وحمير، كما يراهم، وكما كان يراهم من قبله، المقبور الديكتاتور الكبير. هذه الكلمات يمكن تشكل مدخلاً كافياً لفهم كيفية تعاطيه مع هذا «القطيع» (الشعب السوري) وكيف يدير سوريا، ضمن استراتيجية الإذلال والتدجين الممنهج والتركيع المقصود، في عملية إدارة الموارد والثروات ومن ضمنها قطاع الكهرباء الذي لم يعد قضية تقنية بحتة قدر ما هو أداة وسلاح بيد هذا المعتوه وعصاباته لفرض نمط عيش محدد على السوريين يتكفل بإبقاء سيطرته على رقابهم لأطول زمن ممكن.
فالكهرباء تستخدم اليوم كقانون طوارئ حقيقي بيد هذا المجرم مع عصابته وطغمته الفاشية المجرمة لقهر السوريين كفرض حظر ومنع تجول وكبح أي نشاط عام والإقفال التام وإكراههم على النوم باكراً مع الصيصان والدجاجات أول المساء حيث تغرق المدن والحواضر والقرى السورية بظلام دامس وتصاب الحياة بالشلل، ويمنع التجمع، والتزاور حتى بين الأقرباء.
وهذا التقنين الجائر والمفرط في ساديته وحقده ليس نابعاً، أبداً، من صعوبات تقنية وإدارية ومالية كما يخيل للمرء، فلقد بات معلوماً للجميع أن موضوع قطع الكهرباء وتقنينها وابتزاز المواطن بها والتنكيل به وقهره وإعادته للعصور الحجرية ومنعه من التمتع بها كسائر شعوب الأرض حيث تصل ساعات القطع لما بين 16- 20 ساعة يومياً وفي أماكن لا تصلها أبداً، إضافة لإلزامه بدفع فواتير باهظة لقاء خدمة لا يتمتع بها ولا يعرفها، فالموضوع، كما أسلفنا، ليس قضية تقنية وفنية بحتة وصعوبات مادية ومالية وحصار ومن تلك الحجج الواهية ومصفوفة التبريرات الجاهزة والكاذبة التي يسوّق ويروج لها النظام ودجالوه الكبار قدر ما هي أداة تعذيب أخرى، تضاف لبساط الريح والدولاب الألماني والكبل الكهربائي التي يستخدمها في الأقبية والزنازين، فهي أداة تأديب نفسية وعقاب جماعي وهراوة مسلطة فوق رأس الشعب السوري المسكين لترويضه وتدجينه وإذلاله وتركيعه وابتزازه وإخراسه وضمان صمته وعبوديته لتأبيد بقاء عصابة خانقين والنظام الفاشي المجرم.. فالكهرباء تباع اليوم للأردن ولبنان ويذهب ثمنها وريعها لآل الأخرس والدباغ وأسماء وتتقاسمها مع اللصوص وحيتان النظام الكبار، وما قضية الاربعمائة مليون دولار التي ضبطت بحوزته، وطرد بسببها رئيس الوزراء السابق عماد خميس الا قمة جبل الجليد الظاهر من ريع الكهرباء المباعة للبنان والأردن وكان هذا الحرامي الأسدي الكبير يحاول تهريبها وهو الذي يسرح ويمرح تحت سمع ونظر ومرأى وأنظار المقاومين وأجهزتهم الفاشية ويحظى بحمايتهم ورعايتهم فلا أزمة كهرباء بل أداة لتدجين وترويض السوريين وتعويدهم على الذل والعبودية والركوع والانبطاح.
لقد قبض الطرطور الذليل الذي لا حدود لشراهته ونهمه للمال الحرام المسروق، هو وعصاباته على كل ذرة هواء ولقمة طعام واحتكروها وجعلوها مادة للابتزاز والتكسب والارتزاق على حساب الشعب الفقير المكلوم فوزع النفط مثلاً على شريكه القاطرجي، والبطاقة الذكية المختصة بالمواد المعيشية على آل الدباغ أقربائه من أصوله الكردية من خانقين، وأولاد خالة سيدة البرسيم والشعير والجرجير،(للعلم آل الأخرس أقرباء لآل الجحش قبل الزواج من أسماء وزواجه منها بتوصية من المقبور حيث كان يتردد على بيتهم في لندن وسنفرد لهذا فصلاً مستقلاً لاحقاً) وأما التبغ الذي كان بيد آل مخلوف بات اليوم بيد عصابات القرداحة وتحديداً المدعو محسن عبيدو الذي خدم كضابط مجند عند سيدة البرسيم و الجرجير وكان مرافقاً شخصياً لها، وهذه جل مواهبه وخبراته المهنية، ويتقاسم الأرباح مناصفة معها وصار اليوم واحداً من مليارديرية الساحل الكبار، أما الكهرباء فسيهب ذيل الكلب حصرية احتكارها لمجرم الحرب أبي علي خضر طاهر المطلوب للجنائية الدولية ويتمتع بحماية خاصة من مجرمي وسفاحي النظام الكبار المطلوبين بدورهم لمحاكم جرائم الحرب بلاهاي.
احتكار كل شيء بيد العصابة والعائلات المجرمة وتوزيعه وتقنينه على السوريين هو اليوم استراتيجية ممنهجة للنظام الفاشي المجرم، ومن هنا، يمكن فهم، والولوج إلى مجمل الأزمات التي تعصف بسوريا، منذ تولي المجرم المقبور السلطة وغدره برفاق عمره الذين أتوا به من جبال العلويين حيث كان يصطاد «الدرغلة» على الدبق، ليؤمـّن قوت يومه، حين كان عاطلاً عن العمل ووقتما اتصل به الرفاق، وعلى رأسهم صلاح جديد، ليخبروه الالتحاق بالجيش بعد انقلاب البعث الفاشي المجرم في 8 آذار (مارس) 1963. وتلك قصة أخرى لها هموم وشجون، لا بد ستأخذ حيزاً كافياً على هذه الصفحة.
ومن أطرف ما يمكن أن يروى عن عصابة الطرطور والي المهاجرين، أن هناك قانوناً، فاشياً، سخيفاً، كسائر قوانين مافيا خانقين الأسدية، يقضي بالحكم بالسجن والغرامة على «الاستجرار» غير القانوني وسرقة الكهرباء من الشبكة العامة، تصل فيها العقوبات حتى العشر سنوات مع غرامات باهظة وإجراءات أخرى أكثر فاشية على الفقراء الذين لا يملكون ثمن الكهرباء وتحمل نفقاتها وضرائبها الباهظة، وما يحمـّل عليها من رسوم قراقوشية، كطابع الإيدز وهذه ليست مزحة أو رسم إنفاق أو مساعدات للفيضانات بالسودان وجبايات أخرى أكثر مسخرة، لكن ذيل الكلب وعصابة خانقين الحاكمة يستجرونها بمليارات الدولارات ويبيعونها للأردن ولبنان تاركين ملايين السوريين غارقين في ظلال طويل.
ويعتزم، اليوم فريق من الخبراء القانونيين والمحامين السوريين رفع دعاوٍ قضائية ضد وزارة «قطع» وتقنين الكهرباء السورية، وذلك بسبب القطع الجائر والطويل للكهرباء وبشكل يومي بلغ العشرين ساعة عن الشعب السوري، وهناك مناطق لا تصلها أبداً في عصر تعتبر فيه الكهرباء عصب وشريان وروح الحياة والنشاط العام، وقد وصلت المعاناة لمراحل تأخذ فيها أبعاداً وتداعيات إنسانية وكارثية يفقد فيها العشرات أرواحهم يومياً لهذا السبب، وبسبب تقنينها إلى حدود جاوزت قدرة البشر على التحمل والصبر فلم يعد بالإمكان، والحال، النظر للقضية باعتبارها قضية تقنية وفنية وصعوبات اقتصادية قدر ما هي آلية معتمدة ومنهجية ومدروسة واستراتيجية وتوصيات مباشرة بات الكل يدركها من رأس عصابة خانقين الفاشية الحاكمة الطرطور وزوجته السنكوحة سيدة البقلة والبرسيم والجرجير كآلية عقاب جماعي وانتقام وتأديب لإخضاع وتركيع وإذلال وقهر السوريين وتدجينهم وترويضهم في إطار وسياق رؤية العصابة الحاكمة لسوريا كمزرعة ورثها بمن فيها من «البهائم والسائبة والطرش والدواب» وعذراً للتعبير فهو مجرد توصيف حال ليس إلا.
ربما لم تكن اعترافات ذيل الكلب، «زوج الست» في وقت سابق من الأسبوع الماضي، حول سرقة وتهريب 42 ملياراً من الدولارات وتهريبها للبنان، ومن ثم تبخرها هناك، ككل الأموال التي نهبت وسرقت من سوريا على مدى خمسين عاماً من قبل المافيا والعصابة الحاكمة، سوى تفصيل بسيط ونزر يسير من رأس جبل الفساد الظاهر، فالمبالغ كما يقدر كثير من الخبراء والمتابعين تتخطى حاجز التريليون بكثير إذا علمنا أن قطاع النفط لوحده كان يباع، وعلى مدى خمسين عاماً، أي نصف قرن بالتمام والكمال، بمعدل 400 ألف برميل يومياً حسب الإعلان الرسمي، ويوضع في حسابات سرية خاصة لآل مخلوف والأسد، ويعلم السوريون جميعاً، مدى شراهة ونهم هذه العصابة وعشقها للمال ناهيكم عن دورها الوظيفي الموكل إليها، كوكيل استعماري مفوض دولياً برقاب وثروة السوريين، لنهب وإفقار وتجويع السوريين وسرقة خيرات وثروات سوريا. ويتساءل كثير من السوريين، تعقيباً على اعترافات الطرطور، كيف تسنى لهذه العصابات والمافيات تهريب كل هذه المبالغ الطائلة أمام مرأى وأنظار الأجهزة التي تحصي عليهم أنفاسهم وتطاردهم وتزج بهم في غياهب السجون من أجل امتلاك بضعة دولارات، أو من أجل استجرار بضع كيلواطات من الكهرباء للإنارة والطبخ أو التدفئة من قبل شوية فقراء ومنتوفين معترين ألقى بهم هذا المجرم وأبيه ومافياتهم في جحيم الفقر واتون العوز والشح والحرمان.
(شكر خاص للضباط والمسؤولين السوريين من الساحل الذين أمدونا بمادة هذا المقال وشاركوا في صياغته).

1