أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
زواج الــ (بدائل) عادات وتقاليد أساءت للمرأة العراقية!!
بقلم : سهـــى عودة* ... 23.11.2012

أربعة أعوام مضت على زواجه بأخرى؛ وخمس سنوات قضتها وهي تحمل لقب متزوجة حسب تعريف الهوية، مع أن زواجها الفعلي لم يدم إلا سنة واحدة، وشغيرتها أبنة عمها التي تزوجت من أخيها بعد حب أفلاطوني أستمر سنتين، زواج كلتاهما كان عقيما لم يثمر بويضات مخصبة لكنه حمل الهموم والعناد والمشاكل التي انتهت بعودتهما تحت رحمة الأب.
كانت تتكلم وهي مدمعة العينين فتاةً صغيرة لم تبلغ الثامنة عشر من العمر. تزوجت من أبن عمها وفق العادات والتقاليد بما يسمى زواج البدائل أو زواج الشغار أو مايعرف في مجتمعنا (كصة بكصة) .
"والدي الذي بات ينتظر الفرج بزواجي للمرة الثانية؛ وبذلك أشتري حريتي بعد أن يتم بيعي لرجل أخر وبثمن يغطي ثمن طلاقي من زوجي الأول الذي هو أبن عمي وشقيق زوجة أخي". هذا ماذكرته وبدأت به شيماء كلامها وروايتها لقصة زواجها
في القرن الواحد والعشرين الا أن هذا النوع من الزواج معمول به الى الآن في المدن وليس فقط القرى والأرياف؛ وخاصة المدن ذات الطابع العشائري مثل الموصل، والانبار، صلاح الدين، كربلاء، والديوانية. وهذا الزواج أن حقق سعادة لأحد الطرفين فهو يحقق التعاسة للآخر! كما يبينها حسين الكعبي مراسل جريدة الصباح في النجف الأشراف تكلم عن زواج البدائل في المجتمع العراقي
"الزواج لدى العشائر العراقية بغض النظر عن التقاليد فهو في الأصل لا يراعي موافقة المرأة أو رفضها للعريس الذي يتقدم لخطبتها، بل في معظم الحالات الأب أو الأخوة هم من يقرر الرفض أو الموافقة نيابةً عن المرأة وهو ما لا يتفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية".
سمر محمد سيدة عراقية تزوجت وفق العادات والتقاليد عاشت تجربة زواج البدائل تروي تجربتها على مدى السنوات المنصرمة قائلة
"عشت هذه التجربة في شقها الأول اقصد أنني كنت زوجة (كصة بكصة) بعد أن زوجني أهلي وفق نظام البدائل من أخ زوجة أخي، أخي طلق زوجته بعد عشر سنوات عجاف قضاها مع أخت زوجي، كاد زواجي أن يتعرض للانهيار وفق التقاليد لكنني صبرت وناضلت ليستمر زواجي" وتضيف قائلة
"هذه الظاهرة موجودة ومستمرة والموقف القانوني لا يحمي حقوق المرأة" .
في حين يرى البعض الأخر أن ظاهرة زواج البدائل قد أنقرضت وهي ظاهرة نتيجة العادات والتقاليد القديمة التي سادت لفترة من الزمن أما الان تعتبر ظاهرة بالية، وهم يرون أن الزواج المبكر هو الظاهرة السائدة الآن ولها الكثير من الجوانب السلبية أبرزها تزايد حالات الطلاق في العراق وفي محافظة نينوى على وجه التحديد، وفي الغالب تكون الحالة المادية للشاب سبب, وعدم النضوج الكافي والوعي لكلا الطرفين هو سبباً أخر لحدوث الطلاق بين الطرفين .وهذا ما أكده السيد زيد الشمري باحث أجتماعي في محكمة بداءة الموصل للأحوال الشخصية
"برغم أن نسب الطلاق متزايدة في محافظة نينوى لأسباب عديدة أهمها تدخلات الأهل في حياة الزوجين اللذين غالبا مايكونان صغيران بالعمر، فالزواج المبكر بات شائع في العراق الا أن الكثير من زيجات البدائل نجحت وأستمرت ولأعوام طويلة ".
وأردف قائلا"
" من بين 150 إلى 200 حالة طلاق تستقبلها محكمة مدينة الموصل بمعدل شهري 80% منها تتم بالمخالعة؛ إلا أن حالات الطلاق لزواج البدائل تكاد لاتتعدى الحالة أو الحالتين شهريا "
ويقول الشمري
"وظاهرة زواج البدائل أخذت نسبتها بالأنحسار وهي لاتسود إلا في المجتمعات الريفية والقروية" .
أما الجانب القضائي يرى أن القانون العراقي غني بمواده القانونية في حماية المرأة وقد كفل حقها في الزواج وهذا مايراه المعاون القضائي (هاشم محمد جاسم) حيث أنه لم يتفق مع السيدة سمر فيؤكد قائلا"
"القانون العراقي فيه نقاط من القوة تكفي لجعل المرأة قوية ولا تخضع إذا تعرضت للزواج الإجباري؛ فالمادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية الفقرة الأولى دليل على ماأذكر لكن ما يمنع المرأة من أستخدام القانون هو الجهل كونها لاتملك الوعي والثقافة القانونية الكافية لمعرفة مالها وما عليها".
علما" أن المادة التاسعة الفقرة الأولى من قانون الأحوال الشخصية تنص على (أنه لايحق لأي من الأقارب والاغيار أكراه أي شخص ذكر أو أنثى على الزواج ويعتبر العقد باطلا ويعاقب من يخالف الفقرة (1) بالحبس مدة لاتزيد عن ثلاث سنوات أو بالغرامة) وهنا نجد أن القانون العراقي قد كفل الحماية اللازمة للمرأة من أن تجبر على الزواج.
وهذا ما أكده المحامي (أحمد علي الجبوري)
"أن القانون قد كفل للمرأة الحماية اللازمة لكن يبقى خوف الفتاة المكرهة على الزواج من أهلها هو من أكثر الأسباب التي تجعلها لا تظهر الرفض أمام القاضي وعدم أخباره بأمر إجبارها على الزواج"
ويواصل مضيفاً "لكنني أرى أنها يجب أن تتحمل النتائج وأن تواجه الأهل بدل أن تعيش حياة مستقبلية تعيسة قد تؤدي بها إلى نتائج لايحمد عقباها".
المجتمع العراقي مازال يرزح تحت عباءة الموروثات السلبية وزواج البدائل ليس الموروث الوحيد فهناك أنواع أخرى من الزيجات والتي بمحصلتها النهائية هي أضطهاد ونكران وتجاوز على حقوق المرأة التي إذ لاتزال تدفع فاتورة الجهل والتخلف والتقاليد التي فرضتها عليها الأعراف العشائرية المتزمتة التي تنظر إلى المرأة على أنها إنسان ناقص يحتاج إلى الوصاية والولاية . ويقول الكعبي موضحا" أنواع اخرى من الزيجات
"من هذه الزيجات زواج النهوة حيث ينهى أبن العم بنت عمه عن الزواج بأي شخص آخر، ويهدد بقتل كل من يتقدم لها! وهذا التهديد يعتبر حق مشروع لذلك لا يجرؤ أحد على نهيه ويكون القتل أيضا مشروعاً في هذه الحالة وهذا أكبر المصائب"
وأضاف الكعبي "زواج الفصلية نوع آخر، حيث تؤخذ المرأة كتعويض وليس لها أي حقوق ويحدث عندما تحصل جريمة قتل فيقوم أهل المقتول بطلب امرأة من أهل القاتل كفصل عن قتل أبنهم"
وهكذا أنواع من الزيجات لاتتوفر لها إحصائيات وأرقام تبين أعداد المتزوجين ونسب نجاح أو فشل هكذا نوع من هذه الزيجات..
المرأة العراقية اليوم تحتاج لنهضة توعوية كبيرة لتنفض عنها غبار التخلف والسيطرة الذكورية وتعريفها بحقوقها.ويتفق المعاون القضائي (هاشم محمد جاسم) والمحامي (احمد علي الجبوري) في قولهما
"الوعي ونشر ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة خاصة ضرورة ملحة من خلال المناهج الجامعية كمواد أساسية في التعليم المنهجي، وماتزايد أعداد الفتيات اللاتي بدأن يرتدن الجامعات والمؤسسات التعليمية الا أشارة أيجابية والأفضل هو تضمين هذه المناهج كل مايخص تعريف المرأة بحقوقها وزيادة أهليتها من خلال قانون الأحوال الشخصية والاتفاقيات الدولية.

المصدر : مركز مسا واة المرأه.. *بغداد - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
1