أحدث الأخبار
الجمعة 19 نيسان/أبريل 2024
أنا زلمة!!
بقلم : أحلام طرايرة ... 30.07.2013

"أنا زلمة" – أنا رجُل- كانت ولا تزال ذلك الجواب السحري الذي تسقط أمامه كل الأسئلة، وتصمت في حضرته كل الاستفسارات. جواب حقنونا به كأبجدية حياة، حتى بات جوابا مطمئنا ومقنعا وصالحا لكل زمان ومكان ولأية حالة يجتمع بها رجل وامرأة. جوابا بات بديهيا ومفهوما للدرجة التي لا يقبل بها طعنا أو حتى توضيحا، وإلا اتهموك بالشذوذ أو المروق أو الاستغراب، ففكرة أن ترد بسؤال على هذا الجواب السليقي مثل " وماذا يعني ان تكون زلمة؟" هي فكرة لا شك ليست أصيلة في تراثنا الفكري العربي وهي لا شك مستوردة من مكان ما يحيك أهله مؤامرات ما ضد تقدمنا وتطورنا ونهضتنا في الشرق! فلا أحد يجرؤ أن يتساءل: وماذا تغير حقيقة أنك زلمة في حديثنا؟، هذا الحديث الذي قد يكون في الفيزياء وعلم الفلك وقد يكون في الطبخ. لا يهم في الحقيقة محور الحديث، المهم أن قطبيّ المعادلة في جميع المحاور هما امرأة ورجل.
لا يزال علم الانثروبولوجي يبحث كيف تحوّلت علاقة الشراكة والتكامل بين المرأة والرجل عبر التاريخ إلى علاقة أفضليّة انتهى بها المطاف أن تضطهد وتخنق وتستعبد المرأة باسم هذه الأفضلية: "أنا زلمة". هذا التسلسل التاريخي الذي مرّت به البشرية جمعاء حوّل المرأة إلى أداة لمتعة الرجل فقط، وكل مهامها الأخرى في الحياة تدور أيضا حول العناية بهذا الرجل، فعليها أن تغذّيه وتنظّفه وتنجب له أطفال يحملون اسمه هو، لا اسمها هي بالطبع. فنستطيع بذلك أن نخلص أن المرأة بالضرورة ليست إلا كيانا تابعا لكيان أصيل وعظيم وهو الرجل، وهي ليست إلا أحد تلك المخلوقات التي سخّرتها الطبيعة له. هو- الرجل او الزلمة- في رأس الهرم وتليه المخلوقات الأخرى تتقدمها المرأة، كلها صاغرة منتظرة ما يقرره السيد الرجل بشأنها.
لكن ولأن البشرية هي كينونة متحركة متغيرة، فلا بد أن تتبنه العقول الحرّة لهذا "العوج" وأن تحاول تصحيحه، مع فارق الزمن بين شعوب وأخرى. فلا ننكر أن أوروبا مثلا قد قطعت شوطا جيدا في مجال إعادة اعتبار المرأة الذي أعطته إياها الطبيعة لها، لكننا لا ننكر أيضا أن الشتائم هناك لا زالت تطال الأم دون الأب وهي بالضرورة شتائم ذات دلالات جنسية يعود بنا للدور الذي تم إعطاؤه للمرأة في الحياة، تماما كما في الشرق المضطهدة أنثاه، ولا زال الرجل الضعيف المرهف هناك يوصف ب"البنت" على سبيل الفكاهة. وفي هذه الملاحظات الأخيرة إشارات كبيرة تخبرنا أن الغرب – على تقدّمه الضخم على الشرق في مجال الحريّات وحقوق الإنسان- لم يشف هو الآخر من ذكوريته بعد، ولهذا أيضا لا تزال النساء تُغتصب في الغرب- ولو بدرجات متفاوتة- ولا يزال البعض يحمّل المسؤولية للباس الضحية ومشيتها والوقت الذي كانت به خارج بيتها وليس للمجرم الذي لو كان قد شفي تماما من ذكوريته لما أخذ جسدا لامرأة عنوة، أيا كانت الدرجة التي اشتهاها بها وأيا كانت ظروف لقائهما، فالرجل يشتهي المرأة ويكون معها برضاها، أما الذكر فهو يشتهيها ويأخذها أينما طلبها وبصرف النظر عن موقفها هي من ذلك.
لم ينته الحديث في هذا المقام بعد، لكنني سأنهيه ولا تزال "أنا زلمة" هي الإجابة المقنعة للكثيرين والمستفزة للقليلين- أنا أحدهم- ولا تزال المرأة العالِمة والمعلّمة والملهمة والفنانة والطبيبة ورائدة الفضاء تعتبر فاشلة ما دامت لم تصطد رجلا وتتزوجه وتنجب له ولدا ذكرا.
وللحديث بقية...

المصدر :مركز مساواة المراه
1