أحدث الأخبار
الثلاثاء 19 آذار/مارس 2024
التركيات مواطنات من "الدرجة الثانية" !!
بقلم : يمينة حمدي ... 04.01.2020

تركيا بلد تناقضات صارخة، ويبدو هذا الأمر جلياً عندما يتعلق بواقع النساء الذي مازال غير متجانس في الكثير من المناطق التي تعيش فيها المرأة محرومة من أبسط حقوقها الشرعية، رغم أن الدراما التركية ووسائل الإعلام الحكومية تحاول أن تنقل صورة مثالية عن المرأة التركية، بل وتصرّ على طمر العديد من مشاكلها، بدلًا من البحث في أسبابها والعمل على معالجتها.
تعطي الدراما ووسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية صورة مشرقة ومتطورة عن المرأة التركية المساوية للرجل في جميع المجالات، وما تتمتع به من حقوق وحريات في مجتمعها، لكن يبدو أن هناك واقعا آخر خفيا لا تعكسه عدسات الكاميرا ولا يكشف عنه الساسة.
فعلى الرغم من بروز الكثير من النماذج لنساء تركيات شهيرات وناجحات، فإن ما لم يتحقق بالنسبة إلى المرأة التركية مازال كبيرا، وخصوصا في مجتمع غير متجانس ثقافيا، ومنقسم بين التيار الديني المحافظ والتيار العلماني.
وتبدو المفارقة كبيرة، حين يتضمن الدستور الحالي لتركيا بندا يلزم الحكومة بضمان المساواة للجميع، في حين لا تزال الفجوة بين الجنسين كبيرة جدا، فمعظم التركيات يتقاضين أجورا أقل من الرجال، ويتركز عملهن في الأنشطة ضعيفة ومتوسطة الأجر، وتقل فرص وصولهن إلى مراكز صناعة القرار، بالإضافة إلى تحملهن أعباء شؤون المنزل ورعاية الأسرة.
وحسب مؤشر المرأة والسلام والأمن لعام 2019، الذي تعده مؤسسات بحثية كمعهد المرأة والسلام والأمن بجامعة جورج تاون، جاءت تركيا في المرتبة 114 في المؤشر الذي ضم 167 دولة.
واستند الباحثون في تقييمهم لعدد من المعايير من بينها أمن المرأة وقدرتها على التوظيف والوصول إلى الحسابات المصرفية.
وتتمتع المرأة التركية عموما بالكثير من المكاسب والحقوق التقدمية، مثل حق التصويت في الانتخابات والحصول على التعليم والحق في التطليق والحق في الإجهاض، بل إن الأتراك انتخبوا لهم رئيسة وزراء عام 1993.
وصارت المرأة التركية منذ يناير 2002 مساوية للرجل في الحقوق حيث منحت حق اتخاذ القرارات المتعلقة بالمنزل والأطفال على قدم المساواة مع الرجل، كما خوّل لها القانون اقتسام الممتلكات بالتساوي في حالة الطلاق، وسمح لها بالحصول على الوظائف دون إذن من زوجها.
الواقع مظلم
معظم هذه الحقوق لم تترجم إلى واقع فعلي، فوفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي المنشورة في ديسمبر 2019، فإن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة لم تتجاوز 33 بالمئة، بينما تصل النسبة في صفوف الرجال إلى 71 بالمئة، كما كشفت البيانات أن نسبة البطالة أعلى في صفوف النساء مقارنة بالرجال. فعلى سبيل المثال، يبلغ معدل البطالة للخريجين الجامعيين 10.4 بالمئة، في حين ترتفع هذه النسبة عند الخريجات الجامعيات إلى 18 بالمئة.
وقد أظهرت بعض الأبحاث أن أجور النساء العاملات في تركيا تختلف اختلافًا كبيرًا بين الأمهات والنساء الأخريات.
وكشفت منظمة العمل الدولية، في تقريرها الذي حمل عنوان “فهم الفوارق في الأجور على أساس النوع الاجتماعي”، والذي غطّى عامي 2018 – 2019، أن تركيا تقع ضمن أسوأ البلدان في هذا المجال؛ إذ تحصل الأم العاملة على أجرة أقلّ بنسبة 30 بالمئة من بقية العاملات، وقد تدفعهنّ الأمومة إلى وقف الحياة العملية تمامًا.
لكن ثمة أمر آخر يثير مخاوف جماعات حقوق المرأة وهو الجدل الذي أصبح سائدا حول “المظهر الذي يجب أن تكون عليه المرأة التركية المثالية”، حتى أن الكثير من وسائل الإعلام قد تطرقت إلى هذا الأمر.
ولا يبدو موضوع لباس المرأة التركية أصل المشكلة، بقدر ما هو جزئية من توجه جديد في النظر إلى المرأة ودورها، بدأ يظهر إلى العلن في المجتمع التركي.
والمثير للاهتمام أن المرأة التركية اليوم قد أصبحت في قلب توجه جديد تحاول من خلاله النساء السافرات اللواتي يعتمدن نمط حياة عصري فرض أنفسهن كنقيض للمرأة التركية “المحجبة”.
وأكثر ما تخشاه التركيات هو استفحال ثقافة قمع الإناث التي أصبحت تسير يدا بيد مع ارتفاع معدلات العنف الجنسي والجسدي ضد المرأة.
الوضع سيء
عبرت الكاتبة والحقوقية نورجان بايسال عن استيائها من الوضع الذي آلت إليه حقوق المرأة في بلادها قائلة “المساواة بين المرأة والرجل أمر لم يتحقق بعد في تركيا، بل على الأغلب فإن وضع المرأة قد ازداد سوءا في الأعوام الخمس عشرة الماضية بسبب سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية”.


نورجان بايسال: المساواة بين المرأة والرجل أمر لم يتحقق بعد، بل على الأغلب فوضع المرأة التركية قد ازداد سوءا

وأضافت بايسال لـ”العرب”، “لقد تم تحويل وزارة المرأة إلى وزارة للأسرة، ولم تعد النساء محور الاهتمام بل الأسرة، وبالتالي أصبحت الانتهاكات الجسدية والجنسية جزءا من حياة المرأة اليومية، فقد قُتل العديد من النساء على أيدي أزواجهن، وللأسف الأرقام تتضاعف كل يوم بسبب سياسات الإفلات من العقاب”.
ونوهت بايسال إلى أنه لا يوجد ما يكفي من ملاجئ للنساء اللائي يتعرضن للعنف، مؤكدة أنه يتم في معظم الأحيان إعادة النساء اللواتي يتقدمن بطلب إلى مؤسسات الدولة أو مراكز الشرطة طلبا للحماية من العنف إلى منازلهن، بسبب الاعتقاد الشائع أن “مكان المرأة هو بالقرب من زوجها”.
وتعتقد بايسال أن هيئة الشؤون الدينية “ديانت” قد ساهمت أيضًا في هذا الوضع السيء الذي تعيشه المرأة التركية، بسبب الطريقة التي يتحدث بها رئيس “ديانت” عن دور المرأة وإلقائه باستمرار خطابات يدعو فيها المرأة إلى الامتثال لأوامر زوجها وعدم الخروج عن طوعه، بل إن “الأمر قد وصل إلى حد مطالبتها باتباع نمط حياة معين”
وأسست تركيا رئاسة الشؤون الدينية عام 1924 بعد عام من تأسيس الجمهورية التركية بهدف إدارة جميع المساجد والإشراف على التعليم الديني. وغالبا ما تتعرض هذه الهيئة للهجوم من معارضي الحكومة نظرا للتوسع في ميزانيتها منذ تولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السلطة.
وفي عام 2018 أثارت هذه الهيئة جدلا واسعا عندما أفتت بإمكانية تزويج الفتيات في سن التاسعة.
ويقول منتقدو أردوغان إن خطاباته قد زادت الوضع سوءا؛ فقد وصف الرئيس التركي قبل ثلاث سنوات النساء اللاتي لسن أمهات بالـ”ناقصات”. وكان قبلها قد حث الأمهات على إنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، واعتبر تنظيم النسل “خيانة”.
وأفادت منظمات ناشطة في مجال حقوق المرأة أن العنف ضد النساء تصاعد بصورة حادة خلال الأعوام التي تولّى خلالها حزب العدالة والتنمية الحكم.
عجز القوانين
تعاني نحو 40 بالمئة من النساء في تركيا من الاعتداء الجسدي؛ وتموت نحو 300 – 400 امرأة في العام جراء ذلك.
وكان المجلس الأوروبي حذر في تقرير سابق الحكومة التركية من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، وطالب باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية.
وقال تقرير المجلس الأوروبي إن “27 بالمئة من النساء التركيات يتعرضن للمراقبة والتتبع والتحرش الجنسي مرة واحدة على الأقل على مدار حياتهن”.
ووجدت نساء تركيات في مواقع التواصل الاجتماعي نافذة لكسر الخطوط الحمراء والحديث عمّا يواجهنه من أوقات عصيبة في حياتهن، وما يتعرضن له من انتهاكات جنسية وأسرية، علهن يجدن المساعدة، بعد أن عجزت القوانين عن حمايتهن.
وكتبت شابة تدعى ديرا (22 عاما)، تعيش في إقليم بورصة بشمال تركيا، على تويتر تقول إن رجلا اسمه هارون دينيز هجم عليها بقارورة وقام باغتصابها.
وتضيف “يجب أن يشعر هذا الرجل الذي اغتصبني بالخزي والعار، وليس أنا، بل أشعر وكأني أنا من شعر بالعار حين تقدمت ضده بشكوى”.
وتواصل ديرا حديثها مستهجنة “لقد مثل هذا الرجل أمام المحكمة، لكن لم يتم اعتقاله… كيف سمحوا له بالذهاب بحرية؟ لقد تعرض الشاهد في قضيتي للاعتداء بالضرب وتمت مضايقتي في الشارع وحتى مساومتي بالأموال من أجل التنازل عن القضية. لا أدري كيف سمحت له الشرطة بالذهاب هكذا بكل حرية؟”.
ونشرت ديرا صورا لرسائل تلقتها من قبيل “أتمنى لو أني قتلتك في تلك الليلة، يا ليتني أحرقت جسدك، أيتها الفاجرة، لقد حطمت حياتي”.
وهناك رسالة أخرى تقول “لا يمكن أن أنسى ذلك الألم وكيف توسلت لي مثل الكلبة”.
وأكدت ديرا التي تدرس لتصبح معلمة، أنها تتناول المهدئات بناء على نصائح طبية لكي يتسنى لها مواصلة حياتها، وتساءلت عن سر عدم تطبيق قانون “منع العنف ضد النساء”.
وبعد انتشار تغريدات ديرا، تواصلت معها إدارة الأسرة والسياسات الاجتماعية في إقليم بورصة، ومن ثم اعتقل المشتبه به.
لكن سرعان ما أطلق سراح الرجل بعد أن أدلى بشهادته، ومن ثم استمر في تهديداته لها، وفقا لما تقوله ديرا، التي تقدمت بشكوى أخرى. واعتقل الرجل مجددا، لكنه – مرة أخرى – حصل على عفو.
وقالت المحامية كارديلين باشاك إنها تعرضت للسخرية واتهمت بالكذب حين كتبت عن تجربتها مع سائق سيارة أخرى كان يتناول الجعة أثناء القيادة وكيف حاول اختطافها.
وأشارت باشاك إلى أنها أقامت دعوى قضائية بعد الواقعة، ونشرت نسخة من قرار المحكمة بالحكم على السائق بالسجن لخمس سنوات ونصف بتهمة التحرش الجنسي.
وأضافت باشاك موضحة “هذا الحكم مصدر فخر لي. لكن قبل ذلك، كان عليّ أن أركض خلف رجل آخر في شارع مظلم بعدما قفز فوقي وقاتلت في المحكمة حتى صدر حكم عليه أيضا”.
واشتكت فتاة أخرى تدعى جولاي مبارك وهي من إقليم هاتاي في جنوب تركيا إلى الشرطة بعد أن وصلتها تهديدات بالقتل على مدى عامين متواصلين.
وبالفعل اعتقل المشتبه به، واسمه أردوغان كوبيلي، بعد أن دونت مبارك قصتها على تويتر وتضامن آلاف النساء معها في محاولة لنشر الوعي بقضيتها.
ولفتت مبارك إلى أن ضابط الشرطة قال لها “أحسنت صنعا بنشر تفاصيل الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، لقد تحدثت إلى جمهور عريض، ومن ثم تحرك الادعاء سريعا”.
وربحت مبارك الدعوى ضد كوبيلي، لكن لم يتم اعتقال الرجل. وفي محاولته لاستئناف القرار، ادعى كوبيلي أنه بالفعل وجّه إهانات إلى جولاي، لكنه لم يهددها.
لكن مبارك نشرت تسجيلا صوتيا واحدا مدته دقيقتان، يقول فيه الرجل إنه سيقطع رأسها وسيلعب به الكرة، وإنه لن يدخل السجن قبل أن يغتصبها، وإن الأمر لن ينتهي قبل أن ينتهي من قتلها.
وأضافت جولاي “النتيجة أنه لم يعتقل وأني الآن أشعر بخوف شديد”.
وقالت المحامية إيسين يسيليرماك التي تعمل في مجالس المرأة في حديث لـ”العرب”، “إن النساء يواجهن بالرفض حين يتقدمن بشكاوى للشرطة، التي تعجز في كثير من الأحيان عن جمع الأدلة وفتح تحقيق حتى لو قبلت الدعوى”.
وأضافت “بسبب محاباة القضاء للرجال، سواء في التحقيق أو عمل النيابة، نعجز مهما كانت جدية محاولاتنا عن تحقيق النتائج المرجوة”.
وتقول أوموت يلمظ من هيئة الصحة النفسية التركية إن مواقع التواصل الاجتماعي تمنح للنساء منصة لإيصال أصواتهن، في ظل معاناتهن للعثور على مؤسسات تفهم ما تتقدمن به من شكاوى وتقدم لهن الدعم حين تتعرضن للعنف.
وتضيف يلمظ إن “الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي وسرعة الاستجابة وشبكات التضامن على الإنترنت تساعد النساء على الوقوف في وجه الرجال والحصول على نتائج”.
وشددت يلمظ على أن الشرطة دأبت على خذلان ضحايا العنف، ولا تعمل على توفير الحماية للنساء، بل تدفعهن لضبط زينتهن والعودة إلى منازلهن مع الرجال المتهمين بالاعتداء عليهن، وهو أمر يؤدي بهن إلى الاكتئاب والانتحار.
واعتبرت أن الطريقة التي تنقل بها مثل هذه الحالات في وسائل الإعلام التقليدية والبديلة يخلق أزمة ثقة، إذ يتم على الأرجح تصوير النساء وكأنهن من يتعمد الإثارة.
وتعد تركيا من أولى الدول الموقعة على اتفاقية إسطنبول، وهي عبارة عن مجموعة من الإجراءات الرامية إلى مكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي تبناها مجلس أوروبا في أكبر مدينة تركية في العام 2011. ولكن الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة تشير تشير إلى أن الحكومة لم تفِ بالالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية، التي استهدفها المحافظون والإسلاميون في السنوات الأخيرة إذ يقولون إنها تضر بالقيم الثقافية التركية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، أليست المرأة التركية في حاجة إلى دعم قانوني حقيقي وبيئة أسرية واجتماعية تستطيع فيها أن تعبّر عن نفسها بكل حرية، وتمارس حقوقها وواجباتها أسوة بالرجال؟ ألن يكون هذا أساسا عظيما لبناء دولة ديمقراطية تسود فيها مساواة حقيقية للجميع، حيث يصبح ذلك أكثر من مجرد قوانين مدونة فقط في الدستور؟
حلم المساواة
ترى الأكاديمية غول إسراء أتاباي أن أدوار النساء في المجتمع التركي مشتتة وغير متجانسة عكس ما يفترض عادة، فمعظمهن لا يعيش واقعا اجتماعيا موحدا، وذلك راجع إلى الثقافة الذكورية ومنظومة العادات والتقاليد البالية التي لا تزال سائدة في تركيا حسب تعبيرها.
وقالت أتاباي، التي تشغل منصب عضو هيئة تدريس في إحدى الجامعات، “تمثل تركيا نقطة عبور بين ثقافات الشرق والغرب، لهذا السبب، فهي تملك بنية ثقافية معقدة”.
وأضافت أتاباي لـ”العرب”، “لقد اختارت تركيا، نتيجة الثورات التي خاضها أتاتورك، أن تكون دولة علمانية، ومن ثم كان من الطبيعي أن توجه وجهها صوب الغرب”.
وواصلت حديثها موضحة “سبقت تركيا العديد من دول أوروبا في حصول المرأة على حق التصويت والترشح للانتخابات، وكان أتاتورك يهدف في الأساس، من الثورات التي خاضها، إلى أن يضمن للمرأة التركية حقها في المشاركة الفاعلة والانخراط في جميع مناحي الحياة الاجتماعية؛ لتصبح بذلك على قدم المساواة مع الرجل. لهذا السبب، يرى جميع المواطنين والمواطنات الذين يعيشون في تركيا ويدعمون مبدأ المساواة بين المرأة والرجل أنه من الأهمية بمكان ألا تتنازل المرأة التركية عن مكتسباتها التي ضمنتها لها ثورة أتاتورك في الماضي ونضاله”.
وأعربت أتاباي عن أسفها للوضع الحالي للمرأة التركية قائلة “أنا بوصفي سيدة تركية، ولدت ونشأت في إسطنبول في عائلة متعلمة، أشعر أن المرأة التركية في الفترة الحالية تفتقد بشكل جدي للمساواة الحقيقية مع الرجل. لا أنكر أنني أحصل بالفعل على نفس الراتب الذي يتقاضاه أقراني الرجال في مجال عملي، وأنني أحظى بنفس المعاملة كذلك، كما أنني أحظى بنفس القدر من المساواة في حياتي الخاصة كذلك، بل ويمكنني القول، إن صورة المرأة التركية التي تظهر في المسلسلات ليست بعيدة عن حياتي خاصة”.
وأضافت مستدركة “لكن مع هذا، يمكنني الجزم بأن السواد الأعظم من النساء في تركيا لم يحالفه الحظ مثلي؛ حيث تتعرض قريناتي من السيدات المُحافظات، اللاتي يعِشن في المناطق ذات المستويات التعليمية المتدنية، لضغوط اجتماعية هائلة، تقف حائلا أمام تحقيق طموحاتهن بطريقتهن الخاصة، بسبب ضيق الأفق والتفكير المحدود للهيكل الاجتماعي الأبوي التقليدي، الذي عشن وفُطِرن عليه”.
وشددت على أن الكثير من الفتيات عاجزات عن الحصول على حقهن في التعليم، بل إن هناك من الأسر المحافظة من لا تسمح لبناتها بمواصلة دراستهن بعد انتهاء مرحلة التعليم الأساسي.
وأكدت أتاباي أن هناك عددا من الخطوط التقليدية الصارمة التي تتحكم في حياة النساء وتتدخل كذلك في نمط ملابسهن والقرارات المصيرية في حياتهن. وبالتالي فمن الطبيعي أن تشعر المرأة التركية بالقلق من محاولة التراجع عن الحقوق التي اكتسبتها خلال ثورات أتاتورك، خاصة عندما ينظر إليها السياسيون والإداريون بوصفها مواطنة من الدرجة الثانية. لكنها ترى أنه لا مجال لعودة المرأة التركية إلى الوراء مرة أخرى.
ويبقى الحلم الأكبر بالنسبة إلى النساء التركيات اللواتي تحدثن لـ”العرب” هو أن يكون بلدهن علمانيا وديمقراطيا بأتم معنى الكلمة، ويسمح بمشاركة المرأة في جميع نواحي الحياة من أجل تحقيق التوازن الفعلي في المجتمع التركي.

المصدر : العرب
1