أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
تطبيع يا محسنين!!
بقلم : عطا مناع ... 24.05.2013

هي ليست جولة جديدة من تعرية رواد التطبيع على اعتبار أن الضرب في الميت حرام، لكنها محاولة لإسقاط ورقة التوت التي تراكمت عليها القذارة جراء وقاحة الخطاب الذي تنطبق علية مقولة ان لم تستح فأفعل ما شئت، ولكن المتابع لثقافة التطبيع يرى أنها كما الفيروس يضرب في كل الاتجاهات بحيث لا يعد مجالاً لاستخدام المشرط.
شريحة لا بأس بها من الفلسطينيين والعرب ضد التطبيع مع دولة الاحتلال والمؤسسات الغربية التي تخدم مصالح هذا الكيان، وبالرغم من مصداقية الشعار المناهض للتطبيع إلا أنة أصبح عتيقاً وغير مجدي من حيث الأداء المتمترس خلف الثقافة الوطنية التاريخية التي تأثرت بالفيروس وانقسمت على نفسها لدرجة أن أصحاب التطبيع باتوا كما الرويبضة يخطبون في الناس الذين يعيشون حالة من الإرباك قانون السوق التطبيعي الثقافي والاقتصادي الذي وضع كل ما هو فلسطيني وعربي في ميزان الناتو ودولة الكيان.
دعونا نتفق أن الفيروس انتشر بشكل ملفت، فها هو القرضاوي يستعين بالناتو لضرب سوريا، وها هي فتاوى العهر تتساقط علينا تحلل الدعارة والفساد الأخلاقي باسم الدين، وما فتوى نكاح الجهاد إلا غيض من فيض للتوجه الجديد الذي يخطط له مفكروا الامبريالية العالمية وجهابذة الماسونية بهدف خلط الأوراق وحلال ثقافة القبور مكان الثقافة القومية والوطنية .
إن محاولة إحلال ثقافة القبور التي هي نتاج لغياب البعد الوطني والقومي لها تداعيات على الأداء الشعبي العربي الذي قبل لنفسه أن يجلس على المدرج ويتابع عملية"الذبح الحلال" في سوريا وفلسطين، ولذلك لن نستغرب حالة التراجع والهبوط في الأداء الميداني الذي يصل لحد الاختلاف والتناقض بخصوص أبجديات وطنية، فعلى سبيل المثال هل نحن مع ضرب دولة الكيان لسوريا؟؟؟؟؟ بمعزل عن ما تمخض عن القرضاوي فالشارع العربي منقسم على نفسه رغم أن الحقائق تتوضح يوماً بعد يوم، وهل قمع حركة حماس للوقفة التضامنية مع سوريا مجرد سحابة صيف أم هي نتاج صفقة حمساوية أمريكية قادها عراب الناتو أمير قطر مع خالد مشعل بحضور الدكتور عزمي بشارة.
إذا أدركنا أن ثقافة التطبيع المنطلقة من فلسطين اقتحمت البعد الوطني والسياسي لتخترق النخب العابرة للقارات كالصحفيين والكتاب وأصحاب المؤسسات حينها ندرك أن قضيتنا مستهدفة من الداخل، هذا الاستهداف يمس الطبقات الشعبية التي استغلت من قبل أشخاص كان لهم دوراً وطنياً ومكانة محترمة لدى الفصائل الفلسطينية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وبالتأكيد استغل هؤلاء "تاريخهم" في عملية استقطاب الشباب وخاصة أن المغريات كثيرة.
إن التكالب الواضح من السواد الأعظم من المؤسسات التي يسيطر عليها أنصاف المثقفين الذين فقدوا كونهم مثقفين وطنيين وباتوا ينادوا بثقافة مسطحة لا شأن لها بالواقع المعاش والتفاعل مع القضايا الوطنية كقضية الأسرى والإضرابات الفردية للأسير سامر العيساوي ورفاقه حيث اتضح بما لا يفتح المجال للشك أنهم أداروا الظهر وعن قصد للمزاج الشعبي المنحاز لقضية الأسرى في سجون الاحتلال.
إذن الاستهداف واضح، ألا وهي الثقافة الوطنية التي تعزز الانتماء والانحياز للمصالح الوطنية الكبرى بعيداً عن الحزبية والاستقطاب الذي بعبر عن نفسه فلسطينياً بالانقسام الفلسطيني وعربياً بالاستقطاب الأمريكي السافر لبعض النخب وبالتحديد مشايخ الأنظمة والأحزاب الإسلامية التي وضعت نصب عينيها هدف الوصول للسلطة بصرف النظر عن الاستحقاقات المترتبة على تحالفها الغير مقدس مع الغرب.
من المهم أن نعترف أننا وصلنا للقاع في الكثير من الجوانب الثقافية، ومن المهم أن نعترف أن جرذان التطبيع بات لهم أسنان هدفها امتصاص الوعي الوطني لدى الشباب، وإذا اقتنعنا بهذه الحقيقة نستطيع كمناهضين للتطبيع أن نواجهه هذا الخطر بعيداً عن التقليد والبرامج الموسمية التي تنتظر دعماً مالياً من هنا وهناك، وهذه مشكلة تواجه المناهضين للتطبيع الذي طغى على أدائهم العمل المكتبي البيروقراطي الذي عجز عن مراكمة الفعل الهادف الذي يعتمد البوصلة الحقيقية للوصول للهدف المطلوب.
في ظل أن الشعار السائد في هذه المرحلة" تطبيع يا محسنين" ، وفي ظل أن العمل المؤسسي التطبيعي والنصف تطبيعي يطبخ في الخارج لا بد من نهضة ثقافية حقيقية تعتمد الكيف باتجاه الكم، نهضة تعتمد ثقافة فضح المطبعين بالصوت والصورة والكلمة دون الخوف من النتائج، نهضة تعتمد الثقافة المنحازة لشعبنا الفلسطيني وقضيتنا تطرح الأسئلة المحرمة في هذه المرحلة التي تشكل سياج لهولاء.
السؤال: هل الظروف مواتية؟؟؟؟ نعم دائماً الظروف مواتية للإبقاء على النار المقدسة التي تحمي هويتنا الوطنية من هؤلاء، والظروف مواتية لفضحهم رغم أن بعضهم وصل لدرجة من الوقاحة للإعلان عن نفسه، لكن البعض الآخر لا زال يمارس سياسة الرقص على الحبال، وقد يكون من المهم الفرز لان الفرز الثقافي سيكون بالتأكيد لصالح الطبقات الشعبية التي لها وجهة نظر تتمثل في أنها تحتقر من يفرط ويبيع.

1