أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
نصر لأوباما ونجاة لإيران وتقزيم لنتنياهو وبهدلة للعرب!!
بقلم : سهيل كيوان  ... 23.07.2015

حضرة الرئيس باراك أوباما المحترم.
مثل ملايين المسلمين والعرب، سررت عندما سمعتك تتمنى بأن يصبح عيدا الفطر والأضحى أيام عطلة رسمية للمدارس في كل الولايات المتحدة على غرار ما أقرته بلدية نيويورك وذلك خلال تهنئتك للمسلمين في عيد الفطر.
هذا يعني احترامك لأبناء شعبك من المسلمين الأمريكيين، وللتعددية وحرية العبادة والحرية الشخصية لبني البشر.
حضرة الرئيس أوباما المحترم: لا شك أن الاتفاق المبرم مع إيران بشأن ملفها النووي، من أهم إنجازاتك الشخصية، وخصوصا في مواجهة معارضة داخلية شرسة لها حساباتها الانتخابية بالإضافة لصهيونيتها المعلنة.
بهذا الإتفاق تكون قد ضربت عدة عصافير بحجر واحد، بالإضافة لتجنب التورط في حرب جديدة مكلفة ومجهولة النتائج، فقد لقنت نتنياهو درسا بأن يلزم حدوده عندما يتعلق الأمر بمصالح أمريكا المباشرة وبأن يعرف حجمه الحقيقي.
لقد ساعدتك في مهمتك مرونة الجانب الإيراني وفهمه للواقع والخطر المتربص به، وإصراره على إنقاذ نفسه وشعبه من «الورطة النووية»، نعم لقد أنقذ نفسه من تململ أبناء شعبه جراء الفقر وتدهور مستوى المعيشة، ثم أنقذ بلاده من ويلات حرب محتملة، ومنحها نَفَسا اقتصاديا وأملا جديدا.
وماذا بالنسبة للعرب! كان جزء أساسي منهم، على وشك إقامة تحالف معلن مع إسرائيل بقيادة نتنياهو «في مواجهة الخطر الإيراني»، إلا أن الإتفاق حرمهم وحرم نتنياهو من هذه المتعة. وبدلا من الحديث عن الخطر الوجودي على الشعب اليهودي من القنبلة النووية الإيرانية المزعومة وذرف دموع الكذب في أمريكا وأوروبا، على نتنياهو الآن أن يرد على تساؤلات الإتحاد الأوروبي بشأن الاستيطان والهدم وتشريد السكان الفلسطينيين (الترانسفير) سواء في المناطق المحتلة عام 1967 أو في النقب داخل مناطق 48. وعليه الآن أن يتعامل مع المقاطعة الأوروبية المنتشرة كالنار في الهشيم للبضائع الإسرائيلية ماديا وثقافيا بسبب الاحتلال وممارساته الإجرامية، وهذه دعوة أيضا للعرب بأن يسألوه نفس الأسئلة وخصوصا أولئك الذين لهم سفارات في تل أبيب.
حضرة الرئيس أوباما المحترم، لقد استهتر بيبي نتنياهو بك شخصيا ومن منطلق عنصري، ولكنك قزّمته، فهو لم يستطع استعراض بطولاته ولؤمه على إيران، لأنها ليست شريط قطاع غزة الضيق والمحاصر والمكتظ والفقير، وليست المقاطعة في رام الله التي سبق وجرّفوها أيام حصار الشهيد ياسر عرفات.
لقد فشل نتنياهو في جر العالم إلى تدمير إيران كما كان يشتهي، ولهذا يبدو مرتبكا، والجميع داخل إسرائيل ينهش في لحمه، ويطالبه بدفع ثمن فشله.
الإتفاق قال للعرب المساكين من هو «المعلم» في المنطقة، وقال إن إسرائيل «العظمى» لا تستطيع أن تملي إرادتها على الغرب وعلى أمريكا، وأنها عظمى فقط على الضعفاء من العرب وعلى المستضعفين في الأرض. وهناك فرق بين الضعفاء الذين بيدهم كل الإمكانيات بأن يكونوا أقوياء وبين المستضعفين محدودي الإمكانيات من أصله.
حضرة الرئيس أوباما المحترم، إن ما حققته مع إيران وكوبا مؤخرا يزكيك لنصف جائزة نوبل للسلام التي حصلت عليها، أما النصف الآخر فلم تستحقه بعد، ويبدو أنك ما زلت بعيدا عن استحقاقه، لقد خذلت الشعب السوري في ثورته، وتركت القوى المعتدلة منه في ثورتها السلمية تحت رحمة نظام فاشي إرهابي لم يتورع عن استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه، وما زال يقتل المدنيين بلا حساب ومدعوما من إيران وحزب الله، وهي حسابات مذهبية واضحة، ثم تركت العنان لبعض حلفائك في المنطقة للتخريب على الثورات العربية، وخصوصا الثورة السورية ودس الإرهاب عليها وشيطنتها، وتحويل الصراع إلى مذهبي – سني – شيعي- بعدما كان مدنيا ومطلبا شعبيا عربيا شاملا بالحرية وكرامة الإنسان، وقفت تتفرج على القوى الديمقراطية التي لم تكن لها حسابات مذهبية ولا طائفية وألقيت بها إلى الجحيم، بل وعرقلت كل إمكانية لدعمها، ورفضت إقامة منطقة حظر جوي على طيران النظام السوري الذي أثخن في المدنيين، ويبدو أن حساباتك في منطقتنا هي «فخار يكسر بعضه»، فالمهم هي مصالح أمريكا الاقتصادية بدون أي رادع أخلاقي أو مبدئي.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهي إدانة لك كما هي إدانة للإدارات التي سبقتك، وهي تبعدك كثيرا عن استحقاق جائزة السلام، لأن شعب فلسطين ما زال ينزف وما زال مشردا ومحاصرا ومحروما من حقوق الإنسان الأولية، وبيوته تهدم وأراضيه تصادر في كل يوم، بينما تقوم أنت وإدارتك بالانحياز للمجرم على حساب الضحية، وتدعمه ماديا ومعنويا في كل مجال وميدان، ونرى إدارتك في كثير من المواقف وحيدة إلى جانب بعض المجرورات مثل هندوراس وأستراليا وبنما ضد الإرادة الدولية كما حدث في (المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة) يوم الإثنين من هذا الأسبوع، حول بند «الانعكاسات الإقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة» وهو انعكاس مدمر للإنسان والمكان كما تعلم.
أما حصار قطاع غزة المتواصل فهو عار على الإنسانية جمعاء، ونخص العرب أولا، ثم إدارتك كونك رئيس الدولة الأعظم التي تدعي رعاية حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، إن انجازاتك مع إيران وكوبا تتراجع أمام عرقلتك لكل مشروع قرار يهدف لإنصاف ولو بسيط وجزئي للفلسطينيين وحقوقهم، مواقفك من قضية فلسطين تفضح سياستك الخارجية بأنها نابعة فقط من مصالح اقتصادية صرفة، وما زالت بعيدة عن كونها مبنية على مبادئ حرية الإنسان وحقوقه وكرامته. أما للعرب الذين كادوا أن يعلنوا تحالفا مع إسرائيل ضد إيران، الآن وبعد أن لملمت إيران برنامجها النووي ووضعته تحت الرقابة العالمية والأمريكية بشكل خاص، والرقابة الإسرائيلية بشكل غير مباشر، ستبدأ إسرائيل بالبحث عن «خطر وجودي وهمي» جديد تحتاجه، ففي كل مرحلة منذ تأسيسها تخلق عدوا يريد إبادتها ورميها إلى البحر، تستدر من خلاله عطف العالم ودعمه، كان العراق هو الضحية الأخيرة، أما إيران فقد نجت بجلدها، فمن سيكون العدو القادم الذي يهدد كيان ووجود الشعب اليهودي! إسرائيل تزعم أن داعش هو الخطر الوجودي القادم على الشعب اليهودي…وهذا يعني أن من ستتهمه إسرائيل بدعم داعش هو الضحية القادمة لإعلامها وحملتها ولشيطنتها، وهذه مساحة فضفاضة جدا تتسع للجميع، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ومن أكثر العلمانيين انفتاحا إلى أشد المتدينين تزمتا..

1