أحدث الأخبار
الثلاثاء 19 آذار/مارس 2024
الحل اللبناني: خارج الانتخابات التقليدية !!
بقلم : د. عبد الستار قاسم ... 11.08.2020

هناك دعوات في لبنان إلى إجراء انتخابات مبكرة بخاصة من قبل المعارضين لعهد الرئيس عون. وقد أيد رئيس الوزراء الحالي حسان ذياب هذا الأمر وألقى كلمة دعا فيها إلى إجراء انتخابات مبكرة على الرغم من أنه مدعوم من قبل قوى لا ترى ضرورة للانتخابات الآن.
الانتخابات ممارسة ديمقراطية، وكثر يرون فيها فرصة لتغيير وجوه عسى في ذلك ما يبشر بتغيير سياسي جوهري في لبنان. يتطلع اللبنانيون إلى التخلص من الطبقة السياسية الموجودة الآن، والتي تحتل كراسي الحكم والسلطة على مدى عشرات السنين، وهي متهمة من قبل جمهور واسع بالفساد وتخريب لبنان ونشر المفاسد والتسبب في الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، الخ.
إذا كانت الانتخابات في لبنان ستتم بالطريقة التقليدية التي عهدها اللبنانيون فإنه ليس من المتوقع أن ترحل الطبقة السياسية، ولن يكون من المتوقع حصول تغيير سياسي يخرج لبنان من الأزمات. إذا حصلت الانتخابات بالطريقة المعروفة وهي القوائم الممثلة للأحزاب القائمة والمذاهب والطوائف فإن ذات الوجوه ستفوز بهامش بسيط من التغيير. حتى لو لم تكن الوجوه الموجودة الآن في القوائم الانتخابية فإن الذين سيفوزون سيكونون أدوات بأيدي القيادات التقليدية الفاشلة حكما. العلة في الانتخابات اللبنانية أنها تجري على أسس طائفية ومذهبية وحزبية متجذرة، والناس ينتخبون وفق هذه المعادلة. حتى الذين يتظاهرون في الشارع ضد الفساد السياسي سينتخبون في الغالب على أسس مذهبية وطائفية وعائلية وليس على أسس وطنية وفق برامج تتطلع نحو مستقبل أفضل. أي أن الانتخابات التي ستكرر الصبغة الطائفية لن تشكل مخرجا للبنان.
الحل في طرح تغيير انتخابي، وهو يتلخص بالتالي:
يجب تحويل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة.
المفروض سن قانون مؤقت يمنع تشكيل قوائم مذهبية وطائفية وحزبية وعائلية. هذا قانون ليس ديمقراطيا، لكن الضرورة الوطنية تتطلب ذلك.
القوائم المسموح بها هي القوائم العابرة للطوائف والمذاهب والعائلات وذات برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية حديثة وبعيدة عن كل الترتيبات المذهبية التي ينص عليها الدستور اللبناني.
مراقبة الحملات الانتخابية والتأكد من أنها لا تجنح نحو المذهبية ولا تختبئ وراء مذاهب. وهذا يعني ضرورة ترتيب الحملات الانتخابية من حيث أوقات الظهور على شاشات التلفاز ومختلف وسائل الإعلام، وتحمل الدولة للنفقات الدعائية. يمنع الأفراد من استقطاب التبرعات لحملاتهم حتى لا يكونون عبيدا للتبرعات وأصحابها. والمفروض إلغاء ترشيح أي قائمة تتصرف طائفيا ومذهبيا، ولا تلتزم بما تقرره الحكومة من نفقات ونشاطات انتخابية. هذا إن أردنا فعلا التخلص من طبقة سياسية تسيطر على البلاد بطريق المقايضات والسمسرة وحك الظهر المتبادل.
بعد الفوز، يعمد الفائزون إلى تعديلات دستورية تخرج لبنان من التوزيعات الطائفية والمذهبية لمواقع المسؤولية الحساسة. لا مفر من التعديلات الدستورية لأن الدستور اللبناني متخلف ويحول دون انطلاق لبنان إلى آفاق سياسية واجتماعية وعلمية واجتماعية جديدة.
بهذا ستكون لبنان قد أرست قواعد جديدة للعمل السياسي واختيار المسؤولين. ظهور قوائم عابرة للمذاهب والطوائف سيكرس تقليدا سياسيا جديدا في لبنان وسيتغذى تدريجيا على النمط التقليدي في تولي المسؤوليات. فهل لبنان قادرة على الخروج من تحت إبط هؤلاء السياسيين المتنفذين القابضين على الكراسي؟

1