أحدث الأخبار
الخميس 28 آذار/مارس 2024
موريتانيا: شدّ الأحزمة لاستقبال العيد بلازمتيه المرهقتين.. الملابس وكبش العيد!!
بقلم : عبد الله مولود ... 09.07.2022

جاء عيد الأضحى هذه المرة، الذي يُحتفل به في موريتانيا يوم الأحد المقبل، متزامنا مع المصيف، فارتفعت أسعار الخرفان الصالحة للأضحية، وردد أرباب الأسر المرعوبون من العيد مع المتنبي قوله «عيد بأية حال عدت يا عيد»، وقوله «فَلَيتَ دونَكَ (أيها العيد) بِيداً دونَهَا بِيدُ».
ولا محيد في المجتمع الموريتاني، الذي تعيش أسره خارج مداخيلها، عن شراء أفخم الثياب وأسمن الخراف بمناسبة العيد الكبير؛ ولا مناص من مواجهة الأسعار الباهظة في أسواق ينعكس عليها تضخم مزمن، نجم في بعض تجلياته عن انعكاسات حرب أوكرانيا، فارتفعت أسعار الخدمات وأثمان مواد الاستهلاك، وانخفضت قيمة العملة المحلية، وحدث اضطراب في الأسواق بين بائعين يملكون بضاعة غالية نادرة، ومشترين ذوي قدرة شرائية ضعيفة.
أما الموظفون الموريتانيون، وهم غالبية أصحاب الدخول المنتظمة، فحدث ولا حرج عن معاناتهم: يقول سيدي محمد وهو وكيل إدارة عامة بإحدى الوزارات: «في بلدنا، الحد الأدنى للراتب لا يتجاوز 40 ألف أوقية (حوالى 120 دولاراً)، والموظف لا يكفيه راتبه لإعاشة عياله مدة عشرة أيام من الشهر، فماذا هو فاعل وقد انضافت لذلك الملابس والأضاحي؟».
لا تقتصر ضغوط العيد على جانب الأضحيات، بل إنها تشمل جانباً آخر هو توفير الملابس الجديدة الراقية لجميع أفراد الأسرة، وهو ما يشكل عبئاً آخر على أرباب الأسر في مجتمع تترسخ فيه عادات التنافس والتفاخر في هذه المناسبات. وهكذا يكون على رب الأسرة أن يعمل لإرضاء أم العيال ولإرضاء الأبناء ولتوفير كبش الأضحية، ولو تطلب الأمر أن يبيع نفسه.
ويرجع تجار الأغنام في العاصمة نواكشوط ارتفاع أثمان الخرفان إلى عوامل كثيرة أخرى، أهمها «أن تجار المواشي يفضلون عرض أغنامهم في أسواق السنغال المجاورة، حيث يبيعونها بأثمان غالية وبعملة الإفرنك الإفريقي القوية مقابل العملة الموريتانية».
ويفضل السنغاليون خراف موريتانيا لكونها أضخم من خرفان السنغال الصغيرة، وهم يبذلون الغالي والنفيس للحصول عليها، فقد طلبت السنغال من موريتانيا تزويدها بأكثر من 200 ألف خروف لتأمين طلبات مواطنيها الذين يعتبرون الأضحية واجباً مقدساً، مع أنها مجرد سنة مؤكدة، ومع أنها كذلك مربوطة بقدرة صاحبها على تحمل ثمنها.
ويتنافس الميسورون على أحد أكبر سلالات الكباش في إفريقيا، وهو خروف «لادوم» (Ladoum) المعروف باسم ملك الغنم، وهو خروف من سلالة ناتجة عن تهجين نوعين من الخراف هما خراف «طوبير» من موريتانيا، وخراف «باليبالي» من مالي.
ويرمز اقتناء هذا النوع من الخراف للمكانة والوجاهة الاجتماعية في دول غرب أفريقيا، وهو يحمل اسم قبيلة «لادم» الموريتانية، التي كان تجارها ومنموها أول من قام بتسويق الغنم إلى السنغال، وتم إطلاق اسمها على هذه الخراف العملاقة من أجل تمييزها عن بقية الأغنام.
وتتفاوت أسعار الخرفان المجزية في الأضحية هذا العام بين 60000 أوقية (1171 دولاراً) و70.000 أوقية (210 دولارات)، أما الخرفان التي تولى المنمون تربيتها بالتعليف المنزلي، والتي تستكمل الشروط الفقهية، فسعرها لا يقل عن 200000 أوقية (571 دولاراً).
وإذا كان الموريتانيون يشترون أضاحيهم قبل العيد بيوم أو يومين فإن من السنغاليين من يشترون خروفاً صغيراً ويتولون على مدار السنة تربيته بعناية والسهر على تسمينه وربطه داخل المنزل إلى يوم العيد.
ويسود الاعتقاد بأن الكبش المربوط بالمنزل يحفظ أفراد الأسرة من العين لأن سموم عيون الزائرين سيمتصها الخروف عند دخول أي منهم إلى المنزل.
وبعد صلاة العيد، يذبح المضحون خرافهم اليوم لتنبعث أدخنة الشواء من المنازل، فالكل يسلخ لنفسه ويشوي لنفسه، فليس هناك في يوم العيد عمال لتولي هذه المهام، إذ إن الجميع في أجواء العيد يبتعدون عن مواقع العمل، وينسحبون من المسالخ لتمضية العيد مع ذويهم.
ومن أغرب العادات الإفريقية في عيد الأضحى أن بعض المضحين لا يأكلون يوم العيد سوى المصارين والكروش، أما بقية اللحم فيمنع أكله قبل اليوم الثاني من أيام للعيد، لأن ذلك يورث طول العمر وصحة البدن.
هكذا ستكون أجواء عيد الأضحى في موريتانيا والسنغال، اليوم وهكذا يختلط الدين في هذه المناسبة، بالطقوس وبالتقاليد والتجارب العجيبة وبالعادات الغريبة.

*المصدر : القدس العربي
1