أحدث الأخبار
الأربعاء 24 نيسان/أبريل 2024
حصاد 2013 فلسطينيا : كل شيء ناقص ووحده الامل ينمو ويزدهر!!
بقلم : الديار ... 29.12.2013

بعد ايام قليلة ينقضي عام 2013 ويحل العام الجديد حاملا معه الكثير من الامنيات والاحلام والتطلعات والانتصارات وربما الكثير ايضا من الخيبات والهزائم والانكسارات. وبين هذا العام الذي يستعد للرحيل وذلك الذي يتأهب لدخول الروزنامة كثيرة هي الملفات والقضايا التي استحوذت على اهتمام الشعب الفلسطيني خلال العام 2013، غير ان المؤكد هو ان هذا العام سيمضي دون ان يتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق ذلك الحلم الذي يكافح منذ سنوات طوال من اجل تحقيقه وهو حلمه في إقامة دولته المستقلة والعيش كباقي شعوب الارض حرا وسيدا ومستقلا فوق ارضه او فوق الجزء المتاح منها.المؤكد ايضا ان انقضاء الايام والشهور والسنوات لم ينل من عزيمة الشعب الفلسطيني رغم كل ما يعانيه على مختلف الجبهات، حيث يواصل الفلسطينيون كل على طريقته وكل من موقعه اجتراح المزيد من الوسائل والادوات التي تثبت مع مطلع كل نهار ان فلسطين عصية على النسيان والشطب والالغاء وان يوم خلاصها آت لا محالة.القدس سعت الى رصد ابرز الملفات والمحطات والقضايا التي شهدتها الساحة الفلسطينية خلال هذا العام (2013)، حيث كان الملف السياسي هو الاكثر حضورا، خصوصا فيما يتعلق باستئناف المفاوضات مع اسرائيل بوساطة أميركية.هذه المفاوضات التي ينقسم الفلسطينيون حول جدواها لا تزال تراوح مكانها بسبب استمرار الاستيطان الذي يواصل قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية، غير ان الفضيلة الوحيدة التي حققتها هذه المفاوضات حتى اليوم من وجهة نظر البعض تمثلت في اطلاق سراح عشرات الاسرى ممن امضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال. وما دون ذلك، فقد شهدت هذه المفاوضات الكثير من العثرات التي كادت ان تطيح بها لولا مسارعة الراعي الاميركي الذي يبادر في كل مرة الى بعث الحياة في هذه العملية عبر وعود وتطمينات وبوادر حسن النية وغيرها من خطوات بناء الثقة.كثير من اللغط رافق هذه المفاوضات مرة بسبب استقالة اعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض ومرة بسبب الحديث عن وجود قنوات تفاوض سرية ومرة بسبب انقسام الساحة الفلسطينية حول جدوى استمرار هذه المفاوضات في ظل تواصل الاستيطان وتصاعد سياسات اسرائيل العدوانية والتخلي عن بعض الاستراتيجيات والملفات الاخرى التي يري البعض انها اكثر جدوى ومنها التوجه الى الأمم المتحدة ومؤسساتها من اجل اعطاء المزيد من الزخم للانجاز الذي تحقق في الامم المتحدة وهو الاعتراف بدولة فلسطين كدولة بصفة مراقب واللجوء الى المحاكم الدولية لتجريم الاحتلال.
ملف آخر استحوذ على نصيب كبير من اهتمام الفلسطينيين خلال العام 2013 وتمثل في اجراء ثلاث تعديلات على التشكيلة الحكومية خلال عام واحد، حيث قدمت الحكومة التي كان يرأسها الدكتور سلام فياض استقالتها في نيسان الماضي ليتم بعدها وتحديدا في حزيران الماضي تكليف الدكتور رامي الحمد الله بتشكيل حكومة جديدة.وبعد 18 يوما على تشكيل حكومته التي دخلتها وجوه جديدة شكل بعضها مفاجأة بالنسبة للشارع الفلسطيني، قدم الحمد الله استقالته لاسباب تتعلق كما قيل في حينه بتنازع على الصلاحيلات بينه وبين نائبيه.وبعد أخذ ورد وايام من الانتظار وما سببته تلك الاستقالة المفاجأة من ارباك للساحة الفلسطينية، جرى إعادة تكليف الحمد الله بتشكيل حكومة جديدة ، حيث أدت حكومته الثانية، والسادسة عشر في تاريخ السلطة اليمين الدستوري في ايلول، وسط توقعات بتعديل مرتقب على هذه الحكومة مع نهاية العام الجاري.ومن الملفات الساخنة والعاصفة التي شغلت بال الشعب الفلسطيني خلال عام 2013 واحتلت حيزا كبيرا من مناقشاته واهتمامه كان ملف استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات، فبعد تحقيقات كشفت ان الرئيس ياسر عرفات قضى مسموما بواسطة مادة البولونيوم واستخراج رفاته وأخذ عينات منها بغية فحصها وتحديد اسباب الوفاة وما رافق ذلك من لغط، جاءت نتائج الفحوص التي اجريت على رفات الرئيس الشهيد متضاربة، فالتقارير السويسرية قالت إنه مات مسموما، وهو ما اكده رئيس مؤسسة ياسر عرفات وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور ناصر القدوة، اما التقريرين الروسي والفرنسي فقد جاءا بنتائج مغايرة وتحدثا عن أن الوفاة قد تكون طبيعية ليبقى الغموض هو سيد الموقف بشأن اسباب وفاة الرئيس عرفات وإن كان توفيق الطيراوي، رئيس لجنة التحقيق في ظروف استشهاد الرئيس الراحل عرفات قالها بصراحة " اسرائيل هي من قتلته" وان التحقيق جار لمعرفة "الخونة" الذين تواطؤا معها. قضية اخرى احتلت موقعا متقدما من اهتمام الشارع الفلسطيني خلال العام 2013 وتعلقت بسلسلة الاضرابات التي خاضها الاسرى القابعين في سجون الاحتلال من أجل تحقيق مطالبهم وتحسين ظروف اعتقالهم ووقف سياسة الاعتقال الاداري، حيث شكل الاسير سامر العيساوي الذي تنسم الحرية قبل ايام ايقونة لهذا الفعل المقاوم الذي سبقه اليه عدد من الاسرى.والى جانب العواصف السياسية جاءت العواصف الثلجية التي اجتاحت فلسطين وغطتها بالابيض، حيث صارت هي الاخرى حديث الساعة وظل الحديث عن انقطاع الكهرباء والخدمات ودور البلديات والحكومة والبرد القارس محل نقاش بين الاسر الفلسطينية خلال تلك العاصفة الثلجية الاكثر شراسة والمسماة "اليكسا"، فقد اجتاح الجنرال الابيض كافة المدن الفلسطينية وعطل الحياة فيها، ما اثار جدلا واسعا حول قدرات الفلسطينيين ومؤسساتهم على مواجهة مثل هذ العواصف التي وصفت بأنها الاقسى منذ عشرات السنين. وقبل غزوة "اليكسا" كانت فلسطين شهدت هطول امطار غزيرة مع مطلع العام أودت بحياة 4 مواطنين جرفتهم السيول التي خلفت بحيرات يتمنى الفلسطيني لو أنها موجودة فعلا كما حصل حين تجمعت المياه في سهل صانور بمحافظة جنين!!.
كما شهد الشهر الاخير من العام 2013 بعض "الزوبعات" التي حظيت باهتمام لافت من قبل قطاعات واسعة من الشارع الفلسطيني ومنها "طوشة" اللواء جبريل الرجوب والنائب جمال ابو الرب وما خلفته من تداعيات، وإطلاق النار على مكتب وزير الاوقاف محمود الهباش، فيما ظلت بعض الازمات التي باتت توصف بالروتينية تطل برأسها بين الحين والاخر ومنها بشكل خاص ازمة تأخر الرواتب واضراب النقابات. وسط كل هذا، يمكن القول ان "اعصارا" من نوع خاص ضرب الفلسطينيين خلال العام 2013 واطلق العنان لفرحهم الذي ظل حبيس الصدور وتمثل ذلك في فوز محمد عساف بلقب "عرب أيدول" (محبوب العرب)، حيث دفع فوز عساف بهذا اللقب الاف الفلسطينيين للخروج من منازلهم للاحتفاء بهذ الفوز الذي وجدوا فيه كما يقول الكثيرين هنا تعويضا عن الكثير من الخسارات التي تعصف بهم على مختلف الجبهات وايضا كونه عزز القناعة لدى قطاعات واسعة من الفلسطينيين، لا سيما الشباب منهم، بشأن قدرتهم على تحقيق الانجازات وتحقيق الانتصارات حتى وان كانت على جبهة الفن والابداع.اما الجرح الغائر الذي لم تفلح الايام حتى اللحظة في مداواته فهو جرح الانقسام الذي ظل مفتوحا ونازفا، وهو الجرح الذي يشكل بالنسبة لجموع الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم مصدرا للوجع والالم والقلق.
وفيما يستمر الانقسام بكل تداعياته، تظل الضفة الغربية مسرحا للاحتلال الذي يواصل اعمال القتل والمصادرة والاعتقال والنهب والتهويد، في حين يرزح قطاع غزة تحت حصار خانق وتحت نار آليات وطائرات الاحتلال التي تسبيح القطاع وتفتك بالابرياء وتقتل احلام الغزيين الذين يواجهون الفقر والعتمة والعوز بالمزيد من الصبر والايمان والعناد والرغبة في لم الشمل كي تعود غزة الى حضن شقيقتها لتواصلا معا مشوارهما نحو الحرية والاستقلال.كل شيء يبدو ناقصا هنا كما تقول الشواهد، غير ان الامل لا يزال ينمو ويزدهر في هذه البلاد التي تواصل كما هي عادتها القبض على جمرة الحلم والتطلع الى ذلك اليوم الذي تبزع فيه شمسها وان غدا لناظره قريب.

1