أحدث الأخبار
السبت 20 نيسان/أبريل 2024
الثقافة الجديدة لبعض الاعلام المصري: «الشبشب» وضرب الإرهابيين «ضرب مكلوش حمار»!!
بقلم : أسماء العطاونة ... 24.07.2014

ولدت في غزة وتربيت في زقاق مخيماتها وعشت فيها أجمل لحظات طفولتي وكانت فيها خطوات حياتي الأولى، درست في مدارسها، مدارس الأونروا ذات الأعلام الزرقاء وكنت أقف في الطابور كغيري من اللاجئين لأحصل على كيس رز وطحين وسكر وحليب مجفف وعلبة سردين إن حالفنا الحظ. عشت في منزل جدرانه ملتصقة بجدار الجيران، حيث كنت أسمع صراخهم وخناقاتهم كأنهم يعيشون معنا.
عشت كل هذا وحفر في ذاكرتي لأفتخر اليوم كوني عشت في شوارع مخيمات غزة. كنت أستمع لصفارة بائع الغاز وبائع البطيخ، وكنت أقف في الطابور الصباحي لأحصل على الحليب الطازج مع غيري من الجدات من «بقرات أبو منصور»، الذي قصف وبقراته فيما بعد بصواريخ إسرائيلية.
في غزة كان حبي الأول لابن الجيران الذي استشهد فيما بعد لأخسره للأبد. وفي غزة عملت بالصحافة لأرى كم تخبئ مساحة ضيقة جدا من الأرض من قصص. ففي كل شارع قصة وفي كل حارة قصة وفي كل بيت قصة يكتب عنها لتخط لغيرها من البشر دروسا في القوة والصبر والمقاومة. لا أقصد مقاومة العدو فقط بل مقاومة ذاتية ونفسية وكرامة عالية تعلم العالم بأسره معنى رفض الذل والاحتفاء بالموت بدلا من البكاء لأن الكبرياء يتناقل من جيل لآخر.
رحلت عن غزة لسنين لأعود إليها صبية وأدرس في جامعتها وأتعلم فيها معنى أن ترفض وتثور على الظلم الفلسطيني قبل ظلم العدوان والاحتلال الإسرائيلي! غزة التي يحلم الصهيوني بأن يستيقظ ويرى بأن البحر قد ابتلعها، غزة التي تنجب فيها امرأة توائم وتردد أمام الكاميرا «هاي هديتي إلك يا شارون»! غزة التي تقاوم يوميا وصمتا أمام أعين العالم «المخصي» بأسره!
غزة المحاصرة بحراً وبراً وجوا،ً حيث لا يستطيع أحد أن يخرج أو يدخل منها، لتفرض حلولاً تجلط فيه شارون ليدخل في غيبوبة وتخرج للعدو من «تحت الأرض» غزة التي أخافت العالم وجعلته يركع أمام مقاومتها وإعجازها رغم حصارها. غزة التي لقنت العالم درساً في الكبرياء! غزة التي تضحك وتزغرد وتسبق العالم أجمع بفرحتها بقدوم العيد «لخطفها الجندي الإسرائيلي أبو عيون خضرة»، هذه هي غزة «مدينتي»، التي تعلم الإنسانية يومياً معنى الحياة!
الإعلام المصري: «هز الوِسْط» والردح» والـ»شباشب»
باسم يوسف «يلعن خيرك» لأنك جعلتني أتنازل وأضيع من وقتي الثمين وأتابع الـ»مسخرة» التي ليس لها أي رادع لإعلام هابط ووضيع لا يمثل شعب الحضارة وبلدا ما زالت تلقب بـ»أم الدنيا» وسبقت غيرها من الدول في الفنون والثقافة والعمران! لا أعرف أبدا ما يحدث اليوم وكيف وصل مستوى الإعلام المصري لهذا الحد من الـ»مسخرة» والـ»هبل» وكيف أصبح «لا يطاق» وكيف يمكن لشعب كمصر أن يبقى صامتاً أمام ما يحدث من تشويه بإسمه؟!
باسم يوسف كنت وحدك من ينتقدهم ويتمسخر عليهم فأنت مصري «منهم وفيهم» ولا يستطيعون تكذيبك، «فضلو وراك لقلعوك»!! باسم أنت رحلت وهم بقوا ليعيثوا في الإعلام فساداً، ويضحكون العالم عليهم ويتحدثون بكل وقاحة بإسم الشعب المصري الشقيق؟!
أصبح الإعلام اليوم «مسخرة» بين راقصة «تهز الوسط» فتصبح لها قنوات فضائية باسمها، وآخر يعتبر نفسه «أبو الهول» في قناة الفراعين، ويخرج للناس «بالشبشب» علناً وعلى الهواء مباشرة!! وآخر «أقرع» يمسك بمنديل من القماش ليمسح عرقه على الهواء من بعد نرفزته «وردحه» وتفوهاته بكلام غير مفهوم على الهواء مباشرة أيضاً!!
أصبح الإعلام المصري اليوم بحاجة إلى محلل نفسي أكثر ما هو بحاجة لمحلل اجتماعي أو سياسي! كيف يمكن لإعلام دولة عظيمة ثارت وأوقعت بـ»مبارك» أن يكون بعيداً كل البعد عن واقع شعبه وأخلاقه وعلمه وشهاداته «وكلنا يعلم بأن أهل مصر متعلمون ومثقفون»؟! كيف يمكن لشعب المعجزات أن يقف ساكناً أمام هذا الهراء الذي يؤكد بأنه يمثله؟!
إيه المسخرة دي يا «عُكَش»!
«بس يا زلمة» فريق من الشباب الفلسطيني محاصرين ويقصفون يومياً رغم صيامهم، لا يبكون بل يضحكون ويتمسخرون رغم المعاناة ويرفعون شعار «بيكوز آم هابي» رغماً عن كل ما يعيشونه يوميا من حصار وقصف. «بس يا زلمة» هو عنوان البرنامج الشبابي الذي يعبر عن روح الفكاهة والسخرية من العادات المنتشرة في المجتمع الفلسطيني ويعرض على فضائية فلسطين.
البرنامج من تقديم محمود زعيتر وهشام عدنان وتمثيل أحمد عاصي وابراهيم خليل ومن إخراج ثائر منير. خصص البرنامج مؤخرا حلقة كاملة يستهزئ فيها من الإعلام المصري الـ»هابط» والمنافق كعادته والذي لا يعبر أبداً عن الشعب المصري العريق الذي لم يتفان يوماً في تقديم دعمه لجيرانه وإخوته في غزة!
إعلام «هز الوِسْط» وإعلام «الجري ورا الفلوس» و»تغيير القبلة حسب الديانة» فها هم يوما مع مرسي وفي اليوم الآخر مع السيسي ومن قبله مع مبارك!
ابتدأ فريق «بس يا زلمة» بالرأس الكبير «أبو الهول» في قناة الفراعين المثل الأعلى لإعلام الفساد في مصر بعد عمرو أديب، «التحفة» توفيق عكاشة «عُكَش»، وعرض الفريق عبر مقاطع كوميدية رداً على استهزاء «عُكَش» بشعب غزة المقاوم أثناء القصف الإسرائيلي الحالي عليهم. فعرضوا مقاطع فيديو يقول فيه كلاما غير مفهوم واستشهدوا بقوله في إحدى حلقات برنامجه «يحطوا دماغهم في النعامة زي الرمال»! وقوله «13- 2013» وكان عكاشة قد أهان شعب غزة وخلع لهم حذاءه ووصفهم بالـ»نعاج والخراف». ورفض «أبو الهول» توجيه أي معونات لغزة وقال في برنامجه «مصر اليوم» «ما تتحرق غزة باللي فيها»، وأضاف مهللاً «أنا برفع قبعتي لإسرائيل وبقول لجيش وشعب وقيادة اسرائيل إنتم رجال، اتخطف منكم تلاتة واتقتلو موتوا قدامهم 300 ولا معرفش كام، ولا يموتوا زي ما يموتوا»!
واعتبر «أبو الهول» بأن اسرائيل «دولة عندها كرامة، وتخاف على شعبها». ويتحفنا «عُكَش» بسخريته لتطال هذه المرة قطر وتركيا وحماس، بعد رفضهم مبادرة السيسي، وتعاونهم في «نشر الفوضى والإرهاب في غزة»، فيرفع «الشبشب» في وجوههم على الهواء مباشرة ويقول «الشبشب ده باسم شعب مصر كله، لأن الكلاب ملهاش غير الشباشب وهؤلاء مثل الكلاب». يا جماعة هل الإعلام المصري الذي كان يضرب فيه المثل أصبح هابطاً أم أنني أصبحت «دقة قديمة» ولا أواكب تطورات العصر؟!
«مذبحة السافلة» وضرب الإرهابيين «ضرب مكلوش حمار»!
بمنديل من قماش «كالذي يضعه الصعيدي على دماغه في أفلام عادل إمام» وبعرقه المتصبب كل ثانية رغم المراوح والمكيفات في الاستوديو الفخم، يتحفنا الإعلامي «عمرو أديب» بنهفاته المتوالية ويكاد كلما رفع صوته «أن يطالنا عرقه» المتصبب كالشلال بـسبب ما يتناوله من «السمنة البلدي» من خارج الشاشة، ليصل إلى القمة في تصريحاته الأخيرة عن حادثة الجنود المصريين وتحريضه للرد على مقتلهم، مشيداً بإسرائيل كمثل أعلى فعندما قتل اسرائيليون ردت اسرائيل بمذبحة وقال «اسرائيل مات لهم 18 موتوا قصادهم 100 وعملوا مذبحة سافلة»! الـ»مذبحة سافلة» هنا هي إشارة ووصف عمرو أديب لما يتعرض له أهل غزة من مجازر يومية وتبرير لاسرائيل كمدافع عن مواطينها.
واستنكر «التحفة» أديب عبر برنامجه «القاهرة اليوم» الذي يذاع على فضائية «اليوم» «الحادث الإرهابي» الذي راح ضحيته الجنود المصريون من قوات حرس الحدود ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. وأراد الـ»تحفة» أن يلقن الدول الكبرى درسا في التاريخ والإنسانية والتي تطالب مصر باحترام حقوق الإنسان في التعامل مع «الإرهابيين»، قائلاً «سحقاً للعالم المدافع عن حقوق الإنسان والمتحدث عنها، فحينما قتل أولاد مصر تجد جمعيات حقوق الإنسان الغربية تحكي عن القمع في مصر، والحقيقة نحن ملائكة أمامكم».
وتابع «السؤال الآن أين يقف الأمن القومي المصري؟ أمريكا تدافع عن أمنها في العالم كله، واسرائيل كذلك»، مضيفاً «من يعلن مسؤوليته عن حادث الوادي الجديد سينضرب ضرب مكلوش حمار في مطلع، ولم تعلن أي جماعة إرهابية عن مسؤوليتها بعد»! عمرو أديب «الله يستر عليك» ألا يكفيك ما تسببت به من تشويه لصورة شعبك المصري وكرامته وإعلامه العريق؟ لماذا لا تعتزل إن كنت تحب بلدك وشعبك فعلا؟ وإن كان الكلام من فضة والسكوت من ذهب، فلماذا لا»تنقطنا بسكوتك يا شيخ»؟!

٭ كاتبة واعلامية فلسطينية..المصدر: القدس العربي
1