أحدث الأخبار
الجمعة 26 نيسان/أبريل 2024
أسباب وجيهة لانتصار المقاومة..!!
بقلم : سهيل كيوان ... 28.08.2014

انتصرت المقاومة في غزة، وانتصر معها أحرار العالم، انتصرت على العدوان وعلى الصلف والعنجهية، على الخيانة والنذالة، انتصرت على الوحشية والهمجية الصهيونية، وعلى مشيطني المقاومة، انتصرت على من نسقوا أمنيا وانتظروا من نتنياهو ان يأتيهم برأس المقاومة، انتصرت على من حاولوا حشر حركة المقاومة في بوتقة واحدة مع مجرمي وسفاحي (داعش).
أسباب الصمود والنصر كثيرة وإليكم أهمها.
ليس لدى المقاومة جيش من مليون أو نصف مليون جندي نظامي وإلا لرأينا ما يخزي ويهد عزائمنا لسنين طويلة، بل هي فئة قليلة صادقة جيدة التدريب. ليس لدى المقاومة ألف طائرة حربية منها الهجومي والاعتراضي والقاذف من فخر الصناعات العسكرية العالمية وإلا لسمعنا عن احتراقها قبل تحركها من مطاراتها.
الحمد لله ليس لدى المقاومة مطارات عسكرية وإلا تم تدميرها بمن فيها من طيارين وعمال صيانه وطباخين.
الحمد لله انه ليس لدى المقاومة أساطيل بحرية ولا دبابات ولا ناقلات جند، وإلا لتحولت إلى مصائد للجنود المساكين بالآلاف، وفضائح موثقة وعار للأجيال العربية القادمة.
الحمد لله ليس لدى المقاومة هيئة أركان حرب وقائد عام للقوات المسلحة الذي هو نفسه الرئيس الدكتاتور أو الملك، وإلا لما سمعنا في الأخبار إلا عن اتصالاته مع قادة العالم واجتماعاته العبثية «لبحث آخر التطورات».
الحمد لله ليس لدى المقاومة أصحاب ألقاب عسكرية مثل عميد، مشير، لواء، جنرال، عقيد، عماد، إلى ما لا نهاية من الألقاب( الفخرية) من خريجي الكليات الحربية الأمريكية والروسية والبريطانية والصينية وإلا لكانت الهزيمة مفصلة تفصيلا على الخارطة.
الحمد لله ليس لدى المقاومة شبكة رادارات لرصد طائرات العدو وإلا لتم تدميرها وتشتيت شمل مشغليها خلال الدقائق الأولى من القتال.
الحمد لله ليس لدى المقاومة قيادة باتصال دائم مع الصديقة أمريكا ترجوها وقف العدوان بأي ثمن وخدمة تطلبها.
الحمد لله ان المقاومة لم تنتظر تدخل مجلس الأمن الدولي لوقف همجية إسرائيل فحرمت أمريكا من استخدام الفيتو وبريطانيا وفرنسا من الحياد.
الحمد لله ان المقاومة لم تعتمد على الأشقاء العرب وإلا كانوا أخرجوا لها كتاب نعي وفتحوا مأتمًا لتقبل التعازي برحيلها، مع أحلى الأغاني العاطفية والنوستالجية مثل «أخي جاوز الظالمون المدى» و»زهرة المدائن» و»الضفتان توأمان»..و»صف العسكر رايح يسهر»، فقد بثت المقاومة أغاني غير متعوب عليها فنيًا ومنها واحدة بسيطة جدًا ومباشرة بالعبرية موجهة لجيش الاحتلال ولكن هذا فن أثبت فعاليته.
هناك أيضًا سبب للنصر يجب ان لا نغفله هو انشغال بعض الأنظمة في حروبها الداخلية، وهذا لم يتح لها التآمر والدعوة لمؤتمر قمة عربي والربح من تسليم رأس المقاومة أو إحباطها على الأقل. سبب آخر هو اختفاء شبه تام للجامعة العربية فهذا جعل المقاوم ينساها ولا يبني أي أمل عليها ويصمد. الحمد لله لعدم وجود قائد أعلى للمقاومة في قصر ملكي أو جمهوري بحرس جمهوري أو ملكي وشركة حراسة أجنبية، وإلا كان خرج علينا بخطاب منمق بأروع ما يكون من روائع خطب الهزيمة يدرّس في الجامعات في فن الخطابة.
الحمد لله ان لقادة المقاومة أسماء عائلات قد تسمع بها لأول مرة، وليست ذات صدى رنان في الأذن وإلا كان الصحافيون والسياسيون الإسرائيليون على علاقات شخصية بهم أبا عن جد.
من رأى المجاهد محمود الزهار وهو يلقي كلمته بين أبناء شعبه وأمام آلاف المتظاهرين فرحًا في شارع عمر المختار في غزة ومن حوله من الرجال وهم يناولون بعضهم البعض الورق لمسح العرق المتصبب من جباههم الكريمة يدرك لماذا يصمد هؤلاء وينتصرون ويكسرون جنون وعنجهية وسادية نتنياهو، الذي لن تسمح له الرقابة (الصحية) بالنظر إلى مشهد الغزيين محتفلين بالنصر بعد كل جرائمه التي حسبها وسيلة ضغط وإذا بها وسيلة دعم لا محدودة للمقاومة وغضب وحقد عليه وعلى كل ما يمثله.
عندما يقول الزهار اننا»سنبني ميناءنا ومن يعتدي عليه سنعتدي على مينائه، سنعيد بناء مطارنا ومن يعتدي عليه سنعود للاعتداء على مطاراته» فالعالم كله يصدقه وأولهم الإسرائيليون، فالمقاومة بعد هذا الأداء لا تحتاج إذنا من أحد للبناء، لان الرد على المعتدين سيكون جاهزًا على الفور، فالمقاوم الحقيقي لم ولن ينتظر التوازن الإستراتيجي المزعوم ولا الوحدة العربية ولا المتغيرات الدولية، بل هو الذي يصنعها.
هناك عامل آخر للنصر لن نغمطه حقه هو نتنياهو نفسه ووزراؤه المتطرفون، فهؤلاء تحدثوا كل الوقت عن احتلال وتدمير قطاع غزة وإخراج قادة المقاومة من «جحورهم» على حد تعبيرهم ولهم الشكر بهذا، فلو كان نتنياهو محنّكا مثل شمعون بيريز مثلا لتحدث عن استماتته على السلام وتباكى على دماء أهالي غزة أمام العالم وحوّل الضحايا إلى مجرمين، ولكن هذا دور لا يتقنه نتنياهو وزمرته الذين انكلبوا على الدم الفلسطيني ليحققوا طموحات سياسية، فجميعهم يطمح لرئاسة الحكومة على حساب الدم الفلسطيني ولكن الآية انقلبت عليهم الآن، ولن يجرؤ أحد منهم على الدخول إلى قرى غلاف غزة وحتى نتنياهو نفسه، وإذا فعل فبحراسة مشددة وبشكل استعراضي فقط، وليس كما فعل الزهار والهندي وأبو زهري بين عشرات الآلاف من المدنيين والمسلحين المحبين. كان لدى المقاومة كل الأسباب لتبرير أي موقف تتخذه، كان بإمكانها ان تعلن عن المؤامرات الدولية والعربية عليها خدمة لإسرائيل، لكنها التزمت بما يوحد ولا يفرق، ولم تبحث عن ذرائع للتخاذل.
المقاومة فاوضت وهي تقاتل، وقبلت وقف إطلاق النار وهي ترد على العدوان وتؤلم إسرائيل حكومة وشعبًا حتى الدقيقة الأخيرة بل وأضافت ربع ساعة بعد الوقت المحدد(على البيعة)، ولم يتوان الشيخ محمود الزهار عن بهدلة نتنياهو بالبث المباشر بعد دقائق من وقف إطلاق النار أمام الجماهير حين قال له «قتل الأطفال نذالة وقتل النساء خسة، والرجولة هي في المواجهة بين مقاتل ومقاتل وسياسي لسياسي».
أما نتنياهو الذي يرتعد من كشرته حكام المنطقة والذي تطاول حتى على سيده الأمريكي فقد بدأت طواقم محامين بإعداد وسائل الدفاع لمحاولة تبرئته من ارتكاب جرائم حرب وانقاذه من ورطاته القادمة.
لقد تجلت وحدة المقاومين من جميع الفصائل مع شعب حاضن تحمّل ما تنوء به الجبال فكانوا بنيانا مرصوصًا، واختصرت سيدة غزاوية الفرق بين الجبهة الداخلية الفلسطينية والإسرائيلية خلال الاحتفالات العفوية بقولها» الحمد لله على النصر ومبروك للمقاومة» و»ليأخذ الله من دمائنا حتى يرضى فداء للمقاومة»، هذا في الوقت الذي أعلن فيه مستوطنو غلاف غزة (الجبهة الداخلية الإسرائيلية) انهم لا يصدقون الحكومة، وسوف ينتظرون الأيام القادمة حتى التأكد من وقف القتال كي يعودوا إلى منازلهم.

1