logo
كلمة الديار...08.12.2023
آخرهم البرغوثي.. ما أثر دعوات القادة الفلسطينيين لانتفاضة عارمة؟

على الرغم من أن دولة الاحتلال تعاني كثيراً من مواجهات مع الفلسطينيين في مواقع عديدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية، فإن الأمر سيكون كارثياً على "تل أبيب" إذا ما تحولت هذه المواجهات البسيطة إلى انتفاضة عارمة، وهو ما يدعو إليه القادة الفلسطينيون.
منذ 7 أكتوبر الماضي، لم تتوقف قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مداهمة المدن والأحياء داخل الضفة المحتلة، والتي أدت إلى عمليات قتل واعتقال آلاف الفلسطينيين.
يأتي هذا فيما نحو ثلث جيش الاحتلال يشارك في عمليات داخل غزة ومحيطها، ويتكبد خسائر جسيمة على يد المقاومة الفلسطينية لكنه يتستر على ذكر الحصيلة الحقيقية لخسائره البشرية والمادية وتفضحها مقاطع الفيديو والبيانات الصادرة عن المقاومة الفلسطينية حيث تظهر خسائر كبيرة تتلقاها القوات الإسرائيلية في غزة.
في أحدث حصيلة أعلنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة (8 ديسمبر 2023)، قال إن جنديين قُتلا في معارك بقطاع غزة، ما يرفع حصيلة قتلاه إلى 420 منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
ويواصل الجيش الإسرائيلي شن حرب مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى اليوم 17 ألفاً و487 شهيداً، و46 ألف جريح، ودماراً هائلاً بالبنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
دعوات لطوفان جديد
عملية "طوفان الأقصى" التي أذهلت العالم، خاصة الإسرائيليين، يتوقع لها المراقبون أن تشهد جزءاً آخر، لكن هذه المرة سيكون المنفذ الفلسطينيون في الضفة الغربية عبر انتفاضة عارمة.
ومثل هذه الانتفاضة يتوقع حصولها قادة الاحتلال وهو ما يدعوهم إلى استباق وقوعها بتشديد أمني، وممارسة عمليات قمع شديدة لأي مواجهة تخرج من منطقة ما.
كان عدد من القادة الفلسطينيين دعوا إلى التحاق أهالي الضفة بالمعركة ومساندة أهالي غزة باستهداف الإسرائيليين.
ووفق ما يؤكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، فإن انتفاضة الضفة قادمة، إذ قال في حديث لقناة الجزيرة "واثقون من أن الضفة الغربية ستشارك في المعركة الجارية"، وأكد أن "الاحتلال الإسرائيلي فشل في الخط الاستراتيجي الأول المتمثل في تهجير الشعب الفلسطيني".
أيضاً فإن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، أكد وبكل ثقة أن طوفان الضفة قادم لإسناد المقاومة في غزة، وقال "نبشر الاحتلال بمرحلة قادمة من الغضب والمقاومة في الضفة وغزة والقدس، وفي كل الجبهات والساحات".
دعوة البرغوثي
صوت آخر له قيمته وأثره الكبيران بين الفلسطينيين من جهة، والإسرائيليين من جهة أخرى، هو مروان البرغوثي السياسي الفلسطيني المعتقل في سجون الاحتلال منذ 2002، والذي يعدّ رمزاً كبيراً للنضال الفلسطيني، دعا بقوة إلى انتفاضة الجميع في الضفة، وضمن ذلك الأجهزة الأمنية.
جاءت دعوة البرغوثي في بيانٍ صدر يوم (8 ديسمبر الجاري) بمناسبة ذكرى الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 8 ديسمبر 1987.
خاطب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الفلسطينيين في الضفة قائلاً: "ها هي رياح التحرير تتصاعد في سماء فلسطين، ويسيل في سبيلها دماء أهلنا بقطاع غزة منذ أكثر من شهرين، إلى جانب الدم الذي يسفك يومياً في الضفة الغربية على يد الاحتلال المجرم، فلا تكونوا مجرد شهود، بل جنوداً فاعلين في هذه المعركة الفاصلة".
وأكد أن أهالي الضفة "مطالَبون بالوقوف صفاً واحداً للدفاع والهجوم بكل ما نملك من قوة وإمكانات وأدوات متاحة لردع الاحتلال وكسر إرادته"، مشيراً إلى أن الحرب الحالية "لا تستثني أحداً، لذلك فإن تحركنا كهبَّة رجل واحد سيُحدث فارقاً في هذه المعركة المصيرية لتاريخ شعبنا".
وطالب بأن تكون ذكرى الانتفاضة الأولى "نقطة فاصلة وبداية لحالة التحام متصاعدة مع العدو الإسرائيلي، في كل مكان يتوقعه ولا يتوقعه، وبما يتوافر من أدوات وإمكانات، بسيطةً كانت أم كبيرة".
ودعا البرغوثي إلى "الالتفاف الكامل حول خيار المقاومة الشاملة وتفعيلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة".
ووجَّه رسالة إلى أبناء الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، دعاهم فيها إلى أن يكونوا "في طليعة التصدي للعدوان الإسرائيلي الذي يسفك الدم الفلسطيني في كل مدينة وقرية، بما تملكونه من سلاح وتدريب، كل في موقعه".
وحذر من التخاذل قائلاً: "لا عذر لأحد في عدم المشاركة بفصل من فصول معركة التحرير.. لذلك نستنهض وطنيتكم أيها الشرفاء للقيام بواجبكم والدفاع عن أرضكم وعرضكم وشعبكم"، مؤكداً أن "زمن الانتظار قد ولى، وحان وقت الصمود والتصدي والتحرير".
تغيير في المعادلة
يرى المحلل السياسي الفلسطيني محمد مشينش، أن الدعوات التي أطلقها القادة الفلسطينيون إلى انتفاضة في الضفة المحتلة ستعمل على تغيير المعادلة وتُحدث تصعيداً كبيراً.
يقول محمد مشينش لـ"الخليج أونلاين": إن "شخصية مثل مروان البرغوثي لها حضورها في الوسط الفلسطيني وبين كوادر حركة فتح، ولها تأثير كبير خصوصاً أنه يُحسب على التيار المقاوم في حركة فتح وليس من التيار التفاوضي، وهو معروف بمواقفه الوطنية الفذة وله حضور في الوسط الشبابي بحركة فتح".
يجد مشينش أن دعوة البرغوثي مع دعوات القادة الآخرين، "ستعمل على تفعيل دور الضفة، خاصةً أن الضفة ليست بعيدة وهي تقدم أكثر من 260 شهيداً وفيها نحو 4 آلاف معتقل خلال هذه الفترة.
وهذه الأرقام قياساً على ما سبقها من تاريخ النضال الفلسطيني تعتبر أرقاماً ليست بسيطة في تاريخ الحراك بالضفة".
المحلل السياسي الفلسطيني يعتقد أن الحراك سيزداد ويكبر وينمو، لافتاً إلى أن "الضفة الغربية عوَّدتنا أن موضوع التفاعل يكون بشكل أمواج تصاعدية بمعنى أن الحراك قد يتأخر، بسبب النشاط الأمني الكثيف للاحتلال وقدرته على الوصول للمقاومين".
لكن نداء شخص مثل البرغوثي، بما يملكه من حضور، يقول مشينش، "سيُحدث تغييراً في المعادلة باتجاه التصعيد"، لافتاً إلى أن "الضفة كانت وما زالت وستبقى هي الخاصرة الضعيفة للكيان، وأي حراك مقاوم فيها سيؤدي إلى نتائج كبيرة تؤثر على سير المعارك".
ولا يستبعد مشينش أن "تؤدي حالة التصعيد في الضفة الغربية، مع وجود سلاح كبير منتشر لدى الأمن الفلسطيني قد ينقلب باتجاه صدور جنود الكيان الصهيوني، إلى تغيير كبير في المعادلة".
ذلك الذي يجري تدركه "تل أبيب" وتدركه أيضاً واشنطن، التي تتخوف من حصول انتفاضة عارمة، وما يؤكد ذلك حرص وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على زيارة الرئيس محمود عباس خلال زيارته "إسرائيل"؛ "لكي يؤكد موضوع إبقاء الضفة الغربية في حالة هدوء، ولكن أظن أن هذا الحال سيتبدل قريباً"، بحسب مشينش.
**كامل جميل – **المصدر : الخليج أونلاين


www.deyaralnagab.com