logo
1 2 3 41120
التمر الإيراني يحاصر التمر العراقي في العراق !!
09.05.2018

البصرة (العراق) - كشفت نقابة المهندسين الزراعيين في البصرة مؤخرا عن انقراض البعض من أنواع التمور نتيجة انخفاض أعداد النخيل في المحافظة، ما فتح باب انتشار التمور الأجنبية في الأسواق العراقية.
ورغم حظر استيراد التمور من إيران إلا أن ذلك لم يوقف المهرّبين وخاصة المنتجين الإيرانيين الذين يخبئون التمور التي ينتجونها أسفل صناديق من الكرتون تحوي فاكهة أخرى.
يقول عضو المهندسين الزراعيين في البصرة محمد السلامي، إن “عدد النخيل في البصرة تراجع إلى نحو مليونين ونصف المليون نخلة، بعد أن كان العدد يتجاوز 10 ملايين نخلة قبل نصف قرن”.
سيسكت العراقيون الذين يسكنون البصرة عن ترديد أغنية “فوق النخل” بعد أن تراجع عدد أشجار النخيل في المنطقة نتيجة عوامل عديدة أهمها الفساد وعدم اهتمام السلطات بهذه الزراعة التي كانت تعود بفوائد مالية هامة على البلاد. النزاعات المسلحة دمرت النخيل وزادت الأمراض التي تعزف السلطات على مداواتها تهديدا للشجرة الباسقة بالانقراض.
ويضيف، أن “تراجع عدد النخيل في البصرة تسبب بانقراض بعض أنواع التمور”، مبينا أن “نخيل البصرة كان ينتج أكثر من 300 نوع، أبرزها البرحي والخستاوي والزهدي وأنواع أخرى”.
ويعلل الأخصائيون أسباب انقراض عدد من أنواع التمور الثمينة إلى انتشار القوارض والأمراض، ما اضطر المزارعون إلى اللجوء لزراعة محصولي الحنطة والشعير أو ترك الأراضي والبحث عن أعمال أخرى بعيدة عن الزراعة.
وأصبح العراق في الفترة الأخيرة مستوردا لمحصول التمور على الرغم من توفر العوامل التي يمكن أن تجعله مجددا مصدّرا للتمور إلى العالم كما كان من قبل.
يقول المزارع عبود أبوالفضل، إن “التمور الإيرانية التي تنتشر في الأسواق العراقية وتنتعش سوقها في شهر رمضان أثّرت بشكل كبير على معنويات المزارعين في محافظة البصرة وباقي المحافظات التي تعتمد بشكل كلّي على هذه الزراعة”.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن السعوديين دخلوا المنافسة أيضا، لكن الإيرانيين يسيطرون على السوق، ويرى البعض من العراقيين أن الأمر يأتي في إطار السيطرة المتزايدة لإيران على بلادهم.ويسيطر التجار الإيرانيون على السوق العراقية من خلال عمليات التهريب، يقول مهدي حقيقت، الذي يملك شركة إيرانية لتجارة التمور تحمل اسمه، ”تمور حقيقت هي الأفضل في العراق حاليا“.
ويضيف قائلا، إنه قبل ثلاث سنوات، كان 20 بالمئة من تمور شركته تباع في العراق. والآن زاد الرقم إلى أكثر من 90 بالمئة.
ويقول قصي حمدان، وهو تاجر في سوق خارج بغداد ”الحكومة لا تفعل شيئا. إيران تتحكم في السياسة والاقتصاد العراقي“.
ويشير السلامي، إلى أن “الغريب في الأمر أن البصرة التي كانت تصدّر التمور قبل عام 2003 إلى مختلف دول العالم، تستوردها اليوم من دول الخليج”، مؤكدا أن “ما حدث لنخيل البصرة يمثّل هدرا في الثروة الوطنية، فضلا عن خسارة كبيرة لجمالية البصرة التي كانت مغطاة بالنخيل حتى وقت قريب”.
ويقول المزارعون إن الاهتمام الحكومي بشجرة النخيل اختفى منذ زمن بعد أن كانت توزع البعض من الفسائل بشكل مجاني على المواطنين وتوفر طائرات لرش الأدوية لمحاربة حشرة الدوباس التي تتسبب بهلاك أشجار النخيل، لكن في يومنا هذا اختفى كل هذا.
يقول مسلم فاضل صاحب أحد بساتين النخيل، إن “الحشائش تنتشر في أغلب البساتين ولم يعد الكثير من أشجار النخيل التي يملكها تنتج تمرا يصلح للأكل، فما تنتجه أشجار النخيل في الفترة الحالية لا يصلح غذاء للحيوانات، الأمر الذي تسبب بهجرة أعداد كبيرة من المزارعين وأصحاب بساتين النخيل، وترك الزراعة للالتحاق بأعمال أخرى تؤمن لعائلاتهم سبل العيش الكريم”.
بالمقابل يؤكد المزارع محمد أبوفيصل، أن “بساتين النخيل في البصرة مازالت باستطاعتها إنتاج أفضل أنواع التمور في العالم برغم تراجع الإنتاج فيها وإهمال وتناقص زراعة النخيل فيها”. ويحتاج النخل إلى الماء والسقي الصيفي خاصة، لكنّ عمليات إعداد النخلة للإثمار معقدة، وتتطلب رعاية وزيارات متكررة من المختصين بتسلقها وتقليمها وتلقيحها وحفظ اللقاحات ثم جني المحصول مرات عدة، فكما يقول العراقيون “روح النخلة في رأسها”.
الاهتمام بزراعة النخيل في العراق لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة لما لهذه الشجرة من أهمية للعراقيين وسكان المنطقة عموما من النواحي الغذائية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، فبالإضافة إلى ثمارها التي تعدّ غذاء هاما لهم، فإنها تزوّدهم أيضا بعدد من متطلباتهم الحياتية الأخرى، فتستعمل الجذوع في بناء الجدران وسقوف المباني والأبواب والجسور وقناطر فوق مجاري المياه، ويستعمل سعفها في صناعة مختلف أثاث البيوت والأقفاص لتعبئة الخضروات والفواكه والطيور.
وظيفة أخرى مهمة للنخيل هي توفير الظل والحماية للمحاصيل من أشعة الشمس، ويعمل النخيل كمصدّات لكسر حدة الرياح وتقليل تأثيرها على الأشجار المثمرة.
ويؤكد أغلب المزارعين على أنهم يعانون من إهمال كبير من قبل الحكومة والجهات المعنية التي تتعذر بعدم توفير المبيدات الزراعية ما دفع البعض من أصحاب البساتين إلى تجريفها وتحويلها إلى أماكن تجارية وسكنية.
تجريف البساتين وبيعها من العوامل التي ترفع من قيمة سعرها، باعتبار أن القيمة العقارية للأرض المهيأة أعلى من قيمة البستان في السوق.
وتقول عضو لجنة الزراعة والموارد المائية شروق العبايجي في البصرة، إن “النخيل من بين ضحايا الفساد في العراق، إذ شهدنا الكثير من البساتين تُبَادُ وتُحرق في سبيل تحويلها لدور سكنية أو مناطق ترفيهية أو تجارية”.
وبسبب تدني المحاصيل في البصرة، تدفقت تمور إيرانية وسعودية وخليجية على الأسواق العراقية نتيجة عدم الاعتناء بالتمور العراقية، ما أثّر كثيرا على المزارعين الذين أصبحوا بالكاد يكسبون رزقهم فهم يعانون من نقص في المياه وفي المبيدات الزراعية، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء المتكرر والذي يؤثر على مخزون التمور ويهدّده بالتلف!!


www.deyaralnagab.com