logo
1 2 3 41120
هبطات العيدين سوق شعبية تنافس المولات في سلطنة عمان !!
12.06.2018

تعتبر هبطات العيد إرثا قديما في سلطنة عمان وهي عبارة عن أسواق تقليدية تقام مرتين في السنة قبل عيد الفطر وعيد الأضحى بعشرة أيام على مساحات مفتوحة و تحت ظلال أشجار النخيل والغاف أو بالقرب من القلاع والحصون، وتشهد إقبالا كبيرا من المواطنين والمقيمين والسياح.
مسقط - تنتشر الهبطات، وهي عبارة عن أسواق تقليدية تقام بمناسبة العيد، في كامل أرجاء سلطنة عمان، والهبطة سوق شعبية تقام مرتين في العام الواحد، مرة قبيل عيد الفطر ومرة قبيل عيد الأضحى المبارك.
وتضم هذه السوق الشعبية جميع احتياجات الأسر العمانية للعيد، بدءا بالأضحية التي لا يشتريها العماني إلا من سوق الهبطة وانتهاء بالحلوى العمانية.
ويختلف موعد إقامة السوق من محافظة إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة، لكنها تبدأ اعتبارا من الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك ولعدة أيام متواصلة، ليقطع العمانيون المئات من الكيلومترات لحضور السوق، وفق تقليد شعبي له أصوله.
وعلى الرغم من النقلة الحضارية التي شهدتها سلطنة عمان، التي أفرزت أسواقا عالمية، فإن حضور الهبطة لا يزال يشكل تقليدا يحافظ عليه حتى الجيل الجديد، مفسحا للماركات التقليدية التي توجد في هذه السوق الشعبية مساحة مهمة وأولوية قصوى.
ويرى خالد بن عامر الحبسي أن الوجود في الهبطة واقتناء أغراض العيد أمر لا مفر منه، على الرغم مما تقدمه المولات والمجمعات التجارية العالمية من مغريات، فهي تبقى جاذبية متأصلة في نفوس الجميع.
وتشهد هبطات العيد إقبالا كبيرا منذ ساعات الصباح الأولى ويتوافد إليها الناس من مختلف القرى، بعضهم يرتدي الزي التقليدي العماني والخنجر والعصا، وأيضا يأتي إليها الناس من المدن القريبة، حيث يلبي الباعة احتياجات الأطفال للعيد من الألعاب والملابس واحتياجات آخرين للمأكولات العمانية والمواد التموينية التي تشكل أساسا للعديد من الأكلات العمانية، إضافة إلى الحلوى العمانية التي لا يكتمل العيد إلا بأكلها، وتقديمها للضيوف.
ويزور الهبطة الرجال والنساء والأطفال، حيث تقام على هامش السوق سباقات للجمال، واستعراضات للخيول العربية الأصيلة، وعلى الرغم من أن هذه الطقوس اختفت من بعض الهبطات، فإنها ما زالت موجودة حتى اليوم في الكثير منها.
ويرى سلطان العزري، أحد الذين عايشوا الأسواق التقليدية في الحقبة الماضية، أن ثمة تراجعا في الكثير من الطقوس التي كانت تصاحب إقامة مثل هذه السوق.
ويضيف العزري “إن زوار السوق في الفترات الماضية يحضرونها وهم بكامل هندامهم الرسمي، حيث يرتدون الدشداشة العمانية والخنجر وتعلو رؤوسهم العمامة العمانية، لكن الآن تجد حتى كبار السن تخلوا عن الخنجر خلال حضورهم للهبطة”.
وهو أمر طبيعي كما يراه سليمان الجابري الذي يقول “لا نستطيع أن نقول إن الحضارة لم تؤثر على هؤلاء البشر سواء بالإيجاب أو بالسلب، الذهاب إلى السوق بالخنجر في هذه الأيام أمر لا داعي له”.
وتمثل هبطة عيد الفطر أحد أهم أفراح الأطفال العمانيين، فيحرصون على حضورها وهم يرتدون أجمل ما عندهم من الملابس العمانية، حيث تلبي تلك الهبطات احتياجات الأم والطفل معا، وتوفر العديد من السلع والبضائع، من ألعاب وملابس جاهزة ومستلزمات تُستخدم للتعبير عن الفرحة بالعيد، إضافة إلى شراء الرجال والنساء احتياجاتهم من المواد التي يتم بها إعداد العديد من الأكلات والحلويات العمانية التقليدية.
وتشهد العديد من الهبطات بيع الأسلحة التقليدية الخفيفة التي يتزين بها الذكور بمختلف أعمارهم، مثل البنادق والخناجر والعصي، والأحزمة التقليدية، والسيوف، والملابس العمانية مثل “المصار والكميم”.
وتزدحم محلات بيع الحلوى العمانية بالمواطنين والمقيمين، لشراء أنواع الحلوى المختلفة منها قبل قدوم أول أيام العيد، وتعتبر الحلوى العمانية جزءا مهما وأساسيا من واجبات الضيافة العمانية، خصوصا في الأعياد والمناسبات، لما تمتاز به من جودة ومذاق شهي، ولمكوناتها التي يضاف إليها السمن البلدي والزعفران والهيل وماء الورد والمكسرات، وتحظى بشهرة واسعة داخل السلطنة وخارجها، ويختلف سعرها باختلاف مكوناتها.
وإضافة إلى هبطات العيد توجد هناك أسواق تقليدية أو حديثة في العديد من المدن والمحافظات، منها الأسبوعية المعروفة كسوق الأربعاء وسوق الخميس وسوق الاثنين، وأخرى موجودة على مدار العام كسوق مطرح وسوق نزوى والسوق المركزي بمحافظة ظفار وسوق البريمي وسوق صحار.
وتقام قبيل حلول العيد، الذي يشكل مناسبة تتميز بالكثير من الألفة والسعادة والفرح والتكافل، عدة أنشطة خيرية لصالح المحتاجين وأسر ذوي الدخل المحدود مثل الأسواق الخيرية التي تقام بمشاركة عدد من المحلات التجارية التي تعرض منتجاتها للجمهور بأسعار مخفضة من أجل توفير مستلزمات المرأة والطفل، ويتم تخصيص ريع تذاكر الدخول لهذه الأنشطة لشراء كسوة العيد للأسر المعوزة.
وإذا كان الجميع ينتظر موسم الهبطات حتى يعيش بعضا من الأجواء التقليدية، فإن المصورين في سلطنة عمان ينتظرونها بفارغ الصبر، فهي موسم خصب لهم لالتقاط الصور النادرة التي لا تتكرر في بقية أيام السنة. وتسافر المصورة العمانية شمسة الحارثي إلى العديد من المحافظات لتعود كل سنة بحصيلة مهمة تضاف إلى رصيدها من الصور الفوتوغرافية.
وتلقى الهبطات اهتماما إعلاميا في سلطنة عمان، حيث تظل تتصدر نشرات الأخبار في الفضائيات العمانية، وتتصدر عناوين الأخبار، نظرا لأهميتها الاقتصادية في تزويد المواطنين والمقيمين بمستلزمات العيد، ولما تمثله من بعد ثقافي وحضاري.
ويستغل السياح الأوروبيون الذين يزورون عمان هذه الأيام الفرصة، لحضور الهبطات وتوثيقها ضمن سجلاتهم ورحلاتهم، فيقول السائح البريطاني مايكل وينستون، الذي زار هبطة ولاية الخابورة، “إنها لحظة مثيرة، أحس بالكثير من المتعة لحضور هذه السوق التي تمثل في نظري البعد الحضاري لعمان.. إنها لحظات لن أنساها طوال حياتي”.


www.deyaralnagab.com