logo
1 2 3 4961
صحافة : فورين بوليسي: محمد دحلان يد الإمارات الخفية في اتفاقيات السلام ودوره مرتبط بالانتخابات الأمريكية وتجاوز لعبة الانتقام!!
01.11.2020

نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا أعده جوناثان فيرزيغر عن محمد دحلان القيادي الفلسطيني السابق الذي قال إنه أصبح اليد الخفية للإمارات والذي هندس اتفاقيات السلام بين الدول العربية وإسرائيل، فيما يصفه الكاتب عملية انتقام من الرئيس الفلسطيني العجوز محمود عباس.
وأشار الكاتب إلى أن دحلان بدا رجلا يلاحقه العار في عام 2011 ورجل تجاوزه الزمن، خاصة عندما قامت الشرطة الفلسطينية بتفتيش بيته في رام الله وأخرج إلى الجانب الآخر من نهر الأردن لكي يبحث عن ملجأ في أبو ظبي. لكن دحلان لا يزال هناك ووجد طريقة لكي ينتقم من عباس. فمن خلال دوره كمستشار موثوق لقادة الخليج بات يلعب دورا في تشكيل اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية والتي أفقدت عباس صوابه على حد تعبير الكاتب.
وأشار إلى أن دحلان عمل خلال السنوات التسع على تمتين العلاقة مع محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي الذي منحه الملجأ بعد طرده من رام الله. ويعمل دحلان المولود في غزة كمبعوث دولي لراعيه الغني بدرجة لا تصدق، حيث يساعد في ترتيب العقود التجارية والسياسية من شمال أفريقيا إلى شرقي أوروبا. ويقول الكاتب: “عندما تغيب الشمس يقوم الرجلان بممارسة لعبة قيادة السيارات السريعة وهما يغنيان الأغاني العربية المفضلة لهما على الطريق الصحراوي السريع في أبو ظبي”.
وكانت العلاقة الوثيقة بينهما بدرجة جعلت دحلان اليد الخفية في رسم اتفاق إبراهيم الذي رعته الولايات المتحدة وقاد إلى تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل. ويقف وراء الموقف الإماراتي الذي يقدم الدعم المفرط للدولة الفلسطينية والضغط في الوقت نفسه على الرئيس الفلسطيني البالغ من العمر 84 عاما وإجباره على اتخاذ مواقف محرجة مثل رفضه استقبال طائرتين إماراتيتين محملتين بالمساعدات الطبية أرسلتها أبو ظبي مباشرة إلى تل أبيب.
وكان رفض عباس وشجبه لاتفاق التطبيع في آب/ أغسطس باعتباره طعنة في الظهر سببا في نفور الحلفاء في الخليج منه خاصة السعودية. ونقل الكاتب عن بشارة عبد الله، الكاتب الفلسطيني الناقد لعباس، أن بن زايد “لن يعمل أي شيء يتعلق بالفلسطينيين بدون استشارة دحلان”. وقال مبعوث دونالد ترامب السابق للشرق الأوسط جيسون غرينبلات “هو مهم”، فيما رفض مسؤول إماراتي مناقشة دور دحلان.
ويقول الكاتب إن دحلان تعلم من تجربته في السياسة الفلسطينية وعلاقته مع واشنطن -حيث حاولت مرة تحضيره لخلافة ياسر عرفات، وبعد ذلك فصل من حركة فتح بتهم الفساد- لعبة الانتظار الطويلة لكي يصل إلى القمة.
وأشار الكاتب إلى تاريخ دحلان في خان يونس وسجنه أثناء الانتفاضة وتعلمه اللغة العبرية في السجون الإسرائيلية ومن ثم حصوله على ثقة عرفات حيث تحول بعد اتفاق أوسلو في عام 1993 إلى يد الرئيس الفلسطيني الراحل ضد المعارضة الإسلامية في غزة من خلال قيادته القوى الأمنية هناك.
وتحدث الكاتب عن الخلاف بين دحلان وعباس الذي تصاعد بعد وفاة عرفات، والاتهامات المتبادلة بينهما والتي قادت إلى محاكمته وإجباره على المنفى، خاصة بعد سيطرة حماس على غزة والذي حمل دحلان مسؤوليتها. وفي 2014 أصدرت محكمة فلسطينية الحكم غيابيا عليه بتهمة التشهير بعباس. وبعد ثلاثة أعوام حكم عليه بالسجن مدة 3 أعوام بتهم الاختلاس.
ويقول الكاتب إن دحلان تعلم كيفية النجاة، فمن إرهابي عند إسرائيل ذهب لكي يلعب دورا في اتفاقيات أوسلو وأعجبت به إدارة بيل كلينتون ومن ثم إدارة جورج دبليو بوش. وأشار إلى علاقته بالإسلاميين خاصة يحيى السنوار مسؤول غزة في حماس الذي نشأ معه في نفس المخيم بخان يونس. ولم ير دحلان في مناطق الضفة وقطاع غزة منذ عام 2011 لكن زوجته جليلة قامت ببناء قاعدة دعم له من خلال الزيارات المتقطعة لغزة وتوزيع المساعدات، بما في ذلك تنظيم حفلات زفاف جماعية للفقراء. ويقول الكاتب إن دحلان يظل الحصان الأسود واسمه على قائمة المرشحين لخلافة عباس (رغم أنه يأتي في آخر القائمة).
ويتذكر الكاتب مقابلة دحلان في 28 تموز/ يوليو 2011 باعتباره مراسلا لموقع “بلومبيرغ” لكن دحلان قرر إلغاء المقابلة الرسمية ووافق على الحديث معهما بشكل غير رسمي حيث لم يتردد بانتقاد عباس. وتعهد بالإطاحة به عبر الانتخابات في يوم ما. واعتذر عن الإرباك وخرج. في اليوم التالي عرف الكاتب عن اختفاء دحلان بعد قيام وحدات كوماندو بمهاجمة بيته واعتقال عشرة من حرسه.
وكعضو في المجلس التشريعي كان دحلان يحظى بحصانة من الاعتقال ولكنه غادر الضفة الغربية بعد يوم إلى الأردن. وبعد أربعة أعوام التقى به الكاتب ولكن في بيته الكبير في أبو ظبي. وتحولت الفيلا القريبة من ناطحات السحاب في أبو ظبي إلى صالون دولي يلتقي فيها المسؤولون الفلسطينيون مع الإسرائيليين.
وفي تلك الفترة أصبح دحلان مهتما بالتجارة ووصف نفسه بأنه “فاتح الأبواب” لعملائه نظرا لصلاته الدولية التي طورها أثناء عمله مع عرفات. وإلى جانب بن زايد طور علاقة مع عبد الفتاح السيسي الذي استشاره حول كيفية التعامل مع حركة حماس في غزة. وكذا قادة صربيا ومونتنغيرو، وبعد أن أنقذت الإمارات شركة الطيران الصربية واستثمر أثرياء إماراتيون 3 مليارات دولار عام 2013 من أجل تطوير عقارات في بلغراد.
وكافأت صربيا دحلان وعائلته بمنحهم الجنسية الصربية. وفي هذا اللقاء تحدث دحلان بصراحة ولكن بألغاز وغموض حيث قال إنه سيحاول الترشح في الانتخابات البرلمانية ويجلب معه قيمة جديدة للقيادة بعد رحيل عباس عن الساحة. وعبر عن امتنانه للحياة التي بناها في أبو ظبي وحبه لركوب السيارات تحت القمر مع محمد بن زايد.
وبالطبع عندما يتم التعامل مع دحلان الذي رفض مقابلة الكاتب هذه المرة فمن الصعب التعامل مع الأشياء على ظاهرها، وتحيط به عدة نظريات مؤامرة، منها اتهامه بلعب دور في تسميم عرفات ومساعدة الموساد على قتل قيادي لحماس في دبي. وهناك شائعات نشرت عن وصوله مع المساعدات الطبية إلى مطار بن غوريون والتي رفضها عباس. وفي الوقت الذي يبدو أنه مؤثر لدى القيادة الإماراتية فنجمه السياسي خافت في الوضع الحالي. ففصيله تيار الإصلاح الديمقراطي رفض اتفاق إبراهيم وأكد على أهمية تحقيق التطبيع ضمن المبادرة العربية التي اقترحتها السعودية عام 2002 وربطت العلاقات العربية مع إسرائيل بانسحابها من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967. وهذا الموقف نابع من السياسة الفلسطينية وما تبع من اعتقال قوات الأمن الفلسطينية لمؤيديه في الضفة الغربية. وحرقت صوره مع محمد بن زايد في احتجاجات الشارع ضد التطبيع الإماراتي.
وفي الوقت الحالي يعيش دحلان في الظل حيث يبني عشه في أبو ظبي من خلال الصلات التجارية، ووضع إصبعا أو اثنين في دراما خلافة عباس ويقدم النصح للقيادة الإماراتية حول كيفية التعامل مع الفلسطينيين. وكل هذا يعتمد على الانتخابات الأمريكية وفوز ترامب بولاية ثانية أم فوز المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن.
والسؤال لدحلان وللمنطقة هو إن كان قادرا على تجاوز لعبة الانتقام مع منافسيه السابقين ولعب دور بنيوي وجلب الفلسطينيين التعساء إلى شرق أوسط متغير.


www.deyaralnagab.com