logo
الطرفان المتحاربان في العراق طائفيان ارتكبا الجرائم وتعاونا مع العدو!!
بقلم : بروفيسور كمال مجيد ... 27.10.2014

حدث هذا التعاون، قبل احتلال العراق سنة 2003 ، وذلك لاسباب طائفية او دينية بحتة. ويقول الدكتور عبد الحي زلوم، مستشار عالمي للبترول، في رأي اليوم الغراء في 18/10/2014 ((ان علاقة الحركات الاسلامية مع الولايات المتحدة لم تكن علاقة عمالة ، وإنما تقاطع مصالح.))
قبل احتلال العراق بمدة وقع الدكتور ابراهيم الجعفري في لندن على بيان الشيعة الذي اكد على ضرورة كتابة الدستور العراقي، بعد سقوط البعث، بحيث ينص على ((ان الشيعة يكونون الاكثرية في العراق.)) اي ان البيان طالب بتقسيم العراق طائفياً لا سياسياً. وبعد اجتماع المعارضة العراقية في فندق هلتون بلندن مع زلماي خليل زادة، قبل الاحتلال، سافر الجعفري الى امريكا واجتمع مع المسؤولين في وزارة الخارجية والبنتاغون واعلن، في اجتماع له في دار الاسلام بلندن، عن نجاح سفرته. وبالرغم من توبيخي له، ظهر انه اتفق معهم على ان تسيطر الشيعة على حكومة الاحتلال المقبلة وعلى ان تكون للشيعة الاكثرية فيها، وذلك طبقاً لنصوص بيان الشيعة. وفعلاً اختار بريمر 13 شيعياً ليكونوا الاكثرية في عضوية مجلس الحكم المؤلف من 25 عضواً. ومنذ ذلك الحين تم تعيين اياد علاوي ثم ابراهيم الجعفري فنوري المالكي، بدون انتخابات، تلاهم حيدر العبادي كرؤساء الوزارات المتعاقبة وكلهم من الشيعة. والصفة المشتركة بين هؤلاء هي: انهم قتلوا الالوف في تلعفر وفلوجة ومدينة الثورة والنجف والبصرة وغيرها. وانصافاً، كان الضحايا من كافة اطياف الشعب، أي من السنة والشيعة والصابئة والمسيحيين. ومن المنصف الاشارة، ايضاً، الى ان منظمة القاعدة كانت هي التي قتلت اكثر من 50 مسيحياً في كنيسة في بغداد دون تدخل الشرطة العراقية التي انتظرت حتى اختفى القتلة من المحل دون توقيفهم.
حين اضطرت الحكومة الامريكية القبول بالفشل والاعتراف بالهزيمة في العراق قررت اجبار حكومة المالكي على التوقيع على الاتفاقية الامنية والتي بموجبها تقدم، بل تبيع، الحكومة الامريكية الاسلحة والطائرات والمروحيات الى الحكومة العراقية وتقوم بالقصف الجوي لقوات الدولة الاسلامية وبصورة خاصة في الجبهات التي تهدد حكومة اربيل. كما تمكنت امريكا في اعادة جيوشها الى العراق. وهناك الان اكثر من 3000 عسكري امريكي ، من القوات الخاصة، في قاعدتي اربيل وحرير للدفاع عن حكومة مسعود بارزاني. وفي 25/10/2014 تم الاعلان عن نية امريكا لتحويل مطار حرير الى قاعدة عسكرية واسعة وقد رحبت وزارة البيشمرغة هذه الخطوة. ان قصبة حرير تقع في اقصى غرب محافظة اربيل على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الايرانية. انها بعيدة جداً من محلات تواجد القوات الداعشية في غرب العراق. فامريكا تهيئ نفسها لتهديد ايران بل و حتى روسيا التي تبعد عن حرير باقل من 250 كيلو متراً.
اما علاقة منظمة القاعدة بالامريكان، والتي دخلت العراق بعد الاحتلال، وشكلت ((الدولة الاسلامية في العراق)) قبل توسيعها الى سوريا، فينقل الدكتور عبد الحي في مقالته تصريحات الخبراء والمختصين الأمريكان ويقول:- (( عندما سؤل الدكتور جراهام فولر،النائب السابق لمجلس الاستخبارات الوطني في وكالة الاستخبارات المركزية رأيه في تنظيم الدولة الاسلامية قال: “إن الولايات المتحدة كانت إحدى القوى التي ساهمت في خلق الدولة الاسلامية وذلك نتيجة تدخلاتها وحروبها التدميرية في الشرق الأوسط والحرب على العراق وهناك كانت ولادة الدولة الاسلامية”.)) ويضيف:- ((كتب G.chengu جي شينغو الباحث في جامعة هارفارد ” تماماُ كما القاعدة فتنظيم الدولة الاسلامية (ISIS) صنع في امريكا كأداة ارهاب تم تصميمها لتقسيم واحتلال الشرق الاوسط الغني بالنفط ولمجابهة نفوذ ايران في المنطقة”.)) وثم:- ((ويضيف الباحث من هارفارد ” وفي السبعينات استعملت وكالة المخابرات الامريكية CIA الاخوان المسلمين في مصر كحاجز ضد تمدد الفكر الماركسي في الجماهير العربية … وأخيراً وليس آخراً استعملت القاعدة ضد الاتحاد السوفياتي .” .)) والمعروف ان اسامة بن لادن عمل مع الامريكان ، كتقاطع مصالح، لسنوات لطرد الجيوش السوفياتية من افغانستان. لقد انتهى هذا التعاون فقط بعد تنفيذ هذه المهمة بنجاح.
في زيارة الدكتور حيدر العبادي للمرشد الايراني الاعلى علي خامنئي في 21/10/2004 صرح السيد الخامنئي (( ان العراق وحدة جغرافية وان تجزئته بين شيعة وسنة وعرب واكراد لا معنى لها.)) الا ان الدكتور العبادي انحاز الى الشيعة ضد السنة منذ وصوله العراق على الدبابة الامريكية. انه عمل في حكومة المالكي، المتهم حالياً بالتطرف الطائفي، دون ان ينتقد سياسته حتى لحظة كتابة هذه الاسطر. بل جعل منه نائباً لرئيس الجمهورية. وبالرغم من كونه قائداً عاماً للقوات المسلحة سلم المالكي الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى للدولة الاسلامية (داعش). كما فشل المالكي في القضاء على الارهابيين الذين قتلوا 200 الف من ابناء الشعب العراقي، اكثرهم شيعة، بالمفخخات والاعمال الانتحارية. لقد شارك العبادي وكافة وزراء المالكي في كل هذا دون أن يتم محاكمتهم. في الحقيقة ان كل الوزراء في كل الحكومات التي تشكلت بعد الاحتلال مسؤولون، جملة وتفصيلاً،عن الجرائم المرتكبة ضد الشعب المظلوم.
للتأكيد على طائفيته، قبل تأليف حكومته، صرح العبادي بأنه (( سيتمسك بالدستور )) المنحاز للشيعة حتى في القضايا الخاصة بالاحوال الشخصية وفيه بند صريح حول (( اجتثاث البعث)). واكد على انه سيختار اعضاء وزارته بالاستناد على قانون المسالة والعدالة. وبموجب هذا القانون تم توقيف وتعذيب عدد هائل من العراقيين الابرياء.
للتأكيد على طائفيته ادعى العبادي في خطابه في مجلس الامن في 24/9/2014 ان العراقيين نجحوا في ايقاف تقدم تنظيم داعش الارهابي من خلال الحشد الشعبي والمتطوعين الذين ((استجابوا لنداء المرجعية العليا في النجف …)) وهذا اعتراف صريح بانه منحاز الى المرجعيات الشيعية دون السنية.
في رده للسيد خامنئي في طهران صرح العبادي : (( ان الشعبين الايراني والعراقي وبدعم علماء الدين قادران على عبور هذه المرحلة …)) وهنا يقصد علماء الدين الشيعة وليس السنة. علماً ان وكالات الانباء لم تنقل خبر تمسكه باستشارت علماء السنة مرة واحدة في حياته. من الضروري هنا التشديد على ان السادة الجعفري والمالكي والعبادي افرطوا في زياراتهم المتكررة للمرجعيات الشيعية وخاصة السيستاني، الذي رفض الجنسية العراقية، وتمسكوا بتعليمات وارشادات هذه المرجعيات دون ان يجلبوا خيراً واحداً للعراق. فالمرجعيات مسؤولون عن الفوضى المتفشية وعن موت مئات الالوف من العراقيين منذ احتلال العراق سنة 2003 وحتى الأن. ذلك لانهم اعطوا الارشادات الخاطئة بل المضرة لمسؤولي الدولة. وكان الاجدر بالمسؤولين ان يتجنبوا المرجعيات لتجنب شرورهم. ثم ان تفضيل المرجعيات، غير المنتخبين من قبل عامة الشعب العراقي، يضعهم في مرتبة اعلى من بقية الشعب في الوقت الذي يدّعون بان العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات. ان ملايين العراقيين ، من السنة والمسيحيين والصابئة واليزيديين، يرفضون الخضوع لارشادات المرجعية الشيعية ويلحون على قبولهم فقط لقرارات البرلمان المنتخب من قبلهم، مع الالحاح على نزاهة الانتخابات. فمن الذي اعطى الحق للمرحعيات الشيعية وخاصة السيستاني الاجنبي ليتدخل في شؤون الدولة العراقية؟
لجهلهم يتمسك كافة المرجعيات الشيعية والسنية والوهابية والنقشبندية بالنظريات العتيقة ( والنظرية مرفوضة الى ان يتم البرهان عليها اما رياضياً اومختبرياً. ) ولجمودهم العقائدي يرفضون حتى الاستفادة من مبادئ العلوم الحديثة. فطبقاً لمبادئ علم الجينات، مثلاً، والتي تم تدريسه لطلاب الصفوف الاعدادية، العلمية، في المدارس الثانوية منذ نشوء الدولة العراقية في 1921 : تملك الامراءة كروموسومين ذا علامةX, X بينما يملك الرجل كروموسوم X واحد فقط وكروموسوم ثاني هو Y . ويعلم الدكتور اياد علاوي والدكتور ابراهيم الجعفري بعدم امكانية نقل او تبديل هذه الكروموسومات من الرجل الى الامراءة او بالعكس. ان هذه الحقيقة العلمية البحتة تثبت بطلان النظرية القديمة التي ادعت ان السيدة (حواء) ذات كروموسومان X , X تم خلقها من ضلع في القفص الصدري لزوجها (آدم ) الذي يملك الكرموسومين X , Y . وكذا الحال مع عيسى ابن مريم المالك لكروموسوم Y اكتسبه من ابيه (يوسف في احسن الاحوال) لأن امه مريم لا تملك كروموسوم Y .
ان السياسة الطائفية لحكومات الاحتلال مسؤولة عن فشلها في تأسيس جيش وطني موحد ومحترف لمحاربة الارهابيين ( الدواعش). بل اكثر من هذا انها مسؤولة عن بروز المليشيات الشيعية والسنية والكردية. فيشرح السيد جاسم محمد، الباحث في قضايا الارهاب والاستخبار، في رأي اليوم، في 25/10/2014 انتشار المليشيات الشيعية، بعد احتلال الموصل في 10/6/2014 ، ((واعلان المرجعية الشيعية (( الجهاد الكفائي )) ولكن هذه المرة تحت ادارة الحكومة في مواجهة “الدولة الاسلامية”… وتلعب ايران دوراً حاسماً في اعداد هذه المليشيات.)) و:-
تذكر منظمة العفو الدولية في تقريرها في تشرين الاول 2014 أسماء الميليشيات الشيعية الرئيسية في العراق، وتنامي دور تلك الميليشيات في البلاد وسطوتها على القرار الأمني فضلاً عن غياب المسائلة لعناصرها. (( ويرتدي عناصر الميليشيات في الغالب زيا موحدا ويعملون بشكل مستقل إلى جانب قوات الحكومة في المعارك وعند نقاط التفتيش، ويستخدمون قواعد الجيش أو الأمن واحيانا يصعب التميز بينهم.))
اما جرائم الجبهة الداعشية – النقشبندية – البعثية فحدث ولا حرج. انها نفذت كافة الطقوس الاسلامية المعمول بها من قبل اجدادنا منذ الهجرة من مكة الى المدينة:- كسبي النساء وتوزيع اليزيديين في سنجار كعبيد على المنتسبين لداعش، بل قتل مئات الشباب الشيعة في قاعدة سبايكر ورمي جثثهم الى نهر دجلة، مع تلاوة القاتل باعلى صوته الايات القرآنية المختصة في طقوس القتل ، ثم نشرت الجبهة افلام الجريمة على شاشات الانترنيت للافتخار بالبطولة. كل هذا علاوة على (( عمليات التفجير والعمليات الانتحارية ضد المناطق الشيعية، وكذلك ضد الابرياء من المناطق السنية التي تشهد مواجهات ساخنة)) كما اكد السيد الباحث جاسم محمد.
نفذت وتنفذ هذه الجرائم من قبل المسلمين السنة والشيعة علاوة على ((ضربات الجو من قبل الطيران الاميركي وطيران التحالف الدولي، والذي سبب باعداد كبيرة من الضحايا والمهجرين.)) ويشرح الباحث:-
((ظهور إستراتيجية اميركية جديدة تبلورت بعد وصول اوباما الى البيت الابيض والتي تركزت على تقليص نشر القوات الاميركية وكذلك اعادة نشرها وتقليص نفقات الميزانية. هذا النوع من الاستراتيجية يدعم فكرة ظهور وتبني الولايات المتحدة نظرية الجيل الرابع من الحروب والتي تتلخص، بان تدور الولايات المتحدة حربا من بعد بايجاد اطراف محلية تقاتل عنها بالوكالة في الدول الفاشلة من اجل اضعاف هذه الاطراف واشعال القتال بين ابناء البلد الواحد.)) هذا هو حال العراق في بداية قرن الواحد والعشرين.
لكل هذا هناك الضرورة الماسة لتثقيف شعبنا المظلوم ليبدأ بنبذ الانحياز الطائفي او الديني او العرقي وفضح جرائم الطائفين ومرجعياتهم السنية والشيعية وتوحيد كل الجهود الخيرة للتخلص من الحرب القائمة ورفض المشاركة فيها، كخطوة اولى نحو تحرير عراقنا العزيز من براثن الحكم الديني المؤذي والسير قدماً نحو اسقاط الحكومة الدينية والتخلص من شر الداعشية – النقشبندية وتشكيل حكومة مدنية عصرية تفصل الدين عن السياسة وتحرّم كافة الاحزاب المتحاربة والى الامام!!

بروفيسور وكاتب عراقي

www.deyaralnagab.com