logo
فتح مع أم ضد الاستيطان؟!
بقلم : مجدولين حسونة ... 07.05.2015

قد يكون عنوان هذا المقال فضفاضا بعض الشيء، وقد أتهم مرة أخرى بإطالة اللسان والتطاول على مقامات عليا كما تم اتهامي سابقا من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، لكن عندما أشعر بأنني يجب أن أقول شيئا فسأقوله حتى لو حاول كل العالم إغلاق فمي. واليوم لن أخشى أن أوجه لكم السؤال الأكثر جرأة: السلطة الفلسطينية بما فيها فتح – باعتبارها أكبر فصيل فلسطيني – مع أم ضد الاستيطان؟
من يقولون نعم بالمطلق سيستندون على تلك التصريحات التي يغمرنا بها يوميا المسؤولين في فتح، والتي تعبر عن رفضهم للاستيطان، والحق يُقال إنهم لم يقصروا في “التصريحات الرافضة” حول هذا الانتهاك، إذ كان الاستيطان من أول البنود في أول لائحة اتهام قدمها الفلسطينيون ضد إسرائيل إلى محكمة الجنيات الدولية. ولكن السؤال الأهم: إذا كانت ضد الاستيطان، لماذا رفضت السلطة الفلسطينية بما فيها عشرات الشخصيات من فتح، تسهيل جمع التوقيعات لأكبر بطاقة احتجاج في العالم ضد الاستيطان وجدار الفصل العنصري والتي بدأت في ذكرى يوم الأرض 30 آذار 2015 ولا زالت مستمرة حتى الآن بهدف جمع 10500 توقيع من مختلف أنحاء الوطن؟
بالتأكيد سيتساءل القارئ على ماذا أستند بكلامي هذا؟
قبل أيام تواصلت معي السيدة روز حامد مديرة مركز العاصور لإحياء التراث وصاحبة فكرة أكبر بطاقة احتجاج في العالم ضد الاستيطان، وكانت غاضبة جدا لأنها شعرت بأن هناك إفشال متعمد لجمع التوقيعات، ولم تجد من يساعدها في فكرتها غير التقليدية والتي تهدف إلى جمع أكبر عدد ممكن من التواقيع، ليتم إرسالها للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في يوم النكبة 15 أيار، بهدف التأثير على الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها بوقف فوري للاستيطان.
السيدة روز دعت أكثر من 100 شخصية من حركة فتح، والسفارات والوزراء ورئيس الوزراء د.رامي الحمد الله، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولم يحضر منهم سوى عضو اللجنة التنفيذية ونائب الأمين العام السابق للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح، والسفير المصري، ومنسق اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة محمد العليان.
هذه السيدة لا زالت حتى الآن تائهة بين المؤسسات الحكومية فقط من أجل إيجاد جهة راعية للفكرة تساعدها في جمع التوقيعات، ولا زال المسؤولين يطالبونها بالحصول على إذن مسبق مقابل التوقيع، والأغرب أن بعضهم سخر بها وبفكرتها وطلب أن تنقل البطاقة وتكمل عملها وحدها، مثل شخصيات تمثل مكتب محافظة نابلس، ومنهم من رفض استقبالها بحجة الامتحانات كما حصل مع جامعة النجاح الوطنية التي تضم آلاف الطلاب وبإمكانها تسهيل الموضوع وجمع التوقيعات بكل سهولة، في الوقت الذي تفرغت فيه الجامعة لمهرجان التسوق. ومنهم من رفض أن تستغل تجمع الناس في مناسبات وطنية (يوم الأسير الفلسيني) للحصول على توقيعات مثل هيئة شؤون الأسرى (وأتحفظ على ذكر الأسماء، لأن الفكرة من كتابة هذه الحقائق هي الالتفات للبطاقة وليس التشهير بمن أساء التصرف من المسؤولين مع هكذا فعالية وطنية).
هذه الفكرة لقيت نجاحا في غزة، مع أن المركز الذي يتبناها لا علاقة له بحزب أو إطار سياسي معين، ولكن على ما يبدو أن العمل ضد الاستيطان على أرض الواقع نجده فعليا في قطاع غزة، بدليل أن الفصائل الفلسطينية في غزة (باستثناء فتح) شاركوا بالمؤتمر الاحتفالي الذي دعت له القوى الوطنية والإسلامية من أجل جمع التوقيعات، وقام مندوب حركة حماس بتوصيل الدعوات بشكل رسمي لكافة الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير وخارجها، حسب ما قاله لي السيد عصام عدوان رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حماس الذي اتصلت به للاستفسار عن الموضوع، وأكد لي بأن المؤتمر نجح وأن الكثير من الشخصيات والقياديات في الفصائل الفلسطينية والاتحادات وأعضاء المجلس التشريعي حضروا ووقعوا، وكان رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية وقيادات من حركة الجهاد الإسلامي من بين الحضور.
البطاقة في غزة بقيت لمدة يومين منصوبة على جدار المجلس التشريعي ومن ثم قاموا بنقلها إلى الجامعات لجمع المزيد من التوقيعات، وحسب السيد عدوان فإن آلاف التوقيعات قد جمعت لغاية الآن (ثلثي التوقيعات المطلوبة).
من الواضح أن السلطة في الضفة ليست معنية بإنجاح هذه الفعالية البسيطة، ولو أرادت إنجاحها لفتحت الطريق أمامها كما حصل في غزة.
لم أقل في هذا المقال سوى ما يجب أن يُقال. وبعد عرض هذه التفاصيل واطّلاعي على الوثائق التي وصلت إلي والتي تثبت ما كتبته، يحق لي ولكل فلسطيني أن نسأل: فتح مع أم ضد الاستيطان؟! وإذا كانت ضد لماذا لا تتحرك لجمع التوقيعات، أم أن قرارات المحاكم الدولية التي لم نر من نتائجها سوى المزيد من المستوطنات أكثر جدوى؟
على الهامش: لم يأتِ الرئيس ليوقع، ولم يبعث مندوبا عنه، لكنه شارك في مظاهرة تنبذ الإرهاب في باريس ضد ما حصل في مجلة شارلي آيبدو … سيادة الرئيس: هل يوجد إرهاب أكبر من الاستيطان وسلب الأرض؟


www.deyaralnagab.com