logo
المرأةُ الأخطر!!
بقلم :  فاطمة ناعوت  ... 25.02.2015

هل بالفعل يكره الرجلُ المرأةَ ذاتَ الرأس الكبير؟ أعني المرأة التي تستخدم عقلَها لتفكّر وتحلّل وتبدع وتتفوق؟ ستجيبُ النساءُ بحزن: "نعم، يكرهون!” وسيغضبُ الرجال قائلين بحسم: “بالعكس، نحن نحبُّ أن تفكر النساءُ ويُبدعن.” ولكن السؤال المطروح ليس دقيقًا. السؤال الأصح للرجل هو: “هل تفضّل أن تكون حبيبتُك فائقةً على المستوى العقلي، ثم تتزوجها؟" هنا سيتراجع الشطرُ الأعظم من الرجال عن موقفهم الحاسم السابق، وينخرطون في التفكير حول مجبّة هذا الرأس المتفوق، وعواقبه.
ليس الرجلَ الشرقيَّ وحسب، من يكره أن تتفوق امرأتُه، بل أظنُّها آفةً أنثروبولوجية لا تخصُّ عِرقًا دون عِرق، ولا شعبًا دون آخر، ولا عقيدة دون أخرى. إنما هي سِمة تميّز العصور التي يهيمن فيها الرجلُ على مقاليد الحكم والسيادة، مثل هذا العصر البطريركي Patriarchy الذي نعيشه. وفيه يكون الرجل هو السيد في البيت والعمل والسياسة وسوق المال. فالمرأة في فكر "أرسطو" الإغريقي، هي الأقل شأنًا ذهنيًّا وروحيًّا ونفسيًّا وفيزيقيًّا وحتى أخلاقيًّا. بل يرى المرأة نفسها إحدى ممتلكات الرجل، وظيفتُها أن تقوم على خدمته ورعايته وإنجاب ذريته، دون حقوق لها، ويرى في هذا آية من آيات الفضيلة. لهذا صُدم هيرودوت حين قارن بين حال المرأة في أثينا وحالها في مصر القديمة، حيث تنزل المصريةُ الأسواقَ للتجارة وتمتلك مالَها وإرادتها وترث كما يرث الذكور، بل وجدها قاضيةً وحاكمةً وتملك زمام أمرها.
مفردة Patriarchy مشتقة من الكلمة اليونانية التي تٌنطق Pat بمعنى الأب، ومنها الكلمة التي تنطق Pater بمعنى "أب العِرق أو النسل"، مضافًا إليها مفردة تٌنطق arkho بمعنى "أنا أحكم". ومعنى المصطلح هو "النظام الذكوري أو الأبوي". وعكس هو النظام الأمومي Matriarchy من المفردة Mat التي تعني "الأم"، وفي تلك المجتمعات تكون الهيمنة والسيادة للأم أو السيدة الأكبر سنًّا، كما في صعيد مصر الآن، أو في بعض المجمتعات الأفريقية وفي مجتمعات قديمة قبل التاريخ.
الناصعُ في الأمر أن الرجل، بصفة عامة، يحبُّ أن يكون رأسُ امرأته الجميلُ، جميلا، خاليًا مما يعكّر جمالَه. والفكر النيّر يخلق الجدلَ الذي يعكّر هذا الجمال. فما أجملها امرأة لا تثير الجدل والفوضى. لهذا كتبت الشاعرة مارتا ريڤ-;-يرا، من منطقة البحر الكاريبي بالأسبانية:
“إياك أن تقع في حبِّ امرأة تقرأ، امرأة تحس بمشاعرها، امرأة تكتب. إياكَ والمرأة المثقّفة الساحرة المنتشية. فهي امرأة مجنونة. إياك وامرأة تفكّر، امرأة تعرف ما تعرفه. وتعرف أيضًا كيف تطير. امرأة واثقة بنفسها. إياك أن تقع في حب امرأة تضحك أو تبكي وهي في لحظة الحب. امرأة تعرف كيف تحوّل لحمها إلى روحِ. والأهمُّ، إياك أن تقع في حب امرأة تحب الشعر، فأولئك أخطرُ النساء. إياك أن تحبَّ امرأة تقف أمام لوحةٍ ساعة، ولا تعرف العيش دون الموسيقى. إياك أن تحبَّ امرأةً تهتمُّ بالسياسة ومتمرّدة. وحذار من امرأة تحس بالرعب حين يغيب العدل. لا تقع في حب امرأة لا تحب مشاهدة التليفزيون. واحذر أن تحبَّ امرأة فائقة الجمال بصرف النظر عن ملامح وجهها أو جسدها. امرأة مندفعة، مليئة بالبهجة، شفّافة، غير خاضعة، لا توقّر أحدًا. ابتعد عن الوقوع في حب امرأة كهذه؛ لأنك إن فعلت، وبغض النظر عن بقائها معك أمْ لا، أو حبها لك أمْ لا، فمنها، من مثل تلك المرأة، لا أحدَ يعود أبدًا.]
***
[كثيرًا ما نبهتْهُ/ أن بيجامتَها الزرقاءَ لا تناسبُ كهلاً مثلَه/ مع هذا/ ظلَّ على صمتِه/ بينما عقلُه يحاولُ رسمَ امرأةٍ بلا رأسْ/ كي يضاجعَها في هدوءْ.
ماذا لو اكتشفتْ مثلا أنه/ يُصبِّرُ الفراشاتِ بدبابيسَ على الحيطان/ أو يضربُ الخادمةَ بالعصا/ إن هي نسيتْ وضعَ الملح في ماء القدم؟
مَن يدريها/ أن القابعَ خلف ستار الراهبِ/ لم يلقّنه درسْ الخاطئة والسيد الطيب؟ ]
***
* من قصيدة "بيجاما" | ديوان "قارورة صمغ" 2008 | فاطمة ناعوت | دار ميريت

المصدر:مركز مساواة المراه

www.deyaralnagab.com