logo
إلغاء المادة 522 انتصار منقوص لا يحد من العنف ضد النساء في لبنان!!
بقلم : الديار ... 14.12.2017

يسعى المجتمع المدني والحقوقي في لبنان إلى تعديل جديد لبعض مواد قانون العقوبات المتعلقة بالعنف ضد المرأة، وذلك بالتزامن مع اختتام فعاليات حملة الـ16 يومًا، للحد من العنف ضد النساء والفتيات. وكانت حملة الحد من العنف ضد المرأة قد انطلقت في 25 نوفمبر الماضي، في إطار اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
بيروت - رغم أن مجلس النواب اللبناني (البرلمان) ألغى في أغسطس الماضي “المادة 522” من قانون العقوبات، التي تنص على أنه “إذا عُقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى جرائم الاغتصاب، أو الخطف بغية الزواج أُوقفت الملاحقة، وإذا صدر الحكم في القضية عُلِّق تنفيذ العقاب الذي فُرضَ عليه”.
لكن هذا “الانتصار” جاء منقوصًا؛ لأنه أبقى على سريان المادتين 505 و518 من القانون ذاته، واللتين تتضمنان عقوبات مخففة بحق المغتصب.
وفي هذا الإطار قال وزير الدولة لشؤون المرأة، جان أوغاسابيان، إنه تقدم بمشروع قانون من أجل تعديل المادتين 505 و518 من قانون العقوبات اللبناني، لمنع الإعفاء من العقوبة وتشديدها على من يقوم بالاعتداء الجنسي على قاصر أو أي فتاة بعد إغوائها بوعد الزواج.
وأضاف أن التعديل يهدف إلى حماية الفتاة أو القاصر وإبطال مسألة الإعفاء من العقوبة في حال الزواج.
ومن المقرر أن يحال مشروع القانون إلى اللجان النيابية المشتركة، ثم إلى اللجنة المختصة (لجنة الإدارة والعدل)، وبعد دراسته يحال إلى الجمعية العمومية (البرلمان) للتصويت عليه من قبل النواب في جلسة تشريعية، لإقراره ليصبح قانونًا أو يسقط بالتصويت عليه.
وتنص “المادة 505” من قانون العقوبات على أن “من جامع قاصرًا دون الخامسة عشرة من عمرها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة”، أما “المادة 518” فتعاقب بالسجن فترة قصيرة أو بغرامة من “أغوى فتاة بوعد الزواج ففض بكارتها”.
ويلغي مشروع القانون، حسب أوغاسبيان النائب في البرلمان اللبناني، ما كانت تنص عليه المادتان القديمتان من إعفاء الجاني من العقوبة حال تزوج من المُعتدى عليها، نظرًا إلى أن الاغتصاب يجب أن يكون له حكم عقاب غير قابل للتسوية.
من جانبه، قال رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، عبر حسابه على تويتر “التزامًا مني بقضايا حقوق الإنسان، ومن ضمنها قضية المرأة، أعمل على تنفيذ التزامات لبنان الدولية ومنها مكافحة العنف ضد المرأة وإصدار مرسوم تشكيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، وتوفير الموارد المالية لها وضمان استقلاليتها”.
بدورها، التزمت المنظّمات المدنية غير الحكومية في لبنان، التي تعنى بقضايا المرأة، بمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لإنهاء العنف ضد المرأة ضمن 16 يومًا من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتهدف الحملة التي شارك فيها المجتمع المدني، وقوى الأمن الداخلي، ووزارة شؤون المرأة إلى زيادة الوعي العام، وحفز الناس في كل مكان على إحداث التغيير. وبدأت تلك الحملة في 25 نوفمبر لتتواصل إلى 10 ديسمبر، وهو يوم حقوق الإنسان.
وتطالب منظمة “كفى عنفا واستغلالا”، عبر حملة “هيدا كمان (هذا أيضًا) عنف جنسي” بإلغاء “المادة 522”، التي سبق أن قام مجلس النواب بإلغاء جزئي لمفاعيلها عن بعض الجرائم ومنها الاغتصاب. غير أنه أبقاها على جرائم أخرى (في المادتين 505 و518 عقوبات)؛ لا سيما السماح للزوج باغتصاب زوجته، وإعفاء مَن جامع قاصرًا ما بين سنّ الخامسة عشرة والثامنة عشرة مِن العقاب إذا تزوّج من الضحية وهو بذلك عن قصد أو غير قصد يكرّس تزويج الأطفال.
وتزامنت حملة “كفى” مع حملة لمنظمة “أبعاد” تحت شعار “المؤبد إلو (له).. الحياة إلها (لها)”، وطالبت بتعديل الفصل السابع من “المادة 511” من قانون العقوبات اللبناني، لتصل عقوبة الجرم إلى مؤبد لكل من اعتدى جنسيًا على ابنته أو أخته أو حفيدته أو ابنة أخته أو ابنة أخيه، أو من يمارس أي سلطة شرعية أو فعلية على الضحية أو ما يسمى بالاغتصاب السفاحي.
من جانبها، قالت المحامية دانيال حويك، من مؤسسي منظمة “أبعاد”، إن المنظمة تطالب بإيجاد مادة خاصة تُجرّم هذا النوع من الجرائم؛ لأن عقوبة “المادة 511” ليست رادعة.
وأضافت أن تشريع مادة خاصة من السهل إضافتها ولا تحتاج إلى وقت طويل، ولفتت إلى أن المنظمة أعدّت دراسة عامة وشاملة لإضافة هذه المادة وستتقدم بها العام المقبل.
98 بالمئة من اللبنانيين واللبنانيات يدعمون قيام النساء بالإبلاغ عند تعرضهن لاعتداء جنسي
وأوضحت أن حملة “المؤبد إلو.. الحياة إلها”، التي أقامتها المنظمة، تهدف إلى توعية الرجال والمجتمع وليس الهدف منها وضع الرجال في السجون.
وتابعت “حملة التوعية هدفها إيجاد ردة فعل صادمة في المجتمع، وليس همنا فقط تعديل القوانين؛ فهدفنا العمل على النفوس أكثر من النصوص لعدم الوصول إلى هذه الأنواع من الجرائم”.
إلا أن الوزير أغاسبيان أكد أن الوزارة لم تقدم أي اقتراح لتعديل المادة 511 من قانون العقوبات؛ لأنه بمجرد إلغاء المادتين 505 و518 من القانون ذاته يكون قد ألغي كل أمر يتعلق بالإعفاء من العقوبة.
وأوضح أن الوزارة تنطلق من مبدأ عام وهو “عند الاعتداء أيا تكن الأعمار أو الأسباب هناك عقوبة يجب تطبيقها”، وفي حال أراد المعتدي الزواج بعد تنفيذ العقوبة يصبح الأمر مرتبطا بالطرفين، فالإقدام على أي عمل يرتبط بالاعتداء الجنسي يتطلب عقوبة تختلف حسب أعمار المعتدى عليهن.
وربط أوغاسبيان موضوع الإعفاء من العقوبة باقتراح قانون آخر تقدم به إلى مجلس الوزراء ويتعلق بالتحرش الجنسي، الذي يعتبر بحد ذاته جرمًا ويعاقب عليه القانون.
وعن وجود مسعى جدي لتطبيق التعديلات، أشار إلى أن هذه التعديلات تذهب إلى المجلس النيابي (البرلمان)، ومن ثم تحال إلى لجنة الإدارة والعدل لمناقشتها لتعديلها أو إبقائها كما هي.
وأوضح الوزير اللبناني قائلًا “المواد المتعلقة بالعنف الأسري والاعتداء الجنسي ظالمة بحق المرأة، والقانون القديم أصبح وراءنا، ونتحدث عن مسعى لتعديل القانون الجديد المتعلق بهذا الأمر”.
وأظهرت نتائج استطلاع رأي، أجرته منظمة “أبعاد” خلال عام 2017 بالتعاون مع مركز البحوث والاستشارات (غير حكومي)، وبناء على إحصاءات قوى الأمن الداخلي، أن امرأة من كل 4 نساء في لبنان تبلّغ عن تعرضها لاعتداء جنسي.
وأشارت إلى أن نسبة 49 بالمئة من حالات الاعتداء الجنسي ترتكب من قبل أفراد الأسرة أو من المعارف المحيطين بالنساء. كما أن 98 بالمئة من اللبنانيين واللبنانيات يدعمون قيام النساء بالإبلاغ عند تعرضهن لاعتداء جنسي، حسب نتائج الاستطلاع، الذي رصد ارتفاع معدل إبلاغ النساء عن حالات الاعتداء الجنسي من 10 إلى 13 إبلاغا في الشهر.

المصدر : العرب

www.deyaralnagab.com