logo
الأرامل في الأردن تائهات مع أطفالهن بلا سند !!
بقلم : الديار ... 27.06.2018

عمان- تعيش الأربعينية “هناء” (الاسم المستعار لأرملة) حالة صراع بينها وبين أهل زوجها، فما إن توفي زوجها قبل أربعة شهور حتى تم طردها هي وأبنائها الستة من المنزل. فالمنزل الذي كانت تسكن فيه هو ملك لأهل الزوج، وامتدت أيادي العائلة إلى نصف قيمة راتب ابنها التقاعدي البالغ 500 دينار.
هناء التي تعيل الأسرة المكونة من سبعة أفراد، لا تجد في 250 دينارا ما يسد احتياجاتها واحتياجات أبنائها، تقف حائرة ومستغربة من أفراد عائلة الزوج المقتدرين ماديا، متسائلة عن عدم حصولها على راتب زوجها التقاعدي كاملا، في ظل المسؤوليات والالتزامات الملقاة على عاتقها بوجود أبنائها.
وقالت هناء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) “الحياة خانقة بظروف اقتصادية صعبة، والضغوط المفروضة عليّ تزيد من أعبائي، فتدخل أفراد عائلة الزوج في تربية أبنائي يجعل الصاع صاعين بما أحويه من تعب وآلام جراح الفراق، وما أصابني من اكتئاب وصداع نصفي لا أجد مخرجا منه”. أم ليلى فقدت زوجها في شهر رمضان، تاركا حمل بناتها الثلاث، إحداهن تحتاج إلى تكاليف علاجية بسبب ما تعانيه من إعاقة جسدية.
تعاني أم ليلى من ضنك العيش، بعد أن بسط أفراد عائلة الزوج سيطرتهم على الميراث، ولا تستطيع الشكوى خوفا من ثقافة المجتمع التي تحول دون إقدام المرأة على مثل هذا الإجراء. وهي ما زالت تذوق الأمرّين؛ ذلك أن المنزل الذي تسكنه مع بناتها ما زال مرهونا للبنك، إلى حين السداد التام لكافة الأقساط المترتبة على الشقة.
اليوم العالمي للأرامل دعوة لتخفيف المعاناة التي تواجهها الأرملة اليوم العالمي للأرامل دعوة لتخفيف المعاناة التي تواجهها الأرملة
تبحث أم ليلى عن عمل إضافي إلا أن ما يعيقها وجود إحدى بناتها التي تحتاج إلى رعاية صحية كاملة، قائلة والدمعة تذرف وجعا على وجنتيها “العين بصيرة واليد قصيرة”. وبحسب خبراء فإنه حالما تترمل المرأة تواجه أعباء مادية قد تمتد إلى حرمانها هي وأبنائها من الميراث ومن الحقوق العقارية، وكثيرا ما يتأثر أبناؤها عاطفيا واقتصاديا.
ودعوا إلى إيجاد حصانة للأرملة من مؤسسات الدولة مع إيجاد الدعم المناسب لها وتفقّد أحوالها وأحوال أفراد عائلتها شهريا بواسطة ولي أمر من الدولة وتوفير أخصائيين نفسيين واجتماعيين يقدمون الدعم النفسي والمعنوي لها بشكل مستمر.
وكشفت دائرة الإحصاءات العامة في آخر إحصائية لها أن نسبة الأرامل شكّلت حوالي 4.4 بالمئة من مجموع الإناث في المملكة، وبلغت نسبة المطلقات 1.1 بالمئة، فيما يبلغ عدد الأرامل وفقا للأمم المتحدة ما يقارب من 285 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم، وتعيش واحدة من كل عشر منهن في فقر مدقع.
وقال الناطق الإعلامي باسم صندوق المعونة الوطنية ناجح صوالحة إن عدد أسر الأرامل التي تتقاضى معونة للعام الحالي 12878 أسرة بمعونة شهرية إجمالية تصل إلى حوالي مليون و355 ألف دينار، فيما كان مجموع الأسر التي تتلقى المعونة للعام 2016، 11991 أسرة بمعونة شهرية إجمالية تصل إلى حوالي مليون و136 ألف دينار. وقال الناطق الإعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط إن الأرامل إحدى الفئات التي تستهدفها الوزارة وصندوق المعونة الوطنية في سلسلة من الجهود وخدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة لها.
وأضاف أن من الخدمات المقدمة المعونة النقدية المتكررة وخدمة بناء وشراء وصيانة المساكن وكذلك خدمة مشاريع القروض الإنتاجية وخدمة المعونات النقدية والعينية، إذ أن الخدمات المقدمة سند للتشريعات النافذة.
وقالت أستاذة علم الاجتماع الإكلينيكي في الجامعة الأردنية رولا السوالقة “لا بد من تمكين المرأة باختلاف مكانتها الاجتماعية سواء أكانت مطلقة أم أرملة أم عزباء، وبالأخص إذا كانت في سن متقدمة، وتزداد الخطورة حينما يكون للأرملة أو المطلقة أطفال”.
وبينت أن ما يحدث في حال وفاة الزوج هو أن أفراد عائلته قد يتدخلون من باب العادات والتقاليد، وقد يطال الأمر الميراث أو ضم الأولاد إليهم، فالأرملة والأطفال في حد ذاتهم أسرة، وهي حاضنة لهم.
وبينت أن الخطورة قد تكمن في عدم حصول الأرملة على شهادة جامعية أو فرصة عمل، وعلى مؤسسات الدولة تقديم الدعم لها نفسيا واجتماعيا، أو على الأقل تقديم القروض لها لإنشاء مشاريع صغرى.
وأضافت أنه لا بد من الوعي بما تمر به من ظروف نفسية واجتماعية واقتصادية، وأن البعض قد يرى ضرورة تزويجها وما يتسبب فيه ذلك من فقدانها لحضانة أبنائها بعد زواجها الثاني وتفكك الأبناء فيما بعد.
وقالت إن الأرملة قد تتعرض نتيجة صدمة وفاة زوجها لحالة اكتئاب وآثار نفسية صعبة قد تتحول إلى أمراض عضوية أو تمتد إلى حالة الانتحار، مبينة أن الصدمة تؤثر على تربيتها لأولادها. وأضافت أنه في إطار التنمية المستدامة تمارس الأرملة دور الأم والأب وتحاول جاهدة توفير حماية عاطفية واجتماعية واقتصادية لأبنائها، فمسؤولية دعم الأرملة لا تقع على عاتق الأفراد فحسب وإنما تمتد إلى مؤسسات الدولة.
ودعت إلى أن تكون هنالك حصانة للأرملة من قبل مؤسسات الدولة التي ينبغي أن تدعمها وتشجعها وتتفقد أحوالها وأحوال أفراد عائلتها شهريا بواسطة ولي أمر من الدولة وتوفير أخصائيين نفسيين واجتماعيين يقدمون الدعم النفسي والمعنوي لها بشكل مستمر.
وقالت رئيسة الجمعية الأردنية لرعاية الأرامل والأيتام فوزة شديفات إن الأرامل الفقيرات يندرجن تحت فئة المستضعفات، إذ يفقد البعض منهن الدخل بعد وفاة أزواجهن. وأضافت أن المرأة بعد وفاة زوجها تواجه تبعات كثيرة بسبب الترمل ومسؤوليات جسيمة في إدارة الأسرة والمحافظة على أولادها.
وأشارت إلى إمكانية أن تتأثر مكانتها الاجتماعية بسبب الترمل، ولكي تستعيد الأرملة مركزها الاجتماعي يتوقع منها أن تتزوج وبخاصة من أحد أقارب زوجها. وبينت أن الجمعية منذ نشأتها ما زالت تقدم الدعم النفسي والمادي والمعنوي للأرملة وتنظم محاضرات تثقيفية وتوعوية وصحية ودينية وتقدّم تبرعات للأرامل وأسرهن.
يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت في الـ21 من ديسمبر للعام 2010، الإعلان عن اليوم العالمي للأرامل في 23 يونيو من كل عام، اعترافا وتقديراً وللفت الأنظار إلى واقع الأرامل وأطفالهن، وسعياً لتخفيف المعاناة التي تواجهها الأرملة فور وفاة زوجها، وحرصاً على تقديم المعونة للنساء ليواجهن الفقر!!

المصدر : العرب

www.deyaralnagab.com