logo
الرداء الأبيض وسيلة رمزية لذود السودانيات عن حقوقهن !!
بقلم : الديار ... 06.03.2019

قرّرت مجموعة من الناشطات في الخرطوم هذا العام الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الثامن من مارس الحالي بطريقتهن الخاصة، حيث أطلقن مبادرة بعنوان “مارس الأبيض”، دعين خلالها إلى ارتداء النساء بمختلف فئاتهن العمرية ثوبا أبيض طيلة شهر مارس، باعتباره الزيّ القومي للمرأة في السودان.
الخرطوم - يتزامن اليوم العالمي للمرأة هذا العام مع الحراك الشعبي الذي يشهده الشارع السوداني منذ أكثر من شهرين، ما جعل صاحبات المبادرة يفكرن، انطلاقا من الدور الهام الذي لعبته المرأة في الحراك الشعبي بأن تكون خطوة توحيد اللباس للسودانيات من مختلف الفئات العمرية والشرائح، تعبيرا عن رمزية وحدة الرأي والتلاحم بين السودانيين.
وكانت الطالبات بجامعة الأحفاد السودانية، أوائل من التقطن زمام المبادرة، حيث نفّذن الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية داخل مباني الجامعة بمدينة أم درمان وهن يرتدين الثوب الأبيض، وندّدن خلالها بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأشعلت المبادرة مواقع التواصل الاجتماعي في السودان، حيث انقسمت الآراء حولها بين مؤيد ورافض، خاصة أنها اقترحت على النساء ارتداء الأبيض عند مشاركتهن في جميع التظاهرات والمواكب التي يدعو إليها تجمّع المهنيين، وهو تجمع نقابي غير رسمي لرفع مطالبه خلال الشهر الحالي.
وتكثّفت الدعوات لارتداء الثوب الأبيض في موكب الخميس الذي خصصه التجمّع للمرأة، تأكيدا على مناصرتها في اليوم العالمي ورفضا للعنف الموجه إليها.
ويرى الرافضون للمبادرة أنها بمثابة إقصاء لإثنيات عرقية في السودان كونها لا ترتدي الثوب السوداني، وإنما لها أزياء شعبية أخرى تميّزها، ورأوا أن الثوب في الأساس انتشر من الشمال النيلي لبقية أنحاء السودان، والذي يتهم بهيمنة ثقافته على بقية الثقافات في البلاد.
واعتبر البعض أن عملية ارتداء الثوب أثناء التظاهرات في حد ذاتها مقيدة للحركة، حيث تعمد المرأة للفّ جسدها بالكامل به، ما يجعلها تقع في أيادي الأمن بسهولة، ويصعب عليها الركض في حالات الكرّ والفرّ التي تتسم بها التظاهرات عند تدخّل الأجهزة الأمنية لفضّها.
تجدد الناشطات الدعوة إلى إلغاء قانون الأحوال الشخصية الذي يهضم حقوق المرأة الزوجية ويحرم الأم المطلقة من أطفالها
وتقول نسرين، وهي طالبة جامعية، “شخصيا لن أشارك في الحملة لأني أرى أن الثوب السوداني غير مناسب إطلاقا في التظاهرات، لأنني سأكون وقتها فريسة سهله لدى أجهزة الأمن”. وتضيف “كما لا أفهم على أي أساس تم اختياره كرمز في بلد متعدد الثقافات وبالتالي متعدد الأزياء كالسودان… أعتقد أن الفكرة تمثّل تعاليا، فيمكن لكل منّا أن يفتخر بالثوب لكن لا نعتبره زيّا قوميا حتى لا ندخل في أزمة فرض الهوية ومحاربة الآخر”.
وتتفق رماز، وهي موظفة، مع نسرين وتوضح “أنا أقبل برمزية الثوب السوداني كأحد الأزياء الشعبية المنتشرة في البلاد”، وتردف “المشكلة التي نعاني منها حاليا فرض ثقافة مركزية مهيمنة وقابضة”.
وترى صاحبات المبادرة أن الفكرة ليست لعرض الأزياء، وإنما قُصد منها طرح موحّد وهو السودان، عبر اختيار الثوب السوداني كزيّ قومي ترتديه النساء في مناطق البلاد المختلفة، شرقا وغربا ووسطا وشمالا وجنوبا، وتضامنا مع النساء السودانيات في ظل مواجهتهن للعنف بأشكاله المختلفة.
وتقول ريم “المبادرة مجرد رمزية لوحدة الرأي والتلاحم في وجه النظام الذي عمل على تغيير الهوية السودانية، كما أن اختيار اللون الأبيض قصد به التعبير عن التفاؤل بغد أفضل وبالسلام”.
السودانيات يعملن على استغلال فرصة الحراك الشعبي للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة بغرض رفع مطالبهن والذود عن حقوقهن والتخلص من أعباء القيود التشريعية، التي تكرّس اضطهادهن من قبل المجتمع الذكوري
وتؤيد فاطمة ما ذهبت إليه ريم وتؤكد قائلة “الثوب السوداني يمثّل رمزا لوحدة البلاد حيث ترتديه النساء مع احتفاظهن بزيّهن الشعبي التقليدي الذي يميز كل منطقة عن الأخرى”، وتشير “لكن بالنسبة للتظاهرات أعتقد أنه غير عملي ويقيّد الحركة”.
وتواجه المرأة في السودان العديد من أشكال العنف؛ بدءا من مجتمعها المؤسس للهيمنة الذكورية، وصولا إلى التشريعات التي أًصبحت كالسيف المسلّط على رقاب النساء إذ تعمل على تقييدهن، رغم التحسن النسبي الذي طرأ أخيرا بعد علوّ صوتها، ضمن حملات المناهضة.
وفي كل عام تجدد الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة الدعوة إلى إلغاء حزمة من القوانين التي تعتبرنها معيبة في حق المرأة وتكرّس لهضم حقوقها، ضمنها احتفالها باليوم العالمي للمرأة، وقانون النظام العام الذي يتدخل في أمور شخصية تخصّ المرأة كالزيّ الذي ترتديه، فضلا عن قانون الأحوال الشخصية الذي يهضم حقوقها الزوجية ويحرم الأم المطلقة من أطفالها، ومن النفقة الكافية بجانب كونه يمهّد لزواج الفتيات الصغيرات.
ومع اندلاع التظاهرات بعدد من المدن السودانية في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، وتحوّلها من مطالب احتجاجية ضد الأوضاع الاقتصادية السائدة إلى مطالبات بإسقاط النظام، والظهور اللافت لمشاركة النساء فيها حيث وجه الرئيس السوداني عمر البشير بتعديل قانون النظام العام قبل أن ينتقده، ويؤكد أنه مخالف للشريعة الإسلامية في محاولة للتخفيف من الغضب النسائي.
وتعمل السودانيات على استغلال فرصة الحراك الشعبي للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة بغرض رفع مطالبهن والذود عن حقوقهن والتخلص من أعباء القيود التشريعية، التي تكرّس اضطهادهن من قبل المجتمع الذكوري!!

المصدر: العرب

www.deyaralnagab.com