logo
خطوة تاريخية يتخذها السودان للقضاء على ختان الإناث!!
بقلم : شيماء رحومة ... 10.05.2020

الحكومة الانتقالية السودانية تعلن عن قانون جديد يجرّم ختان الإناث ويعكس تطلعات مناصري حقوق المرأة نحو القضاء على جميع أشكال العنف المسلط علي السودانيات والحد من معاناتهن، وتكريس مجتمع تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية.
كابوس مرعب ومعاناة مستمرة لدى السودانيات”، “السودان الثائر.. يخطو خطوة تاريخية نحو حماية المرأة”، “السودان يتجه لتجريم ختان الإناث في قانون تترقبه النساء بشدة”.. بهذه العناوين احتفت الصحف والمواقع بقرار طال انتظاره انتصر للمرأة ومنحها نوعا من الحماية ضد عادة اجتماعية انتهكت لسنوات حرمة جسدها ونكلت به.
ويبدو أن السودان قد بدأ عهدا جديدا في التعاطي مع حقوق المرأة بعد ثورته التي شهدت دورا بارزا للنساء اللواتي تقدمن الصفوف الأمامية لإسقاط حكم الرئيس السابق عمر حسن البشير الذي حكم البلاد لمدة 30 عاما، وفي هذا الإطار أقرّ مجلس الوزراء السوداني تعديلا في القانون الجنائي ينصّ على تجريم عادة الختان ومعاقبة مرتكبها بالسجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات مع دفع غرامة.
وينتظر أن يقرّ مجلس السيادة الانتقالي بدوره، خلال اجتماع مشترك مع مجلس الوزراء، التعديل ليتمّ نشره ويصبح قانونا. لكن لم يُحدد موعد للاجتماع بعد.
وجاء في نص المادة المعدّلة “يعدّ مرتكبا جريمة كل من يقوم بإزالة أو تشويه العضو التناسلي للأنثى ما يؤدي إلى ذهاب وظيفته كلياً أو جزئياً سواء كان داخل أيّ مستشفى أو مركز صحي أو مستوصف أو عيادة أو غيرها من الأماكن؛ ويعاقب من يرتكب الجريمة بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة. كما يجوز إغلاق المحل”.
وتجرى عمليات الختان في المجتمع السوداني دون إرادة الفتاة في أغلب الأحيان، ويعتقد خبراء في قطاع الصحة في شتى أرجاء العالم أن الختان شكل من أشكال العنف ضد المرأة وانتهاك لحقوقها الإنسانية، أما في حالة الأطفال فيعتبر الختان انتهاكا لحقوق الطفل.
عمرو كمال خليل: نستشرف واقعا أفضل تجد فيه المرأة ما يدفع بها إلى الأمامعمرو كمال خليل: نستشرف واقعا أفضل تجد فيه المرأة ما يدفع بها إلى الأمام
وتأتي هذه الخطوة التي أقرها مجلس الوزراء السوداني في الـ22 من أبريل الماضي في وقت تسعى فيه السودانيات تحت شعار “نساء السودان للتغيير” لتحقيق التواجد النسائي المرغوب في أجهزة المرحلة الانتقالية، بعد أن لفتن أنظار العالم إليهن وهنّ في الصفوف الأولى للاحتجاجات.
وقد لاحظ المتابعون الدور القيادي الذي لعبته فتيات السودان في الاحتجاجات، حيث أطلق محليا على المشاركة في الاحتجاجات لقب “كنداكة”، ويعني المرأة الثورية أو القوية، وهو لقب تاريخي من الموروث السوداني كان يطلق على ملكات النوبة.
ويرى عمرو كمال خليل، محام سوداني ومدافع عن حقوق الإنسان، أن “تداول الأمر اليوم والتصريح بصدور نص يجرّم الختان هو امتداد لأصوات النساء والناشطين، بل إنه صوت التغيير نفسه المجسد في المفاهيم والسلوك الذي قادته الثورة وعبرت عنه سنوات أفضت إلى واقع سياسي أفضل يلبّي ما يحقق الكرامة الإنسانية”.
ولفت خليل في حديثه لـ”العرب” إلى أن “تجريم ختان الإناث ليس وليد اللحظة، وإنما هو تراكم محاولات ونداءات متواصلة شنها المجتمع المتمدّن سعيا لوقف بشاعة الختان وأثره الفردي والمجتمعي”.
وأضاف “سبق وأن تقدمت مجموعات ضغط خلال العام 2010 ليتضمن نصاً داخل مواد قانون الطفل لذات العام، وبالفعل تمت إجازته في مراحل التشريع، لكنه سقط من النص عليه عند التوقيع، ومردّ ذلك سيطرة الحكم وقتها برئاسة البشير على مفاصل الدولة والإرادة الشعبية، لكنها تبقى مرحلة وخطوة هامة تعزز المضمون برفض هذا السلوك العدواني في المجتمع”.
وقال إننا “نستشرف واقعا أفضل تصان فيه الحقوق وتحفظ فيه الكرامة وتجد المرأة السودانية ما يدفع بها إلى الأمام كسابق عهدها”.
ويعتبر السودان إحدى الدول التي ترتفع فيها نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وطبقا لنتائج مسح أجري في عام 2014 فإن معدل ختان الإناث يصل إلى نسبة 86.6 في المئة.
وبحسب إحصاءات للأمم المتحدة، عان 87 في المئة من النساء والفتيات السودانيات من هذه الممارسة.
ورحبت منظمة اليونيسف بقرار الحكومة الانتقالية السودانية بشأن تجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في البلاد واصفة الخطوة بالتاريخية، لافتة إلى أن التخلي عن هذه الممارسة لا يقتصر على الإصلاح القانوني أو على التقنين والتجريم، “بل إننا في حاجة إلى العمل الجادّ مع المجتمعات المحلية للمساعدة في تطبيق هذا القانون”.
القانون غير كاف
لكن يبدو أن المصادقة على هذا القانون تحتاج أيضا إلى وعي اجتماعي يقطع مع إرث الثقافة الاجتماعية السائدة ويبارك ويعمل على حماية الإناث وتحصينهن ضد مختلف أشكال الممارسات التعذيبية، كما هو الحال بالنسبة إلى الختان الذي يصنّفه الخبراء على أنه عنف ينكّل بالنساء جسديا ونفسيا وجنسيا، معتبرين أن التشريعات والقوانين تتطلب أيضا تغيير العقليات التي تقف في طريق الإصلاحات الرامية إلى حصول السودانيات على حقوقهن.
وقطعت القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة في السودان حتى الآن طريقا شائكا تقف فيه التقاليد عقبة في طريق الإصلاحات، لذلك لا بدّ من حملات توعية للمجتمع.
واليوم، وبعد الثورة التي أطاحت بالبشير وأرست بداية مسار ديمقراطي في البلاد، تأمل السودانيات بأن القانون والذهنيات ستتغير أيضا.
ووفقا للصحافية والناشطة ويني عمر فإن هذا التجريم هو “أحد انتصارات الثورة السودانية في محاولتها حماية الفتيات من خلال تشريعات قانونية”.
وتتساءل عمر قائلة “هل يكفي أن يكون هناك قانون أو مادة في القانون الجنائي السوداني تجرّم ختان الإناث لكي نتمكّن من اقتلاع هذه الظاهرة ونضمن زوالها من المجتمع تماما، الإجابة بنعم فيها تجاوز للبعد الثقافي والاجتماعي والديني أحيانا، لأن هذه الظاهرة مرتبطة بمفهوم يدور حول جسد البنات ومدى قابليتهن للزواج وبالعذرية وبالحرية الجنسية”.
وتابعت “هذه الظاهرة هي جزء من ثقافة وتقييد بدين في السودان ففي مفاهيم دينية عند بعض الأفراد تعتبر ممارسة دينية وهذا غير صحيح، لكن هذا النوع من التفكير للأسف قابع في أذهان الكثيرين”.
وشدّدت على أن هذا “القانون هو خطوة واحدة إلى الأمام يجب أن تتبعها خطوات أخرى كثيرة تتعلق بالتوعية المجتمعية، بخلق شراكات حقيقية بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والإعلام، يجب أن يتبعها أيضا تطوير آليات شبيهة بوحدة حماية الأسرة والطفل ووحدة مكافحة العنف ضد المرأة، وذلك لحماية الفتيات”.
وأضافت “هذه المؤسسات الحكومية يجب أن تنخرط بشكل مباشر في مكافحة هذه الظاهرة كي نتمكن من حماية الفتيات حتى قبل تعرضهن لهذه الممارسة”.
ويقول د. عبدالناصر علي بن علي الفكي، أستاذ علم اجتماع بجامعة أفريقيا العالمية في السودان، إن “طبيعة تكوين المجتمع السوداني أنه ليس مستكملا للسمات الحضرية، إذ أنه يحمل مؤثرات الريف في المدن ما يجعل الثقافة الاجتماعية عنصرا هاما في تعديل أيّ سلوك مرغوب لأن الضبط الاجتماعي يمارس سلطة واسعة مستترة أكثر من القانون الرسمي”.
وتابع “ولهذا عندما تريد المؤسسات العمل على إيقاف ممارسات تقليدية كالختان تتعدّى وتتحدّى الضوابط الرسمية كالقانون أو الدين أو العلم، تعمل على استمالة وإقناع الرموز والقيادة الاجتماعية والأسرية والأهلية، لأن الثقافة الاجتماعية ذات سلطات أقوى من القانون الرسمي الفوقي”.
وحول طبيعة الأطراف التي يجب أن تتحلى بوعي مضاعف لإنجاح المادة الجديدة التي تمت إضافتها شدد الفكي في حديثه لـ”العرب” على أن “عملية الختان في السودان سلوك أنثوي بالدرجة الأولى وكل تفاصيل الممارسة والأهازيج الشعبية الداعمة ذات ملمح أنثوي صرف والرجل هو مكمل مادي لتوفير مصروفات المناسبة”.
وأضاف “المؤسسة الداعمة في الغالب هي الجدة سواء من ناحية الأم أو الأب، وتسمّى ‘الحبوبة’، وهذه المؤسسة تتمتع بسطوة وقوة اجتماعية ليس في الختان وإنما في كافة القرارات المتعلقة بالزواج والاختيار والختان والموت، لذلك الختان مناسبة ترتبط بكل متعلقات البيئة الاجتماعية من ثقافة متكاملة في اللباس والإكسسوار والحناء والأغاني الخاصة بالختان وارتباط بسعف النخل وأيضا للسكان حول النيل، بالزيارة للنيل وفعل بعض الطقوس الخاصة”.
وتلعب المرأة دورا بارزا في المساهمة في القضاء على هذه الظاهرة لأنها تمثّل طرفين متناقضين في معالجة هذه القضية طرف يستنكر هذه الممارسات وطرف يدافع عنها ويشارك في ممارستها.
وتوضح ويني عمر أن “هناك عددا من النساء منخرطات في مكافحة ومحاربة العنف ضد المرأة وختان الإناث تحديدا في منظمات المجتمع المدني، لكن في نفس الوقت هنالك عدد كبير من النساء أيضا يقفن مع هذه الممارسة ويدافعن عنها ويمارسنها أيضا”.
وأضافت عمر لـ”العرب” أن “هذه واحدة من النماذج التي يمكن أن تصل إلينا تحت لواء التفكير الذكوري أو العقل الذكوري ومن الممكن أن تمتلكه نساء أيضا، بحيث يكن مؤذيات لأنفسهن ولغيرهن من النساء بسبب انتمائهن ودفاعهن عن عادات ثقافية واجتماعية بالية ومؤذية للنساء، فللأسف لسن كلهن ضد هذه الظاهرة”.
وأشار الفكي إلى أن “هناك وصمة اجتماعية تعيب المرأة غير المختونة بأنها تكون أكثر رغبة في الجنس، ولذلك يطلق عليها ‘الغلفة’، وهي إساءة ومصطلح القصد منه العيب أو شيء غير سوي في الثقافة الشعبية”.
أما الآن فهناك وعي جديد تشكل تجاه تلك المنظومة الاجتماعية الثقافية التليدة، ووفقا للفكي “نجد أن الأمهات صرن متعلمات ويحملن وعيا متقدما تجاه ختان الإناث، وهو نتاج نضال طويل”.
وكشف أنه “منذ بواكير الحركة النسوية في السودان انطلق العمل على محاربة الختان، ولكن تظل مراعاة النظم الاجتماعية التي تتحكم فيها الضوابط الاجتماعية باعتبارها أساسية، مسألة هامة”.
وأكد الفكي في خاتمة حديثه أن “مكافحة الختان تتطلب فهم وتحليل البنية الثقافية والاجتماعية والنجاح يتطلب أيضا فهم الوظيفة الاجتماعية ومن المستفيد منها ولو في جانب إشباع حاجات المكانة الاجتماعية، فعند محاربة الختان لا بد من تحديد بشكل علمي بين ما هو رسمي قانوني للدولة وما هو شعبي للمجتمع في الضبط الاجتماعي”.
ويعتقد خليل أن “إجازة المواد والنصوص التي تجرم ختان الإناث سوف تؤدي إلى تفعيل القانون ومحاربة العادة السيئة لا محالة لسببين اثنين، وهما: انخفاض نسب الختان وهذا مؤكد بسبب ارتفاع الوعي المجتمعي بمخاطره، إضافة إلى أن الحملات التي يقودها المجتمع المدني أصبحت مسموعة ومطروقة لكل أذن، بل المشاركة والوعي هما أساس لتطور المفهوم الحديث ورفض ما سبق من تابوهات تقليدية”.
أما السبب الثاني فيتمثل في تغير الإرادة السياسية أيضا وتوافق مفاهيم حقوق الإنسان وإعلاء كرامته، ونجدها تتمثل في الخطاب السياسي والتنفيذي للدولة والمرتبط مباشرة بالإجراء والتنفيذ للسياسات العامة بالبلاد، مما يؤكد أن النص بالتجريم سيصاحبه نفاذ للقانون لا محالة، وفقا لخليل.
وقال هناك أيضا الجانب الصحي والذي تفرض الوصاية عليه والإشراف الوزارة الاتحادية للصحة والتي يقودها فريق مهني يطابق المعايير الدولية في مجالات الصحة على أرض الواقع. ويرى عمرو كمال خليل أن منع ختان الإناث واحد من أولويات عمل الوزارة الجديدة بالتضامن مع أجهزة الدولة المختلفة ومؤسساتها المدنية المجتمعية والقاعدية.
ويعد الختان من الممارسات الراسخة في الثقافة السودانية، حيث حظرت بعض الولايات في السودان الختان قبل بضع سنوات، لكن محاولات حظره على الصعيد الوطني لم تنجح في عهد الرئيس السابق، بالإضافة إلى أنها ليست هذه المرة الأولى التي تجري فيها محاولة لتجريم عادة الختان، ففي عام 2015 تم إدراج التعديل في قانون الطفل.
ليس محاولة تجميل
يتوقّع العديد من الناشطين في المجتمع المدني ومجال حقوق الإنسان أن القضاء على هذه الظاهرة بالكامل قد يستغرق وقتا طويلا، لكن لا يمكن إنكار أن خطوة تجريمها تعكس تطلعات ونضالات السودانيات وليست مجرد محاولة تجميل سطحية لنظام قانوني بائس وكاره للنساء كما يصفه البعض.
وأعربت الإعلامية السودانية داليا الطاهر عن عدم اعتقادها بأن تجريم تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو بترها هو محاولة تجميل سطحية، مؤكدة أن “السودان خطا خطوة كبيرة في سبيل نيل الحريات والتأسيس لمجتمع سويّ وواحدة من الجرائم التي طالت الإناث فيه ردحا من الزمن كانت ختان الإناث، والتي مازالت تجربتها المؤلمة ماثلة في أذهان النساء حتى بعد أن أصبحن جدات”.
وأشارت الطاهر في حديثها لـ”العرب” إلى أن “النظام القانوني اليوم في السودان بدأ في التعافي والمضيّ قدما نحو مجتمع عادل ومنصف للمرأة رغم أن خطواته بطيئة نوعا ما لكنه سيتعافى كلية ويعطي المرأة حقوقها”.
وأضافت “اجتهدنا كثيرا الفترة الماضية من أجل تغيير بعض القوانين الظالمة من بينها مبادرة لتعديل قانون الأحوال الشخصية وختان الإناث وغيرهما”، لافتة إلى أن “وزير العدل من الشخصيات الداعمة للمرأة وأبدى تعاونا كبيرا سنقطف ثماره قريبا”.
وذهب بعض المحللين إلى أن إضافة مادة تُجرّم ممارسة تشويه وبتر الأعضاء التناسلية للإناث يمكن أن تعتبر خطوة نحو إجراء تعديلات وتنقيحات على جملة من القوانين التي تناقض الواقع المعيش للنساء والفتيات في السودان وأداورهن المركزية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وتشاطر الطاهر هذا الرأي قائلة “أكيد خطوة كبيرة فهذا الجرم متجذر بعمق في المجتمع السوداني رغم أن هناك فئة مستنيرة ترفضه بشدة، لكن ما زال موجودا ويشكل هاجسا للفتيات.. ومن المؤكد أننا بتجريمه فنحن نفتح الباب على مصراعيه لعهد جديد تتنسم فيه المرأة عبق الحريات والإنصاف لقضاياها والتعامل معها بجدية.. وقريبا ستلي هذه المادة مواد أخرى تعيد لنا حقوقنا كاملة طالما ظللنا نطالب وننادي بها في عهد السودان الجديد سودان الحرية والسلام والعدالة”.
وكانت وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية في السودان لينا الشيخ تعهدت بمكافحة كل أشكال العنف ضد المرأة ومراجعة القوانين المقيدة لحرية النساء أو إلغائها، إذ أن الحكومة السودانية الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أكدّت مرارا عزمها على تعزيز حقوق المرأة.
ولفت عمرو كمال خليل إلى أن “الدولة المدنية عبر الوثيقة الدستورية عبّرت عن أوضاع المرأة في أكثر من سبعة محاور بدأت بالديباجة الافتتاحية وتوالت النصوص بما يعزز احترام حقوق المرأة بصفة خاصة ومنع العنف بل اتجهت الوثيقة لمراعاة الأوضاع التفضيلية في جميع المسائل المتعلقة بالمرأة والكفل كذلك”.
وأضاف “كما أن الوثيقة الدستورية نصت على إنشاء مفوضية خاصة بالمرأة والطفل وهذا يتجه لإرساء خارطة استراتيجية تتواءم في السياسات العامة مع التشريعات والقوانين تحقيقا للغرض. وخير دليل على ذلك عقب صدور الوثيقة الدستورية واكتمال هياكل السلطة التنفيذية بالدولة تم القرار بإلغاء قانون النظام العام وهو من أكثر القوانين سوءا في تاريخ السودان والذي اتخذ منهجا منتظما للتنكيل والتحقير بالمرأة السودانية والحط من كرامتها”.
ولطالما كانت المرأة السودانية ضحية أحكام جائرة وقديمة تعرّض حريتها الفردية للانتهاك مثل الجلد والسجن، واعتبر إلغاء الحكومة، نوفمبر الماضي، لقانون النظام العام الذي انتهك حقوق النساء لسنوات طويلة بداية واعدة لمستقبل المرأة في السودان الجديد.
ويرسم تجريم ممارسة ختان الإناث مسارا جديدا للحدّ من العنف الموجه ضد المرأة السودانية.
وتعتبر عبير عبدالله عبدالعاطي، عضو بمنبر المغردين السودانيين، أن “تجريم ختان الإناث نصر عظيم للمرأة السودانية ويحتاج حملة قوية في الريف السوداني لنشر الوعي وسط النساء بمدى ضرر هذه العادة وبتوضيح العقوبة القانونية التي تترتب عليها”.
وأضافت عبدالعاطي لـ”العرب”، “نحن في عهد ثورتنا العظيمة نسعى لإزالة أيّ ظلم واقع علينا كنساء.. وما ختان الإناث إلا عادة سودانية بغيضة وفيها انتهاك لحقوق الطفل وتعقبها آلام جسدية ونفسية تستمر طويلا وتؤثر فيما بعد عند الزواج والإنجاب”.
وتشاطرها ويني عمر الرأي قائلة “أعتقد أن تجريم تشويه الأعضاء التناسلية هو قضية مهمة وخطوة إلى الأمام في حماية الفتيات من العنف النفسي والجسدي والجنسي الموجه ضدهن بهذه الممارسة العنيفة، نسبة ختان الإناث في السودان كبيرة جدا، مات بسببها العديد من الفتيات، بالإضافة إلى أن عددا من النساء مازلن يعانين من عسر الولادة وارتفاع عدد وفيات الأمهات بسبب الختان ومشاكل النسور البولي والنسور الشرجي وغيرها من المشاكل الصحية والنفسية”.
وتابعت “هي خطوة للأمام أيضا لأنها نتاج فترة طويلة من دفع المنظمات الحقوقية والناشطات والنساء الفاعلات في قضايا المرأة باتجاه تجريم هذه الممارسة عبر القانون، وبحسب ما أذكر في 2009 وضعت مادة في قانون الطفل لتتم إجازته لكن تمّ سحبها بسبب ضغوط مجمع الفقه الإسلامي لأنهم كانوا يعتقدون أن مسألة الختان هي جزء من الدين”.
وشددت عمر على أنهن “سعيدات جدا كنساء فاعلات في قضايا المرأة بهذا الانتصار الكبير، راجيات أن ندفع بمزيد من الخطوات من الدولة باتجاه اقتلاع الظاهرة وخلق تحول اجتماعي وثقافي في أذهان المجتمع تجاه النساء”.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن ختان الإناث يتركز في 30 دولة في أفريقيا وفي الشرق الأوسط، كما يمُارَس في بعض دول في آسيا وأميركا اللاتينية وبعض المهاجرين الذين يعيشون في غرب أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا.
وتقدر الأمم المتحدة أن 200 مليون امرأة وفتاة قد خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 31 دولة من بينها 27 في أفريقيا.
ومع ذلك، أفاد تقرير نشر في مارس الماضي بأن الرقم قد يكون أعلى بكثير، حيث يتم تنفيذ هذه الممارسة في أكثر من 90 دولة، والعديد منها لا يسجل البيانات الفعلية كلها.

**المصدر : العرب

www.deyaralnagab.com