logo
جزية داعش وتهمة اللهجة الفلسطينية وكمين "الميادين"!!
بقلم : سليم البيك  ... 04.03.2014

‘داعش’ تفرض الجزية على المسيحيين في الرقّة، تقارير وأخبار وتعليقات عدّة تناولت الموضوع، من بينها كانت افتتاحية هذه الجريدة ليوم السبت الفائت، ثم وفي مساء اليوم ذاته على قناة ‘الغد العربي’ في برنامج ‘المنبر السوري’، تم التعليق على الموضوع ونقده بما احتوته الافتتاحية تماماً دون الإشارة لها (للصدفة!).لكني لا أستطيع مقاومة طرح بعض الأسئلة الملحة في هذا الشأن، أولاً عناصر ‘داعش’ وافدون إلى سوريا من شتى أرجاء العالم، دون دعوة أو رغبة من أهل البلد، بل بمحاولات لمقاومتهم. ثم، أتوا لا ليقاتلوا النظام بل للانقضاض على ما يمكن أن يبنوا إمارتهم الإسلامية عليه، وكانت الرقة لبؤس حظها مقراً لهم، الرقة التي حرّرها أهلها، من احتلال جيش النظام لها، سلمياً وشعبياً لينقض عليها غربان ‘داعش’. ثم، أتوا ليفرضوا على الأهالي المحرِّرين لمدينتهم أحكاماً قيل الكثير في عدم أهليتها شرعياً، بل ونقضَها البعض لعدم جواز فرض أحدهم الجزية على مسيحي ويعجز عن حمايته، فالنظام قادر على قتل المحمي (المسيحي ابن الرقة) والحامي (الوافد إليها). علماً أن النظام يكتفي بقصف الأهالي دون ‘داعش’.
بعد كل ذلك، وقبله، المسيحيون هم أهل البلاد كالمسلمين، هم سوريون أولاً وأخيراً، لكني إضافة لذلك لدي تفصيل صغير في المقارنة مع الدول الغربية ومعاملتها للمسلمين.
أولاً، ليس هنالك ما يُسمّى في الغرب التعامل مع المسلمين أو الأرثوذكس أو الملحدين، أي أن أساس المقارنة غير واردة. بل التعامل يكون على أساس إنساني وفردي، دون أي أعتبار للدين والعرق والجنس، بل وأي اعتبار عنصري كهذا يمكن جرّه إلى المحاكم. لكن لنحاول قليلاً.
المسيحي ابن المشرق العربي هو أصل كل المسيحية في العالم، هو أهل المنطقة وهو ابنها وبانيها جنباً إلى جنب مع المسلم كأبناء للمنطقة وأهلها، كجيران يتعازمون على قهوة الصباح، كأبناء مدينة وقرية وحارة واحدة لا كأبناء دينَين.
المسلم في أوروبا هو على الأغلب مهاجر أو ابن مهاجر أو معتنق للإسلام، وهو فوق ذلك مواطن له حقوق وواجبات غيره. وهو لا يدفع للدولة بل هي تدفع له شهرياً إن احتاج، كمثل مواطنين آخرين يمكن اعتبار سؤالهم عن دينهم تعدياً على خصوصياتهم.
بالمناسبة، لن أحكي لأحد هنا في فرنسا أني طرحت مقارنة كهذه، لأنها تفوق مقدرتهم على استيعابها وهم يعيشون في بلاد الكفرة! فكيف الحال لو أخبرتهم أن هنالك فئة من البشر وفدت إلى الرقة وفرضت على المسيحيين هناك مبلغاً مقابل حمايتهم من نظام لن يستطيعوا حمايتهم منه!
العماء، العماء، كيف أجرؤ على إجراء مقارنة ولو سريعة بين الدولة الإسلامية في العراق والشام وبين دول ‘العهر’ و’الكفر’ و’الزلبطة’ في فرنسا، دولة لرئيسها عشيقة لا يلبث أن يعشق عليها ممثلة سينمائية!
اللهجة الفلسطينية تهمة في لبنان
للفلسطيني معاناة خاصة أينما رماه القدر في بلاد العرب، أقول خاصة لتمييزه عن كل الخلق من قبل الحكومات وبعض الفئات الاجتماعية، وهم لا يتركون فرصة إلا ويعبّرون فيها عن حبّهم لفلسطين وإيمانهم بقضيتها وإلخ من هذه الترهات المتضرّر الأساسي منها هو الفلسطيني.
كتبتُ سابقاً عن حب هؤلاء للقضية بقدر ما تخدمهم، وعن كرههم للفلسطيني كونه، مجرّد وجوده، يعرّي انتهازيتهم تجاه قضيته. النظام السوري، ‘حبّه لفلسطين وإيمانه بقضيتها’ وقتله للفلسطينيين تاريخياً وحاضراً في لبنان وفي سوريا عبر مجازر جماعية وفردية، يشكّل المثال الأبرز في ذلك. مثال آخر هو لبنان، بما فيه من قوى سياسية ومجتمعات طائفية.
عرضت ‘إل بي سي’ (ليس ‘الميادين’) تقريراً عن فلسطيني طُرد من عمله بسبب لهجته الفلسطينية غير المناسبة للعمل في مطعم زبائنه ‘محترمون’، حسب مديرة المطعم التي أقالته.
الطرد من العمل بسبب اللهجة، هذا هو العقاب الإبداعي الجديد للفلسطيني في لبنان، علماً أن الفلسطيني هناك محروم من العمل في أكثر من سبعين مهنة، وأنه إن وجد من يشغّله فبدون عقد ودون حقوق واستغلال شنيع في أجر العمل وحقوق العامل لهذا الفلسطيني الذي لن يكون في وسعه غير أن يحمد ربّه أنه وجد من يشغّله أصلاً، وطبعاً لن يكون في وسعه أن يشتكي على مشغّله حين يضطهده. لكني في النهاية متأكد أن هذه التي طردته إن سألناها سنجدها ممن ‘يحبون فلسطين ويآمنون بقضيتها’.
أمر أخير، قناة ‘الميادين’، التي ‘تحب فلسطين وتؤمن بقضيتها’ كذلك، لمَ لم تأت على ذكر هذه القصة وهي المتيّمة بقضيتنا؟ آه صحيح، ليس فيها ما يخدم مصالحها هي وأسيادها في دمشق وطهران!
دعاية سياحية مصرية لإسرائيل
‘السحر والجمال والطبيعة الخلابة، هي مكونات الخلطة السحرية لتحويل أي مكان في العالم لموقع سياحي متميز′، هكذا بدأ التقرير الفضيحة الذي بثّه التلفزيون المصري في دعاية سياحية لإسرائيل.
التلفزيون الذي سيبثّ كذلك قرار النظام المصري الجديد تصنيف ‘حماس′ كحركة إرهابية وهو ما يزمع عليه النظام. ليس بعيداً عن موضوع ‘حماس′ وسابقة أن يصنّف نظام عربي فصيلاً فلسطينياً على أنه حركة إرهابية في توافق تام مع التصنيفات الإسرائيلية لها.
هنالك سابقة لا تقلّ خطورة في الترويج الإعلاني/السياسي تحت غطاء التقرير الصحافي للسياحة في دولة الاحتلال، وهو ما كان سيشكّل لي، كفلسطيني، صدمة لولا أني شهدت ما يرتكبه السيسي ونظامه بالمصريين من مجازر، ومؤخراً كما عرضت ‘الجزيرة’ في تقرير لها، ضربَ الطلاّب في قاعات المحاكم أمام أهلهم سائلاً نفسي عمّا تركه النظام لأقبية التحقيق والسجون. بطلَ عجبي!
ولكْ حتى موقع MSN arabia الأمريكي بثّ الخبر بالعنوان التالي: ‘بالفيديو.. التليفزيون المصري يروّج للسياحة في قرية إسرائيلية’. طيّب خطر لي سؤال الآن: قناة ‘الميادين’ الصديقة الصدوقة للنظام المصري ومشيره السيسي، هل رأت في بثّ خبر عن هذا الترويج للسياحة في دولة العدو ما يخدم مصالح النظام السوري المتماثل مع نظام السيسي في العسكرة أولاً وفي الالتحاق بمحور بوتين ثانياً؟ طبعاً لا، فلن نعرف به على شاشتها إذن.
يحكي التقرير بكل أريحيّة عن قرية جسر الزرقا المحتلة، ‘عن موقعها الجغرافي المتميز وتراثها الثقافي الجذاب وأهلها الودودين’ علماً أن هذا الموقع فلسطيني تم احتلاله، وهذا التراث يهودي تمّ إحلاله محل العربي المتنوع، وهؤلاء الناس هم المحتلون، وهم ليسوا ودودين بالمناسبة، وهم يأخذون مكاني أنا تحديداً لأن جسر الزرقا تبعد ما يقل عن عشرين ساعة مشياً على الأقدام من قريتي ترشيحا شمال فلسطين.
قليل من الخجل يا إعلام الطغاة، في مصر وسوريا وفي كوريا الشمالية حتى!
كمين لجهاديين و’دبدوب’
بعد ‘الدنيا’، ها هي مراسلة ‘الميادين’ تحمل المايكروفون أمام كاميرا القناة وتكاد تدهس جثث الضحايا حولها. بعد أن فبركت ‘المنار’ التابعة لـ ‘حالش’ (المعروف بحزب الله) الكمين في الغوطة الشرقية، أتت ‘الميادين’ لتبث مقابلات وبتغطية خاصة من بين جثث القتلى، ناقلة بأنهم مقاتلون رغم تفنيد جهات حقوقية من الغوطة الشرقية لذلك قائلة بأنها جموع لأهالي من الغوطة. دمويّة الإعلام الإيراني الناطق بالعربية تجرّ إلى تعوّد بثّه من بين الجثث هي على الأغلب جثث مدنيين، شاهدنا ذلك على ‘الدنيا’ وها هي ‘الميادين’، فلا رادع أخلاقيا ولا مهنيا في أن تبث من بين الجثث، طالما أن ذلك يصب في مصلحة النظام السوري، وفي سيرورة دور القناة، منذ يومها الأول.
لسوء حظهم، أعدّت قناة ‘أورينت نيوز′ تقريراً عمّا سماه الإعلام الإيراني (قنوات الميادين والمنار والعالم) بالكمين وبالتكفيريين، عرض أسباباً تقنية تكشف كذبة الكمين الركيكة، ثم، وإمعاناً في سوء الحظ لديهم، استفاض برنامج ‘هنا سوريا’ على ‘أورينت نيوز′ في هذه الأسباب التقنية و ‘فصفصَ’ الكذبة.
أخيراً، من موقع الكمين انتشرت صور للضحايا شاهدنا فيها ‘دبدوباً’، بشرفكم يا ‘الميادين’ أليس هذا دليلاً على صحّة تقرير سابق لكم يحكي عن أصغر مقاتل في ‘داعش’ أبو بكر البغدادي ابن الأربع سنين؟
تقارير القناة تثبت صحّة بعضها!

كاتب فلسطيني

www.deyaralnagab.com