logo
عائلات مقاتلي “الدولة” في معسكرات بائسة في صحراء الحسكة..لا أحد يريدها والأطفال مرضى وبدون جنسية!!
بقلم :  إبراهيم درويش ... 05.07.2018

في معتقل بالحسكة حيث يحتجز الأكراد أكثر من ألفي إمرأة من أصول أجنبية تتساءل النساء عن مصيرهن ومن المسؤول عنهن. والمشكلة كما يقول بن هبارد أن هذه النساء لسن كغيرهن فهن زوجات مقاتلي تنظيم “الدولة” الذين جاءوا للقتال إلى جانب الجماعة الجهادية، ولم يكن أمام الكثيرات منهن إلا المشي وراءهم وعندما اختفوا في غبار المعارك ظنن أنهم ماتوا فهربن مع الأولاد واعتقلن في معسكر صحراوي في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا.
يقول بن هبارد في تقريره في صحيفة “نيويورك تايمز″ إن مشكلة النساء والأطفال نابعة من رفض الدول التي جاءت منها العائلات خشية نشر الأفكار المتطرفة التي لقنت للأطفال في مدارس “الخلافة” ولا يريد الأكراد حماية هذه العائلات. ولهذا تقول سارة إبراهيم التي تبعت زوجها من المغرب “طلبت منا ترك داعش وتركناه ولكننا لا نزال نعتبر من داعش”، “فمن هو المسؤول عنا ومن سيقرر مصيرنا؟”، وقصة سارة هي واحدة من الآلاف الذين جاءوا من أنحاء العالم للعيش في ظل “الخلافة” التي سيطرت يوماً على مساحات واسعة من العراق وسوريا. وقد جاءت النساء مع أزواجهن أو آبائهن وهناك من جئن بأنفسهن وتزوجن من مقاتلي التنظيم بعد وصولهن. وعندما انهارت الخلافة تحت وقع الغارات الأمريكية والمقاتلين الأكراد الذين دعمتهم وقتل الرجال أو اعتقلوا انتهت النساء والأطفال في معسكرات صحراوية لا أحد يريدهم.
*التهرب من المسؤولية
يقول عبد الكريم عمر، المسؤول في الإدارة المحلية التي تحاول إقناع الحكومات الأجنبية بأخذ مواطنيهم: “نعمل بطريقة مسؤولة ولكن المجتمع الدولي يحاول التهرب من المسؤولية” مثل “كرة النار التي يحاول كل طرف الهروب منها أو رميها علينا”. ويعلق بن هبارد بأن غياب الخطة للتعامل مع عائلات مقاتلي التنظيم هي جزء من الفوضى في الأراضي التي تم تحريرها من الجهاديين. ففي العراق تواجه الكثير من النساء محاكمات سريعة وإعداماً بناء على اتهامات دعم تنظيم “الدولة”. وأصبحن في سوريا سجينات في معسكرات بائسة في منطقة تقع تحت سيطرة مجموعة لا يعترف بها أحداً ولا تستطيع والحالة الضغط على الدول التي جاءت منها هذه العائلات لأخذها.
وفي زيارة نادرة للمعسكر المعروف باسم “روج” وهو أكبر هذه المعسكرات حيث سمح له بمقابلة النساء العربيات ومنع من مقابلة أو تصوير بزعم أن هذا سيعقد المفاوضات مع الحكومات وعودتهن بالتالي إلى بلادهن. إلا ان الكاتب تحدث بشكل غير رسمي مع نساء من فرنسا وألمانيا وهولندا والدنمارك وعدد من الدول العربية. ولم يسمح الأكراد لهم بسؤال النساء الأجنبيات عن أسمائهن إلا أن البعض منهن تحدثن عن إجبارهن على مرافقة أزواجهن إلى سوريا فيما اعترفت أخريات بالخطأ الذي ارتكبنه وأن الأولاد يدفعون الثمن. وقرب حمام قالت امرأتان فرنسيتان وألمانية كن يدفعن أطفالهن في صناديق بلاستيكية أو على عربات “طبعاً ارتكبنا خطأ ولكن أي شخص يمكن أن يرتكب الخطأ” حسب الألمانية. وكان عمرها 24 عاماً عندما جاءت مع زوجها الألماني ومعهما أولادهما الثلاثة. واعترفت بأنها جاءت برغبة منها ولكنها اعترفت أن الحياة في ظل تنظيم الدولة كانت أسوأ مما توقعت ولم تكن قادرة على الهروب منها. و”هناك لم يكن أي مكان للفرار إليه فإما السجن أو القتل”. واعترفت واحدة من الفرنسيتين وعمرها 28 عاماً وأم لثلاثة أن مغامرتها السورية كانت خطأً فادحاً. وتساءلت: “ألا نستحق ما يطلق عليه الخلاص”. وتقدم الحكومات الأجنبية بما فيها الولايات المتحدة بعض الدعم للسلطات المحلية لكنه دعم بائس مقارنة مع ما أنفقته هذه الدول على الحملة العسكرية. وهنا فالموضوع كما يقول حساس وشائك في ضوء المخاطر الأمنية للسماح للجهاديين وزوجاتهم وأبنائهم الذين عاشوا معهم في محاور الحرب.
ويعتقل الأكراد 400 من المقاتلين الأجانب حيث تساعد الولايات المتحدة في اعتقالهم لمنعهم من الهروب. لكن الإدارة المحلية لم تحصل على أي دعم في المعسكرات الثلاث التي تحتجز فيها عائلات الجهاديين. وأنشأت هذه الإدارة محاكم لمحاكمة السوريين لارتكابهم جرائم في ظل تنظيم الدولة، لكنها لا تحاكم الأجانب كما لم توجه أي تهم للنساء والاطفال في المعسكرات.
*وهم الجنة
وقال رشيد عمر مسؤول معسكر روج إن هناك 1400 من الأجانب ينتمون إلى 40 جنسية تركية وتونسية وروسية وأمريكية. وإنه لا يمكن تحديد الدور الذي لعبنه أثناء وجودهن بمناطق التنظيم وإن كن ملتزمات بآيديولوجيته. وقال إن بعضهن ملتزمات والآخريات جئن بوهم الوصول إلى الجنة فوجدن الجحيم. وقالت سارة إبراهيم إنها شعرت بالرعب من الإعدامات العامة وفرض الزي المقيد على المرأة ومنع الإستماع للموسيقى. والمشكلة الكبرى هي الأطفال الذين ولدوا في ظل الخلافة ولم يختاروا الإنضمام للجهاديين. وهناك 900 طفلا في معسكر روج معظهم يعاني من مشاكل صحية ولم يذهبوا للمدارس وبدون جنسية. وتتوقع الأجنبيات مواجهة المحاكمة حالة عدن إلى بلادهن أما العربيات فيخفن من التعذيب أو الإعدام. ويقول نديم خوري مدير برنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في منظمة “هيومان رايتس ووتش” إن النساء والأطفال يعيشون في فراغ قانوني. ورفض مبررات الحكومات لعدم مساعدة هذه العائلات على العودة بسبب عدم توفر القدرات لدى القنصليات والمخاوف الأمنية مشيراً إلى أن غياب الإرادة السياسية هو المسؤول عن كل هذا، مشيراً إلى أن النساء اللاتي ارتكبن جرائم سيحاكمن أو يسجن “بعضهن ارتكبن جرائم لكن الغالبية منهن كن ربات بيوت ولهذا لا يمكن جمعهن في سلة واحدة مع اللاتي قطعن رؤوساً”. وكانت روسيا قد أعادت 35 امرأة وطفلاً واستعادت إندونيسيا 15 شخصاً.
وقال عمر إنه تحدث مع سلطات في كندا والدنمارك بشأن المواطنين الذين جاؤوا من هناك لكنه لم يتلق أجوبة. وقالت دعاء محمد، 44 عاماً إنها جاءت مع زوجها الذي انجذب لفكرة “الدولة الإسلامية “ولكن “ما رأيناه لم يكن ما توقعناه وما عشناه هناك لم يكن ما جئنا له”. وفي العام الماضي هربت العائلة ولكن قوات سوريا الديمقراطية ألقت القبض عليهم ولم تسمع من زوجها أما هي فانتهت مع أولادها الأربعة (6- 15 عاماً) في المعسكر. واعترفت بالخطأ وتساءلت “إلى متى سندفع ثمن الخطأ، هل طوال حياتنا؟

المصدر : القدس العربي

www.deyaralnagab.com