logo
السودان : اكثر من 60 قتيلاً في اشتباكات قبلية في السودان… والتظاهرات ضد الانقلاب تتواصل!!
بقلم : ميعاد مبارك ... 18.07.2022

رغم التشديد الأمني وعمليات الإغلاق الواسعة للطرق والجسور الرئيسية في البلاد، شارك الآلاف من السودانيين في تظاهرات مليونية، الأحد، في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، تطالب بإسقاط الانقلاب، وإيقاف «الفتن القبلية» في وقت ارتفعت فيه حصيلة ضحايا أحداث العنف في إقليم النيل الأزرق جنوب البلاد، إلى أكثر من 60 قتيلاً، وسط اتهامات لقادة الانقلاب بـ«تأجيج الفتنة القبلية وخطاب الكراهية» في البلاد.وأعلنت حكومة النيل الأزرق فرض حالة الطوارئ، وحظر التجوال لمدة شهر كامل، وسط استمرار أحداث العنف التي بدأت الأربعاء الماضي في مدينة قيسان جنوب شرق النيل الأزرق، وامتدت إلى مدن أخرى، أبرزها مدينة الروصيرص، القريبة من الدمازين عاصمة الإقليم.وقال وزير الصحة في النيل الأزرق، جمال ناصر، من الدمازين عاصمة الولاية: «بلغ عدد القتلى حتى آخر إحصائية للجنة الطوارئ في الإقليم 60 قتيلا و163 جريحا، بينهم 13 حالة حرجة سيتم نقلها إلى الخرطوم».وقد يكون العدد أعلى من ذلك، خصوصا وأن مواقع إخبارية تحدثت عن 65 قتيلاً، فيما أشارت لجنة «أطباء السودان المركزية» إلى صعوبة تحديد العدد الكلي للقتلى والمصابين في ظل تأزم الأوضاع وصعوبة الوصول للمعلومات في الإقليم، وتوافد أعداد كبيرة من المصابين وتوزيعهم في مستشفيات – الدمازين، الرصيرص، قيسان، الشافي، ومرافق صحية أخرى لم تستطع اللجنة الوصول إليها.وقالت في بيان إن «القادة العسكريين يواصلون استخدام أساليب نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، في تفتيت النسيج الاجتماعي والتحشيد القبلي ونشر خطاب الكراهية ورفض الآخر وتحويلها إلى صراعات قبلية أدت إلى اندلاع نزاعات قبلية واسعة في البلاد».واندلع النزاع في إقليم النيل الأزرق، حسب ما قاله القيادي الأهلي الأمين خضر لـ«القدس العربي»،«إثر خلافات بين المكونات القبلية ومطالبة بعضهم بإقالة العمد والمشايخ الأهلية، وتعيين أمراء القبائل، بينما تمسك آخرون بشكل النظام الأهلي القائم».ومنذ الأربعاء الماضي، تحولت الخلافات إلى نزاع مسلح، في محلية قيسان جنوب شرق النيل الأزرق، حسب خضر، الذي حذر من انفجار الأوضاع في جميع مدن النيل الأزرق، وتصاعد الصراع الأهلي هناك.وأعلنت تنسيقيات لجان مقاومة الدمازين، عاصمة النيل الآزرق، عن نقص حاد في الكوادر والمستلزمات الطبية، في ظل توافد أعداد كبيرة من المصابين إلى المستشفيات.ولفتت إلى نزوح الآلاف داخل وخارج الإقليم، في ظروف إنسانية بالغة التعقيد، منددة بدعوات العنف القبلي وأعمال القتل، وإحراق الأسواق والأحياء السكنية.وقالت في بيان أمس «بسبب النزاع الأهلي، نزح الآلاف من محلية الروصيرص إلى محلية الدمازين» داعية «جميع سكان الأحياء والمناطق القريبة من ميدان المدفعية، وسط الدمازين، حيث تجمع معظم النازحين، إلى المساعدة في إيواء الأسر النازحة وتقديم الدعم الغذاء والماء والمأوى للنازحين».وناشدت «جميع سكان الأحياء القريبة من مستشفى الدمازين التعليمي، بالاستمرار في التحرك لتقديم كل أنواع المساعدات الغذائية والمعينات الإنسانية للمصابين ومرافقيهم والكادر الطبي والصحي والمتطوعين القائمين على تقديم الرعاية الصحية والخدمية».ودعت المواطنين في النيل الأزرق إلى «نبذ القبلية والجهوية وتحكيم صوت العقل لإيقاف نزيف الدم» مطالبة «جميع القوات النظامية بالقيام بواجبها تجاه حماية المواطنين وممتلكاتهم وحفظ الأرواح».كما أكدت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية سنار، الواقعة شمال النيل الأزرق، وصول نحو 2000 نازح إلى مدينة سنجة عاصمة الولاية، داعية المواطنين هناك لتقديم كل أشكال الدعم الممكن للنازحين. واتهمت لجان مقاومة النيل الأزرق قادة الانقلاب بخلق الفتن والصراعات القبلية لتمرير أو خلق توازنات سياسية جديدة، مؤكدة استغلال العسكر بعض المكونات القبلية للعمل على إعلاء خطاب الكراهية والعنصرية في مختلف مناطق السودان.وقالت في بيان إن «القائمين على الانقلاب يتعمدون زعزعة استقرار البلاد لتبرير بقاء العسكر في السلطة».وبينت أن أحداث العنف القبلي بإقليم النيل الأزرق تتصاعد حدتها، خاصة في قيسان وود الماحي والروصيرص، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى والمصابين وإتلاف وحرق الأسواق والمحال التجارية.نزوح ونقص في المستلزمات الطبية…. واتهامات للسلطات بـ«تأجيج الفتنة وخطاب الكراهية»وأضافت: أن حكومة إقليم النيل الأزرق ولجنتها الأمنية التي تترأسها الحركة الشعبية جناح مالك عقار، غائبة تماما عن المشهد وتتنصل من مسؤوليتها في حفظ أمن وسلامة المواطنين وموارد الدولة.واعتبرت قرارات لجنة أمن الولاية وإعلانها حظر التجوال، مجرد مبرر لنشر قوات الدعم السريع في المنطقة، مشيرة إلى أن ما يحدث في النيل الأزرق يؤكد وجود خلل كبير في اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
«حرب أهلية»
وحذر المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» من تصاعد العنف القبلي في النيل الأزرق، مؤكدا أن هذا العنف «ينبئ بنذر حرب أهلية في الإقليم». واعتبر أن ما حصل هو من تداعيات انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.وشدد في بيان على أن «الانقلاب يهدد وحدة أراضي البلاد ونسيجها الاجتماعي» مؤكدا «رفضه لكل أشكال التحشيد القبلي والجهوي القائم على كراهية وعداء الآخر».وأضاف أن «نهج الانقلابيين الذي تجلى الآن في ولاية النيل الأزرق، سيقود إلى تغذية الضغائن والمرارات بشكل سيترتب عليه زيادة التوتر والاحتقان وإشعال حرب أهلية في أطراف البلاد ووسطها».وأشار إلى أن المجلس المركزي للحرية والتغيير يتابع تلك الأحداث بـ«قلق بالغ» مناشدا كافة المواطنين بـ«ضبط النفس وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن البلاد ووحدتها».ودعا لـ«إعلاء قيم التسامح بين المكونات الاجتماعية المتعايشة منذ الأزل في النيل الأزرق وغيرها من ولايات البلاد».وقال إن «القوات النظامية تواصل إهدار مكانتها لدى المواطنين في كافة انحاء البلاد» متهما إياها بـ«الغياب التام عن مناطق الأحداث، والتماطل في الاستجابة لنداءات المواطنين السابقة في المنطقة، للتحرك المسبق لحفظ الأمن».وأضاف: أن «القوات النظامية في البلاد استبدلت دورها في حفظ الأمن بمطاردة الثوار السلميين العزل» محملا السلطات «المسؤولية الكاملة عن تصاعد أحداث العنف القبلي في معظم أنحاء البلاد».وشدد على أن «التردي الأمني في البلاد دليل واضح على فشل قادة الانقلاب في توفير الأمن للمواطنين وفرض هيبة الدولة، وأنه لا يمكن معالجة الوضع المأزوم في البلاد إلا بإسقاط الانقلاب، وإقامة سلطة الحرية والسلام والعدالة، التي تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه وتلبي آماله وتطلعاته».وناشد «كافة المواطنين في إقليم النيل الأزرق بالعمل على إيقاف الفتنة القبلية وتفويت الفرصة على من يستغلون هذه الأحداث لتبرير استمرارهم في الحكم».كذلك أدان القيادي في حزب «الأمة القومي» في ولاية النيل الأزرق، إبراهيم أدم إسماعيل، انتشار السلاح في ولاية النيل الأزرق، متهما مجموعات تابعة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير بتأجيج النزاع القبلي في الإقليم.وأشار إلى أن النظام السابق قام بتسليح المكونات القبلية، ونشر السلاح بين مجموعات جهادية (قوات الدفاع الشعبي) في الإقليم، الذي يضم عددا كبيرا من القبائل والمجموعات الإثنية.ودعا إلى ضرورة فرض الأمن في الإقليم، مشيرا إلى أن أي تحركات للتهدئة والصلح بين القبائل المتصارعة لن تفضي إلى نتائج، في ظل استمرار السيولة الأمنية.
«المشكلة في الخرطوم»
وأيضا كتب عضو مجلس السيادة السابق، محد الفكي سليمان، على صفحته على الفيسبوك: «أجدد إدانتي للعنف مهما كانت مبرراته، وأؤكد أن المشكلة، دائما وأبداً، في الخرطوم وليست في أقاليم السودان المختلفة، التي تدفع ثمن تلك المشكلات والخلافات من دم أبنائها واستقرار أهلها، حتى تقاصر طموح معظم أهل السودان من أن تقدم الدولة لهم الخدمة المُستحقة، وانحصر فقط في أن تتركهم الدولة وشأنهم يَكدون في أرضهم وحلالهم دون تدخل يقودهم إلى الاحتراب».وتابع: «عند اندلاع أزمة شرق البلاد في وقتٍ سابق، قلت إن رحلات المسؤولين إلى الشرق وحدها لن تحل المشكلة، لأن أطراف الخلاف الرئيسيين يجلسون في الخرطوم، ويحركون أطراف السودان لتحقيق نقاط كلٌ حسب مصالحه، ويومها كان التحضير للانقلاب يمضي على قدم وساق وأثبتت الأيام صدق ما قلناه».واعتبر أن «إنهاء انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول، والحل السياسي الشامل، هما الحل الأكثر نجاعةً للحفاظ على السلم الأهلي، ومن ثم يَتبعه تكوين حكوماتٍ محلية منتخبة بسلطات أكبر للأقاليم، وتقاسم واضح للموارد مبني على المواطنة».ومنذ انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في السودان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تصاعدت أحداث العنف القبلي في البلاد، والتي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى فضلا عن نزوح الآلاف.وبالتوازي، شارك آلاف السودانيين، أمس الأحد، في مظاهرات في العاصمة الخرطوم وضواحيها، للمطالبة بالحكم المدني، ورفض الانقلاب العسكر».وخرج آلاف المتظاهرين في مدن الخرطوم، وبحري (شمالي العاصمة) وأم درمان (غربي العاصمة) بدعوة من «تنسيقيات لجان المقاومة» تحت شعار «مليونية 17 يوليو».وتكونت «لجان المقاومة» في المدن والقرى، عقب اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، وكان لها الدور الأكبر في إدارة المظاهرات في الأحياء والمدن حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس آنذاك عمر البشير، في 11 أبريل/نيسان 2019.وردد المتظاهرون الذين يحملون الأعلام الوطنية هتافات مناوئة للحكم العسكري، وتطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي.
ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها «الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات» و«الشعب أقوى والردة مستحيلة» و«حرية، سلام، وعدالة» و«لا تفاوض، لا شراكة» ولا مساومة» «و»نعم للحكم المدني الديمقراطي».كما أغلق المتظاهرون عددا من الشوارع الرئيسة والفرعية وسط العاصمة بالحواجز الإسمنتية وجذوع الأشجار والإطارات المشتعلة.وأطلقت قوات الشرطة القنابل الصوتية، وعبوات الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في منطقة باشدار وسط العاصمة، لكن سرعان ما عادت التجمعات مرة أخرى.وأغلقت السلطات الأمنية جسور «المك نمر» و«النيل الأزرق» و«النيل الأبيض» تفاديا لوصول المتظاهرين من مدن بحري وأم درمان إلى وسط العاصمة الخرطوم.كما أغلقت القوات الأمنية الطرق المؤدية إلى القيادة العامة للجيش، والقصر الرئاسي، والمطار، بالحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة.

* المصدر : العربي الجديد

www.deyaralnagab.com