أحدث الأخبار
الجمعة 17 أيار/مايو 2024
المزوّرون !

بقلم : رشاد أبوشاور ... 16.5.07

وصلتني دعوة من اللجنة الراعية لمؤتمر حقّ العودة، وعليها تواقيع: د. سلمان أبوستة، د. حيدر عبد الشافي، الأستاذ شفيق الحوت، الأستاذ بلال الحسن، د. نصير عاروري.. وبتوقيع الدكتور أنيس فوزي قاسم أستاذ القانون الدولي، والمستشار القانوني لوفد منظمة التحرير الفلسطينيّة في مؤتمر مدريد.
الأسماء مطمئنة، ومشهود لها بالوطنيّة والنزاهة والمصداقيّة، ولذا رحّبت بالدعوة، ورأيت فيها تحرّكاً يضيف للتحركات الفلسطينيّة الشعبيّة التي ترفع الصوت، وتنشر الوعي بحّق العودة، وتحضّ شعبنا علي التنبّه لما يدبّر له وتحديداً في هذه المرحلة...
رسالة الدعوة تشرح الأهداف: مضي قرابة أربعة عشر عاماً علي توقيع اتفاقية (أوسلو)، حفلت بالعديد من الدلائل علي فشل هذا الاتفاق في تحقيق أي إنجاز من حقوق شعبنا الوطنيّة المغتصبة، وعلي العكس تسبب هذا الاتفاق بإعاقة حركتنا الوطنيّة وتهميش منظمة التحرير الفلسطينيّة كإطار لهذه الحركة، وكمرجعيّة وقيادة عليا لجماهير شعبنا الواحد في الداخل والخارج...
هل هناك حرص علي منظمة التحرير الفلسطينيّة، وتقدير لدورها أكثر من هذا الحرص الذي تعلنه مقدمة الدعوة بكّل هذا الوضوح؟
وهل الأسماء الموقّعة علي الدعوة بحاجة للتنويه بها، بماضيها، بدورها في تأسيس المنظمة، والدفاع عنها، ورفع رايتها في المحافل الدوليّة، ناهيك عن علاقتها بشعبها، وترفّعها عن المناصب واستقالتها منها رفضاً لما يخبّئه (أوسلو) من كارثة، وابتعاد بعضها عن المناصب بعد أن تكشّفت أخطار مسيرة التسوية بعد أن برزت البدايات المأسوية لمسيرة (أوسلو)؟
لكن من هاجموا مؤتمرات (حقّ العودة) لفلسطينيي الشتات في أوروبا، وهم إمّا عجزة يليق بهم أن يعتكفوا في بيوتهم ويفسحوا الطريق لمناضلين أكثر صلابة، وقوّة إيمان، ووعي، وقدرة علي العطاء، ليحفظوا بعض الاعتبار لخاتمتهم، أو مّمن استمرأوا التنازلات، وينظرون للمنظمة كيافطة ويتعاملون معها علي انها ممتلكات متوارثة تدّر عليهم المال والجاه والشهرة والحظوة، وبخّاصة لدي أعداء قضيتنا وشعبنا الذين يعوّلون علي دعمهم لهم، لا دعم وتأييد شعبنا المبتلي بهم...
في عمّان دعا رئيس المجلس الوطني لاجتماع عاجل لمواجهة المؤامرة!
وبمن حضر في عمّان ـ غاب عدد من الأعضاء أنا أحدهم، لأنني لم ابلّغ بفحوي الدعوة التي تكشّفت فيما بعد ـ وهم أقّل من أربعين عضواً ،تمّ إصدار بيان نيابة عن (كّل) أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المنتشرين في العالم، والذين يبلغ عددهم قرابة 747 أو أكثر... يا للتقاليد الديمقراطيّة السائدة في المجلس الوطني، وآلية اتخاذه القرارات نيابة عنه؟!
البيان موّجه لجماهير شعبنا، علي اعتبار أن هذه الجماهير متحفّزة لتلقّف أوامر قيادتها التشريعيّة المجرّبة!.. بالتنازلات عن ميثاق المنظمة في مسلسل التنازلات التي بلغت الحضيض في جلسة (غزّة) بحضور ومباركة، وكرمي لخاطر الرئيس الأمريكي كلينتون!
يخاطب الجماهير من لم يحموا ميثاق المنظمة، وشرعيّة المنظمة، وبحرص علي توصيل الصوت المحذّر من (المؤامرة) لجماهير شعبنا في كّل مكان:
يا جماهير شعبنا الأبي: ظهرت في الآونة الأخيرة دعوة مشبوهة ظاهرها الحقّ وباطنها الباطل، تهدف إلي شّق الشعب الفلسطيني، والانقلاب علي منظمة التحرير الفلسطينيّة ومؤسساتها باسم منظمة التحرير الفلسطينية لايجاد البديل الذي يخدم مخططاتهم ومخططات من هم وراء دعوتهم المشبوهة تلك...
لم يسأل من دبّجوا هذا البيان أنفسهم عن المقصود بمنظمة التحرير الفلسطينيّة، ومؤسساتها، ومنها مؤسسة المجلس الوطني.. ماذا بقي منها؟ أين هي مؤسسات المنظمة، وماذا بقي من الميثاق، وما دور المجلس الوطني.. أليس له دور أكثر من إصدار بيانات باهتة إثر كّل مذبحة يقترفها الاحتلال؟!
يدعو البيان اللجنة التنفيذيّة للوقوف فوراً في وجه هذا الانقلاب الجديد...
من هم أعضاء اللجنة التنفيذيّة الذين يدعوهم البيان للوقوف..؟ من يمثّلون؟ علي ماذا يمونون؟ إن أغلبهم هم تكملة عدد، وهم أنفسهم في الجلسات الخّاصة يتندّرون علي أنفسهم، علي تغييبهم، وعدم الأخذ بآرائهم، بل وعدم استشارتهم في شيء، ولقد سمعت بعضهم يتّهم قيادة السلطة بأنها لا تريد منظمة التحرير نهائيّاً، حتي لا تبقي قيداً علي تحركاتها، وتهديداً دائماً لها...!
يحذّر بيان نفر من أعضاء المجلس اعتادوا مجاملة (رئيسهم)، من متاهات جديدة يدخل فيها الشعب الفلسطيني!
يا أخي المتاهات القديمة، الراهنة والمستمرّة بفضل قيادات السلطة، وحالة المجلس، وهكذا لجنة تنفيذيّة.. كافية لأن لا يخرج شعبنا من المتاهة لعقود قادمة، ولضياع أرضنا، ولاقتتال داخلي وفلتان أمني، وهيمنة الزعران علي شوارع غزّة، واستمرار الحصار... البركة فيكم فخرابكم سابق ولاحق!
مؤتمر بيروت هو عمل تمهيدي، دعوة، تحرّك لبعض أبناء الشعب الفلسطيني الذين بلغ بعضهم من العمر عتيّاً فما عادوا يطمحون لغير اختتام رحلة العمر بعمل طيّب مثمر لشعبهم، وتقديم خبراتهم، وآخر كلماتهم، وأنفاسهم...
منظمة تحرير بديلة!.. بديلة عن ماذا؟ أهي موجودة منظمة التحرير التي جوّفتموها، وأفرغتموها من كّل محتوي، وأوله الميثاق، والمجلس الوطني، واللجنة التنفيذيّة، وجيش التحرير، والمنظمات الشعبيّة، ومركز الأبحاث...
من تطاول عليهم البيان البائس، يريدون إعادة بناء مؤسسات المنظمة، والنهوض بها وصون مكاسبها العربيّة، والدوليّة، وهم لا يقدمون أنفسهم بديلاً، فالمشوار طويل لإعادة البناء، وهم يدعون كّل الشعب الفلسطيني للمشاركة، في الداخل والخارج، وغير مستثني من ذلك شعبنا الفلسطيني في عمق الـ48، لأن القضيّة الفلسطينية واحدة والشعب الفلسطيني واحد.
هم تحرّكوا بدافع المسؤوليّة والحرص، وتحرّكهم تمهيد، وليس الكلمة الفصل، فالكلمة للشعب الفلسطيني بكافة قواه، ومكوناته، وأماكن تواجده، فلا يستثي أحد، ويجد الجميع أن المنظمة منظمتهم، وأن إصرار (الكيان الصهيوني) علي التعامل مع السلطة كبديل عن المنظمة، أو محاولات تقسيم الشعب الفلسطيني إلي داخل تحت الاحتلال وخارج لا صوت له، وحذف حّق العودة من مبادرة السلام العربيّة، والدفع باتجاه توطين الفلسطينيين المقيمين في الشتات، مع ما يجد هذا من صدي لدي بعض الجهات، يحفزنا هذا كلّه إلي مجابهة الأخطار، خطر ضياع الوطن، وإلغاء حّق العودة.. (من نّص الدعوة للمشاركة في أعمال المؤتمر التمهيدي يومي 12 و13 أيّار (مايو) 2007 في بيروت)...
منذ أكثر من سنتين والفصائل الفلسطينيّة تجتمع في القاهرة ودمشق، وتتباحث، وتتفاوض علي (الحصص) في المنظمة، ولم تنجز شيئاً حتي اللحظة، والعجيب أنها تتحسس من أي تحرك شعبي، أو مبادرة للكفاءات الفلسطينيّة، وكأن علي شعبنا أن ينتظر حتي تصل قيادات الفصائل، أو الفصيلين المهيمنين حاليّاً علي حكومة السلطة إلي اتفاق محاصصة...
هل بقي أمام شعبنا غير أن يجمّع كّل طاقاته ليحمي نفسه، ويصون قضيته، ويعيد بناء مؤسسات منظمته: منظمة التحرير الفلسطينيّة، وانتهاج المقاومة بكّل السبل، بعد كل هذا الفشل، وهذه الخسارات؟!