أحدث الأخبار
الأحد 19 أيار/مايو 2024
1 2 3 41123
الصويرة المغربية.. ملاذ مثالي للمتقاعدين الأجانب!!
06.05.2024

***تتمتع الصويرة التي تلقب بمدينة الرياح بطبيعة خلابة تجذب الزائرين، خصوصا كبار السن والمتقاعدين الباحثين عن الهدوء والراحة والسكينة. وتشتهر المدينة المغربية بعروضها الثقافية على غرار عروض موسيقى “كناوة” الشهيرة وأنشطتها المتميزة على مدار العام. كما تعرف بمعمارها الراقي حيث يشكل المعمار البرتغالي والفرنسي والبربري شوارع مدينة الصويرة التي تشبه المتاهات من فرط التفافها وتداخلها…..
الصويرة (المغرب) - تعد مدينة الصويرة وجهة سياحية متميزة بفضل مؤهلاتها الطبيعية وتنوعها الثقافي وأجوائها اللطيفة، وهي تجذب بشكل متزايد كبار السن من السياح الأجانب الباحثين عن الهدوء والرفاهية للاستقرار بها والاستمتاع بتقاعد هادئ على إيقاع أمواج المحيط الأطلسي وود السكان المحليين وأصالة أجواء هذه المدينة العريقة.
بين كرم الضيافة، وتكاليف العيش المعقولة، والتبادلات الثقافية المثيرة، تشكل مدينة الرياح ملاذا مفضلا لهذه الشريحة من الأجانب الذين يفرون من أجواء البرد والطقس المتقلب بحثا عن قضاء تقاعد هادئ تحت أشعة الشمس الدافئة ونسيم البحر، حيث يعتبر كل يوم جديد مغامرة جديدة.داخل أسوار المدينة التاريخية وأسواقها الصاخبة، يكتشف هؤلاء المتقاعدون الأجانب، وغالبيتهم من أصل فرنسي، أن الصويرة أكثر من مجرد ملاذ صيفي، بعد قطعهم آلاف الكيلومترات لخوض تجربة رائعة فوق هذه الرقعة الجغرافية حيث لغتهم الأم مألوفة.
مثل طيور السنونو المهاجرة، يتيح هؤلاء المسافرون الموسميون لأنفسهم فرصة اكتشاف يوما بعد يوم الغنى الثقافي للمغرب، لتستهويهم مظاهر العيش في هدوء بعيدا عن قسوة الشتاء الأوروبي.سواء كان اختيارهم هو الانتقال الدائم أو الموسمي، يكتشف الجميع متعة قضاء فترة التقاعد في مدينة الرياح، مما يمنحهم حياة جديدة.
ولعل ما يغري أكثر كبار السن من السياح للتوافد على مدينة الرياح والاستقرار بها، عروضها الثقافية المتنوعة عبر الفصول، وروعة أماكن العبادة والمهرجانات النابضة بالحياة التي تحتضنها على مدار السنة، لتجسد مفترق طرق حقيقي للاستكشاف بالنسبة لهذه الشريحة من الأجانب الذين تغريهم الفنون والتاريخ والتقاليد الأصيلة.ومن بين هؤلاء السياح الزوجان الفرنسيان برنارد وسيلفي، اللذين اعتادا ومنذ عامين على استقرارهما بالصويرة، على بدء يومهما تحت سماء زرقاء صافية يستمتعان بتذوق الشاي المغربي، تحت أشعة الشمس الأولى التي تداعب المدينة.بالنسبة لبرنارد، وهو مدرس التاريخ سابقا، وسيلفي، موظفة بلدية سابقا، تصبح كل زاوية شارع وكل سوق وكل شاطئ مصدرا لا ينضب للإلهام والسحر.انبهرت سيلفي بروعة السجاد الأمازيغي، لتبدأ اكتشاف فن النسيج المتوارث عن الأجداد من خلال المشاركة في الورشات التدريبية داخل التعاونيات النسائية المحلية، منغمسة في تقاليد وإبداع الحرفيين.
في الوقت ذاته، يستكشف برنارد، المفتون بالتاريخ المحلي الغني، شوارع وأزقة المدينة العتيقة، ويستمع باهتمام إلى قصص وحكايات ساكنة المدينة وغيرهم من السياح المتقاعدين الأوروبيين، ليكتشف الكنوز المخفية لهذه المدينة المليئة بالأسرار والعجائب.
وبعيدا عن الاكتشافات الفنية والثقافية، يبقى التقاء هذين الزوجين مع المجتمع المحلي وما يحيط ذلك من تبادلات دافئة وتناول وجبات في إطار مشترك، من أكثر الأمور المؤثرة في تجربة برنارد وسيلفي وهما في السبعينيات من العمر، مما سمح لهما بإقامة روابط عميقة مع جيرانهم الصويريين، ليكتشفوا بذلك شيم الكرم وحسن الضيافة التي يتميز بها الشعب المغربي.
وقال برنارد وسيلفي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “بعد سنوات عديدة من العمل، قررنا المجيء والاستقرار في الصويرة للاستمتاع بالهدوء وجمال الطبيعة والأجواء الهادئة التي تخيم على هذه المدينة الساحلية”.وغالبا ما يجدان نفسيهما عند غروب الشمس، على شرفة شقتهما، يتشاركان القصص المليئة بالمتعة والبهجة والاكتشافات بعد يوم قضياه بين الشوارع النابضة بالحياة والزوايا الهادئة في مدينة الرياح.ويشكل المعمار البرتغالي والفرنسي والبربري شوارع مدينة الصويرة التي تشبه المتاهات من فرط التفافها وتداخلها، وهي ميناء رائع ونابض بالحيوية ومدينة منتجعات تقع على المحيط الأطلنطي. وبالقرب منها، يتجول الأزواج والعائلات على شاطئي كاب سيم وسيدي كاوكي، اللذين يجذبان أيضًا محبي ركوب الأمواج على اختلاف أنواعهم. ومن السهل الحصول على الاسترخاء في هذه المدينة، وكذلك على حافلة تحمل الراكبين إلى مراكش، بالنسبة لمن يبحثون عن رحلة تستغرق يومًا واحدًا.
وبفضل رياح الساحل، تتميز الصويرة بجوها الرطب. ولا يفوت الزائرون لحظة الاستمتاع بمشهد المراكب عائدة في نهاية الفترة الصباحية وهي محملة بالأسماك.ويمتد شاطئ الصويرة كحزام يتجاوز طوله العشر كيلومترات، يعانق أمواج المحيط ويدهش بشساعته وهدوئه الناظرين، وبمجرد أن تطأ أقدام الزائرين هذه الرمال الصافية الناعمة حتى تنتابهم حيوية لا مثيل لها مصدرها الهواء البحري الرائع.والصويرة مدينة تجلب الأنظار والأفئدة . فأسوارها وهواؤها البحري وشاطئها النقي و هدوؤها، تترك في أعماق الزائرين ذكريات لا تنسى.
ويُطلق على مدينة الصويرة حينا “مدينة الرياح والنوارس”، وحينًا آخر “لؤلؤة المغرب”، إنها المدينة الرابضة بجوار شاطئ المحيط الأطلسي، والتي تجمع بين جمال الطبيعة وجاذبية المعمار وخصوبة التراث والحضارة. وبحكم طابعها العمراني المميز، فقد سجلت ضمن لائحة مواقع التراث العالمي سنة 2001 من طرف منظمة اليونسكو. ولذلك، فهي بقدر ما تغري السياح الراغبين في اكتشاف عبق التاريخ، بقدر ما تجتذب عشاق الرياضة البحرية، ولاسيما رياضة “ركوب الأمواج” بحكم أن الرياح تهبّ على المدينة طيلة العام تقريباً، علاوة على كونها تتيح للزائر تذوق طعم الطبق المحلي القائم أساسا على وجبة الأسماك المتنوعة، التي تزخر بها المطاعم الصغيرة المنتشرة بمحاذاة الميناء.
الصويرة مدينة تجلب الأنظار والأفئدة
وقد ساهمت عدة تظاهرات ثقافية وفنية في إكساب الصويرة بعدا عالميا واستقطاب العديد من السياح على مدار العام، ومن بين تلك التظاهرات: مهرجان “كناوة” الذي يحتفي بموسيقى أصيلة ذات جذور أفريقية ومهرجان الأندلسيات الأطلسية ومهرجان الموسيقى الكلاسيكية. كما تكون زيارة المدينة فرصة للوافدين للاستمتاع بالبحر والقيام بجولة تراثية وسط أزقة المدينة العتيقة التي تحفل ببائعي منتجات الصناعة التقليدية، ومن ضمنها تلك المصنوعة من خشب “العرعار”، علاوة على تذوق زيت “الأركان” الذي تشتهر به المنطقة.ورغم أن تأسيس مدينة الصويرة أو “السّويرة” (تصغير للسور) يعود إلى عام 1760م، فإن تاريخها يعود إلى عهد الفينيقيين الذين بسطوا نفوذهم على البلاد خلال القرن الثاني عشر قبل الميلاد لأهداف تجارية، ومن ثم فإن الاسم القديم للمدينة “موغادور” مشتق من الاسم الفينيقي “ميكدول” الذي يعني “الحصن الصغير”، مثلما يورد موقع وزارة الثقافة المغربية نقلا عن مؤرخين عرب وأجانب؛ بينما يذهب الباحث المغربي علال بنور إلى أن ذلك الاسم تحريف لاسم الولي “مكدول” الذي يوجد مدفنه قرب شاطئ الصويرة؛ كما يشير إلى أن الصويرة كانت معروفة في اللغة الأمازيغية باسم “تاسورت” الذي يعني “السور”.ويشير الباحث علال بنور إلى تعدد الروايات حول الهدف من إنشاء هذه المدينة، فهناك من اعتبر أن السلطان سيدي محمد بن عبدالله أنشأها ليتخذها مرسى بحريا رئيسيا في المغرب من أجل التبادل التجاري مع أوربا، ذلك أن الاهتمام بمدينة الصويرة تجاريا في هذه المرحلة قلص من الدور التجاري لباقي المدن المينائية المغربية، الشيء الذي جعلها في موقع أزمة. وهناك من اعتبر اهتمام السلطان بهذه المدينة تجاريا جاء بناء على طلب تجار اليهود، خصوصا أن بعضهم كانوا يشرفون على تجارته، ثم هناك رأي آخر يقول إن السلطان أسس المدينة لكي يتخذها مرسى ملكيا ومركزا لتجارته مع أوربا. وثمة رأي آخر كذلك يقول إن إشراف السلطان على جمع التجارة بهذه المدينة تجنبا للاستعمار الأوربي المبكر للمغرب عبر الموانئ، علما بأن البلاد شكلت محط أطماع التوسع الاستعماري ولاسيما من قبل البرتغاليين.وتأكيدا لهذا الرأي، يوضح الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة المغربية، أنه كان من بين مقتضيات أمن المغرب (في مفهوم السلطان سيدي محمد بن عبدالله) تحصين الثغور والمدن الرئيسية الساحلية، الشيء الذي جعله يُكثر من بناء الأبراج والحصون. وتحقيقا لذلك، أعطى اهتماما خاصا للمهندس “ثيودور كورني” المتخصص في بناء الحصون العسكرية بأفينيون، وكلفه بوضع التصميم العام للمدينة.

1