أحدث الأخبار
الجمعة 17 أيار/مايو 2024
ألأُمه النوَّاحَه والزمن العربي الطوَّاف !!

بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 21.7.07

كنا وكانوا وما زالوا وما زلنا نعيش دوامة الزمن العربي الطوَّاف الذي يطوف حول ذاته وحول نفس الاحداث منذ ان سجل التاريخ على هامشه واطرافه تاريخنا الطوَّاف وحالة الوطن العربي المُستعصيه على الفهم والاستيعاب لما هو جاري وحاصل للشعوب والاوطان العربيه من ظلم وقمع وتخلف واحتلال داخلي وخارجي....خرج الاستكبار الاجنبي من الباب ودخل الاستكبار والاستبداد الداخلي من الشباك ليحل مكان صديقه وحليفه الاجنبي من المحيط الى الخليج ومن الارض الى السماء والاجواء والبحار وحتى الهواء والصحراء وتصحير العقول وتحنيطها في مدار الزمن الطواف منذ عقود و قرون مضت وحتى يومنا هذا!! عرب وعربان بامتياز والادبيات هي هي منذ زمن الكتابه على الجلود ومرورا بالحطيئه وحتى يومنا هذا:: نواح وسباب وهجاء للغرب وامريكا....نُفرغ ما في جعبتنا من غضب ومن ثم نقلع عن ذاتنا وواقعنا بعيدا ونخلد في نوم عميقا جاوز في واقعه نومة اهل الكهف, ومن ثم نصحوا في دوامة الزمن الطواف والاحداث الثابته لنردد من جديد...فلسطين... الاحتلال .. الاستعمار .. العراق....الامبرياليه... المجرم ريغن والمجرم بوش.. العُملاء... الخونه.... الخ... جيل بعد جيل وعقد بعد عقد وقرن بعد قرن وما زال حبلنا على غارب نواحنا ثابت ومُثبت في نفس المكان والزمان الطواف وعلى نفس الموجه والمنوال!!! امنيات ودعاء يحتضن دعاء وجيل يُلقن جيل واخر يُلقم اخرين....سبعون عاما ومئة عاما من النواح والمواء المتواصل..:: طالع لك ياعدوي طالع في الوطن العربي من كل حاره ومن كل شارع بالنواح بالذم بالهجاء وبأقذع التعابير!!! ثم ماذا بعد!! لقد تعود الاعداء على طواحين الهوى والنواح العربي وامطروه كرارا ومرارا وتكرارار عبر الزمن الطوَّاف بالكروز والتوماهوك حتى حولوُه الى اشلاء وارواح محنطه الى ان وصلنا الى مصطلح " الجثث المجهولة الهويه" اللتي تملأ شوارع وطرقات ومزابل العراق!... الى ان وصلنا الى تحويل الوطن الفلسطيني الى سجن له بوابه واحده اسمها معبر رفح حيث يتكدس الفلسطينيون بألالاف منذ امد في انتظار رحمة اسرائيل وحليفها في مصر!!!! والنواح العربي هو النواح نفسه العاجز في زمن الطواف العربي!!!...نسمع دوما : العاصفه والطوفان قادمان لا محاله::: ولا عاصفه ولا طوفان ولا شحار بين!! الواقع يقول اننا ما زلنا في زمن غراب البين الاول نحبي على اربعه وننو ح النواح ووننعق النعيق تلوى النعيق ومن ثم نخلد الى اوهامنا و ننام ونصحو على النباح والنواح والاخبار القادمه من العراق وفلسطين::: مئات الجثث المجهولة الهويه!!!! الاف الفلسطينيون ينتظرون منذ امد على بوابة معبر رفح!!!.الاف الفلسطينيون تقطعت بهم السبل في مخيمات اللجوء على الحدود وفي الصحاري العربيه!!
منذ امد بعيد تعم العالم العربي فوضى سياسية وفكرية وانسانيه وحضاريه بغيضة تعكس في طياتها واقع الجهل والتجهيل والقهر والظلم الذي يتعرض له الإنسان العربي اينما كان واينما تواجد وخاصة في حدود الوطن العربي الواسع بمساحته الجغرافية والضيق بِإمكانياته السياسية والوطنية من جهة وتعكس في طيالتها ايضا مدى تغَلغُل المؤسسات والقوى الاستعمارية داخل المجتمعات العربية من خلال انظمة حُكم تابعة وعميلة ومدارس فكرية غربية ناطقة بالعربية ومُعادية لقضايا التحرر الوطني في العالم العربي من جهة ثانية وبالتالي وكما هو واضح من تسلسُل الاحداث ان العالم العربي يتعرض الى هجمة تدميريه شرسة تقودها الامبريالية الامريكية بِمُساندة من قوى عربية من داخل وخارج الوطن العربي مُهمتها زرع الفوضى الفكرية والاحباط السياسي والوطني الى حد الترويج الى حتمية القُبول بِالاستعمار الامريكي وإعتبارهُ "تحريراً" للعالم العربي كما جرى في العراق من قلب للحقائق ساهم فيه الاعلام العربي الرسمي كَمُرتزقة ادًّت دورها المطلوب في خدمة المشروع الاستعماري الامريكي في العراق والوطن العربي!!.. وللتذكير فقط انتحرت اكثر من فضائيه عربيه على اسوار بغداد ابان الحرب والعدوان الامريكي والاحتلال الجاري في العراق ,و انتهت جماهيريا وعربيا بعد ان مارست هذه الفضائيات البغاء الاعلامي بهدف خدمة المشروع الصهيوني الامريكي في العراق!!
كان وما زال العرب يقبضون على النواح ويحصدون وهم الرياح وعلى مدى عقود يكيلون الاتهامات للامبريالية الغربية والصهيونية العالمية ويحملونها المسؤولية عن ما هو جاري وحاصل في العالم العربي دون أن يُحَدِدوا عمليا واستراتيجيا من هو عدوهُم الحقيقي ومن هو المسؤول الرئيسي عن هذا الظلم والذبح والتَخَلُف الهائل اللذي يَعصف بالوطن والانسان العربي, وبالتالي يبدو جليا أن أكثرية الكُتاب العرب بِشتى إتجاهاتهُم السياسية يَميلون الى تَحميل الغرب بشكل عام وامريكا بِشكل خاص المسؤولية الكاملة عن ما جرى ويجري في العراق وفلسطين دون التركيز بِإسهاب على العناصر والعوامل العربية الداخلية التي كانت وما زالت تلعب دورا مركزيا في ما آلَت إليه الأمور والتطورات في العراق وفلسطين والعالم العربي بشكل عام!! والمفارقه العجيبه الغريبه في وطن النواح العربي تكمن في عدم تركيز الاعلام البديل[ وليست العميل] العربي على انجازات المقاومه العراقيه الباسله الذي لولا وجودها وصمودها لما تعثر المشروع الصهيو امريكي الصفوي في العراق ولَما لاحت في الافق هزيمة معتوه واشنطن ومشتقاته في العراق!! ولولا المقاومه الفلسطينيه لما بقيت اصلا نارا تكوي تحت الرماد الفلسطيني,, ولا كان ما كان من كنس التيار الدايتوني من شوارع غزه!!...شاء من شاء وابى من ابى ورغم اغلاط حماس ومسلكيتها نحو الاخر في غزه!!! الا ان النتيجه والمحصله النهائيه سيحكم عليها التاريخ اجلا ام عاجلا بالنتيجه الايجابيه!!!
في هذه الايام تحل الذكرى الاولى لحرب تموز2006 وعدوان اسرائيل على لبنان وفي المقابل تُشير اصابع الاتهام العربية كعادتها لامريكا واسرائيل وبشاعة اساليب اسرائيل الهَمَجِيه في لبنان, وينسى الكثير من المُتخاذلين والمُغَفلين أن ما جري في لبنان هو امتداد "طبيعي" لِما جرى ويجري في فلسطين من قمع وهمجية الاحتلال الاسرائيلي اللذي يَستَمِد غطاءِه السياسي بشكل جُزئي من امريكا والغرب, ولكن الحقيقه المُرة هي ان العرب وحُكامَهُم هُم من يتحملون المسؤولية الرئيسية في إستفحال الهمجية الامريكية والاسرائيلية وهُم العرب انفسهُم من يَمِد امريكا واسرائيل بِأعتى انواع الاسلحة الفتاكة مُنذ عقود وهي اسلحة الصمت والخنوع والتواطؤ والذل والنواح التي أثبتت الاحداث في العر اق وفلسطين ولبنان أنها أكثر فَتكا من التوماهوك والاباتشي واليورانيوم المنُضب. وكلنا يعرف ان المقاومه اللبنانيه قد صمدت وانتصرت في صدها للعدوان الاسرائيلي على لبنان وذلك بالرغم من تواطؤ النظام السعودي والمصري بشكل خاص مع العدوان الاسرائيلي ومشتقاته من انبطاحيين لبنانيين!!.... اسرائيل نفسها اقرت بهزيمتها العسكريه في لبنان,, الا ان النظام والاعلام العربي العميل لم يقر ولم يعترف حتى يومنا هذا بنصر المقاومه اللبنانيه المتمثله في حزب الله!!
هُناك من نهج او اسلوب واضح ومُتَكَّرِرلا يَتَحَدَّد بالزمان ولا بالمكان، وهُو شبه عادة ومسلكية روتينية مُطلقة ومُستمرة منذ عقود كثيرة تُجري عليها الإمبريالية الامريكية من فترة الى أخرى بعض التَغييرات الشكلية في الخطاب السياسي وادوات التنفيذ والتطبيق لتِتلائم مع طبيعة المكان والاهداف الامبريالية، ولكنها حافظت وتُحافظ على فحواها مُنذ قرون، وتُؤكد على كَينونة الفكر "الاستعماري" التَخريبي والإجرامي. ولرُبما في كثير من الاحيان لا تؤكد الامبريالية والصهيونيه كينونة نهجها واساليبها فحسب، لا بل تتَخَطَّى هذه الكينونة نحو التكثيف المُبرمَج لأساليب همجيه وادوات القمع والظُلم والنفاق والكذب الاعلامي وقلب الحقائق الى حَد الحديث عن "السلام" و"الارهاب" بصورة وَقِحة وهَمَجية وكأن القصف الاسرائيلي للبنان لم يكن ارهاب بام عينه نهجا وتطبيقا في بيروت والجنوب اللبناني, وكأن كونداليزا رايس لم تدعم حرب اسرائيل و تدمير لبنان وتحول دون وقف اطلاق النار قبل تدمير البنيه التحتيه اللبنانيه!!..لاحظوا معنا هذا الاستخفاف الصارخ بالعقل العربي والترويج الامريكي لمحاربة " الارهاب"و جهود "السلام" الامريكيه التي اعادت احتلال جنوب لبنان تحت غطاء مايسمى بالقوات الدوليه وبواسطة امتطاء زُلم المنطقه الخضراء في بيروت.!!.......... طبعا من وجهة نظر امريكية وصهيونية تتطلب أن تُكَذِب نفسك كأنسان عربي أو أيا كان ما حصل في لبنان من مجا زر وهمجيه اسرائيليه وماهُو حاصِل من مجازر يوميه صهيونية بشعة في غزه وفلسطين!! وتتطلَّب كعربي ان تَعتَبر هذا الدم الفلسطيني الأحمر مُجرَّد ماء او كذبة فلسطينية مَصبوغة باللون الاحمر. وهؤلاء الأطفال المُضرَّجون بالدم وأولئك البشر المُجزَّرون إربا وقِطعا مُجرد فيلم هوليوودي أمريكي عنيف ولا علاقة لَهُ بالواقع وبـ"الاجتهاد" الإسرائيلي والأميركي في جهود "السلام" التي يعيشها على جلده الوطن العربي وتدمير لبنان و الجثث المجهولة الهويه في العراق. وكذلك يعِيشُها الفلسطينيون الذين تَتستقبلِهُم الحواجز الاسرائيليه بـ"لحلوى والترحِيب" وتتركهُم ساعات طويلة يَتَمَتعون بـ"حُرية الانتظار" أو الاعتقال الطَوعي والزج بهُم في "المُنتزهات والغُرَف" المُكيَّفة التي أقامَتُها اسرائيل لِعموم الشعب الفلسطيني في أطر سَعيها وجهودها المُضنيه من أجل "السلام"!!!!طبعا لا ننسى كيف يتمتع اطفال لبنان بالهواء الطلق الملوث باليورانيوم المنبض من بقايا القنابل الامريكيه والاسرائيليه!!؟؟ ولا ننسى الديموقراطيه الامريكيه في العراق الذي حولَّت نصف اطفال العراق الى ايتام وضحايا حرب معتوه واشنطن!!!
بطبيعة الحال: عليك ان تًَصدِق او لا تصَدِق! وان تَكون عاقِلا اوغيرهذا!.. هذه هي تماما جهود "السلام" و الحرب على "الارهاب". يقول المثل العربي: "إذا لم تستحِ فأفعَّل ما شئت!" ويقول المثل البدوي "كُل شَاة مُعَلَّقَّة من عَرقُوبها". ويبدو أن المثل الاول ينطبق على امريكا، والثاني على العرب الذين تُعَلِقَهُم امريكا من عراقيبَهُم في مسلَخ مُحاربة "الارهاب" كعِرق واصِل يجب ذبحه وسلخه والحيلولة دون تكاثره وتوالِده وتَفريخِه لـ"الارهاب" الذي بات يُزعِج الاحتلال الامريكي. والارهاب الحقيقي الذي يَحق لَه ما لايَحِق لغيره، وهُو إرهاب مُزخرف بـ"الحرية والديموقراطية" وبموجبه تحول العرب ُحولِهُم قسرا الى "ارهابيين" يُذبحون في عُقر دارهُم في وضَح النهار ناهيك عن أن حق الدفاع عن النفس وعن البيت والوطن لا "يَحِق" للعرب وحتى لو حَمَلوا عصا ضد دبابة اسرائيلية في نابلس او أميركية في الفالوجة في العراق... فهذا قََطٍعا "ارهاب" عربي! وليس "دفاعاً عن النفس" كما تَفعل اسرائيل في غزه وفلسطين وامريكا في العراق!!
عود على بدء وفي زمن النواح العربي الطواف مازال صدى الصوت والخِوار العربي يَترَدد على اوتار ألم أبدي يبدو فيها عالمنا بأنه مأكول ومَشروب مُنذ دهر أن لم يكن فعلا قد اكل الدهر وشرب على العرب, ويبدو ان زمان العرب زمان طوَّاف ومُحَنَّط وقد توقفت عجلته عن الدوران الطبيعي مُنذ دخل العرب في نواح دائم و غيبوبه لم يُحدَّد مكانها وزمانها لابل أنها غيبوبه تؤكد كَينونتها في أنماط واشكال تُوحِي بأن العربي والغيبوبه وَلِدا لِيبقيان توأم من المهد الى اللَحِد مُباشره, ويبدوأن العرب قد سقطوا في أتون الوَأد الذاتي والطَوعي مُنذ فقدوا الصِلَه بالزمان والمكان, وهُم اليوم في رحالهُم يشبهون شجره مَسدوحَه على وجه الارض نَمت وتَنمُو على عكس أبناء جلدتها ومن ثُم دخلت في طَور خريفها الأبدي وفي طور انتظار الحَطَّاب والقَصَّاب!!....عاشت المقاومه العراقيه واللبنانيه والفلسطينيه الذي جعلت للدخان مكانا وحافظت عليه في عُود العرب الناشف!!!
يبدو الاداء العربي لابل الحال العربي كأوتار مُقطعه ومقطوعه عن أصلها وواقعها المُهَشّم في هِيشَة هَشيم هائل ومُروِع بروع هذه الصوره اللتي تَنصَهِِرُ فيها أشكال وأبعاد الضياع العربي وابعاد تَقطيع الوطن والانسان العربي الى إربا إرباً تتقاذفها أفواه الاعداء كِرارا ومرارا وعلى مدى عقود من الزمن, لكن في الوقت نفسه لاُ تُحاول أكثرية العرب حتى ستر الحد الادنى من عَوراتَهُم ولا المحاوله بِلَملمة لحم ودم جعله العرب أنفسهُم سُلعه رخيصه لكل من هَب ودَب وفريسه سهله لكل طامع, . ولكن شَر البليه هنا ليس مايُضحك لا بل يُبكي وللمثال ماجرىويجري للعراق الذي شارك العرب انفسهُم في تَسهيل وترسيخ الاحتلال الامريكي لَهُ وما جرى ويجري هو ليس احتلال فقط لا بل يتعدى هذا الى طَمَع الاف المُرتزقه الأجانب القادمون من كل بقاع الدنيا والمُقتنعون برخص الدم العربي بهدف الربح من خلال العمل في ذبح الشعب العراقي والتجاره بلحم ودم العربي اللذي سعى الحاكم العربي وحلفاءه في واشنطن مُنذ عُقود الى ذبحه وسلخه وتَجزيره عمليا وسياسيا ,وقد تعدى الامر عمليا وموضوعيا منذ زمن قضية سلب النفط العربي ليَصل الى جسد وروح العربي!!... العجب كل العجب ان تعترف اسرائيل بهزيمتها في لبنان ولا يعترف عرب الرده بنصر المقاومه!!!.. العجب ان ينوح ويتباكى العرب على سلطة الفساد الفلسطينيه ولا يعطون حماس ذرة حق في كنسها للتيار الخائن الفلسطيني من غزة هاشم!!....نوحي يانواحه وأنطُر يا بَعيِر حتى يأتيك الشعير العربي!!!.. لن يهزم القديم الجديد إلا اذا تجدَّد وتشبب!! والسؤال االمطروح: متى ستتجدَد وتتشبَّب الروح النضاليه العربيه!!!!؟

باحث علم إجتماع ورئيس تحرير موقع ديار النقب.