أحدث الأخبار
السبت 27 نيسان/أبريل 2024
السعودية: العدو إيران وليست (إسرائيل)!!
بقلم : رشاد ابو شاور ... 04.12.2013

لم يعرف عن الأمير السعودي وليد بن طلال أنه معني بالشأن السياسي، فهو اشتهر كرجل أعمال، ولم يتردد اسمه في شأن سياسي سوى مرة واحدة عندما طرح نفسه لمنصب رئيس وزراء لبنان، كونه ينتمي إلى أم لبنانية الأصل، ثم نسيت تلك( المزحة) التي قصد بها ( زكزكة) آل الحريري كونهم يحملون الجنسية السعودية، ومع ذلك شغل حريريان منصب رئيس وزراء لبنان، الأب من قبل، والابن من بعد.
الملياردير السعودي تحول فجأة إلى رجل سياسة، واستراتيجي أيضا، فهو يقرر (لكل) العرب مشرقا ومغربا، والمسلمين (السنة) في العالم، أن عدوهم هي ( إيران)..وكأن العرب والمسلمين صفقة من صفقات البزنسة!
يصرح الأمير الملياردير بأن: السعودية، والدول العربية، والمسلمين السنة، يؤيدون شن حرب ( إسرائيلية) على إيران!
هذا الكلام الخطير صرح به في مقابلة أجراها معه الصحفي الأمريكي جيفري غولدبرغ لشبكة ( بلومبرغ) الاقتصادية.( جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 29تشرين ثاني الماضي)
الأمير الملياردير يوضح سبب تأييد العرب والمسلمين السنة لعدوان ( إسرائيلي) على إيران: بأنه بهدف تدمير برنامجها النووي.
يضيف الأمير السعودي نيابة عن الدول العربية: وهم إن لم يعلنوا ذلك فسيدعمونه، وسيؤيدونه في اللقاءات السريّة، انطلاقا من أن العرب يعتبرون أن التهديد يأتيهم من إيران، وليس من ( إسرائيل)!!
وهكذا بحسب رأي الأمير الملياردير فإن كل عربي مسلم سني، وكل مسلم سني في العالم، في حالة حرب مع عدو العرب والمسلمين : إيران! وانطلاقا من رؤية الأمير السعودي الإستراتيجية تكون ( إسرائيل) في موقع الحليف والصديق، والمصلحة بحسب خبرات أمير المال والبزنسة فوق كل اعتبار..ولكن مصلحة من؟!
(دولتان) صدمهما اتفاق جنيف بين ال5+1 وإيران، هما السعودية و( إسرائيل)، وهذا لم يكن مصادفة، فالدولتان لهما( عدو) واحد، ولأن المثل يقول: عدو عدوي صديقي.
يقول الأمير وليد بن طلال أن كل السنة سيكونون ضد إيران والشيعة في الحرب!.. أية حرب، ومتى ستنشب، وبين من ومن بالضبط؟! إنها حرب بين المسلمين سنة وشيعة، حليف السنة فيها( إسرائيل)، وهذا الكلام برهان على ما تقترفه السعودية في سورية، ولبنان. وها هي نذر دعوة الحرب السنية الشيعية كما يريدها الأمير والمملكة السعودية تتفجّر في طرابلس لبنان منذرة بما هو أبعد خطرا!
في المملكة السعودية يوجد سنة وشيعة، فهل سيأمر الأمير بشن حرب اجتثاث على شيعة المنطقة الشرقية، وشيعة البحرين، وشيعة الكويت، وأباضية عُمان، وحوثيي اليمن، وشيعة لبنان، وشيعة باكستان؟!
يدعو الأمير لحرب عالمية سنيّة شيعية، لماذا؟ لتدمير برنامج إيران النووي، علما أن برنامج حليفة مملكته النووي المنتج لمئات الرؤوس النووية غير بعيد، فهو في صحراء النقب الفلسطينية، ويمكن أن يطال مكة، والرياض، والمدينة..
في حين اتخذت السعودية موقفا غاضبا من إدارة أوباما لأنها حرصت على الاتفاق في جنيف مع إيران على برنامجها النووي السلمي، فإن دولة الإمارات العربية، وهي على خلاف حاد مع إيران، بعثت بوزير خارجيتها الأمير عبد الله بن زايد إلى طهران، لتهنئتها بالاتفاق (التاريخي)، والذي استقبل بحفاوة، وعبر عن تأييد دولة الإمارات للاتفاق!
تصريحات وليد بن طلال ليست عفوية، ولا هي مرتجلة، بل هي نابعة من صميم تفكير حكام السعودية، وهي تأتي في سياق حرد وزير الخارجية سعود الفيصل عن القاء كلمة أمام الجمعية العمومية في دورتها الأخيرة، ورفض عضوية السعودية المؤقتة في مجلس الأمن بعد انتخابها، والاستنكاف عن مواقع دولية في سياق سياسة الحرد بعد أن أحجمت الإدارة الأمريكية عن قرع طبول الحرب على سورية، واستجابت لنداءات شعبها، ورفض مجلس العموم البريطاني للحرب، ووقوف روسيا بصلابة في موقف الدفاع عن الحليف السوري.
يوم الاثنين، يعني أول أمس، فضحت صحيفة (يديعوت أحرونوت) حدثا وقع قبل أسبوعين، إذ تحدث رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيرس مباشرة عبر ‘الفيديو كونفرانسن’، ولمدة ساعة ونصف لوزراء خارجية الدول الخليجية، ودول إسلامية، في مؤتمر انعقد قبل أسبوعين في عاصمة الإمارات (أبوظبي) لبحث محاربة الإرهاب، والأمن الوطني، من مكتبه في القدس، ولم ينسحب أي وزير، وكان ضمن الحضور ابن الملك عبد الله السعودي!
الأمير وليد بن طلال لم يكن ينطق من رأسه، فكلامه يفضح توجهات السعودية، وجرها لحكام دول الخليج للتحالف مع عدو العرب والمسلمين، والذهاب بالعرب والمسلمين إلى كارثة تدمر الجميع إذا لم يوضع حد لهذه السياسية الانتحارية.
حكام السعودية حاربوا المشروع القومي العربي الناصري بالإسلام: الإسلام في وجه العروبة، وها هم الآن يمزقون صفوف العرب والمسلمين بالتحريض الطائفي: سني شيعي..ويذهبون به بعيدا، وكأنما نيرانه لن تجتاح المملكة غير البعيدة عن إيران، والعراق، وسورية!.
عندما تلتقي سياسة (إسرائيل) بسياسة السعودية، فهي تبرئة للكيان الصهيوني من جرائمه، وتمكين له لتهويد القدس، وغسل ليديه من شلال الدم الفلسطيني، وتغطية له للزحف الاستيطاني في الضفة الفلسطينية.
السياسة السعودية تعمل على تضليل العرب والمسلمين وأخذهم إلى حرب ضروس مدمرة تصب في خدمة الكيان الصهيوني، وكأنما لا يكفيها الإسهام في تدمير العراق، وإغراقه في الدم، وزجه في صراع طائفي منحط يأكل البلد وشعبه وخيراته، ويعيده حقا إلى العصر الحجري كما تعهد بوش الابن، وهو ما تفعله هذه السياسة الخرقاء في سورية بتأجيجها لحرب الإرهابيين المرتزقة تمويلاً وتسليحا.
إذا كانت سياسة حكام السعودية قد شكلت دائما عامل إعاقة لتقدم الأمة، وتطورها، ونهوضها، فهل سيتواصل السكوت على هذه السياسة التي تبلغ هذه الأيام ذروة تخريبها، واستهدافها لكل عوامل قوة الأمة، والتي تصب في تقوية الكيان الصهيوني العدو الرئيسي للأمة العربية، وللمسلمين كافة، ولكل إنسان معاد للعنصرية، والاحتلال، والظلم في عالمنا؟!

1